[ ص: 343 ] القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28974_27453_23665تأويل قوله ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ( 159 ) )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فاعف عنهم " ، فتجاوز ، يا
محمد ، عن تباعك وأصحابك من المؤمنين بك وبما جئت به من عندي ، ما نالك من أذاهم ومكروه في نفسك"
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159واستغفر لهم ، وادع ربك لهم بالمغفرة لما أتوا من جرم ، واستحقوا عليه عقوبة منه . كما : -
8125 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : "فاعف عنهم" ، أي : فتجاوز عنهم"واستغفر لهم" ، ذنوب من قارف من أهل الإيمان منهم .
ثم اختلف أهل التأويل في المعنى الذي من أجله أمر تعالى ذكره نبيه صلى الله عليه وسلم أن يشاورهم ، وما المعنى الذي أمره أن يشاورهم فيه؟
فقال بعضهم : أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وشاورهم في الأمر " ، بمشاورة أصحابه في مكايد الحرب وعند لقاء العدو ، تطييبا منه بذلك أنفسهم ، وتألفا لهم على دينهم ، وليروا أنه يسمع منهم ويستعين بهم ، وإن كان الله عز وجل قد أغناه بتدبيره له أموره ، وسياسته إياه وتقويمه أسبابه عنهم .
ذكر من قال ذلك :
8126 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين " ،
[ ص: 344 ] أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يشاور أصحابه في الأمور وهو يأتيه وحي السماء ، لأنه أطيب لأنفس القوم وأن القوم إذا شاور بعضهم بعضا وأرادوا بذلك وجه الله ، عزم لهم على أرشده .
8127 - حدثت عن
عمار قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وشاورهم في الأمر " ، قال : أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يشاور أصحابه في الأمور وهو يأتيه الوحي من السماء ، لأنه أطيب لأنفسهم .
8128 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وشاورهم في الأمر " ، أي : لتريهم أنك تسمع منهم وتستعين بهم ، وإن كنت عنهم غنيا ، تؤلفهم بذلك على دينهم .
وقال آخرون : بل أمره بذلك في ذلك . ليبين له الرأي وأصوب الأمور في التدبير ، لما علم في المشورة تعالى ذكره من الفضل .
ذكر من قال ذلك :
8129 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن
سلمة بن نبيط ، عن
الضحاك بن مزاحم قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وشاورهم في الأمر " ، قال : ما أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بالمشورة ، إلا لما علم فيها من الفضل .
8130 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
معتمر بن سليمان ، عن
إياس بن دغفل ، عن
الحسن :
nindex.php?page=treesubj&link=27129ما شاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم .
وقال آخرون : إنما أمره الله بمشاورة أصحابه فيما أمره بمشاورتهم فيه ، مع
[ ص: 345 ] إغنائه بتقويمه إياه وتدبيره أسبابه عن آرائهم ، ليتبعه المؤمنون من بعده فيما حزبهم من أمر دينهم ، ويستنوا بسنته في ذلك ، ويحتذوا المثال الذي رأوه يفعله في حياته من مشاورته في أموره مع المنزلة التي هو بها من الله أصحابه وتباعه في الأمر ينزل بهم من أمر دينهم ودنياهم ، فيتشاوروا بينهم ثم يصدروا عما اجتمع عليه ملأهم . لأن المؤمنين إذا تشاوروا في أمور دينهم متبعين الحق في ذلك ، لم يخلهم الله عز وجل من لطفه وتوفيقه للصواب من الرأي والقول فيه . قالوا : وذلك نظير قوله عز وجل الذي مدح به أهل الإيمان : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=38وأمرهم شورى بينهم ) [ سورة الشورى : 38 ] .
ذكر من قال ذلك :
8131 - حدثنا
سوار بن عبد الله العنبري قال : قال
سفيان بن عيينة في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وشاورهم في الأمر " ، قال : هي للمؤمنين ، أن يتشاوروا فيما لم يأتهم عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه أثر .
قال
أبو جعفر : وأولى الأقوال بالصواب في ذلك أن يقال : إن الله عز وجل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بمشاورة أصحابه فيما حزبه من أمر عدوه ومكايد حربه ، تألفا منه بذلك من لم تكن بصيرته بالإسلام البصيرة التي يؤمن عليه معها فتنة الشيطان وتعريفا منه أمته مأتى الأمور التي تحزبهم من بعده ومطلبها ، ليقتدوا به في ذلك عند النوازل التي تنزل بهم ، فيتشاوروا فيما بينهم ، كما كانوا يرونه في حياته صلى الله عليه وسلم يفعله . فأما النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن الله كان يعرفه مطالب وجوه ما حزبه من الأمور بوحيه أو إلهامه إياه صواب ذلك . وأما أمته ، فإنهم إذا تشاوروا مستنين بفعله في ذلك ، على تصادق وتآخ للحق ، وإرادة
[ ص: 346 ] جميعهم للصواب ، من غير ميل إلى هوى ، ولا حيد عن هدى ، فالله مسددهم وموفقهم .
وأما قوله : "فإذا عزمت فتوكل على الله" ، فإنه يعني : فإذا صح عزمك بتثبيتنا إياك ، وتسديدنا لك فيما نابك وحزبك من أمر دينك ودنياك ، فامض لما أمرناك به على ما أمرناك به ، وافق ذلك آراء أصحابك وما أشاروا به عليك ، أو خالفها"وتوكل" ، فيما تأتي من أمورك وتدع ، وتحاول أو تزاول ، على ربك ، فثق به في كل ذلك ، وارض بقضائه في جميعه ، دون آراء سائر خلقه ومعونتهم" فإن الله يحب المتوكلين " ، وهم الراضون بقضائه ، والمستسلمون لحكمه فيهم ، وافق ذلك منهم هوى أو خالفه . كما : -
8132 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ""فإذا عزمت" ، أي : على أمر جاءك مني ، أو أمر من دينك في جهاد عدوك لا يصلحك ولا يصلحهم إلا ذلك ، فامض على ما أمرت به ، على خلاف من خالفك وموافقة من وافقك و"توكل على الله" ، أي : ارض به من العباد"إن الله يحب المتوكلين " .
8133 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فإذا عزمت فتوكل على الله " ، أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم إذا عزم على أمر أن يمضي فيه ، ويستقيم على أمر الله ، ويتوكل على الله .
8134 - حدثت عن
عمار ، عن
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فإذا عزمت فتوكل على الله " ، الآية ، أمره الله إذا عزم على أمر أن يمضي فيه ويتوكل عليه .
[ ص: 343 ] الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28974_27453_23665تَأْوِيلِ قَوْلِهِ ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ( 159 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فَاعْفُ عَنْهُمْ " ، فَتَجَاوَزْ ، يَا
مُحَمَّدُ ، عَنْ تُبَّاعِكَ وَأَصْحَابِكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ مِنْ عِنْدِي ، مَا نَالَكَ مِنْ أَذَاهُمْ وَمَكْرُوهٍ فِي نَفْسِكَ"
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ، وَادْعُ رَبَّكَ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ لِمَا أَتَوْا مِنْ جُرْمٍ ، وَاسْتَحَقُّوا عَلَيْهِ عُقُوبَةً مِنْهُ . كَمَا : -
8125 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ : "فَاعْفُ عَنْهُمْ" ، أَيْ : فَتَجَاوَزْ عَنْهُمْ"وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ" ، ذُنُوبَ مَنْ قَارَفَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ مِنْهُمْ .
ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَمَرَ تَعَالَى ذِكْرُهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُشَاوِرَهُمْ ، وَمَا الْمَعْنَى الَّذِي أَمَرَهُ أَنْ يُشَاوِرَهُمْ فِيهِ؟
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ " ، بِمُشَاوَرَةِ أَصْحَابِهِ فِي مَكَايِدِ الْحَرْبِ وَعِنْدَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ ، تَطْيِيبًا مِنْهُ بِذَلِكَ أَنْفُسَهُمْ ، وَتَأَلُّفًا لَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ ، وَلِيَرَوْا أَنَّهُ يَسْمَعُ مِنْهُمْ وَيَسْتَعِينُ بِهِمْ ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَغْنَاهُ بِتَدْبِيرِهِ لَهُ أُمُورَهُ ، وَسِيَاسَتِهِ إِيَّاهُ وَتَقْوِيمِهِ أَسْبَابَهُ عَنْهُمْ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
8126 - حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " ،
[ ص: 344 ] أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُشَاوِرَ أَصْحَابَهُ فِي الْأُمُورِ وَهُوَ يَأْتِيهِ وَحْيُ السَّمَاءِ ، لِأَنَّهُ أَطْيَبُ لِأَنْفُسِ الْقَوْمِ وَأَنَّ الْقَوْمَ إِذَا شَاوَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَأَرَادُوا بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ ، عَزَمَ لَهُمْ عَلَى أَرْشَدِهِ .
8127 - حُدِّثْتُ عَنْ
عَمَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
الرَّبِيعِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ " ، قَالَ : أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُشَاوِرَ أَصْحَابَهُ فِي الْأُمُورِ وَهُوَ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنَ السَّمَاءِ ، لِأَنَّهُ أَطْيَبُ لِأَنْفُسِهِمْ .
8128 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ " ، أَيْ : لِتُرِيَهُمْ أَنَّكَ تَسْمَعُ مِنْهُمْ وَتَسْتَعِينُ بِهِمْ ، وَإِنْ كُنْتَ عَنْهُمْ غَنِيًّا ، تُؤَلِّفُهُمْ بِذَلِكَ عَلَى دِينِهِمْ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ فِي ذَلِكَ . لِيُبَيِّنَ لَهُ الرَّأْيَ وَأَصْوَبَ الْأُمُورِ فِي التَّدْبِيرِ ، لِمَا عَلِمَ فِي الْمَشُورَةِ تَعَالَى ذِكْرُهُ مِنَ الْفَضْلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
8129 - حَدَّثَنَا
ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ
سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ " ، قَالَ : مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَشُورَةِ ، إِلَّا لِمَا عَلِمَ فِيهَا مِنَ الْفَضْلِ .
8130 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنَا
مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ
إِيَاسِ بْنِ دَغْفَلٍ ، عَنِ
الْحَسَنِ :
nindex.php?page=treesubj&link=27129مَا شَاوَرَ قَوْمٌ قَطُّ إِلَّا هُدُوا لِأَرْشَدِ أُمُورِهِمْ .
وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِمُشَاوَرَةِ أَصْحَابِهِ فِيمَا أَمَرَهُ بِمُشَاوَرَتِهِمْ فِيهِ ، مَعَ
[ ص: 345 ] إِغْنَائِهِ بِتَقْوِيمِهِ إِيَّاهُ وَتَدْبِيرِهِ أَسْبَابَهُ عَنْ آرَائِهِمْ ، لِيَتْبَعَهُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَعْدِهِ فِيمَا حَزَبَهُمْ مَنْ أَمْرِ دِينِهِمْ ، وَيَسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ فِي ذَلِكَ ، وَيَحْتَذُوا الْمِثَالَ الَّذِي رَأَوْهُ يَفْعَلُهُ فِي حَيَاتِهِ مِنْ مُشَاوَرَتِهِ فِي أُمُورِهِ مَعَ الْمَنْزِلَةِ الَّتِي هُوَ بِهَا مِنَ اللَّهِ أَصْحَابَهُ وَتُبَّاعَهُ فِي الْأَمْرِ يَنْزِلُ بِهِمْ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ ، فَيَتَشَاوَرُوا بَيْنَهُمْ ثُمَّ يُصْدِرُوا عَمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مَلَأَهُمْ . لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا تَشَاوَرُوا فِي أُمُورِ دِينِهِمْ مُتَّبَعِينَ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ ، لَمْ يُخْلِهِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ لُطْفِهِ وَتَوْفِيقِهِ لِلصَّوَابِ مِنَ الرَّأْيِ وَالْقَوْلِ فِيهِ . قَالُوا : وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي مَدَحَ بِهِ أَهْلَ الْإِيمَانِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=38وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) [ سُورَةُ الشُّورَى : 38 ] .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
8131 - حَدَّثَنَا
سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ : قَالَ
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ " ، قَالَ : هِيَ لِلْمُؤْمِنِينَ ، أَنْ يَتَشَاوَرُوا فِيمَا لَمْ يَأْتِهِمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ أَثَرٌ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُشَاوَرَةِ أَصْحَابِهِ فِيمَا حَزَبَهُ مَنْ أَمْرِ عَدُوِّهِ وَمَكَايِدِ حَرْبِهِ ، تَأَلُّفًا مِنْهُ بِذَلِكَ مَنْ لَمْ تَكُنْ بَصِيرَتُهُ بِالْإِسْلَامِ الْبَصِيرَةَ الَّتِي يُؤْمَنُ عَلَيْهِ مَعَهَا فِتْنَةَ الشَّيْطَانِ وَتَعْرِيفًا مِنْهُ أُمَّتَهُ مَأْتَى الْأُمُورِ الَّتِي تَحْزُبُهُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَمَطْلَبِهَا ، لِيَقْتَدُوا بِهِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ النَّوَازِلِ الَّتِي تَنْزِلُ بِهِمْ ، فَيَتَشَاوَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ ، كَمَا كَانُوا يَرَوْنَهُ فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ . فَأَمَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ يُعَرِّفُهُ مَطَالِبَ وُجُوهِ مَا حَزَبَهُ مِنَ الْأُمُورِ بِوَحْيِهِ أَوْ إِلْهَامِهِ إِيَّاهُ صَوَابَ ذَلِكَ . وَأَمَّا أُمَّتُهُ ، فَإِنَّهُمْ إِذَا تَشَاوَرُوا مُسْتَنِّينَ بِفِعْلِهِ فِي ذَلِكَ ، عَلَى تَصَادُقٍ وَتَآخٍ لِلْحَقِّ ، وَإِرَادَةِ
[ ص: 346 ] جَمِيعِهِمْ لِلصَّوَابِ ، مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ إِلَى هَوَى ، وَلَا حَيْدٍ عَنْ هُدَى ، فَاللَّهُ مُسَدِّدُهُمْ وَمُوَفِّقُهُمْ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : "فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ" ، فَإِنَّهُ يَعْنِي : فَإِذَا صَحَّ عَزْمُكَ بِتَثْبِيتِنَا إِيَّاكَ ، وَتَسْدِيدِنَا لَكَ فِيمَا نَابَكَ وَحَزَبَكَ مِنْ أَمْرِ دِينِكَ وَدُنْيَاكَ ، فَامْضِ لِمَا أَمَرْنَاكَ بِهِ عَلَى مَا أَمَرْنَاكَ بِهِ ، وَافَقَ ذَلِكَ آرَاءَ أَصْحَابِكَ وَمَا أَشَارُوا بِهِ عَلَيْكَ ، أَوْ خَالَفَهَا"وَتَوَكَّلْ" ، فِيمَا تَأْتِي مِنْ أُمُورِكَ وَتَدَعُ ، وَتُحَاوِلُ أَوْ تُزَاوِلُ ، عَلَى رَبِّكَ ، فَثِقْ بِهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ ، وَارْضَ بِقَضَائِهِ فِي جَمِيعِهِ ، دُونَ آرَاءِ سَائِرِ خَلْقِهِ وَمَعُونَتِهِمْ" فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " ، وَهُمُ الرَّاضُونَ بِقَضَائِهِ ، وَالْمُسْتَسْلِمُونَ لِحُكْمِهِ فِيهِمْ ، وَافَقَ ذَلِكَ مِنْهُمْ هَوًى أَوْ خَالَفَهُ . كَمَا : -
8132 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ""فَإِذَا عَزَمْتَ" ، أَيْ : عَلَى أَمْرٍ جَاءَكَ مِنِّي ، أَوْ أَمْرٍ مِنْ دِينِكَ فِي جِهَادِ عَدُوِّكَ لَا يُصْلِحُكَ وَلَا يُصْلِحُهُمْ إِلَّا ذَلِكَ ، فَامْضِ عَلَى مَا أُمِرْتَ بِهِ ، عَلَى خِلَافِ مَنْ خَالَفَكَ وَمُوَافَقَةِ مَنْ وَافَقَكَ وَ"تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ" ، أَيِ : ارْضَ بِهِ مِنَ الْعِبَادِ"إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " .
8133 - حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ " ، أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَزَمَ عَلَى أَمْرٍ أَنْ يَمْضِيَ فِيهِ ، وَيَسْتَقِيمَ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ ، وَيَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ .
8134 - حُدِّثْتُ عَنْ
عَمَّارٍ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
الرَّبِيعِ قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=159فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ " ، الْآيَةَ ، أَمَرَهُ اللَّهُ إِذَا عَزَمَ عَلَى أَمْرٍ أَنْ يَمْضِيَ فِيهِ وَيَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ .