يقول عز ذكره : قال ذو القرنين للذين سألوه أن يجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج سدا ( آتوني ) أي جيئوني بزبر الحديد ، وهي جمع زبرة ، والزبرة : القطعة من الحديد .
كما حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( زبر الحديد ) يقول : قطع الحديد .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( آتوني زبر الحديد ) قال : قطع الحديد .
حدثني إسماعيل بن سيف ، قال : ثنا علي بن مسهر ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح ، قوله : ( زبر الحديد ) قال : قطع الحديد .
حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، قال : ثنا قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، إسرائيل ، عن أبي يحيى عن مجاهد ، قوله ( آتوني زبر الحديد ) قال : قطع الحديد .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( آتوني زبر الحديد ) أي فلق الحديد .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( آتوني زبر الحديد ) قال : قطع الحديد .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن قال : قال ابن جريج ، ابن عباس : ( آتوني زبر الحديد ) قال : قطع الحديد .
وقوله ( حتى إذا ساوى بين الصدفين ) يقول عز ذكره : فآتوه زبر الحديد ، فجعلها بين الصدفين حتى إذا ساوى بين الجبلين بما جعل بينهما من زبر الحديد ، ويقال : سوى .
والصدفان : ما بين ناحيتي الجبلين ورءوسهما ، ومنه قول الراجز :
قد أخذت ما بين عرض الصدفين ناحيتيها وأعالي الركنين
[ ص: 115 ]وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( بين الصدفين ) يقول : بين الجبلين .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( حتى إذا بلغ بين السدين ) قال : هو سد كان بين صدفين ، والصدفان : الجبلان .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى "ح" ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( الصدفين ) رءوس الجبلين .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ، مثله .
حدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( بين الصدفين ) يعني الجبلين ، وهما من قبل أرمينية وأذربيجان .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( حتى إذا ساوى بين الصدفين ) وهما الجبلان .
حدثني أحمد بن يوسف ، قال : أخبرنا القاسم ، قال : ثنا هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم أنه قرأها ( بين الصدفين ) منصوبة الصاد والدال ، وقال : بين الجبلين ، وللعرب في الصدفين : لغات ثلاث ، وقد قرأ بكل واحدة منها [ ص: 116 ] جماعة من القراء :
الفتح في الصاد والدال ، وذلك قراءة عامة قراء أهل المدينة والكوفة ، والضم فيهما ، وهي قراءة أهل البصرة ، والضم في الصاد وتسكين الدال ، وذلك قراءة بعض أهل مكة والكوفة ، والفتح في الصاد والدال أشهر هذه اللغات ، والقراءة بها أعجب إلي ، وإن كنت مستجيزا القراءة بجميعها ، لاتفاق معانيها . وإنما اخترت الفتح فيهما لما ذكرت من العلة .
وقوله ( قال انفخوا ) يقول عز ذكره ، قال للفعلة : انفخوا النار على هذه الزبر من الحديد .
وقوله : ( حتى إذا جعله نارا ) وفي الكلام متروك ، وهو فنفخوا ، حتى إذا جعل ما بين الصدفين من الحديد نارا ( قال آتوني أفرغ عليه قطرا ) فاختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة ، وبعض أهل الكوفة ( قال آتوني ) بمد الألف من ( آتوني ) بمعنى : أعطوني قطرا أفرغ عليه . وقرأه بعض قراء الكوفة ، قال ( ائتوني ) بوصل الألف ، بمعنى : جيئوني قطرا أفرغ عليه ، كما يقال : أخذت الخطام ، وأخذت بالخطام ، وجئتك زيدا ، وجئتك بزيد . وقد يتوجه معنى ذلك إذا قرئ كذلك إلى معنى أعطوني ، فيكون كأن قارئه أراد مد الألف من آتوني ، فترك الهمزة الأولى من آتوني ، وإذا سقطت الأولى همز الثانية .
وقوله : ( أفرغ عليه قطرا ) يقول : أصب عليه قطرا ، والقطر : النحاس .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( أفرغ عليه قطرا ) قال : القطر : النحاس .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد مثله . [ ص: 117 ]
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( أفرغ عليه قطرا ) يعني النحاس .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( أفرغ عليه قطرا ) أي النحاس ليلزمه به .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله ( أفرغ عليه قطرا ) قال : نحاسا .
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول : القطر : الحديد المذاب ، ويستشهد لقوله ذلك بقول الشاعر :
حساما كلون الملح صاف حديده جزارا من أقطار الحديد المنعت
وقوله : ( فما اسطاعوا أن يظهروه ) يقول عز ذكره :
فما اسطاع يأجوج ومأجوج أن يعلوا الردم الذي جعله ذو القرنين حاجزا بينهم ، وبين من دونهم من الناس ، فيصيروا فوقه وينزلوا منه إلى الناس .
يقال منه : ظهر فلان فوق البيت : إذا علاه ، ومنه قول الناس : ظهر فلان على فلان : إذا قهره وعلاه ( وما استطاعوا له نقبا ) يقول : ولم يستطيعوا أن ينقبوه من أسفله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( فما اسطاعوا أن يظهروه ) من قوله ( وما استطاعوا له نقبا ) أي من أسفله .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله ( فما اسطاعوا أن يظهروه ) قال : ما استطاعوا أن ينزعوه .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، [ ص: 118 ] عن قتادة ( فما اسطاعوا أن يظهروه ) قال : أن يرتقوه ( وما استطاعوا له نقبا )
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنى حجاج ، عن ( ابن جريج ، فما استطاعوا أن يظهروه ) قال : أن يرتقوه ( وما استطاعوا له نقبا )
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ( ابن جريج فما اسطاعوا أن يظهروه ) قال : يعلوه ( وما استطاعوا له نقبا ) أي ينقبوه من أسفله .
واختلف أهل العربية في وجه حذف التاء من قوله : ( فما اسطاعوا ) فقال بعض نحويي البصرة : فعل ذلك لأن لغة العرب أن تقول : اسطاع يسطيع ، يريدون بها : استطاع يستطيع ، ولكن حذفوا التاء إذا جمعت مع الطاء ومخرجهما واحد . قال : وقال بعضهم : استاع ، فحذف الطاء لذلك . وقال بعضهم : أسطاع يسطيع ، فجعلها من القطع كأنها أطاع يطيع ، فجعل السين عوضا من إسكان الواو . وقال بعض نحويي الكوفة : هذا حرف استعمل فكثر حتى حذف .