قال أبو جعفر : يقول ، تعالى ذكره : إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض ( هو الذي جعل الشمس ضياء ) ، بالنهار ( والقمر نورا ) بالليل . ومعنى ذلك : هو الذي أضاء الشمس وأنار القمر ( وقدره منازل ) ، يقول : قضاه فسواه منازل ، لا يجاوزها ولا يقصر دونها ، على حال واحدة أبدا .
وقال : ( وقدره منازل ) ، فوحده ، وقد ذكر " الشمس " و " القمر " ، فإن في ذلك وجهين :
أحدهما : أن تكون " الهاء " في قوله : ( وقدره ) للقمر خاصة ، لأن بالأهلة يعرف انقضاء الشهور والسنين ، لا بالشمس .
والآخر : أن يكون اكتفى بذكر أحدهما عن الآخر ، كما قال في موضع آخر : ( والله ورسوله أحق أن يرضوه ) ، [ سورة التوبة : 62 ] ، وكما قال الشاعر :
رماني بأمر كنت منه ووالدي بريا ، ومن جول الطوي رماني
[ ص: 24 ]وقوله : ( لتعلموا عدد السنين والحساب ) ، يقول : وقدر ذلك منازل ( لتعلموا ) ، أنتم أيها الناس ( عدد السنين ) ، دخول ما يدخل منها ، أو انقضاء ما يستقبل منها وحسابها ، يقول : وحساب أوقات السنين ، وعدد أيامها ، وحساب ساعات أيامها ( ما خلق الله ذلك إلا بالحق ) ، يقول جل ثناؤه : يقول الحق ، تعالى ذكره : خلقت ذلك كله بحق وحدي ، بغير عون ولا شريك ( لم يخلق الله الشمس والقمر ومنازلهما إلا بالحق . يفصل الآيات ) يقول : يبين الحجج والأدلة ( لقوم يعلمون ) ، إذا تدبروها ، حقيقة وحدانية الله وصحة ما يدعوهم إليه محمد صلى الله عليه وسلم ، من خلع الأنداد ، والبراءة من الأوثان .