[ ص: 7 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=1الم ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ( 2 ) )
قال
أبو جعفر : وقد بينا معنى قول الله - تعالى ذكره - : ( الم ) وذكرنا أقوال أهل التأويل في تأويله ، والذي هو أولى بالصواب من أقوالهم عندنا بشواهده فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=29000_30202قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) فإن معناه : أظن الذين خرجوا يا
محمد من أصحابك من أذى المشركين إياهم أن نتركهم بغير اختبار ولا ابتلاء امتحان ، بأن قالوا : آمنا بك يا
محمد فصدقناك فيما جئتنا به من عند الله ، كلا لنختبرنهم ؛ ليتبين الصادق منهم من الكاذب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قول الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2آمنا وهم لا يفتنون ) قال : يبتلون في أنفسهم وأموالهم .
حدثنا
القاسم قال : ثنا
الحسين قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد مثله .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2وهم لا يفتنون ) أي : لا يبتلون .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
مؤمل قال : ثنا
سفيان ، عن
أبي هاشم ، عن
مجاهد ، في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2وهم لا يفتنون ) قال : لا يبتلون .
فإن الأولى منصوبة ب " حسب " ، والثانية منصوبة في قول بعض أهل العربية بتعلق
[ ص: 8 ] " يتركوا " بها وأن معنى الكلام على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2أحسب الناس أن يتركوا ) لأن يقولوا آمنا ، فلما حذفت اللام الخافضة من " لأن " نصبت على ما ذكرت . وأما على قول غيره فهي في موضع خفض بإضمار الخافض ، ولا تكاد العرب تقول تركت فلانا أن يذهب ، فتدخل أن في الكلام ، وإنما تقول تركته يذهب ، وإنما أدخلت أن هاهنا لاكتفاء الكلام بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2أن يتركوا ) إذ كان معناه : أحسب الناس أن يتركوا وهم لا يفتنون من أجل أن يقولوا آمنا ، فكان قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2أن يتركوا ) مكتفية بوقوعها على الناس دون أخبارهم . وإن جعلت " أن " في قوله : ( أن يقولوا ) منصوبة بنية تكرير أحسب كان جائزا ، فيكون معنى الكلام : أحسب الناس أن يتركوا أحسبوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون .
[ ص: 7 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=1الم ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ( 2 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : ( الم ) وَذَكَرْنَا أَقْوَالَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِهِ ، وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ أَقْوَالِهِمْ عِنْدَنَا بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29000_30202قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ) فَإِنَّ مَعْنَاهُ : أَظَنَّ الَّذِينَ خَرَجُوا يَا
مُحَمَّدُ مِنْ أَصْحَابِكَ مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ إِيَّاهُمْ أَنْ نَتْرُكَهُمْ بِغَيْرِ اخْتِبَارٍ وَلَا ابْتِلَاءِ امْتِحَانٍ ، بِأَنْ قَالُوا : آمَنَّا بِكَ يَا
مُحَمَّدُ فَصَدَّقْنَاكَ فِيمَا جِئْتَنَا بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، كَلَّا لَنَخْتَبِرَنَّهُمْ ؛ لِيَتَبَيَّنَ الصَّادِقُ مِنْهُمْ مِنَ الْكَاذِبِ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ ، جَمِيعًا عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ) قَالَ : يُبْتَلُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ .
حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : ثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ) أَيْ : لَا يُبْتَلُونَ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ : ثَنَا
مُؤَمَّلٌ قَالَ : ثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
أَبِي هَاشِمٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ) قَالَ : لَا يُبْتَلُونَ .
فَإِنَّ الْأُوْلَى مَنْصُوبَةٌ بِ " حَسِبَ " ، وَالثَّانِيَةَ مَنْصُوبَةٌ فِي قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ بِتَعَلُّقِ
[ ص: 8 ] " يُتْرَكُوا " بِهَا وَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا ) لِأَنْ يَقُولُوا آمَنَّا ، فَلَمَّا حُذِفَتِ اللَّامُ الْخَافِضَةُ مِنْ " لِأَنْ " نُصِبَتْ عَلَى مَا ذَكَرْتُ . وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ فَهِيَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ بِإِضْمَارِ الْخَافِضِ ، وَلَا تَكَادُ الْعَرَبُ تَقُولُ تَرَكْتُ فُلَانًا أَنْ يَذْهَبَ ، فَتُدْخِلُ أَنْ فِي الْكَلَامِ ، وَإِنَّمَا تَقُولُ تَرَكْتُهُ يَذْهَبُ ، وَإِنَّمَا أُدْخِلَتْ أَنْ هَاهُنَا لِاكْتِفَاءِ الْكَلَامِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2أَنْ يُتْرَكُوا ) إِذْ كَانَ مَعْنَاهُ : أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا ، فَكَانَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=2أَنْ يُتْرَكُوا ) مُكْتَفِيَةً بِوُقُوعِهَا عَلَى النَّاسِ دُونَ أَخْبَارِهِمْ . وَإِنْ جُعِلَتْ " أَنْ " فِي قَوْلِهِ : ( أَنْ يَقُولُوا ) مَنْصُوبَةً بِنِيَّةِ تَكْرِيرِ أَحَسِبَ كَانَ جَائِزًا ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ : أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَحَسِبُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ .