المسألة السابعة قوله { فاسعوا إلى ذكر الله } : اختلف العلماء في معناه على ثلاثة أقوال : الأول : أن المراد به النية ; قاله الحسن .
الثاني أنه العمل ; كقوله تعالى : { ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن } وقوله تعالى : { إن سعيكم لشتى } . وهو قول الجمهور .
الثالث : أن المراد به السعي على الأقدام .
ويحتمل ظاهره رابعا : وهو الجري والاشتداد ، وهو الذي أنكره الصحابة الأعلمون ، والفقهاء الأقدمون ، وقرأها : " فامضوا إلى ذكر الله " فرارا عن ظن الجري والاشتداد الذي يدل عليه الظاهر . عمر
وقرأ ذلك . وقال : لو قرأت فاسعوا لسعيت حتى سقط ردائي . ابن مسعود
وقرأ ابن شهاب : فامضوا إلى ذكر الله سالكا تلك السبل ، وهو كله تفسير منهم ، لا قراءة [ ص: 213 ] قرآن منزل ، وجائز . قراءة القرآن بالتفسير في معرض التفسير
فأما من قال : المراد بذلك النية ; فهو أول السعي ومقصوده الأكبر فلا خلاف فيه .
وأما من قال : إنه السعي على الأقدام فهو أفضل ، ولكنه ليس بشرط . في الصحيح أن أبا عيسى بن جبير واسمه عبد الرحمن ، وكان من كبار الصحابة يمشي إلى الجمعة راجلا . وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { } من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار . فذلك فضل وأجر لا شرط .
وأما من قال : إنه العمل فأعمال الجمعة هي : الاغتسال ، والتمشط ، والادهان ، والتطيب ، والتزين باللباس ، وفي ذلك كله أحاديث بيانها في كتب الفقه ; وظاهر الآية وجوب الجميع ، لكن أدلة الاستحباب ظهرت على أدلة الوجوب ، فقضى بها حسبما بيناه في شرح الحديث .