القول في تأويل قوله (
nindex.php?page=treesubj&link=28977_30612nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية )
قال
أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : إن كان عظم عليك يا
محمد إعراض هؤلاء المشركين عنك ، وانصرافهم عن تصديقك فيما جئتهم به من الحق الذي
[ ص: 337 ] بعثتك به ، فشق ذلك عليك ، ولم تصبر لمكروه ما ينالك منهم "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض " يقول : فإن استطعت أن تتخذ سربا في الأرض مثل نافقاء اليربوع ، وهي إحدى جحرته فتذهب فيه "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35أو سلما في السماء " يقول : أو مصعدا تصعد فيه ، كالدرج وما أشبهها ، كما قال الشاعر :
لا تحرز المرء أحجاء البلاد ولا يبنى له في السماوات السلاليم
"
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35فتأتيهم بآية " منها يعني بعلامة وبرهان على صحة قولك غير الذي أتيتك فافعل .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
13201 - حدثنا
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال حدثني
[ ص: 338 ] معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء " و " النفق " السرب ، فتذهب فيه " فتأتيهم بآية " أو تجعل لك سلما في السماء ، فتصعد عليه ، فتأتيهم بآية أفضل مما أتيناهم به ، فافعل .
13202 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض " قال : سربا "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35أو سلما في السماء " قال : يعني الدرج .
13203 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء " أما " النفق " فالسرب ، وأما " السلم " فالمصعد .
13204 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني ، عن
ابن عباس قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35نفقا في الأرض " قال : سربا .
وترك جواب الجزاء فلم يذكر لدلالة الكلام عليه ، ومعرفة السامعين بمعناه . وقد تفعل العرب ذلك فيما كان يفهم معناه عند المخاطبين به ، فيقول الرجل منهم للرجل : " إن استطعت أن تنهض معنا في حاجتنا ، إن قدرت على معونتنا " ويحذف الجواب ، وهو يريد : إن قدرت على معونتنا فافعل . فأما إذا لم يعرف المخاطب والسامع معنى الكلام إلا بإظهار الجواب لم يحذفوه . لا يقال : " إن تقم " فتسكت وتحذف الجواب ؛ لأن المقول ذلك له لا يعرف جوابه إلا بإظهاره ،
[ ص: 339 ] حتى يقال : " إن تقم تصب خيرا " أو : " إن تقم فحسن " وما أشبه ذلك . ونظير ما في الآية مما حذف جوابه وهو مراد لفهم المخاطب لمعنى الكلام قول الشاعر :
فبحظ مما نعيش ولا تذ هب بك الترهات في الأهوال
والمعنى : فبحظ مما نعيش فعيشي .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=treesubj&link=28977_30612nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : إِنْ كَانَ عَظُمَ عَلَيْكَ يَا
مُحَمَّدُ إِعْرَاضُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ عَنْكَ ، وَانْصِرَافُهُمْ عَنْ تَصْدِيقِكَ فِيمَا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي
[ ص: 337 ] بَعَثْتُكَ بِهِ ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْكَ ، وَلَمْ تَصْبِرْ لِمَكْرُوهِ مَا يَنَالُكَ مِنْهُمْ "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ " يَقُولُ : فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَتَّخِذَ سَرَبًا فِي الْأَرْضِ مِثْلَ نَافِقَاءِ الْيَرْبُوعِ ، وَهِيَ إِحْدَى جِحَرَتِهِ فَتَذْهَبَ فِيهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ " يَقُولُ : أَوْ مِصْعَدًا تَصْعَدُ فِيهِ ، كَالدَّرَجِ وَمَا أَشْبَهَهَا ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
لَا تُحْرِزُ الْمَرْءَ أَحْجَاءُ الْبِلَادِ وَلَا يُبْنَى لَهُ فِي السَّمَاوَاتِ السَّلَالِيمُ
"
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ " مِنْهَا يَعْنِي بِعَلَامَةٍ وَبُرْهَانٍ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِكَ غَيْرَ الَّذِي أَتَيْتُكَ فَافْعَلْ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
13201 - حَدَّثَنَا
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي
[ ص: 338 ] مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ " وَ " النَّفَقُ " السَّرَبُ ، فَتَذْهَبَ فِيهِ " فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ " أَوْ تَجْعَلَ لَكَ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ ، فَتَصْعَدَ عَلَيْهِ ، فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ أَفْضَلَ مِمَّا أَتَيْنَاهُمْ بِهِ ، فَافْعَلْ .
13202 - حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ " قَالَ : سَرَبًا "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ " قَالَ : يَعْنِي الدَّرَجَ .
13203 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ " أَمَّا " النَّفَقُ " فَالسَّرَبُ ، وَأَمَّا " السُّلَّمُ " فَالْمِصْعَدُ .
13204 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16566عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35نَفَقًا فِي الْأَرْضِ " قَالَ : سَرَبًا .
وَتُرِكَ جَوَابُ الْجَزَاءِ فَلَمْ يُذْكَرْ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ ، وَمَعْرِفَةِ السَّامِعِينَ بِمَعْنَاهُ . وَقَدْ تَفْعَلُ الْعَرَبُ ذَلِكَ فِيمَا كَانَ يُفْهَمُ مَعْنَاهُ عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ بِهِ ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لِلرَّجُلِ : " إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَنْهَضَ مَعَنَا فِي حَاجَتِنَا ، إِنْ قَدَرْتَ عَلَى مَعُونَتِنَا " وَيَحْذِفُ الْجَوَابَ ، وَهُوَ يُرِيدُ : إِنْ قَدَرْتَ عَلَى مَعُونَتِنَا فَافْعَلْ . فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَعْرِفِ الْمُخَاطَبُ وَالسَّامِعُ مَعْنَى الْكَلَامِ إِلَّا بِإِظْهَارِ الْجَوَابِ لَمْ يَحْذِفُوهُ . لَا يُقَالُ : " إِنْ تَقُمْ " فَتَسْكُتُ وَتَحْذِفُ الْجَوَابَ ؛ لِأَنَّ الْمَقُولَ ذَلِكَ لَهُ لَا يَعْرِفُ جَوَابَهُ إِلَّا بِإِظْهَارِهِ ،
[ ص: 339 ] حَتَّى يُقَالَ : " إِنْ تَقُمْ تُصِبْ خَيْرًا " أَوْ : " إِنْ تَقُمْ فَحَسَنٌ " وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . وَنَظِيرُ مَا فِي الْآيَةِ مِمَّا حُذِفَ جَوَابُهُ وَهُوَ مُرَادٌ لِفَهْمِ الْمُخَاطَبِ لِمَعْنَى الْكَلَامِ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
فَبِحَظٍّ مِمَّا نَعِيشُ وَلَا تَذْ هَبْ بِكِ التُّرَّهَاتُ فِي الْأَهْوَالِ
وَالْمَعْنَى : فَبِحَظٍّ مِمَّا نَعِيشُ فَعِيشِي .