الآية الثالثة عشرة : قوله تعالى : { وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد } .
فيها ثلاث مسائل
المسألة الأولى : قوله : { واستفزز } : فيه قولان : [ ص: 207 ]
أحدهما : استخفهم .
الثاني : استجهلهم . ولا يخف إلا من يجهل ; فالجهل تفسير مجازي ، والخفة تفسير حقيقي .
المسألة الثانية : قوله : { بصوتك } : فيه ثلاثة أقوال :
الأول : بدعائك . الثاني : بالغناء والمزمار . الثالث : كل داع دعاه إلى معصية الله ؟ قاله . فأما القول الأول فهو الحقيقة ، وأما الثاني والثالث فهما مجازان ، إلا أن الثاني مجاز خاص ، والثالث مجاز عام . وقد { ابن عباس أبو بكر بيت ، وفيه جاريتان من جواري عائشة الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث ، فقال : أمزمار الشيطان في بيت رسول الله ؟ فقال : دعهما يا أبا بكر ، فإنه يوم عيد } . فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على دخل أبي بكر تسمية الغناء مزمار الشيطان ؟ وذلك لأن المباح قد يستدرج به الشيطان إلى المعصية أكثر وأقرب إلى الاستدراج إليها بالواجب ، فيكون إذا تجرد مباحا ، ويكون عند الدوام وما تعلق به الشيطان من المعاصي حراما ، فيكون حينئذ مزمار الشيطان ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : { } . وقدمنا شرح ذلك كله . [ ص: 208 ] نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين فذكر الغناء والنوح
المسألة الثالثة : قوله : { وشاركهم في الأموال والأولاد } : وذلك قوله : { ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله } . وهذا تفسير أن صوته أمره بالباطل ، ودعاؤه إليه على العموم ، ويدخل فيه ما كانت العرب تدينه من تحريم بعض الأموال على بعض الناس وبعض الأولاد ، حسبما تقدم في سورة الأنعام ، ويدخل فيه ما شرحناه في قوله في سورة الأعراف : { فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما } ; وقد أوضحنا ذلك كله .