القول في ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير ( 70 ) ) تأويل قوله تعالى : (
يقول تعالى ذكره : ألم تعلم يا محمد أن ، لا يخفى عليه من ذلك شيء ، وهو حاكم بين خلقه يوم القيامة ، على علم منه بجميع ما عملوه في الدنيا ، فمجاز المحسن منهم بإحسانه والمسيء بإساءته ( الله يعلم كل ما في السماوات السبع والأرضين السبع إن ذلك في كتاب ) يقول تعالى ذكره : إن علمه بذلك في كتاب ، وهو أم الكتاب الذي كتب فيه ربنا جل ثناؤه قبل أن يخلق خلقه ما هو كائن إلى يوم القيامة ( إن ذلك على الله يسير ) .
كما حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا ميسر بن إسماعيل الحلبي ، عن الأوزاعي ، عن عبدة بن أبي لبابة ، قال : علم الله ما هو خالق وما الخلق عاملون ، ثم كتبه ، ثم قال لنبيه : ( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير ) .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني ميسر ، عن أرطأة بن المنذر ، قال : سمعت ضمرة بن حبيب يقول : إن ، وخلق القلم فكتب به ما هو كائن من خلقه ، ثم إن ذلك الكتاب سبح الله ومجده ألف عام ، قبل أن يبدأ شيئا من الخلق . الله كان على عرشه على الماء وخلق السماوات والأرض بالحق
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني معتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن سيار ، عن ابن عباس ، أنه سأل كعب الأحبار عن أم الكتاب ، فقال : علم الله ما هو خالق وما خلقه عاملون ، فقال لعلمه : كن كتابا .
وكان يقول في قوله : ( ابن جريج إن ذلك في كتاب ) قال : قوله : ( الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون ) . [ ص: 682 ] وإنما اخترنا القول الذي قلنا في ذلك ، لأن قوله : ( إن ذلك ) إلى قوله : ( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض ) أقرب منه إلى قوله : ( الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون ) فكان إلحاق ذلك بما هو أقرب إليه أولى منه بما بعد .
وقوله : ( إن ذلك على الله يسير ) اختلف في ذلك ، فقال بعضهم : معناه : إن الحكم بين المختلفين في الدنيا يوم القيامة على الله يسير .
ذكر من قال ذلك : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن : ( ابن جريج إن ذلك على الله يسير ) قال : حكمه يوم القيامة ، ثم قال بين ذلك : ( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب ) .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : أن كتاب القلم الذي أمره الله أن يكتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن على الله يسير ، يعني : هين . وهذا القول الثاني أولى بتأويل ذلك ، وذلك أن قوله : ( إن ذلك على الله يسير ) . . . إلى قوله : ( إن ذلك في كتاب ) أقرب وهو له مجاور ، ومن قوله : ( الله يحكم بينكم يوم القيامة ) متباعد مع دخول قوله : ( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض ) بينهما ، فإلحاقه بما هو أقرب أولى ما وجد للكلام ، وهو كذلك مخرج في التأويل صحيح .