القول في قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا ( 72 ) تأويل قوله تعالى : ( قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا ( 73 ) )
يقول عز ذكره : ( قال ) العالم لموسى إذ قال له ما قال ( ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا ) على ما ترى من أفعالي ، لأنك ترى ما لم تحط به خبرا ، قال له موسى : ( لا تؤاخذني بما نسيت ) فاختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : كان هذا الكلام من موسى عليه السلام للعالم معارضة ، لا أنه [ ص: 74 ] كان نسي عهده ، وما كان تقدم فيه حين استصحبه بقوله : ( فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا ) .
ذكر من قال ذلك : حدثت عن قال : ثني يحيى بن زياد ، يحيى بن المهلب ، عن رجل ، عن سعيد بن جبير ، عن في قوله : ( أبي بن كعب الأنصاري لا تؤاخذني بما نسيت ) قال : لم ينس ، ولكنها من معاريض الكلام .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : لا تؤاخذني بتركي عهدك ، ووجه أن معنى النسيان : الترك .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، قال : ثني محمد بن إسحاق ، عن الحسن بن عمارة ، عن الحكم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ( قال لا تؤاخذني بما نسيت ) : أي بما تركت من عهدك .
والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن موسى سأل صاحبه أن لا يؤاخذه بما نسي فيه عهده من سؤاله إياه على وجه ما فعل وسببه لا بما سأله عنه ، وهو لعهده ذاكر للصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بأن ذلك معناه من الخبر ، وذلك ما حدثنا به أبو كريب ، قال : ثنا قال : ثنا يحيى بن آدم ، ابن عيينة . عن عن عمرو بن دينار ، سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب ، لا تؤاخذني بما نسيت ) قال : كانت الأولى من موسى نسيانا . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (
وقوله : ( ولا ترهقني من أمري عسرا ) يقول : لا تغشني من أمري عسرا ، يقول : لا تضيق علي أمري معك ، وصحبتي إياك .