[ ص: 406 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=28984_28784_30483_30300_28675قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار ( 16 ) )
قال
أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا
محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا من دون الله الذي بيده نفعهم وضرهم ما لا ينفع ولا يضر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16هل يستوي الأعمى ) الذي لا يبصر شيئا ولا يهتدي لمحجة يسلكها إلا بأن يهدى و "البصير" الذي يهدي الأعمى لمحجة الطريق الذي لا يبصر؟ إنهما لا شك لغير مستويين . يقول : فكذلك لا يستوي المؤمن الذي يبصر الحق فيتبعه ويعرف الهدى فيسلكه ، وأنتم أيها المشركون الذين لا تعرفون حقا ولا تبصرون رشدا .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16أم هل تستوي الظلمات والنور ) ، يقول تعالى ذكره : وهل تستوي الظلمات التي لا ترى فيها المحجة فتسلك ولا يرى فيها السبيل فيركب والنور الذي تبصر به الأشياء ويجلو ضوءه الظلام؟ يقول : إن هذين لا شك لغير مستويين ، فكذلك الكفر بالله ، إنما صاحبه منه في حيرة يضرب أبدا في غمرة لا يرجع منه إلى حقيقة ، والإيمان بالله صاحبه منه في ضياء يعمل على علم بربه ، ومعرفة منه بأن له مثيبا يثيبه على إحسانه ومعاقبا يعاقبه على إساءته ورازقا يرزقه ونافعا ينفعه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
[ ص: 407 ] 20305 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور ) ، أما (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16الأعمى والبصير ) فالكافر والمؤمن وأما (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16الظلمات والنور ) فالهدى والضلالة .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم ) يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا
محمد لهؤلاء المشركين : أخلق أوثانكم التي اتخذتموها أولياء من دون الله خلقا كخلق الله ، فاشتبه عليكم أمرها فيما خلقت وخلق الله فجعلتموها له شركاء من أجل ذلك ، أم إنما بكم الجهل والذهاب عن الصواب؟ فإنه لا يشكل على ذي عقل أن عبادة ما لا يضر ولا ينفع من الفعل جهل ، وأن العبادة إنما تصلح للذي يرجى نفعه ويخشى ضره ، كما أن ذلك غير مشكل خطؤه وجهل فاعله ، كذلك لا يشكل جهل من أشرك في عبادة من يرزقه ويكفله ويمونه ، من لا يقدر له على ضرر ولا نفع .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
20306 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه ) حملهم ذلك على أن شكوا في الأوثان .
20307 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الله ، عن
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
20308 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم ) ، خلقوا كخلقه ، فحملهم ذلك على أن شكوا في الأوثان .
[ ص: 408 ] 20309 - حدثنا
الحسن بن محمد قال : حدثنا
شبابة قال : حدثنا
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
20310 - . . . قال : حدثنا
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : قال
ابن كثير : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا يقول : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم ) ضربت مثلا .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16قل الله خالق كل شيء ) ، يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهؤلاء المشركين إذا أقروا لك أن أوثانهم التي أشركوها في عبادة الله لا تخلق شيئا : فالله خالقكم وخالق أوثانكم وخالق كل شيء ، فما وجه إشراككم ما لا يخلق ولا يضر؟
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16وهو الواحد القهار ) ، يقول : وهو الفرد الذي لا ثاني له ( القهار ) ، الذي يستحق الألوهة والعبادة ، لا الأصنام والأوثان التي لا تضر ولا تنفع .
[ ص: 406 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=28984_28784_30483_30300_28675قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ( 16 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا
مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ عَبَدُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ الَّذِي بِيَدِهِ نَفْعُهُمْ وَضُرُّهُمْ مَا لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى ) الَّذِي لَا يُبْصِرُ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدِي لِمَحَجَّةٍ يَسْلُكُهَا إِلَّا بِأَنْ يُهْدَى وَ "الْبَصِيرُ" الَّذِي يَهْدِي الْأَعْمَى لِمَحَجَّةِ الطَّرِيقِ الَّذِي لَا يُبْصِرُ؟ إِنَّهُمَا لَا شَكَّ لَغَيْرُ مُسْتَوِيَيْنِ . يَقُولُ : فَكَذَلِكَ لَا يَسْتَوِي الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُبْصِرُ الْحَقَّ فَيَتَّبِعُهُ وَيَعْرِفُ الْهُدَى فَيَسْلُكُهُ ، وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ لَا تَعْرِفُونَ حَقًّا وَلَا تُبْصِرُونَ رَشَدًا .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ ) ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَهَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ الَّتِي لَا تُرَى فِيهَا الْمَحَجَّةُ فَتُسْلَكُ وَلَا يُرَى فِيهَا السَّبِيلُ فَيُرْكَبُ وَالنُّورُ الَّذِي تُبْصَرُ بِهِ الْأَشْيَاءُ وَيَجْلُو ضَوْءُهُ الظَّلَامَ؟ يَقُولُ : إِنَّ هَذَيْنِ لَا شَكَّ لَغَيْرُ مُسْتَوِيَيْن ، فَكَذَلِكَ الْكُفْرُ بِاللَّهِ ، إِنَّمَا صَاحِبُهُ مِنْهُ فِي حَيْرَةٍ يَضْرِبُ أَبَدًا فِي غَمْرَةٍ لَا يَرْجِعُ مِنْهُ إِلَى حَقِيقَةٍ ، وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ صَاحِبُهُ مِنْهُ فِي ضِيَاءٍ يَعْمَلُ عَلَى عِلْمٍ بِرَبِّهِ ، وَمَعْرِفَةٍ مِنْهُ بِأَنَّ لَهُ مُثِيبًا يُثِيبُهُ عَلَى إِحْسَانِهِ وَمُعَاقِبًا يُعَاقِبُهُ عَلَى إِسَاءَتِهِ وَرَازِقًا يَرْزُقُهُ وَنَافِعًا يَنْفَعُهُ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
[ ص: 407 ] 20305 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
شِبْلٌ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ ) ، أَمَّا (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ ) فَالْكَافِرُ وَالْمُؤْمِنُ وَأَمَّا (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ ) فَالْهُدَى وَالضَّلَالَةِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا
مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ : أَخَلَقَ أَوْثَانُكُمُ الَّتِي اتَّخَذْتُمُوهَا أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ خَلْقًا كَخَلْقِ اللَّهِ ، فَاشْتَبَهَ عَلَيْكُمْ أَمْرُهَا فِيمَا خَلَقَتْ وَخَلَقَ اللَّهُ فَجَعَلْتُمُوهَا لَهُ شُرَكَاءَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ ، أَمْ إِنَّمَا بِكُمُ الْجَهْلُ وَالذَّهَابُ عَنِ الصَّوَابِ؟ فَإِنَّهُ لَا يُشْكِلُ عَلَى ذِي عَقْلٍ أَنَّ عِبَادَةَ مَا لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ مِنَ الْفِعْلِ جَهْلٌ ، وَأَنَّ الْعِبَادَةَ إِنَّمَا تَصْلُحُ لِلَّذِي يُرْجَى نَفْعُهُ وُيخْشَى ضَرُّهُ ، كَمَا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُشْكِلٍ خَطَؤُهُ وَجَهْلُ فَاعِلِهِ ، كَذَلِكَ لَا يُشْكِلُ جَهْلُ مَنْ أَشْرَكَ فِي عِبَادَةِ مَنْ يَرْزُقُهُ وَيَكْفُلُهُ ويَمُونُهُ ، مَنْ لَا يَقْدِرُ لَهُ عَلَى ضَرَرٍ وَلَا نَفْعٍ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
20306 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
شِبْلٌ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ ) حَمَلَهُمْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ شَكُّوا فِي الْأَوْثَانِ .
20307 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ ، عَنْ
وَرْقَاءَ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ .
20308 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ) ، خَلَقُوا كَخَلْقِهِ ، فَحَمَلَهُمْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ شَكُّوا فِي الْأَوْثَانِ .
[ ص: 408 ] 20309 - حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
شَبَابَةُ قَالَ : حَدَّثَنَا
وَرْقَاءُ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، مِثْلَهُ .
20310 - . . . قَالَ : حَدَّثَنَا
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدًا يَقُولُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ ) ضُرِبَتْ مَثَلًا .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ إِذَا أَقَرُّوا لَكَ أَنَّ أَوْثَانَهُمُ الَّتِي أَشْرَكُوهَا فِي عِبَادَةِ اللَّهِ لَا تَخْلُقُ شَيْئًا : فَاللَّهُ خَالِقُكُمْ وَخَالِقُ أَوْثَانِكُمْ وَخَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ، فَمَا وَجْهُ إِشْرَاكِكُمْ مَا لَا يَخْلُقُ وَلَا يَضُرُّ؟
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=16وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ، يَقُولُ : وَهُوَ الْفَرْدُ الَّذِي لَا ثَانِيَ لَهُ ( الْقَهَّارُ ) ، الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْأُلُوهَةَ وَالْعِبَادَةَ ، لَا الْأَصْنَامُ وَالْأَوْثَانُ الَّتِي لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ .