القول في تأويل قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171nindex.php?page=treesubj&link=28666_28975فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : "فآمنوا بالله ورسله" ، فصدقوا ، يا أهل الكتاب ، بوحدانية الله وربوبيته ، وأنه لا ولد له ، وصدقوا رسله فيما جاءوكم به من عند الله ، وفيما أخبرتكم به أن الله واحد لا شريك له ، ولا صاحبة له ، لا ولد له "ولا تقولوا ثلاثة" ، يعني : ولا تقولوا : الأرباب ثلاثة .
[ ص: 423 ]
ورفعت"الثلاثة" ، بمحذوف دل عليه الظاهر ، وهو"هم" . ومعنى الكلام : ولا تقولوا هم ثلاثة . وإنما جاز ذلك ، لأن"القول" حكاية ، والعرب تفعل ذلك في الحكاية ، ومنه قول الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=22سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ) ، [ سورة الكهف : 22 ] . وكذلك كل ما ورد من مرفوع بعد"القول" لا رافع معه ، ففيه إضمار اسم رافع لذلك الاسم .
ثم قال لهم جل ثناؤه : متوعدا لهم في قولهم العظيم الذي قالوه في الله : "انتهوا" ، أيها القائلون : الله ثالث ثلاثة ، عما تقولون من الزور والشرك بالله ، فإن الانتهاء عن ذلك خير لكم من قيله ، لما لكم عند الله من العقاب العاجل لكم على قيلكم ذلك ، إن أقمتم عليه ، ولم تنيبوا إلى الحق الذي أمرتكم بالإنابة إليه والآجل في معادكم .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171nindex.php?page=treesubj&link=28666_28975فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : "فَآمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ" ، فَصَدِّقُوا ، يَا أَهْلَ الْكِتَابِ ، بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ ، وَأَنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ ، وَصَدِّقُوا رُسُلَهُ فِيمَا جَاءُوكُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَفِيمَا أَخْبَرَتْكُمْ بِهِ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَلَا صَاحِبَةَ لَهُ ، لَا وَلَدَ لَهُ "وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ" ، يَعْنِي : وَلَا تَقُولُوا : الْأَرْبَابُ ثَلَاثَةٌ .
[ ص: 423 ]
وَرُفِعَتِ"الثَّلَاثَةُ" ، بِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ ، وَهُوَ"هُمْ" . وَمَعْنَى الْكَلَامِ : وَلَا تَقُولُوا هُمْ ثَلَاثَةٌ . وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ ، لِأَنَّ"الْقَوْلَ" حِكَايَةٌ ، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْحِكَايَةِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=22سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ ) ، [ سُورَةُ الْكَهْفِ : 22 ] . وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا وَرَدَ مِنْ مَرْفُوعٍ بَعْدَ"الْقَوْلِ" لَا رَافِعَ مَعَهُ ، فَفِيهِ إِضْمَارُ اسْمٍ رَافِعٍ لِذَلِكَ الِاسْمِ .
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : مُتَوَعِّدًا لَهُمْ فِي قَوْلِهِمُ الْعَظِيمِ الَّذِي قَالُوهُ فِي اللَّهِ : "انْتَهَوْا" ، أَيُّهَا الْقَائِلُونَ : اللَّهُ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ، عَمَّا تَقُولُونَ مِنَ الزُّورِ وَالشِّرْكِ بِاللَّهِ ، فَإِنَّ الِانْتِهَاءَ عَنْ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ قِيلِهِ ، لِمَا لَكَمْ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعِقَابِ الْعَاجِلِ لَكُمْ عَلَى قِيلِكُمْ ذَلِكَ ، إِنْ أَقَمْتُمْ عَلَيْهِ ، وَلَمْ تُنِيبُوا إِلَى الْحَقِّ الَّذِي أَمَرَتْكُمْ بِالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ وَالْآجِلِ فِي مَعَادِكُمْ .