الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
العارض الرابع : في المستمع وهو أن تكون الشهوة غالبة عليه وكان في غرة الشباب وكانت هذه الصفة أغلب عليه من غيرها فالسماع حرام عليه سواء غلب على قلبه حب شخص معين أو لم يغلب فإنه كيفما كان فلا يسمع وصف الصدغ والخد والفراق والوصال إلا ويحرك ذلك شهوته وينزله على صورة معينة ينفخ الشيطان بها في قلبه فتشتعل فيه نار الشهوة وتحتد بواعث الشر .

وذلك هو النصرة لحزب الشيطان والتخذيل للعقل المانع منه الذي هو حزب الله تعالى والقتال في القلب دائم جنود الشيطان وهي الشهوات وبين حزب الله تعالى وهو نور العقل إلا في قلب قد فتحه أحد الجندين واستولى عليه بالكلية .

وغالب القلوب الآن قد فتحها جند الشيطان وغلب عليها فتحتاج حينئذ إلى أن تستأنف أسباب القتال لإزعاجها فكيف يجوز تكثير أسلحتها وتشحيذ سيوفها وأسنتها ، والسماع مشحذ لأسلحة جند الشيطان في حق مثل هذا الشخص .

فليخرج مثل هذا عن مجمع السماع ، فإنه يستضر به .

التالي السابق


(العارض الرابع: في المستمع وهو أن تكون الشهوة) النفسية (غالبة عليه) لا يمكنه دفعها عنه، (وكان في غرة الشباب) وعنفوانه، (وكانت هذه الصفة أغلب عليه من غيرها فالسماع) حينئذ (حرام عليه سواء غلب على قلبه حب شخص معين أولم يغلب) إذ هو مغلوب الشهوة، (فإنه كيفما كان فلا يسمع وصف الصدغ والخد والفراق والوصل) والرقيب (إلا ويحرك ذلك شهوته وينزله على صورة معينة ينفخ الشيطان بها) أي: بتلك الشهوة (في قلبه فتشتعل فيه نار الشهوة وتحثه بواعث الشر، وذلك هو النصرة لحزب الشيطان) وجنده، (والتخذيل للعقل المانع منه الذي هو حزب الله تعالى) ، ومن هنا قال صاحب القوت: السماع حرام وحلال وشبهة، فمن سمعه بنفس مشاهدة شهوة وهوى فهو حرام، ومن سمع بمعقوله على صفة مباح من جاريته أو زوجته كان شبهة لدخول اللهو فيه، ومن سمعه بقلب بمشاهدة مكان تدل على الدليل وتشهده طرقات الجليل فهو مباح، وقد نقله صاحب العوارف أيضا وصححه وقال: قول الشيخ أبي طالب يعتبر لوفور علمه وكمال حاله وعلمه بأحوال السلف ومكان ورعه وتقواه وتحريه الأصوب والأولى (والقتال في القلب الدائم بين جنود الشيطان وهي الشهوات) النفسانية (وبين حزب الله تعالى وهو نور العقل) الإلهي (إلا في قلب قد فتحه أحد الجندين واستولى عليه بالكلية) وغلب عليه (وغالب القلوب) في غالب الأزمان من غالب الأشخاص، (وقد فتحها جند الشيطان وغلب عليها فيحتاج) حينئذ إلى (أن يستأنف أسباب القتال لإزعاجها) ، وفي نسخة لإزعاجه (فكيف يجوز تكثير أسلحتها وتشحيذ سيوفها وأسنتها، والسماع مشحذ لأسلحة جند الشيطان في حق مثل هذا الشخص فليخرج مثل هذا عن مجمع السماع، فإنه يستفسر به) ، ومن هنا قال الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت جدي يقول: المستمع ينبغي أن يستمع بقلب حي ونفس ميتة، ومن كان قلبه ميتا ونفسه ميتة لا يحل له السماع .




الخدمات العلمية