القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28974_30961_30969_30995تأويل قوله ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )
قال
أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : "فبما رحمة من الله" ، فبرحمة من الله ، و"ما" صلة . وقد بينت وجه دخولها في الكلام في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=26إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ) [ سورة البقرة : 26 ] . والعرب تجعل"ما" صلة في المعرفة والنكرة ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=155فبما نقضهم ميثاقهم ) [ سورة النساء : 155\ سورة المائدة : 13 ] ، والمعنى : فبنقضهم ميثاقهم . وهذا في المعرفة . وقال في النكرة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=40عما قليل ليصبحن نادمين ) [ سورة المؤمنون : 40 ] ، والمعنى : عن قليل . وربما جعلت اسما وهي في مذهب صلة ، فيرفع ما بعدها أحيانا على وجه الصلة ، ويخفض على إتباع الصلة ما قبلها ، كما قال الشاعر :
فكفى بنا فضلا على من غيرنا حب النبي محمد إيانا
إذا جعلت غير صلة رفعت بإضمار"هو" ، وإن خفضت أتبعت"من" ، فأعربته . فذلك حكمه على ما وصفنا مع النكرات .
[ ص: 341 ]
فأما إذا كانت الصلة معرفة ، كان الفصيح من الكلام الإتباع ، كما قيل : "فبما نقضهم ميثاقهم" ، والرفع جائز في العربية .
وبنحو ما قلنا في قوله : "فبما رحمة من الله لنت لهم" ، قال جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
8119 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فبما رحمة من الله لنت لهم " ، يقول : فبرحمة من الله لنت لهم .
وأما قوله : "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" ، فإنه يعني ب"الفظ" الجافي ، وب"الغليظ القلب" ، القاسي القلب ، غير ذي رحمة ولا رأفة . وكذلك كانت صفته صلى الله عليه وسلم ، كما وصفه الله به : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128بالمؤمنين رءوف رحيم ) [ سورة التوبة : 128 ] .
فتأويل الكلام : فبرحمة الله ، يا
محمد ، ورأفته بك وبمن آمن بك من أصحابك"لنت لهم" ، لتباعك وأصحابك ، فسهلت لهم خلائقك ، وحسنت لهم أخلاقك ، حتى احتملت أذى من نالك منهم أذاه ، وعفوت عن ذي الجرم منهم جرمه ، وأغضيت عن كثير ممن لو جفوت به وأغلظت عليه لتركك ففارقك ولم يتبعك ولا ما بعثت به من الرحمة ، ولكن الله رحمهم ورحمك معهم ، فبرحمة من الله لنت لهم . كما : -
8120 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " ، أي والله ، لطهره الله من الفظاظة والغلظة ، وجعله قريبا رحيما بالمؤمنين رءوفا وذكر لنا أن
nindex.php?page=treesubj&link=30589نعت محمد صلى [ ص: 342 ] الله عليه وسلم في التوراة : " ليس بفظ ولا غليظ ولا صخوب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة مثلها ، ولكن يعفو ويصفح" .
8121 - حدثت عن
عمار قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع ، بنحوه .
8122 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " ، قال : ذكر لينه لهم وصبره عليهم لضعفهم ، وقلة صبرهم على الغلظة لو كانت منه في كل ما خالفوا فيه مما افترض عليهم من طاعة نبيهم .
وأما قوله : "لانفضوا من حولك" ، فإنه يعني : لتفرقوا عنك . كما : -
8123 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : قال
ابن عباس : قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159لانفضوا من حولك " ، قال : انصرفوا عنك .
8124 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159لانفضوا من حولك " ، أي : لتركوك .
الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28974_30961_30969_30995تَأْوِيلِ قَوْلِهِ ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ" ، فَبِرَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ ، وَ"مَا" صِلَةٌ . وَقَدْ بَيَّنْتُ وَجْهَ دُخُولِهَا فِي الْكَلَامِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=26إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ) [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 26 ] . وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ"مَا" صِلَةً فِي الْمَعْرِفَةِ وَالنَّكِرَةِ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=155فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ ) [ سُورَةُ النِّسَاءِ : 155\ سُورَةُ الْمَائِدَةِ : 13 ] ، وَالْمَعْنَى : فَبِنَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ . وَهَذَا فِي الْمَعْرِفَةِ . وَقَالَ فِي النَّكِرَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=40عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ ) [ سُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ : 40 ] ، وَالْمَعْنَى : عَنْ قَلِيلٍ . وَرُبَّمَا جُعِلَتِ اسْمًا وَهِيَ فِي مَذْهَبٍ صِلَةٌ ، فَيُرْفَعُ مَا بَعْدَهَا أَحْيَانًا عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ ، وَيُخَفَضُ عَلَى إِتْبَاعِ الصِّلَةِ مَا قَبْلَهَا ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
فَكَفَى بِنَا فَضْلًا عَلَى مَنْ غَيْرِنَا حُبُّ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ إِيَّانَا
إِذَا جُعِلَتْ غَيْرَ صِلَةٍ رَفَعْتَ بِإِضْمَارِ"هُوَ" ، وَإِنْ خَفَضْتَ أَتْبَعْتَ"مَنْ" ، فَأَعْرَبْتَهُ . فَذَلِكَ حُكْمُهُ عَلَى مَا وَصَفْنَا مَعَ النَّكِرَاتِ .
[ ص: 341 ]
فَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الصِّلَةُ مَعْرِفَةً ، كَانَ الْفَصِيحُ مِنَ الْكَلَامِ الْإِتْبَاعَ ، كَمَا قِيلَ : "فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ" ، وَالرَّفْعُ جَائِزٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ .
وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي قَوْلِهِ : "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ" ، قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
8119 - حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ " ، يَقُولُ : فَبِرَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : "وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِ"الْفَظِّ" الْجَافِي ، وَبِ"الْغَلِيظِ الْقَلْبِ" ، الْقَاسِي الْقَلْبِ ، غَيْرِ ذِي رَحْمَةٍ وَلَا رَأْفَةٍ . وَكَذَلِكَ كَانَتْ صِفَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَمَا وَصَفَهُ اللَّهُ بِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 128 ] .
فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ : فَبِرَحْمَةِ اللَّهِ ، يَا
مُحَمَّدُ ، وَرَأْفَتِهِ بِكَ وَبِمَنْ آمَنَ بِكَ مِنْ أَصْحَابِكَ"لِنْتَ لَهُمْ" ، لِتُبَّاعِكَ وَأَصْحَابِكَ ، فَسَهُلَتْ لَهُمْ خَلَائِقُكَ ، وَحَسُنَتْ لَهُمْ أَخْلَاقُكَ ، حَتَّى احْتَمَلْتَ أَذَى مَنْ نَالَكَ مِنْهُمْ أَذَاهُ ، وَعَفَوْتَ عَنْ ذِي الْجُرْمِ مِنْهُمْ جُرْمَهُ ، وَأَغْضَيْتَ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّنْ لَوْ جَفَوْتَ بِهِ وَأَغْلَظْتَ عَلَيْهِ لَتَرْكَكَ فَفَارَقَكَ وَلَمْ يَتَّبِعْكَ وَلَا مَا بُعِثْتَ بِهِ مِنَ الرَّحْمَةِ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ رَحِمَهُمْ وَرَحِمَكَ مَعَهُمْ ، فَبِرَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ . كَمَا : -
8120 - حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ " ، أَيْ وَاللَّهِ ، لَطَهَّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْفَظَاظَةِ وَالْغِلْظَةِ ، وَجَعَلَهُ قَرِيبًا رَحِيمًا بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفًا وَذَكَرَ لَنَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30589نَعْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى [ ص: 342 ] اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ : " لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا صَخُوبٍ فِي الْأَسْوَاقِ ، وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مِثْلَهَا ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ" .
8121 - حُدِّثْتُ عَنْ
عَمَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
الرَّبِيعِ ، بِنَحْوِهِ .
8122 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ " ، قَالَ : ذَكَرَ لِينَهُ لَهُمْ وَصَبْرَهُ عَلَيْهِمْ لِضَعْفِهِمْ ، وَقِلَّةِ صَبْرِهِمْ عَلَى الْغِلْظَةِ لَوْ كَانَتْ مِنْهُ فِي كُلِّ مَا خَالَفُوا فِيهِ مِمَّا افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ طَاعَةِ نَبِيِّهِمْ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : "لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" ، فَإِنَّهُ يَعْنِي : لَتَفَرَّقُوا عَنْكَ . كَمَا : -
8123 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ " ، قَالَ : انْصَرَفُوا عَنْكَ .
8124 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ " ، أَيْ : لَتَرَكُوكَ .