القول في تأويل قوله تعالى : ( ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا ( 51 ) فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا ( 52 ) )
يقول تعالى ذكره : ولو شئنا يا محمد لأرسلنا في كل مصر ومدينة نذيرا ينذرهم بأسنا على كفرهم بنا ، فيخف عنك كثير من أعباء ما حملناك منه ، ويسقط عنك بذلك مؤنة عظيمة ، ولكنا حملناك ثقل نذارة جميع القرى ، لتستوجب بصبرك عليه إن صبرت ما أعد الله لك من الكرامة عنده ، والمنازل الرفيعة قبله ، فلا تطع الكافرين فيما يدعونك [ ص: 281 ] إليه من أن تعبد آلهتهم ، فنذيقك ضعف الحياة وضعف الممات ، ولكن جاهدهم بهذا القرآن جهادا كبيرا ، حتى ينقادوا للإقرار بما فيه من فرائض الله ، ويدينوا به ويذعنوا للعمل بجميعه طوعا وكرها .
وبنحو الذي قلنا في قوله : ( وجاهدهم به ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ، قال : قال ابن جريج ابن عباس ، قوله ( فلا تطع الكافرين وجاهدهم به ) قال : بالقرآن .
وقال آخرون في ذلك بما حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وجاهدهم به جهادا كبيرا ) قال : الإسلام . وقرأ ( واغلظ عليهم ) وقرأ ( وليجدوا فيكم غلظة ) وقال : هذا الجهاد الكبير .