[ ص: 144 ] يقول : وإني خفت بني عمي وعصبتي من ورائي : يقول : من بعدي أن يرثوني ، وقيل : عنى بقوله ( من ورائي ) من قدامي ومن بين يدي ; وقد بينت جواز ذلك فيما مضى قبل .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( وإني خفت الموالي من ورائي ) يعني بالموالي : الكلالة الأولياء أن يرثوه ، فوهب الله له يحيى .
حدثنا يحيى بن داود الواسطي ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح في قوله : ( وإني خفت الموالي من ورائي ) قال : العصبة .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا جابر بن نوح ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح في قوله ( وإني خفت الموالي من ورائي ) قال : خاف موالي الكلالة .
حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : ثنا يزيد ، قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح بنحوه .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ( وإني خفت الموالي من ورائي ) قال : يعني الكلالة .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله ( خفت الموالي من ورائي ) قال : العصبة .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ، مثله .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قوله ( وإني خفت الموالي من ورائي ) قال : العصبة .
حدثني موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسباط ، عن ( السدي وإني خفت الموالي من ورائي ) والموالي : هن العصبة ، والموالي : جمع مولى ، والمولى [ ص: 145 ] والولي في كلام العرب واحد . وقرأت قراء الأمصار ( وإني خفت الموالي ) بمعنى : الخوف الذي هو خوف الأمن . وروي عن أنه قرأه : "وإني خفت الموالي " بتشديد الفاء وفتح الخاء من الخفة ، كأنه وجه تأويل الكلام : وإني ذهبت عصبتي ومن يرثني من بني أعمامي . وإذا قرئ ذلك كذلك كانت الياء من الموالي مسكنة غير متحركة ، لأنها تكون في موضع رفع بخفت . عثمان بن عفان
وقوله ( وكانت امرأتي عاقرا ) يقول : وكانت زوجتي لا تلد ، يقال منه : رجل عاقر ، وامرأة عاقر بلفظ واحد ، كما قال الشاعر :
لبئس الفتى أن كنت أعور عاقرا جبانا فما عذري لدى كل محضر
وقوله ( فهب لي من لدنك وليا ) يقول : فارزقني من عندك ولدا وارثا ومعينا .
وقوله : ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) يقول : يرثني من بعد وفاتي مالي ، ويرث من آل يعقوب النبوة ، وذلك أن زكريا كان من ولد يعقوب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا جابر بن نوح ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح ، قوله ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) يقول : يرث مالي ، ويرث من آل يعقوب النبوة .
حدثنا مجاهد ، قال : ثنا يزيد ، قال : أخبرنا إسماعيل ، عن أبي صالح في قوله ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) قال : يرث مالي ، ويرث من آل يعقوب النبوة .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، في قوله ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) قال : يرثني مالي ، ويرث من آل يعقوب النبوة . [ ص: 146 ]
حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، في قوله ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) قال : يكون نبيا كما كانت آباؤه أنبياء .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) قال : وكان وراثته علما ، وكان زكريا من ذرية يعقوب .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ، قال : كان وراثته علما ، وكان زكريا من ذرية يعقوب .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن الحسن ، في قوله ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) قال : نبوته وعلمه .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا جابر بن نوح ، عن مبارك ، عن الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رحم الله أخي زكريا ، ما كان عليه من ورثة ماله حين يقول فهب لي من لدنك وليا ، يرثني ويرث من آل يعقوب " .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) قال : كان الحسن يقول : يرث نبوته وعلمه . قال قتادة : ذكر لنا " أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية ، وأتى على ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) قال : رحم الله زكريا ما كان عليه من ورثته " .
حدثنا الحسن ، قال أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " " . يرحم الله زكريا وما عليه من ورثته ، ويرحم الله لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد
حدثني موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسباط ، عن [ ص: 147 ] ( السدي فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب ) قال : يرث نبوتي ونبوة آل يعقوب .
واختلفت القراء في قراءة قوله : ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) فقرأت ذلك عامة قراء المدينة ومكة وجماعة من أهل الكوفة :
( يرثني ويرث ) برفع الحرفين كليهما ، بمعنى فهب الذي يرثني ويرث من آل يعقوب ، على أن يرثني ويرث من آل يعقوب ، من صلة الولي . وقرأ ذلك جماعة من قراء أهل الكوفة والبصرة : ( يرثني ويرث ) بجزم الحرفين على الجزاء والشرط ، بمعنى : فهب لي من لدنك وليا فإنه يرثني إذا وهبته لي . وقال الذين قرءوا ذلك كذلك : إنما حسن ذلك في هذا الموضع ، لأن يرثني من آية غير التي قبلها . قالوا وإنما يحسن أن يكون مثل هذا صلة ، إذا كان غير منقطع عما هو له صلة ، كقوله : ( ردءا يصدقني ) .
قال أبو جعفر : وأولى القراءتين عندي في ذلك بالصواب قراءة من قرأه برفع الحرفين على الصلة للولي ، لأن الولي نكرة ، وأن زكريا إنما سأل ربه أن يهب له وليا يكون بهذه الصفة ، كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا أنه سأله وليا ، ثم أخبر أنه إذا وهب له ذلك كانت هذه صفته ، لأن ذلك لو كان كذلك ، كان ذلك من زكريا دخولا في علم الغيب الذي قد حجبه الله عن خلقه .
وقوله ( واجعله رب رضيا ) يقول : واجعل يا رب الولي الذي تهبه لي مرضيا ترضاه أنت ويرضاه عبادك دينا وخلقا وخلقا . والرضي : فعيل صرف من مفعول إليه .