فصل في رد الشرك العادي والمشيئة والحلف
ونذر المعصية والسجدة لغير الله تعالى
عن - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: ابن عمر وعبد الرحمن» أحب أسمائكم إلى الله عبد الله، رواه «إن مسلم.
قال بعض أهل العلم: ويدخل في هذا الحديث: التسمية بعبد القدوس، وعبد الخالق، وخدا بخش، والهديا، وإله داود.
فكل اسم فيه إضافة إلى اسم من أسماء الله الحسنى، بحيث لا يطلق ذلك الاسم على غيره سبحانه، فهو أحب. انتهى.
ولهذا ورد في حديث عند أبي هريرة يرفعه: البخاري «أخنى الأسماء يوم القيامة عند الله، رجل يسمى: ملك الأملاك».
وفي رواية قال: لمسلم «أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه، رجل كان يسمى ملك الأملاك، لا ملك إلا الله».
ومعنى «أخنى»: أقبح وأفحش، ومعنى «أغيظ»: أكثر من يغضب عليه، وإنما أخبر عن قبح ذلك ؛ لأن هذا اللفظ إنما يصدق على الله تعالى.
فهو مالك الأملاك، لا مالك أعظم ولا أكبر منه، مالك الملك ذو الجلال والإكرام.
وكل ملك يؤتيه الله من شاء من عباده فهو عارية يسرع ردها إلى المعير، وهو الله تعالى، ينزع الملك ممن ملكه تارة، ويؤتي من شاء تارة، فيصير لا حقيقة له سوى اسم زال مسماه.
وأما رب العالمين، فملكه دائم باق كامل لا انتهاء له، بيده القسط يخفضه ويرفعه، يحفظ على عباده أعمالهم بعلمه المحيط بكل شيء، ويحفظ ما تكتبه الحفظة عليهم، فيجازي كل عامل بعمله، إن خيرا فخيرا، وإن شرا فشرا، كما ورد في الحديث : [ ص: 185 ] «اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، أسألك من الخير كله، وأعوذ بك من الشر كله».
وفي رواية «أخنع» مكان «أخنى».
ولفظ «أخبث» يدل على أن هذا اللقب خبيث عند الله، فاجتمعت في حق من لقب به هذه الأمور، أعني: الخنى، والخنع، والغيظ، والغضب، والخبث ؛ لتعاظمه في نفسه، وتعظيم الناس له بهذه الكلمة التي هي من أعظم التعظيم ؛ فصار أخبث الخلق وأبغضهم إلى الله، وأحقرهم؛ لتعاظمه على خلق الله بنعم الله.
«وأخنع» بمعنى أوضع، قال مثل «شاهان شاه» عند العجم. وإنما مثل به سفيان بن عيينة: سفيان؛ لأنه عبارة عن ملك الأملاك بلغة العجم.
ويدخل فيه كل لقب، وكل اسم معناه هذا الاسم، كمهاراج، بالهندية ،وما يؤدي معنى ذلك بلغة أخرى.
وقد صرح في الحديث نفسه بوجه المنع من هذه التسمية، وهو اختصاص الرب بالملكية، وأنه لا ملك إلا إياه.