( الفرق السابع والعشرون والمائة بين قاعدة
nindex.php?page=treesubj&link=16361_16540ما يوجب الكفارة إذا حلف به من أسماء الله تعالى وبين قاعدة ما لا يوجب )
اعلم أن أسماء الله تعالى تسعة وتسعون اسما مائة إلا واحدا خرجه
الترمذي وهي إما لمجرد الذات كقولنا الله فإنه اسم للذات على الصحيح وكذلك إن اختار صاحب الكشاف أنه اسم للذات من حيث هي هي وهو علم عليها واستدل على ذلك بجريان النعوت عليه فتقول الله الرحمن الرحيم وقيل هو اسم للذات مع جملة الصفات فإذا قلنا الله فقد ذكرنا جملة صفات الله تعالى وقلنا الذات الموصوفة
[ ص: 57 ] بالصفات الخاصة وهذا المفهوم الإله المعبود وهو الذات الموصوفة بصفات الكمال ونعوت الجلال وهذا المعلوم هو الذي ندعي توحده وتنزهه عن الشريك والمماثلة أي هذا المجموع يستحيل أن يكون له مثل ، وقد يكون الاسم موضوعا للذات مع مفهوم زائد وجودي قائم بذات الله سبحانه وتعالى نحو قولنا عليم فإنه اسم للذات مع العلم القائم بذاته تعالى أو وجودي منفصل عن الذات نحو خالق فإنه اسم للذات مع اعتبار الخلق في التسمية وهو مفهوم وجودي منفصل عن الذات ، أو موضوعا للذات مع مفهوم عدمي نحو قدوس فإنه اسم للذات مع القدس الذي هو التطهير عن النقائص والبيت المقدس أي طهر من فيه من الأنبياء والأولياء عن المعاصي والمخالفات ، أو يكون موضوعا للذات مع نسبة وإضافة كالباقي فإنه اسم للذات مع وصف البقاء وهو نسبة بين الوجود والأزمنة فإن البقاء استمرار الوجود في الأزمنة وهو أعم من الأبدي لصدق الباقي في زمانين فأكثر وأما الأبدي فلا بد من استمراره مع جملة الأزمنة المستقبلة كما أن الأزلي هو الذي قارن وجوده جميع الأزمنة الماضية متوهمة أو محققة فهذه خمسة أقسام ثم هي تنقسم بحسب ما يجوز إطلاقه وبحسب ما لا يجوز إطلاقه إلى أربعة أقسام ، ما ورد السمع به ولا يوهم نقصا نحو العليم فيجوز إطلاقه إجماعا في مورد النص وفي غيره ، وما لم يرد السمع به وهو يوهم نقصا فيمتنع إطلاقه إجماعا نحو متواضع ودار وعلامة فإن التواضع يوهم الذلة والمهانة والدراية لا تكون إلا بعد تقدم شك كذا نقله
أبو علي والعلامة من كثرت معلوماته والله تعالى كذلك غير أن هاء التأنيث توهم تأنيث المسمى والتأنيث نقص فلا يجوز إطلاق شيء من هذه الألفاظ ونحوها ألبتة
( القسم الثالث ) ما ورد السمع به وهو يوهم نقصا فيقتصر به على محله نحو ماكر ومستهزئ فإن المكر والاستهزاء في مجرى العادة سوء خلق وقد ورد السمع به في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54والله خير الماكرين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15الله يستهزئ بهم } والمحسن لذلك المقابلة كقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=14قالوا إنما نحن مستهزئون الله يستهزئ بهم } فحصلت المقابلة بين المكرين والاستهزاءين ن فكان ذلك حسنا لأنه اللائق بفصاحة القرآن وبلاغته فيقتصر بمثل هذه الألفاظ على موارد السمع ولا يذكر في غير هذه التلاوة فلا نقول اللهم امكر بفلان ولا مكر الله به ولا اللهم استهزئ بفلان ولا استهزأ الله به وكذلك بقية هذا الباب فهذه ثلاثة أقسام لم أعلم فيها خلافا وحكي في هذه الأحكام الإجماع
( القسم الرابع ) ما لم يرد السمع به وهو غير موهم فلا يجوز إطلاقه عند
nindex.php?page=showalam&ids=13711الشيخ أبي الحسن الأشعري وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وجمهور الفقهاء ويجوز إطلاقه عند
nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي أبي بكر الباقلاني نحو
nindex.php?page=treesubj&link=28723قولنا يا سيدنا هل يجوز أن ينادى الله تعالى بهذا الاسم أم لا قولان ومدرك الخلاف هل يلاحظ انتفاء المانع
[ ص: 58 ] وهو الإيهام ولم يوجد فيجوز أو يقول الأصل في أسماء الله تعالى المنع إلا ما ورد السمع به ولم يرد السمع فيمتنع وهو الصحيح عند العلماء فإن مخاطبة أدنى الملوك تفتقر إلى معرفة ما أذنوا فيه من تسميتهم ومعاملتهم حتى يعلم إذنهم في ذلك فالله تعالى أولى بذلك ولأنها قاعدة الأدب والأدب مع الله تعالى متعين لا سيما في مخاطباته بل ليس لأحد أن يوقع في صلاة من الصلوات ولا عبادة من العبادات إلا ما علم إذن الله تعالى فيه فمخاطبة الله تعالى وتسميته أولى بذلك وقد كان
الشيخ زكي الدين عبد العظيم المحدث رحمه الله يقول قد ورد حديث في لفظ السيد فعلى هذا يجوز إطلاقه على المذهبين إجماعا وقس على هذا المثل ما أشبهها قال
الشيخ أبو الطاهر بن بشير فكل ما جاز إطلاقه جاز الحلف به وأوجب الكفارة ، وما لا يجوز إطلاقه لا يجوز الحلف به ولا يوجب الحلف به كفارة فتنزل الأقسام الأربعة المتقدمة على هذه الفتيا وها هنا ثلاث مسائل ( المسألة الأولى )
قال أصحابنا من
nindex.php?page=treesubj&link=16540_16365_16366حلف باسم من أسماء الله تعالى التي يجوز إطلاقها عليه تعالى وحنث لزمته الكفارة وقال الشافعية والحنابلة أسماء الله تعالى قسمان منها ما هو مختص به تعالى فهو صريح في الحلف كقولنا والله والرحمن فهذا ينعقد به اليمين بغير نية ومنها ما لا يختص به تعالى كالحكيم والعزيز والرشيد والقادر والمريد والعالم فهي كنايات لا تكون يمينا إلا بالنية لأجل التردد بين الموجب وغير الموجب وهذا التردد أجمعنا عليه في الطلاق وغيره وأن التردد لا ينصرف للطلاق ولا لمعنى يقع التردد فيه إلا بالنية فكذلك ها هنا ووجه التردد في هذه الأسماء المذكورة بين إرادة الله تعالى بها وبين المخلوق واضح وأن البشر يسمى بهذه الأسماء حقيقة وأن هذا اللفظ يطلق على الموضعين بالتواطؤ ولا يتعين اللفظ المتواطئ إلا بالنية وكفى بهذا في بيان التردد والاحتياج للنية وهذا كلام حسن قوي معتبر في كثير من أبواب الفقه كالظهار والعتق وغيرهما ولنا عنه جواب حسن .
وهو أن القاعدة أن الألفاظ المفردة تبقى على معناها اللغوي وينقل أهل العرف المركب من المفردين لبعض أنواع ذلك الجنس كما قلنا في لفظ الرءوس تصدق على رءوس جميع الحيوانات ولفظ الأكل يصدق على كل فرد من أفراد الأكل في أي مأكول كان وإذا ركبنا هاتين اللفظتين فقلنا والله لا أكلت رءوسا أو أكلت رءوسا لا يفهم أحد إلا رءوس الأنعام دون غيرها بسبب أن أهل العرف نقلوا هذا المركب لهذه الرءوس الخاصة دون بقية الرءوس فكذلك لفظ العليم والقادر والمريد يصدق على كل عالم وقادر ومريد ومع ذلك فقد نقل أهل العرف قولنا : وحق العليم وغير ذلك من الأسماء مع الحالف إلى خصوص أسماء الله تعالى فهو من المركبات المنقولة فلا يفهم أحد عند سماعه الحلف بهذه الأسماء إلا أسماء الله تعالى خاصة وإذا صارت
[ ص: 59 ] الكناية منقولة في العرف إلى معنى آخر صارت صريحة فيه فلذلك ألحقنا كنايات كثيرة في باب الطلاق فكذلك بصريحه لما اشتهرت في الطلاق بسبب نقل العرف أياها للطلاق فكذلك ها هنا .
وهذا الجواب حسن من حيث الجملة غير أنه لا يطرد في جميع الأسماء وإنما يستقيم في الأسماء التي جرت العادة بالحلف بها فينفي النقل العرفي الاحتمال اللغوي وأما ما لم تجر العادة بالحلف به كالحكيم والرشيد ونحوهما فلعل كثيرا من الناس لا يعلمها أسماء لله تعالى فلم يشتهر الحلف بها ولم أعلم أني رأيت من أسماء الله تعالى الرشيد إلا في
الترمذي حيث عدد أسماء الله الحسنى مائة إلا واحدا وأصحابنا عمموا الحكم في الجميع ولم يفصلوا وهو مشكل ولا يمكن أن يقال إن عادة المسلمين لا يحلفون بغير الله تعالى وأسمائه فتنصرف جميع الأسماء لله تعالى بقرينة الحلف لأنا نقول إنا نجدهم يحلفون بآبائهم وملوكهم ويقولون ونعمة السلطان وحياتك يا زيد ولعمري لقد قام زيد فيحلف بعمره وحياة مخاطبه طول النهار فليس ظاهر حالهم الانضباط ولا حصل في الأسماء القليلة الاستعمال عرف ولا نقل يعتمد عليه فيستصحب فيها حكم اللغة وأن اللفظ صالح للقديم هذا هو الفقه ( المسألة الثانية )
قال صاحب الخصال الأندلسي يجوز الحلف ويوجب الكفارة
nindex.php?page=treesubj&link=16458قولك باسم الله لأفعلن وهذه المسألة فيها غور بعيد بسبب أن الاسم ها هنا إن أريد به المسمى استقام الحكم وإن لم يرد به المسمى فقد حكى
ابن السيد البطليوسي أن العلماء اختلفوا في لفظ الاسم هل هو موضوع للقدر المشترك بين أسماء الذوات فلا يتناول إلا لفظا هو اسم أو وضع في لغة العرب للقدر المشترك بين المسميات فلا يتناول إلا مسمى قال وهذا هو تحقيق خلاف العلماء في أن الاسم هو المسمى أم لا وأن الخلاف إنما هو في لفظ " اسم " الذي هو ألف سين ميم وأما لفظ نار وذهب فلا يصح أن يقول عاقل إن لفظ نار هو عين النار حتى يحترق فم من نطق بهذا اللفظ ولا لفظ ذهب هو عين الذهب المعدني حتى يحصل الذهب المعدني في فم من نطق بلفظ الذهب وإنما الخلاف في لفظ الاسم خاصة وإذا فرعنا على هذا وقلنا الاسم موضوع للقدر المشترك بين الأسماء وأن مسماه لفظ حينئذ فينبغي أن لا تلزم به كفارة ولا يجوز الحلف به كما لو قلنا ورزق الله وعطاء الله فإن إضافة المحدث إلى الله تعالى لا تصيره مما يجوز الحلف به ولا يوجب الكفارة كذلك إذا أضيف الاسم إلى الله تعالى يكون على هذا التقدير إضافة لفظ مخلوق لله عز وجل فلا يوجب كفارة .
وإن قلنا هو موضوع للقدر المشترك بين المسميات والقاعدة أن الدال على الأعم غير دال على الأخص فاللفظ الدال على القدر المشترك بين جميع المسميات لا يكون
[ ص: 60 ] دالا على خصوص واجب الوجود سبحانه وتعالى وما لا يكون دالا عليه لغة لا ينصرف إليه إلا بنية أو عرف ناقل ولا واحد منهما فلا تجب الكفارة ولا يتعين صرف اللفظ لله تعالى فهذا تحرير هذه المسألة ( المسألة الثالثة )
قال
اللخمي قال
ابن عبد الحكم ها الله يمين توجب الكفارة مثل قوله تالله فإنه يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=16388_16390حذف حرف القسم وإقامة ها التنبيه مقامه وقد نص النحاة على ذلك " فائدة " الألف واللام في أسماء الله تعالى للكمال قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه تكون لام التعريف للكمال تقول زيد الرجل تريد الكامل في الرجولية وكذلك هي في أسماء الله تعالى فإذا قلت الرحمن أي الكامل في معنى الرحمة أو العليم أي الكامل في معنى العلم وكذلك بقية الأسماء فهي لا للعموم ولا للعهد ولكن للكمال .
( الْفَرْقُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=16361_16540مَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ إذَا حَلَفَ بِهِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُوجِبُ )
اعْلَمْ أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا مِائَةٌ إلَّا وَاحِدًا خَرَّجَهُ
التِّرْمِذِيُّ وَهِيَ إمَّا لِمُجَرَّدِ الذَّاتِ كَقَوْلِنَا اللَّهُ فَإِنَّهُ اسْمٌ لِلذَّاتِ عَلَى الصَّحِيحِ وَكَذَلِكَ إنْ اخْتَارَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ أَنَّهُ اسْمٌ لِلذَّاتِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ وَهُوَ عَلَمٌ عَلَيْهَا وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِجَرَيَانِ النُّعُوتِ عَلَيْهِ فَتَقُولُ اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وَقِيلَ هُوَ اسْمٌ لِلذَّاتِ مَعَ جُمْلَةِ الصِّفَاتِ فَإِذَا قُلْنَا اللَّهُ فَقَدْ ذَكَرْنَا جُمْلَةَ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُلْنَا الذَّاتُ الْمَوْصُوفَةُ
[ ص: 57 ] بِالصِّفَاتِ الْخَاصَّةِ وَهَذَا الْمَفْهُومُ الْإِلَهُ الْمَعْبُودِ وَهُوَ الذَّاتُ الْمَوْصُوفَةُ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَنُعُوتِ الْجَلَالِ وَهَذَا الْمَعْلُومُ هُوَ الَّذِي نَدَّعِي تَوَحُّدَهُ وَتَنَزُّهَهُ عَنْ الشَّرِيكِ وَالْمُمَاثَلَةِ أَيْ هَذَا الْمَجْمُوعُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلٌ ، وَقَدْ يَكُونُ الِاسْم مَوْضُوعًا لِلذَّاتِ مَعَ مَفْهُومٍ زَائِدٍ وُجُودِيٍّ قَائِمٍ بِذَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَحْوُ قَوْلِنَا عَلِيمٌ فَإِنَّهُ اسْمٌ لِلذَّاتِ مَعَ الْعِلْمِ الْقَائِمِ بِذَاتِهِ تَعَالَى أَوْ وُجُودِيٍّ مُنْفَصِلٍ عَنْ الذَّاتِ نَحْوُ خَالِقٍ فَإِنَّهُ اسْمٌ لِلذَّاتِ مَعَ اعْتِبَارِ الْخَلْقِ فِي التَّسْمِيَةِ وَهُوَ مَفْهُومٌ وُجُودِيٌّ مُنْفَصِلٌ عَنْ الذَّاتِ ، أَوْ مَوْضُوعًا لِلذَّاتِ مَعَ مَفْهُومٍ عَدَمِيٍّ نَحْوُ قُدُّوسٍ فَإِنَّهُ اسْمٌ لِلذَّاتِ مَعَ الْقُدُسِ الَّذِي هُوَ التَّطْهِيرُ عَنْ النَّقَائِصِ وَالْبَيْتُ الْمُقَدَّسُ أَيْ طَهُرَ مَنْ فِيهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ عَنْ الْمَعَاصِي وَالْمُخَالَفَاتِ ، أَوْ يَكُونُ مَوْضُوعًا لِلذَّاتِ مَعَ نِسْبَةٍ وَإِضَافَةٍ كَالْبَاقِي فَإِنَّهُ اسْمٌ لِلذَّاتِ مَعَ وَصْفِ الْبَقَاءِ وَهُوَ نِسْبَةٌ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْأَزْمِنَةِ فَإِنَّ الْبَقَاءَ اسْتِمْرَارُ الْوُجُودِ فِي الْأَزْمِنَةِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْأَبَدِيِّ لِصِدْقِ الْبَاقِي فِي زَمَانَيْنِ فَأَكْثَرَ وَأَمَّا الْأَبَدِيُّ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِمْرَارِهِ مَعَ جُمْلَةِ الْأَزْمِنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ كَمَا أَنَّ الْأَزَلِيَّ هُوَ الَّذِي قَارَنَ وُجُودُهُ جَمِيعَ الْأَزْمِنَةِ الْمَاضِيَةِ مُتَوَهَّمَةً أَوْ مُحَقَّقَةً فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ ثُمَّ هِيَ تَنْقَسِمُ بِحَسَبِ مَا يَجُوزُ إطْلَاقُهُ وَبِحَسَبِ مَا لَا يَجُوزُ إطْلَاقُهُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ ، مَا وَرَدَ السَّمْعُ بِهِ وَلَا يُوهِمُ نَقْصًا نَحْوُ الْعَلِيمِ فَيَجُوزُ إطْلَاقُهُ إجْمَاعًا فِي مَوْرِدِ النَّصِّ وَفِي غَيْرِهِ ، وَمَا لَمْ يُرِدْ السَّمْعُ بِهِ وَهُوَ يُوهِمُ نَقْصًا فَيَمْتَنِعُ إطْلَاقُهُ إجْمَاعًا نَحْوُ مُتَوَاضِعٍ وَدَارٍ وَعَلَّامَةٍ فَإِنَّ التَّوَاضُعَ يُوهِمُ الذِّلَّةَ وَالْمَهَانَةَ وَالدِّرَايَةُ لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ تَقَدُّمِ شَكٍّ كَذَا نَقَلَهُ
أَبُو عَلِيٍّ وَالْعَلَّامَةُ مَنْ كَثُرَتْ مَعْلُومَاتُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى كَذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ هَاءَ التَّأْنِيثِ تُوهِمُ تَأْنِيثَ الْمُسَمَّى وَالتَّأْنِيثُ نَقْصٌ فَلَا يَجُوزُ إطْلَاقُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَنَحْوِهَا أَلْبَتَّةَ
( الْقِسْمُ الثَّالِثُ ) مَا وَرَدَ السَّمْعُ بِهِ وَهُوَ يُوهِمُ نَقْصًا فَيُقْتَصَرُ بِهِ عَلَى مَحَلِّهِ نَحْوُ مَاكِرٍ وَمُسْتَهْزِئٍ فَإِنَّ الْمَكْرَ وَالِاسْتِهْزَاءَ فِي مَجْرَى الْعَادَةِ سُوءُ خَلْقٍ وَقَدْ وَرَدَ السَّمْعُ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54وَاَللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ } وَالْمُحَسِّنُ لِذَلِكَ الْمُقَابَلَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاَللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=14قَالُوا إنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ } فَحَصَلَتْ الْمُقَابَلَةُ بَيْنَ الْمَكْرَيْنِ والاستهزاءين نِ فَكَانَ ذَلِكَ حَسَنًا لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِفَصَاحَةِ الْقُرْآنِ وَبَلَاغَتِهِ فَيُقْتَصَرُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَلَى مَوَارِدِ السَّمْعِ وَلَا يُذْكَرُ فِي غَيْرِ هَذِهِ التِّلَاوَةِ فَلَا نَقُولُ اللَّهُمَّ اُمْكُرْ بِفُلَانٍ وَلَا مَكَرَ اللَّهُ بِهِ وَلَا اللَّهُمَّ اسْتَهْزِئْ بِفُلَانٍ وَلَا اسْتَهْزَأَ اللَّهُ بِهِ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ هَذَا الْبَابِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ لَمْ أَعْلَمْ فِيهَا خِلَافًا وَحُكِيَ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ الْإِجْمَاعُ
( الْقِسْمُ الرَّابِعُ ) مَا لَمْ يَرِدْ السَّمْعُ بِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُوهِمٍ فَلَا يَجُوزُ إطْلَاقُهُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13711الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَيَجُوزُ إطْلَاقُهُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12604الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ نَحْوُ
nindex.php?page=treesubj&link=28723قَوْلِنَا يَا سَيِّدَنَا هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُنَادَى اللَّهُ تَعَالَى بِهَذَا الِاسْمِ أَمْ لَا قَوْلَانِ وَمُدْرَكُ الْخِلَافِ هَلْ يُلَاحَظُ انْتِفَاءُ الْمَانِعِ
[ ص: 58 ] وَهُوَ الْإِيهَامُ وَلَمْ يُوجَدْ فَيَجُوزُ أَوْ يَقُولُ الْأَصْلُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَنْعُ إلَّا مَا وَرَدَ السَّمْعُ بِهِ وَلَمْ يَرِدْ السَّمْعُ فَيَمْتَنِعُ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّ مُخَاطَبَةَ أَدْنَى الْمُلُوكِ تَفْتَقِرُ إلَى مَعْرِفَةِ مَا أَذِنُوا فِيهِ مِنْ تَسْمِيَتِهِمْ وَمُعَامَلَتِهِمْ حَتَّى يَعْلَمَ إذْنَهُمْ فِي ذَلِكَ فَاَللَّهُ تَعَالَى أَوْلَى بِذَلِكَ وَلِأَنَّهَا قَاعِدَةُ الْأَدَبِ وَالْأَدَبُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى مُتَعَيِّنٌ لَا سِيَّمَا فِي مُخَاطَبَاتِهِ بَلْ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُوقِعَ فِي صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَلَا عِبَادَةٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ إلَّا مَا عَلِمَ إذْنَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ فَمُخَاطَبَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَتَسْمِيَتُهُ أَوْلَى بِذَلِكَ وَقَدْ كَانَ
الشَّيْخُ زَكِيُّ الدِّينِ عَبْدُ الْعَظِيمِ الْمُحَدِّثُ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ قَدْ وَرَدَ حَدِيثٌ فِي لَفْظِ السَّيِّدِ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ إطْلَاقُهُ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ إجْمَاعًا وَقِسْ عَلَى هَذَا الْمَثَلِ مَا أَشْبَهَهَا قَالَ
الشَّيْخُ أَبُو الطَّاهِرِ بْنُ بَشِيرٍ فَكُلُّ مَا جَازَ إطْلَاقُهُ جَازَ الْحَلِفُ بِهِ وَأَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ ، وَمَا لَا يَجُوزُ إطْلَاقُهُ لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ وَلَا يُوجِبُ الْحَلِفُ بِهِ كَفَّارَةً فَتَنْزِلُ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى هَذِهِ الْفُتْيَا وَهَا هُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ ( الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى )
قَالَ أَصْحَابُنَا مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=16540_16365_16366حَلَفَ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي يَجُوزُ إطْلَاقُهَا عَلَيْهِ تَعَالَى وَحَنِثَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى قِسْمَانِ مِنْهَا مَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِهِ تَعَالَى فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْحَلِفِ كَقَوْلِنَا وَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ فَهَذَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَمِنْهَا مَا لَا يَخْتَصُّ بِهِ تَعَالَى كَالْحَكِيمِ وَالْعَزِيزِ وَالرَّشِيدِ وَالْقَادِرِ وَالْمُرِيدِ وَالْعَالِمِ فَهِيَ كِنَايَاتٌ لَا تَكُونُ يَمِينًا إلَّا بِالنِّيَّةِ لِأَجْلِ التَّرَدُّدِ بَيْنَ الْمُوجِبِ وَغَيْرِ الْمُوجِبِ وَهَذَا التَّرَدُّدُ أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ وَأَنَّ التَّرَدُّدَ لَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ وَلَا لِمَعْنًى يَقَعُ التَّرَدُّدُ فِيهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ فَكَذَلِكَ هَا هُنَا وَوَجْهُ التَّرَدُّدِ فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ إرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِهَا وَبَيْنَ الْمَخْلُوقِ وَاضِحٌ وَأَنَّ الْبَشَرَ يُسَمَّى بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ حَقِيقَةً وَأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُطْلَقُ عَلَى الْمَوْضِعَيْنِ بِالتَّوَاطُؤِ وَلَا يَتَعَيَّنُ اللَّفْظُ الْمُتَوَاطِئُ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَكَفَى بِهَذَا فِي بَيَانِ التَّرَدُّدِ وَالِاحْتِيَاجِ لِلنِّيَّةِ وَهَذَا كَلَامٌ حَسَنٌ قَوِيٌّ مُعْتَبَرٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ كَالظِّهَارِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهِمَا وَلَنَا عَنْهُ جَوَابٌ حَسَنٌ .
وَهُوَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمُفْرَدَةَ تَبْقَى عَلَى مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ وَيَنْقُلُ أَهْلُ الْعُرْفِ الْمُرَكَّبَ مِنْ الْمُفْرَدَيْنِ لِبَعْضِ أَنْوَاعِ ذَلِكَ الْجِنْسِ كَمَا قُلْنَا فِي لَفْظِ الرُّءُوسِ تَصْدُقُ عَلَى رُءُوسِ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ وَلَفْظُ الْأَكْلِ يَصْدُقُ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْأَكْلِ فِي أَيِّ مَأْكُولٍ كَانَ وَإِذَا رَكَّبْنَا هَاتَيْنِ اللَّفْظَتَيْنِ فَقُلْنَا وَاَللَّهِ لَا أَكَلْت رُءُوسًا أَوْ أَكَلْت رُءُوسًا لَا يَفْهَمُ أَحَدٌ إلَّا رُءُوسَ الْأَنْعَامِ دُونَ غَيْرِهَا بِسَبَبِ أَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ نَقَلُوا هَذَا الْمُرَكَّبَ لِهَذِهِ الرُّءُوسِ الْخَاصَّةِ دُونَ بَقِيَّةِ الرُّءُوسِ فَكَذَلِكَ لَفْظُ الْعَلِيمِ وَالْقَادِرِ وَالْمُرِيدِ يَصْدُقُ عَلَى كُلِّ عَالِمٍ وَقَادِرٍ وَمُرِيدٍ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ نَقَلَ أَهْلُ الْعُرْفِ قَوْلَنَا : وَحَقِّ الْعَلِيمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ مَعَ الْحَالِفِ إلَى خُصُوصِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مِنْ الْمُرَكَّبَاتِ الْمَنْقُولَةِ فَلَا يَفْهَمُ أَحَدٌ عِنْدَ سَمَاعِهِ الْحَلِفَ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ إلَّا أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى خَاصَّةً وَإِذَا صَارَتْ
[ ص: 59 ] الْكِنَايَةُ مَنْقُولَةً فِي الْعُرْفِ إلَى مَعْنًى آخَرَ صَارَتْ صَرِيحَةً فِيهِ فَلِذَلِكَ أَلْحَقْنَا كِنَايَاتٍ كَثِيرَةً فِي بَابِ الطَّلَاقِ فَكَذَلِكَ بِصَرِيحِهِ لِمَا اُشْتُهِرَتْ فِي الطَّلَاقِ بِسَبَبِ نَقْلِ الْعُرْفِ أَيَّاهَا لِلطَّلَاقِ فَكَذَلِكَ هَا هُنَا .
وَهَذَا الْجَوَابُ حَسَنٌ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَطَّرِدُ فِي جَمِيعِ الْأَسْمَاءِ وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ فِي الْأَسْمَاءِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْحَلِفِ بِهَا فَيَنْفِي النَّقْلُ الْعُرْفِيُّ الِاحْتِمَالَ اللُّغَوِيَّ وَأَمَّا مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالْحَلِفِ بِهِ كَالْحَكِيمِ وَالرَّشِيدِ وَنَحْوِهِمَا فَلَعَلَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَا يَعْلَمُهَا أَسْمَاءً لِلَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَشْتَهِرُ الْحَلِفُ بِهَا وَلَمْ أَعْلَمْ أَنِّي رَأَيْت مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الرَّشِيدَ إلَّا فِي
التِّرْمِذِيِّ حَيْثُ عَدَّدَ أَسْمَاءَ اللَّهِ الْحُسْنَى مِائَةً إلَّا وَاحِدًا وَأَصْحَابُنَا عَمَّمُوا الْحُكْمَ فِي الْجَمِيعِ وَلَمْ يُفَصِّلُوا وَهُوَ مُشْكِلٌ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ عَادَةَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَحْلِفُونَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَسْمَائِهِ فَتَنْصَرِفُ جَمِيعُ الْأَسْمَاءِ لِلَّهِ تَعَالَى بِقَرِينَةِ الْحَلِفِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّا نَجِدَهُمْ يَحْلِفُونَ بِآبَائِهِمْ وَمُلُوكِهِمْ وَيَقُولُونَ وَنِعْمَةِ السُّلْطَانِ وَحَيَاتِك يَا زَيْدُ وَلَعَمْرِي لَقَدْ قَامَ زَيْدٌ فَيَحْلِفُ بِعَمْرِهِ وَحَيَاةِ مُخَاطَبِهِ طُولَ النَّهَارِ فَلَيْسَ ظَاهِرُ حَالِهِمْ الِانْضِبَاطَ وَلَا حَصَلَ فِي الْأَسْمَاءِ الْقَلِيلَةِ الِاسْتِعْمَالِ عُرْفٌ وَلَا نَقْلٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فَيُسْتَصْحَبُ فِيهَا حُكْمُ اللُّغَةِ وَأَنَّ اللَّفْظَ صَالِحٌ لِلْقَدِيمِ هَذَا هُوَ الْفِقْهُ ( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ )
قَالَ صَاحِبُ الْخِصَالِ الْأَنْدَلُسِيِّ يَجُوزُ الْحَلِفُ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ
nindex.php?page=treesubj&link=16458قَوْلُك بِاسْمِ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا غَوْرٌ بَعِيدٌ بِسَبَبِ أَنَّ الِاسْمَ هَا هُنَا إنْ أُرِيدَ بِهِ الْمُسَمَّى اسْتَقَامَ الْحُكْمُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْمُسَمَّى فَقَدْ حَكَى
ابْنُ السَّيِّدِ الْبَطَلْيُوسِيُّ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي لَفْظِ الِاسْمِ هَلْ هُوَ مَوْضُوعٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ أَسْمَاءِ الذَّوَاتِ فَلَا يَتَنَاوَلُ إلَّا لَفْظًا هُوَ اسْمٌ أَوْ وُضِعَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسَمَّيَاتِ فَلَا يَتَنَاوَلُ إلَّا مُسَمًّى قَالَ وَهَذَا هُوَ تَحْقِيقُ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّ الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى أَمْ لَا وَأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي لَفْظِ " اسْمٍ " الَّذِي هُوَ أَلْفٌ سِينٌ مِيمٌ وَأَمَّا لَفْظُ نَارٍ وَذَهَبٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ عَاقِلٌ إنَّ لَفْظَ نَارٍ هُوَ عَيْنُ النَّارِ حَتَّى يَحْتَرِقَ فَمُ مَنْ نَطَقَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَلَا لَفْظُ ذَهَبٍ هُوَ عَيْنُ الذَّهَبِ الْمَعْدِنِيِّ حَتَّى يَحْصُلَ الذَّهَبُ الْمَعْدِنِيُّ فِي فَمِ مَنْ نَطَقَ بِلَفْظِ الذَّهَبِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي لَفْظِ الِاسْمِ خَاصَّةً وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى هَذَا وَقُلْنَا الِاسْمُ مَوْضُوعٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْأَسْمَاءِ وَأَنَّ مُسَمَّاهُ لَفْظٌ حِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَلْزَمَ بِهِ كَفَّارَةٌ وَلَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ كَمَا لَوْ قُلْنَا وَرِزْقِ اللَّهِ وَعَطَاءِ اللَّهِ فَإِنَّ إضَافَةَ الْمُحْدَثِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا تُصَيِّرُهُ مِمَّا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ وَلَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ كَذَلِكَ إذَا أُضِيفَ الِاسْمُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى يَكُونُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إضَافَةُ لَفْظٍ مَخْلُوقٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا يُوجِبُ كَفَّارَةً .
وَإِنْ قُلْنَا هُوَ مَوْضُوعٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسَمَّيَاتِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الدَّالَّ عَلَى الْأَعَمِّ غَيْرُ دَالٍّ عَلَى الْأَخَصِّ فَاللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ جَمِيعِ الْمُسَمَّيَاتِ لَا يَكُونُ
[ ص: 60 ] دَالًا عَلَى خُصُوصِ وَاجِبِ الْوُجُودِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَمَا لَا يَكُونُ دَالًا عَلَيْهِ لُغَةً لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ إلَّا بِنِيَّةٍ أَوْ عُرْفٍ نَاقِلٍ وَلَا وَاحِدَ مِنْهُمَا فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَلَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُ اللَّفْظِ لِلَّهِ تَعَالَى فَهَذَا تَحْرِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ( الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ )
قَالَ
اللَّخْمِيُّ قَالَ
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ هَا اللَّهِ يَمِينُ تُوجِبُ الْكَفَّارَةَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَاللَّهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=16388_16390حَذْفُ حَرْفِ الْقَسَمِ وَإِقَامَةُ هَا التَّنْبِيهِ مَقَامَهُ وَقَدْ نَصَّ النُّحَاةُ عَلَى ذَلِكَ " فَائِدَةٌ " الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْكَمَالِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ تَكُونُ لَامُ التَّعْرِيفِ لِلْكَمَالِ تَقُولُ زَيْدٌ الرَّجُلُ تُرِيدُ الْكَامِلَ فِي الرُّجُولِيَّةِ وَكَذَلِكَ هِيَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا قُلْت الرَّحْمَنُ أَيْ الْكَامِلُ فِي مَعْنَى الرَّحْمَةِ أَوْ الْعَلِيمُ أَيْ الْكَامِلُ فِي مَعْنَى الْعِلْمِ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْأَسْمَاءِ فَهِيَ لَا لِلْعُمُومِ وَلَا لِلْعَهْدِ وَلَكِنْ لِلْكَمَالِ .