القول في ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا ( 83 ) تأويل قوله تعالى : ( فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا ( 84 ) )
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ألم تر يا محمد أنا أرسلنا الشياطين على أهل الكفر بالله ( تؤزهم ) يقول : تحركهم بالإغواء والإضلال ، فتزعجهم إلى معاصي الله ، وتغريهم بها حتى يواقعوها ( أزا ) إزعاجا وإغواء .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( أزا ) يقول : تغريهم إغراء . [ ص: 252 ]
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن قال : قال ابن جريج ، ابن عباس : تؤز الكافرين إغراء في الشرك : امض امض في هذا الأمر ، حتى توقعهم في النار ، امضوا في الغي امضوا .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو إدريس ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قوله ( تؤزهم أزا ) قال : تغريهم إغراء .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( تؤزهم أزا ) قال : تزعجهم إزعاجا في معصية الله .
حدثنا قال : ثنا محمد بن بشار ، ابن عثمة ، قال : ثنا عن سعيد بن بشير ، قتادة في قول الله ( تؤزهم أزا ) قال : تزعجهم إلى معاصي الله إزعاجا .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله ( تؤزهم أزا ) قال تزعجهم إزعاجا في معاصي الله .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله ( ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا ) فقرأ ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ) قال : تؤزهم أزا ، قال : تشليهم إشلاء على معاصي الله تبارك وتعالى ، وتغريهم عليها ، كما يغري الإنسان الآخر على الشيء ، يقال منه : أززت فلانا بكذا ، إذا أغريته به أؤزه أزا وأزيزا ، وسمعت أزيز القدر : وهو صوت غليانها على النار ; ومنه حديث مطرف عن أبيه ، . أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل
وقوله ( فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا ) يقول عز ذكره : فلا تعجل على هؤلاء الكافرين بطلب العذاب لهم والهلاك ، يا محمد إنما نعد لهم عدا ، يقول : فإنما نؤخر إهلاكهم ليزدادوا إثما ، ونحن نعد أعمالهم كلها ونحصيها حتى أنفاسهم لنجازيهم على جميعها ، ولم نترك تعجيل هلاكهم لخير أردناه بهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 253 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ، ( إنما نعد لهم عدا ) يقول : أنفاسهم التي يتنفسون في الدنيا ، فهي معدودة كسنهم وآجالهم .