[ ص: 243 ] القول في تأويل قوله عز ذكره (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33nindex.php?page=treesubj&link=28976_9837_32516_32268إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا )
قال
أبو جعفر : وهذا بيان من الله عز ذكره عن حكم " الفساد في الأرض " ، الذي ذكره في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=32من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض " أعلم عباده : ما الذي يستحق المفسد في الأرض من العقوبة والنكال ، فقال تبارك وتعالى : لا جزاء له في الدنيا إلا القتل ، والصلب ، وقطع اليد والرجل من خلاف ، أو النفي من الأرض ، خزيا لهم . وأما في الآخرة إن لم يتب في الدنيا ، فعذاب عظيم .
ثم اختلف أهل التأويل فيمن نزلت هذه الآية .
فقال بعضهم : نزلت في قوم من أهل الكتاب كانوا أهل موادعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنقضوا العهد ، وأفسدوا في الأرض ، فعرف الله نبيه صلى الله عليه وسلم الحكم فيهم .
ذكر من قال ذلك :
11803 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا " ، قال : كان قوم من أهل الكتاب بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد وميثاق ، فنقضوا العهد وأفسدوا في الأرض ، فخير الله رسوله : إن شاء أن يقتل ، وإن شاء أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف .
11804 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عمرو بن عون قال : أخبرنا
هشيم ، عن
جويبر ، عن
الضحاك قال : كان قوم بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ميثاق ، فنقضوا العهد وقطعوا السبيل ، وأفسدوا في الأرض ، فخير الله جل
[ ص: 244 ] وعز نبيه صلى الله عليه وسلم فيهم ، فإن شاء قتل ، وإن شاء صلب ، وإن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف .
11805 - حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ قال : حدثني
عبيد بن سليمان قال : سمعت
الضحاك يقول ، فذكر نحوه .
وقال آخرون : نزلت في قوم من المشركين .
ذكر من قال ذلك :
11806 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح قال : حدثنا
الحسين بن واقد ، عن
يزيد ، عن
عكرمة ، والحسن البصري قالا قال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " إلى " أن الله غفور رحيم " ، نزلت هذه الآية في المشركين ، فمن تاب منهم من قبل أن تقدروا عليه لم يكن عليه سبيل . وليست تحرز هذه الآية الرجل المسلم من الحد . إن قتل أو أفسد في الأرض أو حارب الله ورسوله ، ثم لحق بالكفار قبل أن يقدر عليه ، لم يمنعه ذلك أن يقام فيه الحد الذي أصاب .
11807 - حدثنا
ابن وكيع قال : حدثنا
يحيى بن سعيد ، عن
أشعث ، عن
الحسن : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " ، قال : نزلت في أهل الشرك .
وقال آخرون : بل نزلت في قوم من
عرينة وعكل ، ارتدوا عن الإسلام ، وحاربوا الله ورسوله .
[ ذكر من قال ذلك ] :
11808 - حدثنا
ابن بشار قال : حدثنا
روح بن عبادة قال : حدثنا
سعيد [ ص: 245 ] بن أبي عروبة ، عن
قتادة ، nindex.php?page=hadith&LINKID=810447عن أنس : أن رهطا من عكل ، وعرينة ، أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، إنا أهل ضرع ، ولم نكن أهل ريف ، وإنا استوخمنا المدينة ، فأمر لهم النبي صلى الله عليه وسلم بذود وراع ، وأمرهم أن يخرجوا فيها فيشربوا من ألبانها وأبوالها ، فقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستاقوا الذود ، وكفروا بعد إسلامهم . فأتي بهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقطع أيديهم وأرجلهم ، وسمل أعينهم ، وتركهم في الحرة حتى ماتوا فذكر لنا أن هذه الآية نزلت فيهم : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " .
11809 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
روح قال : حدثنا
هشام بن أبي عبد الله ، عن
قتادة ، عن
أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بمثل هذه القصة .
11810 - حدثنا
محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال : سمعت
أبي يقول :
[ ص: 246 ] أخبرنا
أبو حمزة ، عن
عبد الكريم ، وسئل عن أبوال الإبل فقال : حدثني
سعيد بن جبير ، عن المحاربين فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811446كان ناس أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : نبايعك على الإسلام ! فبايعوه وهم كذبة ، وليس الإسلام يريدون . ثم قالوا : إنا نجتوي المدينة ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "هذه اللقاح تغدو عليكم وتروح ، فاشربوا من أبوالها ، وألبانها . قال : فبينا هم كذلك ، إذ جاء الصريخ ، فصرخ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : قتلوا الراعي ، وساقوا النعم! فأمر نبي الله فنودي في الناس : أن " يا خيل الله اركبي " ! قال : فركبوا ، لا ينتظر فارس فارسا . قال : فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أثرهم ، فلم يزالوا يطلبونهم حتى أدخلوهم مأمنهم ، فرجع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أسروا منهم ، فأتوا بهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " الآية . قال : فكان نفيهم : أن نفوهم حتى أدخلوهم مأمنهم وأرضهم ، ونفوهم من أرض المسلمين . وقتل نبي الله منهم ، وصلب وقطع ، وسمل الأعين . قال : فما مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ولا بعد . قال : ونهى عن المثلة ، وقال : لا تمثلوا بشيء . قال : فكان
أنس بن مالك يقول ذلك ، غير أنه قال : أحرقهم بالنار بعد ما قتلهم .
[ ص: 247 ]
قال : وبعضهم يقول : هم ناس من
بني سليم ، ومنهم من
عرينة ، وناس من
بجيلة
[ ذكر من قال ذلك ] :
11811 - حدثني
محمد بن خلف قال : حدثنا
الحسن بن حماد ، عن
عمرو بن هاشم ، عن
موسى بن عبيدة ، عن
محمد بن إبراهيم ، عن
جرير قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812126قدم على النبي صلى الله عليه وسلم قوم من عرينة ، حفاة مضرورين ، فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما صحوا واشتدوا ، قتلوا رعاء اللقاح ، ثم خرجوا باللقاح عامدين بها إلى أرض قومهم . قال جرير : فبعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من المسلمين حتى أدركناهم بعد ما أشرفوا على بلاد قومهم ، فقدمنا بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وسمل أعينهم ، وجعلوا يقولون : "الماء"! ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "النار"! حتى هلكوا . قال : وكره الله عز وجل سمل الأعين ، فأنزل هذه الآية : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " إلى آخر الآية .
[ ص: 248 ]
11812 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : أخبرني
ابن لهيعة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11823أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن ، عن
عروة بن الزبير ح ، وحدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : أخبرني
يحيى بن عبد الله بن سالم ، وسعيد بن عبد الرحمن ، وابن سمعان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن
أبيه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810448أغار ناس من عرينة على لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستاقوها وقتلوا غلاما له فيها ، فبعث في آثارهم ، فأخذوا ، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم .
[ ص: 249 ]
11813 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : أخبرني
عمرو بن الحارث ، عن
سعيد بن أبي هلال ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، عن
عبد الله بن عبيد الله ، عن
عبد الله بن عمر أو :
عمرو ، شك
يونس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، ونزلت فيهم آية المحاربة .
11814 - حدثنا
علي بن سهل قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم قال : حدثنا
الأوزاعي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، عن
أبي قلابة ، عن
أنس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810449قدم ثمانية نفر من عكل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأسلموا ، ثم اجتووا المدينة ، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها . [ ص: 250 ] ففعلوا ، فقتلوا رعاتها ، واستاقوا الإبل . فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثرهم قافة ، فأتي بهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم ، وتركهم فلم يحسمهم حتى ماتوا .
11815 - حدثنا
علي قال : حدثنا
الوليد قال : حدثني
سعيد ، عن
قتادة ، عن
أنس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811447كانوا أربعة نفر من عرينة ، وثلاثة من عكل . فلما أتي بهم ، قطع أيديهم وأرجلهم ، وسمل أعينهم ، ولم يحسمهم ، وتركهم يتلقمون الحجارة بالحرة ، فأنزل الله جل وعز في ذلك : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " ، الآية .
11816 - حدثني
علي قال : حدثنا
الوليد ، عن
ابن لهيعة ، عن
يزيد بن أبي حبيب : أن
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان كتب إلى
أنس يسأله عن هذه الآية ، فكتب إليه
أنس يخبره أن هذه الآية نزلت في أولئك النفر
العرنيين ، وهم من
بجيلة . قال
أنس : فارتدوا عن الإسلام ، وقتلوا الراعي ، واستاقوا الإبل ، وأخافوا السبيل ، وأصابوا الفرج الحرام .
[ ص: 251 ]
11817 - حدثني
موسى بن هارون قال : حدثنا
عمرو بن حماد قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا" ، قال : أنزلت في سودان
عرينة . قال : أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبهم الماء الأصفر ، فشكوا ذلك إليه ، فأمرهم فخرجوا إلى إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصدقة ، فقال : اشربوا من ألبانها وأبوالها! فشربوا من ألبانها وأبوالها ، حتى إذا صحوا وبرءوا ، قتلوا الرعاة واستاقوا الإبل .
قال
أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك عندي أن يقال : أنزل الله هذه الآية على نبيه صلى الله عليه وسلم ، معرفه حكمه على من حارب الله ورسوله ، وسعى في الأرض فسادا ، بعد الذي كان من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالعرنيين ما فعل .
وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال بالصواب في ذلك ، لأن القصص التي قصها الله جل وعز قبل هذه الآية وبعدها ، من قصص بني إسرائيل وأنبائهم ، فأن يكون ذلك متوسطا ، من تعريف الحكم فيهم وفي نظرائهم ، أولى وأحق .
وقلنا : كان نزول ذلك بعد الذي كان من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالعرنيين ما فعل ، لتظاهر الأخبار عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك .
وإذ كان ذلك أولى بالآية لما وصفنا ، فتأويلها : من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس ، أو سعى بفساد في الأرض ، فكأنما قتل الناس جميعا ، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون
[ ص: 252 ] - يقول : لساعون في الأرض بالفساد ، وقاتلوا النفوس بغير نفس ، وغير سعي في الأرض بالفساد حربا لله ولرسوله فمن فعل ذلك منهم ، يا
محمد ، فإنما جزاؤه : أن يقتلوا ، أو يصلبوا ، أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، أو ينفوا من الأرض .
فإن قال لنا قائل : وكيف يجوز أن تكون الآية نزلت في الحال التي ذكرت : من حال نقض كافر من بني إسرائيل عهده ومن قولك إن حكم هذه الآية حكم من الله في أهل الإسلام ، دون أهل الحرب من المشركين؟
قيل : جاز أن يكون ذلك كذلك ، لأن حكم من حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا من أهل ذمتنا وملتنا واحد . والذين عنوا بالآية كانوا أهل عهد وذمة ، وإن كان داخلا في حكمها كل ذمي وملي ، وليس يبطل بدخول من دخل في حكم الآية من الناس ، أن يكون صحيحا نزولها فيمن نزلت فيه .
وقد اختلف أهل العلم في
nindex.php?page=treesubj&link=22222نسخ حكم النبي صلى الله عليه وسلم في العرنيين .
فقال بعضهم : ذلك حكم منسوخ ، نسخه نهيه عن المثلة بهذه الآية أعني بقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا " الآية . وقالوا : أنزلت هذه الآية عتابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما فعل
بالعرنيين .
وقال بعضهم : بل فعل النبي صلى الله عليه وسلم
بالعرنيين ، حكم ثابت في نظرائهم أبدا ، لم ينسخ ولم يبدل . وقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " الآية ، حكم من الله فيمن حارب وسعى في الأرض فسادا بالحرابة .
قالوا :
[ ص: 253 ] والعرنيون ارتدوا ، وقتلوا ، وسرقوا ، وحاربوا الله ورسوله ، فحكمهم غير حكم المحارب الساعي في الأرض بالفساد من أهل الإسلام أو الذمة .
وقال آخرون : لم يسمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين
العرنيين ، ولكنه كان أراد أن يسمل ، فأنزل الله جل وعز هذه الآية على نبيه ، يعرفه الحكم فيهم ، ونهاه عن سمل أعينهم .
ذكر القائلين ما وصفنا :
11818 - حدثني
علي بن سهل قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم قال : ذاكرت
الليث بن سعد ما كان من سمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعينهم ، وتركه حسمهم حتى ماتوا ، فقال : سمعت
محمد بن عجلان يقول : أنزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم معاتبة في ذلك ، وعلمه عقوبة مثلهم : من القطع والقتل والنفي ، ولم يسمل بعدهم غيرهم . قال : وكان هذا القول ذكر
لأبي عمرو ، فأنكر أن تكون نزلت معاتبة ، وقال : بلى ، كانت عقوبة أولئك النفر بأعيانهم ، ثم نزلت هذه الآية في عقوبة غيرهم ممن حارب بعدهم ، فرفع عنهم السمل .
11819 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثني
أحمد بن مفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال : فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتي بهم يعني
العرنيين فأراد أن يسمل أعينهم ، فنهاه الله عن ذلك ، وأمره أن يقيم فيهم الحدود ، كما أنزلها الله عليه .
[ ص: 254 ]
واختلف أهل العلم في
nindex.php?page=treesubj&link=9794المستحق اسم "المحارب لله ورسوله" ، الذي يلزمه حكم هذه . فقال بعضهم : هو اللص الذي يقطع الطريق .
ذكر من قال ذلك :
11820 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا " الآية ، قالا : هذا اللص الذي يقطع الطريق ، فهو محارب .
وقال آخرون : هو اللص المجاهر بلصوصيته ، المكابر في المصر وغيره .
وممن قال ذلك
الأوزاعي .
11821 - حدثنا بذلك
العباس ، عن أبيه ، عنه .
وعنه ، وعن مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ، وابن لهيعة .
[ ص: 255 ]
11822 - حدثني
علي بن سهل قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك بن أنس : تكون محاربة في المصر؟ قال : نعم ، والمحارب عندنا من حمل السلاح على المسلمين في مصر أو خلاء ، فكان ذلك منه على غير نائرة كانت بينهم ، ولا ذحل ، ولا عداوة ، قاطعا للسبيل ، والطريق ، والديار ، مخيفا لهم بسلاحه ، فقتل أحدا منهم ، قتله الإمام كقتلة المحارب ، ليس لولي المقتول فيه عفو ولا قود .
11823 - حدثني
علي قال : حدثنا
الوليد قال : وسألت عن ذلك
الليث بن سعد ، وابن لهيعة ، قلت تكون المحاربة في دور المصر ، والمدائن ، والقرى ؟ فقالا : نعم ، إذا هم دخلوا عليهم بالسيوف علانية ، أو ليلا بالنيران . قلت : فقتلوا ، أو أخذوا المال ، ولم يقتلوا ؟ فقال : نعم هم المحاربون ، فإن قتلوا قتلوا ، وإن لم يقتلوا وأخذوا المال ، قطعوا من خلاف إذا هم خرجوا به من الدار ، ليس من حارب المسلمين في الخلاء والسبيل بأعظم محاربة ممن حاربهم في حريمهم ، ودورهم !
11824 - حدثني
علي قال : حدثنا
الوليد قال : قال
أبو عمرو : وتكون المحاربة في المصر شهر على أهله بسلاحه ليلا أو نهارا قال
علي ، قال
الوليد : وأخبرني
مالك : أن
nindex.php?page=treesubj&link=9867قتل الغيلة عنده بمنزلة المحاربة . قلت : وما قتل الغيلة؟ قال : هو الرجل يخدع الرجل والصبي ، فيدخله بيتا أو يخلو به ، فيقتله ، ويأخذ ماله . فالإمام ولي قتل هذا ، وليس لولي الدم والجرح قود ولا قصاص .
وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
11825 - حدثنا بذلك عنه
الربيع .
[ ص: 256 ]
وقال آخرون : " المحارب " ، هو قاطع الطريق . فأما " المكابر في الأمصار" ، فليس بالمحارب الذي له حكم المحاربين . وممن قال ذلك
أبو حنيفة وأصحابه .
11826 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
بشر بن المفضل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند ، قال : تذاكرنا المحارب ونحن عند
ابن هبيرة ، في أناس من
أهل البصرة ، فاجتمع رأيهم : أن المحارب ما كان خارجا من المصر .
وقال
مجاهد بما : -
11827 - حدثني
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثنا
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا " قال : الزنا ، والسرقة ، وقتل الناس ، وإهلاك الحرث والنسل .
11828 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
حكام ، عن
عنبسة ، عن
محمد بن عبد الرحمن ، عن
القاسم بن أبي بزة ، عن
مجاهد : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33ويسعون في الأرض فسادا " قال : " الفساد " القتل ، والزنا ، والسرقة .
وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال : " المحارب لله ورسوله " من حارب في سابلة المسلمين وذمتهم ، والمغير عليهم في أمصارهم وقراهم حرابة .
وإنما قلنا : ذلك أولى الأقوال بالصواب لأنه لا خلاف بين الحجة أن من نصب حربا للمسلمين على الظلم منه لهم أنه لهم محارب ، ولا خلاف فيه . فالذي وصفنا صفته ، لا شك فيه أنه لهم ناصب حربا ظلما . وإذ كان ذلك كذلك ، فسواء كان نصبه الحرب لهم في مصرهم وقراهم ، أو في سبلهم وطرقهم : في أنه لله ولرسوله محارب ، بحربه من نهاه الله ورسوله عن حربه .
[ ص: 257 ]
وأما قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33ويسعون في الأرض فسادا " ، فإنه يعني : ويعملون في أرض الله بالمعاصي : من إخافة سبل عباده المؤمنين به ، أو سبل ذمتهم ، وقطع طرقهم ، وأخذ أموالهم ظلما وعدوانا ، والتوثب على حرمهم فجورا وفسوقا .
[ ص: 243 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ ذِكْرُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33nindex.php?page=treesubj&link=28976_9837_32516_32268إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا بَيَانٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ عَنْ حُكْمِ " الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ " ، الَّذِي ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=32مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ " أَعْلَمَ عِبَادَهُ : مَا الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْمُفْسِدُ فِي الْأَرْضِ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَالنَّكَالِ ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : لَا جَزَاءَ لَهُ فِي الدُّنْيَا إِلَّا الْقَتْلُ ، وَالصَّلْبُ ، وَقَطْعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ ، أَوِ النَّفْيُ مِنَ الْأَرْضِ ، خِزْيًا لَهُمْ . وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ إِنْ لَمْ يَتُبْ فِي الدُّنْيَا ، فَعَذَابٌ عَظِيمٌ .
ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ كَانُوا أَهْلَ مُوَادَعَةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَقَضُوا الْعَهْدَ ، وَأَفْسَدُوا فِي الْأَرْضِ ، فَعَرَّفَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُكْمَ فِيهِمْ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
11803 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
مُعَاوِيَةُ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا " ، قَالَ : كَانَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ وَمِيثَاقٌ ، فَنَقَضُوا الْعَهْدَ وَأَفْسَدُوا فِي الْأَرْضِ ، فَخَيَّرَ اللَّهُ رَسُولَهُ : إِنْ شَاءَ أَنْ يَقْتُلَ ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ .
11804 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16715عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا
هُشَيْمٌ ، عَنْ
جُوَيْبِرٍ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ قَالَ : كَانَ قَوْمٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِيثَاقٌ ، فَنَقَضُوا الْعَهْدَ وَقَطَعُوا السَّبِيلَ ، وَأَفْسَدُوا فِي الْأَرْضِ ، فَخَيَّرَ اللَّهُ جَلَّ
[ ص: 244 ] وَعَزَّ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ ، فَإِنْ شَاءَ قَتَلَ ، وَإِنْ شَاءَ صَلَبَ ، وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ .
11805 - حُدِّثْتُ عَنِ
الْحُسَيْنِ قَالَ : سَمِعْتُ
أَبَا مُعَاذٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : سَمِعْتُ
الضَّحَّاكَ يَقُولُ ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
11806 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقَدٍ ، عَنْ
يَزِيدَ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَا قَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ " إِلَى " أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " ، نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمُشْرِكِينَ ، فَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ . وَلَيْسَتْ تُحْرِزُ هَذِهِ الْآيَةُ الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ مِنَ الْحَدِّ . إِنْ قَتَلَ أَوْ أَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ أَوْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، ثُمَّ لَحِقَ بِالْكُفَّارِ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ ، لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ أَنْ يُقَامَ فِيهِ الْحَدُّ الَّذِي أَصَابَ .
11807 - حَدَّثَنَا
ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ
أَشْعَثَ ، عَنِ
الْحَسَنِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ " ، قَالَ : نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ
عُرَيْنَةَ وَعُكْلٍ ، ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ ، وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ .
[ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ ] :
11808 - حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدُ [ ص: 245 ] بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، nindex.php?page=hadith&LINKID=810447عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ ، وعُرَيْنَةَ ، أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا أَهْلُ ضَرْعٍ ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ ، وَإِنَّا اسْتَوْخَمْنَا الْمَدِينَةَ ، فَأَمَرَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَوْدٍ وَرَاعٍ ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهَا فَيَشْرَبُوا مِنَ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا ، فَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ ، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ . فَأُتِيَ بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ ، وَتَرَكَهُمْ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا فَذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ " .
11809 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
رَوْحٌ قَالَ : حَدَّثَنَا
هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِمِثْلِ هَذِهِ الْقِصَّةِ .
11810 - حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ : سَمِعْتُ
أَبِي يَقُولُ :
[ ص: 246 ] أَخْبَرَنَا
أَبُو حَمْزَةَ ، عَنْ
عَبْدِ الْكَرِيمِ ، وَسُئِلَ عَنْ أَبْوَالِ الْإِبِلِ فَقَالَ : حَدَّثَنِي
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، عَنِ الْمُحَارِبِينَ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811446كَانَ نَاسٌ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : نُبَايِعُكَ عَلَى الْإِسْلَامِ ! فَبَايَعُوهُ وَهُمْ كَذَبَةٌ ، وَلَيْسَ الْإِسْلَامَ يُرِيدُونَ . ثُمَّ قَالُوا : إِنَّا نَجْتَوِي الْمَدِينَةَ ! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "هَذِهِ اللِّقَاحُ تَغْدُو عَلَيْكُمْ وَتَرُوحُ ، فَاشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا ، وَأَلْبَانِهَا . قَالَ : فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ ، إِذْ جَاءَ الصَّرِيخُ ، فَصَرَخَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : قَتَلُوا الرَّاعِيَ ، وَسَاقُوا النَّعَمَ! فَأَمَرَ نَبِيُّ اللَّهِ فَنُودِيَ فِي النَّاسِ : أَنْ " يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي " ! قَالَ : فَرَكِبُوا ، لَا يَنْتَظِرُ فَارِسٌ فَارِسًا . قَالَ : فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَثَرِهِمْ ، فَلَمْ يَزَالُوا يَطْلُبُونَهُمْ حَتَّى أَدْخَلُوهُمْ مَأْمَنَهُمْ ، فَرَجَعَ صَحَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَسَرُوا مِنْهُمْ ، فَأَتَوْا بِهِمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ " الْآيَةَ . قَالَ : فَكَانَ نَفْيُهُمْ : أَنْ نَفَوْهُمْ حَتَّى أَدْخَلُوهُمْ مَأْمَنَهُمْ وَأَرْضَهُمْ ، وَنَفَوْهُمْ مِنْ أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ . وَقَتَلَ نَبِيُّ اللَّهِ مِنْهُمْ ، وَصَلَبَ وَقَطَعَ ، وَسَمَلَ الْأَعْيُنَ . قَالَ : فَمَا مَثَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ . قَالَ : وَنَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ ، وَقَالَ : لَا تُمَثِّلُوا بِشَيْءٍ . قَالَ : فَكَانَ
أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَقُولُ ذَلِكَ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : أَحْرَقَهُمْ بِالنَّارِ بَعْدَ مَا قَتَلَهُمْ .
[ ص: 247 ]
قَالَ : وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : هُمْ نَاسٌ مِنْ
بَنِي سُلَيْمٍ ، وَمِنْهُمْ مِنْ
عُرَيْنَةَ ، وَنَاسٌ مِنْ
بَجِيلَةَ
[ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ ] :
11811 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ هَاشِمٍ ، عَنْ
مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ
جَرِيرٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812126قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمٌ مِنْ عُرَيْنَةَ ، حُفَاةً مَضْرُورِينَ ، فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَلَمَّا صَحُّوا وَاشْتَدُّوا ، قَتَلُوا رِعَاءَ اللِّقَاحِ ، ثُمَّ خَرَجُوا بِاللِّقَاحِ عَامِدِينَ بِهَا إِلَى أَرْضِ قَوْمِهِمْ . قَالَ جَرِيرٌ : فَبَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى أَدْرَكْنَاهُمْ بَعْدَ مَا أَشْرَفُوا عَلَى بِلَادِ قَوْمِهِمْ ، فَقَدِمْنَا بِهِمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ ، وَجَعَلُوا يَقُولُونَ : "الْمَاءَ"! وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "النَّارُ"! حَتَّى هَلَكُوا . قَالَ : وَكَرِهَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سَمْلَ الْأَعْيُنِ ، فَأَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ " إِلَى آخِرِ الْآيَةِ .
[ ص: 248 ]
11812 - حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي
ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11823أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ
عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ح ، وَحَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي
يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَابْنُ سَمْعَانَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ
أَبِيهِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810448أَغَارَ نَاسٌ مِنْ عُرَيْنَةَ عَلَى لِقَاحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَاسْتَاقُوهَا وَقَتَلُوا غُلَامًا لَهُ فِيهَا ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ ، فَأُخِذُوا ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ .
[ ص: 249 ]
11813 - حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي
عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11863أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَوْ :
عَمْرٍو ، شَكَّ
يُونُسُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ ، وَنَزَلَتْ فِيهِمْ آيَةُ الْمُحَارَبَةِ .
11814 - حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17298يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ
أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ
أَنَسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810449قَدِمَ ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ مِنْ عُكْلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَسْلَمُوا ، ثُمَّ اجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا . [ ص: 250 ] فَفَعَلُوا ، فَقَتَلُوا رُعَاتَهَا ، وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ . فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَثَرِهِمْ قَافَةً ، فَأُتِيَ بِهِمْ ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ، وَتَرَكَهُمْ فَلَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا .
11815 - حَدَّثَنَا
عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْوَلِيدُ قَالَ : حَدَّثَنِي
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، عَنْ
أَنَسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811447كَانُوا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ مِنْ عُرَيْنَةَ ، وَثَلَاثَةً مِنْ عُكْلٍ . فَلَمَّا أُتِيَ بِهِمْ ، قَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ ، وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ ، وَتَرَكَهُمْ يَتَلَقَّمُونَ الْحِجَارَةَ بِالْحَرَّةِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ فِي ذَلِكَ : " nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ " ، الْآيَةَ .
11816 - حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْوَلِيدُ ، عَنِ
ابْنِ لَهِيعَةَ ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16491عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَى
أَنَسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ
أَنَسٌ يُخْبِرُهُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أُولَئِكَ النَّفَرِ
الْعُرَنِيِّينَ ، وَهُمْ مِنْ
بَجِيلَةَ . قَالَ
أَنَسٌ : فَارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ ، وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ ، وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ ، وَأَخَافُوا السَّبِيلَ ، وَأَصَابُوا الْفَرْجَ الْحَرَامَ .
[ ص: 251 ]
11817 - حَدَّثَنِي
مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ : "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا" ، قَالَ : أُنْزِلَتْ فِي سُودَانِ
عُرَيْنَةَ . قَالَ : أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِمُ الْمَاءُ الْأَصْفَرُ ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ ، فَأَمَرَهُمْ فَخَرَجُوا إِلَى إِبِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّدَقَةِ ، فَقَالَ : اشْرَبُوا مِنَ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا! فَشَرِبُوا مِنَ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا ، حَتَّى إِذَا صَحُّوا وَبَرَءُوا ، قَتَلُوا الرُّعَاةَ وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ : أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مُعَرِّفَهُ حُكْمَهُ عَلَى مَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ، بَعْدَ الَّذِي كَانَ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِالْعُرَنِيِّينَ مَا فَعَلَ .
وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ ، لِأَنَّ الْقَصَصَ الَّتِي قَصَّهَا اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَعْدَهَا ، مِنْ قَصَصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَنْبَائِهِمْ ، فَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُتَوَسِّطًا ، مِنْ تَعْرِيفِ الْحُكْمِ فِيهِمْ وَفِي نُظَرَائِهِمْ ، أَوْلَى وَأَحَقُّ .
وَقُلْنَا : كَانَ نُزُولُ ذَلِكَ بَعْدَ الَّذِي كَانَ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِالْعُرَنِيِّينَ مَا فَعَلَ ، لِتَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ .
وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ أَوْلَى بِالْآيَةِ لِمَا وَصَفْنَا ، فَتَأْوِيلُهَا : مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ ، أَوْ سَعَى بِفَسَادٍ فِي الْأَرْضِ ، فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ، وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ
[ ص: 252 ] - يَقُولُ : لَسَاعُونَ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ ، وَقَاتَلُوا النُّفُوسَ بِغَيْرِ نَفْسٍ ، وَغَيْرِ سَعْيٍ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ حَرْبًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ ، يَا
مُحَمَّدُ ، فَإِنَّمَا جَزَاؤُهُ : أَنْ يُقَتَّلُوا ، أَوْ يُصَلَّبُوا ، أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ ، أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ .
فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ : وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي الْحَالِ الَّتِي ذَكَرْتَ : مِنْ حَالِ نَقْضِ كَافِرٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَهْدَهُ وَمِنْ قَوْلِكَ إِنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْآيَةِ حُكْمٌ مِنَ اللَّهِ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، دُونَ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ؟
قِيلَ : جَازَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، لِأَنَّ حُكْمَ مَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا مِنْ أَهْلِ ذِمَّتِنَا وَمِلَّتِنَا وَاحِدٌ . وَالَّذِينَ عُنُوا بِالْآيَةِ كَانُوا أَهْلَ عَهْدٍ وَذِمَّةٍ ، وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي حُكْمِهَا كُلُّ ذِمِّيٍّ وَمِلِّيٍّ ، وَلَيْسَ يَبْطُلُ بِدُخُولِ مَنْ دَخَلَ فِي حُكْمِ الْآيَةِ مِنَ النَّاسِ ، أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا نُزُولُهَا فِيمَنْ نَزَلَتْ فِيهِ .
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=22222نَسْخِ حُكْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعُرَنِيِّينَ .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : ذَلِكَ حُكْمٌ مَنْسُوخٌ ، نَسْخَهُ نَهْيُهُ عَنِ الْمُثْلَةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَعْنِي بِقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا " الْآيَةَ . وَقَالُوا : أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عِتَابًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا فَعَلَ
بِالْعُرَنِيِّينَ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِالْعُرَنِيِّينَ ، حُكْمٌ ثَابِتٌ فِي نُظَرَائِهِمْ أَبَدًا ، لَمْ يُنْسَخْ وَلَمْ يُبَدَّلْ . وَقَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ " الْآيَةَ ، حُكْمٌ مِنَ اللَّهِ فِيمَنْ حَارَبَ وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا بِالْحِرَابَةِ .
قَالُوا :
[ ص: 253 ] وَالْعُرَنِيُّونَ ارْتَدُّوا ، وَقَتَلُوا ، وَسَرَقُوا ، وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، فَحُكْمُهُمْ غَيْرُ حُكْمِ الْمُحَارِبِ السَّاعِي فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَوِ الذِّمَّةِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : لَمْ يَسْمُلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيُنَ
الْعُرَنِيِّينَ ، وَلَكِنَّهُ كَانَ أَرَادَ أَنْ يَسْمُلَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى نَبِيِّهِ ، يُعَرِّفُهُ الْحُكْمَ فِيهِمْ ، وَنَهَاهُ عَنْ سَمْلِ أَعْيُنِهِمْ .
ذِكْرُ الْقَائِلِينَ مَا وَصَفْنَا :
11818 - حَدَّثَنِي
عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : ذَاكَرْتُ
اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ مَا كَانَ مِنْ سَمْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيُنَهُمْ ، وَتَرْكِهِ حَسْمَهُمْ حَتَّى مَاتُوا ، فَقَالَ : سَمِعْتُ
مُحَمَّدَ بْنَ عَجْلَانَ يَقُولُ : أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاتِبَةً فِي ذَلِكَ ، وَعَلَّمَهُ عُقُوبَةَ مِثْلِهِمْ : مِنَ الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ وَالنَّفْيِ ، وَلَمْ يَسْمُلْ بَعْدَهُمْ غَيْرَهُمْ . قَالَ : وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ ذُكِرَ
لِأَبِي عَمْرٍو ، فَأَنْكَرَ أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ مُعَاتِبَةً ، وَقَالَ : بَلَى ، كَانَتْ عُقُوبَةُ أُولَئِكَ النَّفَرِ بِأَعْيَانِهِمْ ، ثُمَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي عُقُوبَةِ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ حَارَبَ بَعْدَهُمْ ، فَرُفِعَ عَنْهُمُ السَّمْلُ .
11819 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : حَدَّثَنِي
أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ قَالَ : فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأُتِيَ بِهِمْ يَعْنِي
الْعُرَنِيِّينَ فَأَرَادَ أَنْ يَسْمُلَ أَعْيُنَهُمْ ، فَنَهَاهُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ فِيهِمُ الْحُدُودَ ، كَمَا أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ .
[ ص: 254 ]
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=9794الْمُسْتَحِقِّ اسْمَ "الْمُحَارِبِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ" ، الَّذِي يَلْزَمُهُ حُكْمُ هَذِهِ . فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ اللِّصُّ الَّذِي يَقْطَعُ الطَّرِيقَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
11820 - حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16566وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا " الْآيَةَ ، قَالَا : هَذَا اللِّصُّ الَّذِي يَقْطَعُ الطَّرِيقَ ، فَهُوَ مُحَارِبٌ .
وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ اللِّصُّ الْمُجَاهِرُ بِلُصُوصِيَّتِهِ ، الْمُكَابِرُ فِي الْمِصْرِ وَغَيْرِهِ .
وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ
الْأَوْزَاعِيُّ .
11821 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ
الْعَبَّاسُ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْهُ .
وَعَنْهُ ، وَعَنْ مَالِكٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15124وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، وَابْنِ لَهِيعَةَ .
[ ص: 255 ]
11822 - حَدَّثَنِي
عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ : تَكُونُ مُحَارَبَةٌ فِي الْمِصْرِ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَالْمُحَارِبُ عِنْدَنَا مَنْ حَمَلَ السِّلَاحَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي مِصْرٍ أَوْ خَلَاءٍ ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى غَيْرِ نَائِرَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُمْ ، وَلَا ذَحْلٍ ، وَلَا عَدَاوَةٍ ، قَاطِعًا لِلسَّبِيلِ ، وَالطَّرِيقِ ، وَالدِّيَارِ ، مُخِيفًا لَهُمْ بِسِلَاحِهِ ، فَقَتَلَ أَحَدًا مِنْهُمْ ، قَتَلَهُ الْإِمَامُ كَقِتْلَةِ الْمُحَارِبِ ، لَيْسَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ فِيهِ عَفْوٌ وَلَا قَوَدٌ .
11823 - حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْوَلِيدُ قَالَ : وَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ
اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ ، وَابْنَ لَهِيعَةَ ، قُلْتُ تَكُونُ الْمُحَارَبَةُ فِي دُورِ الْمِصْرِ ، وَالْمَدَائِنِ ، وَالْقُرَى ؟ فَقَالَا : نَعَمْ ، إِذَا هُمْ دَخَلُوا عَلَيْهِمْ بِالسُّيُوفِ عَلَانِيَةً ، أَوْ لَيْلًا بِالنِّيرَانِ . قُلْتُ : فَقَتَلُوا ، أَوْ أَخَذُوا الْمَالَ ، وَلَمْ يَقْتُلُوا ؟ فَقَالَ : نَعَمْ هُمُ الْمُحَارِبُونَ ، فَإِنْ قَتَلُوا قُتِلُوا ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ ، قُطِعُوا مِنْ خِلَافٍ إِذَا هُمْ خَرَجُوا بِهِ مِنَ الدَّارِ ، لَيْسَ مَنْ حَارَبَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْخَلَاءِ وَالسَّبِيلِ بِأَعْظَمَ مُحَارَبَةً مِمَّنْ حَارَبَهُمْ فِي حَرِيمِهِمْ ، وَدُورِهِمْ !
11824 - حَدَّثَنِي
عَلِيٌّ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْوَلِيدُ قَالَ : قَالَ
أَبُو عَمْرٍو : وَتَكُونُ الْمُحَارَبَةُ فِي الْمِصْرِ شَهَرَ عَلَى أَهْلِهِ بِسِلَاحِهِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا قَالَ
عَلِيٌّ ، قَالَ
الْوَلِيدُ : وَأَخْبَرَنِي
مَالِكٌ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=9867قَتْلَ الْغِيلَةِ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُحَارَبَةِ . قُلْتُ : وَمَا قَتْلُ الْغِيلَةِ؟ قَالَ : هُوَ الرَّجُلُ يَخْدَعُ الرَّجُلَ وَالصَّبِيَّ ، فَيُدْخِلُهُ بَيْتًا أَوْ يَخْلُو بِهِ ، فَيَقْتُلُهُ ، وَيَأْخُذُ مَالَهُ . فَالْإِمَامُ وَلِيُّ قَتْلِ هَذَا ، وَلَيْسَ لِوَلِيِّ الدَّمِ وَالْجُرْحِ قَوَدٌ وَلَا قِصَاصٌ .
وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ .
11825 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ عَنْهُ
الرَّبِيعُ .
[ ص: 256 ]
وَقَالَ آخَرُونَ : " الْمُحَارِبُ " ، هُوَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ . فَأَمَّا " الْمُكَابِرُ فِي الْأَمْصَارِ" ، فَلَيْسَ بِالْمُحَارِبِ الَّذِي لَهُ حُكْمُ الْمُحَارِبِينَ . وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ
أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ .
11826 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15854دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، قَالَ : تَذَاكَرْنَا الْمُحَارِبَ وَنَحْنُ عِنْدَ
ابْنِ هُبَيْرَةَ ، فِي أُنَاسٍ مِنْ
أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، فَاجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ : أَنَّ الْمُحَارِبَ مَا كَانَ خَارِجًا مِنَ الْمِصْرِ .
وَقَالَ
مُجَاهِدٌ بِمَا : -
11827 - حَدَّثَنِي
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنَا
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا " قَالَ : الزِّنَا ، وَالسَّرِقَةُ ، وَقَتْلُ النَّاسِ ، وَإِهْلَاكُ الْحَرْثِ وَالنَّسْلِ .
11828 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
حَكَّامٌ ، عَنْ
عَنْبَسَةَ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ
الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا " قَالَ : " الْفَسَادُ " الْقَتْلُ ، وَالزِّنَا ، وَالسَّرِقَةُ .
وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ : " الْمُحَارِبُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ " مَنْ حَارَبَ فِي سَابِلَةِ الْمُسْلِمِينَ وَذِمَّتِهِمْ ، وَالْمُغِيرُ عَلَيْهِمْ فِي أَمْصَارِهِمْ وَقُرَاهُمْ حِرَابَةً .
وَإِنَّمَا قُلْنَا : ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنِ الْحُجَّةِ أَنَّ مَنْ نَصَبَ حَرْبًا لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى الظُّلْمِ مِنْهُ لَهُمْ أَنَّهُ لَهُمْ مُحَارِبٌ ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ . فَالَّذِي وَصَفْنَا صِفَتَهُ ، لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ لَهُمْ نَاصِبٌ حَرْبًا ظُلْمًا . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَسَوَاءٌ كَانَ نَصْبُهُ الْحَرْبَ لَهُمْ فِي مِصْرِهِمْ وَقُرَاهُمْ ، أَوْ فِي سُبُلِهِمْ وَطُرُقِهِمْ : فِي أَنَّهُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ مُحَارِبٌ ، بِحَرْبِهِ مَنْ نَهَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَنْ حَرْبِهِ .
[ ص: 257 ]
وَأَمَّا قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا " ، فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَيَعْمَلُونَ فِي أَرْضِ اللَّهِ بِالْمَعَاصِي : مِنْ إِخَافَةِ سُبُلِ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ ، أَوْ سُبُلِ ذِمَّتِهِمْ ، وَقَطْعِ طُرُقِهِمْ ، وَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا ، وَالتَّوَثُّبِ عَلَى حَرَمِهِمْ فُجُورًا وَفُسُوقًا .