القول في تأويل قوله ( ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ( 171 ) )
قال أبو جعفر : يعني بقوله : "إنما الله إله واحد" ، ما الله ، أيها القائلون : الله ثالث ثلاثة ، كما تقولون ، لأن من كان له ولد ، فليس بإله . وكذلك من كان له صاحبة ، فغير جائز أن يكون إلها معبودا . ولكن الله الذي له الألوهة والعبادة ، إله واحد معبود ، لا ولد له ، ولا والد ، ولا صاحبة ، ولا شريك .
ثم نزه جل ثناؤه نفسه وعظمها ورفعها عما قال فيه أعداؤه الكفرة به فقال : "سبحانه أن يكون له ولد" ، يقول : علا الله وجل وعز وتعظم وتنزه عن أن يكون له ولد أو صاحبة .
[ ص: 424 ]
ثم أخبر جل ثناؤه عباده : أن عيسى وأمه ومن في السماوات ومن في الأرض ، عبيده وإماؤه وخلقه ، وأنه رازقهم وخالقهم ، وأنهم أهل حاجة وفاقة إليه احتجاجا منه بذلك على من ادعى أن المسيح ابنه ، وأنه لو كان ابنه كما قالوا ، لم يكن ذا حاجة إليه ، ولا كان له عبدا مملوكا ، فقال : " له ما في السماوات وما في الأرض " ، يعني : لله ما في السماوات وما في الأرض من الأشياء كلها ملكا وخلقا ، وهو يرزقهم ويقوتهم ويدبرهم ، فكيف يكون المسيح ابنا لله ، وهو في الأرض أو في السماوات ، غير خارج من أن يكون في بعض هذه الأماكن ؟
وقوله : " وكفى بالله وكيلا " ، يقول : وحسب ما في السماوات وما في الأرض بالله قيما ومدبرا ورازقا ، من الحاجة معه إلى غيره .