[ ص: 99 ] المسألة الرابعة : قوله : { عند بيتك المحرم } قد قدمنا القول في مكة ، وفائدة حرمتها ، وما يترتب على ذلك من حكمة ، وتحريمها كان بالعلم ، وكان بقوله مخبرا عنه ; وكل ذلك قديم لا أول له ، وحرمها بالكتاب حين خلق القلم ، وهو التحريم الثالث ، وقال له : اكتب فكتب ما يكون إلى يوم القيامة . تحريم
ومن جملة ما كتب أن مكة بيت محرم مكرم معظم ; وقد روي في ذلك آثار ، منها أنه كان المسجد الحرام ليس عليه جدار محيط على عهد رسول الله ، فلما كان وأبي بكر فضاق على الناس وسع عمر بن الخطاب المسجد ، واشترى دورا فهدمها فيه ، وهدم على الناس ما قرب من المسجد ، حتى أبوا أن يبيعوا ، ووضع الأثمان حتى أخذوها بعد ، ثم أحاط عليه بجدار قصير دون القامة ، وأن عمر لما ولي وسع عثمان المسجد الحرام ، واشترى من قوم ، وأبى آخرون أن يبيعوا ، فهدم عليهم ، فصيحوا فأمر بهم إلى الحبس حتى كلمه فيهم عبد الله بن خالد بن أسيد ، ووجد في المقام كتاب ، فجعلوا يخرجونه لكل من أتاهم من أهل الكتاب فلا يعلمونه ، حتى أتاهم حبر من اليمن ، فقرأه عليهم ، فإذا فيه : أنا الله ذو بكة صغتها يوم صغت الشمس والقمر ، وباركت لأهلها في اللحم واللبن ، وأول من يحلها أهلها ، وذكر حديثا طويلا خرجه جماعة ، واللفظ للترمذي .