nindex.php?page=treesubj&link=29000_32682_28431القول في تأويل قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون ( 46 ) )
يقول - تعالى ذكره - : ( ولا تجادلوا ) أيها المؤمنون بالله وبرسوله
اليهود والنصارى ، وهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ) يقول : إلا بالجميل من القول ، وهو الدعاء إلى الله بآياته ، والتنبيه على حججه .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46إلا الذين ظلموا منهم ) اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : معناه : إلا الذين أبوا أن يقروا لكم بإعطاء الجزية ، ونصبوا دون ذلك لكم حربا ، فإنهم ظلمة ، فأولئك جادلوهم بالسيف حتى يسلموا ، أو يعطوا الجزية .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي بن سهل قال : ثنا
يزيد ، عن
سفيان ، عن
خصيف ، عن
مجاهد في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم ) قال : من قاتل ولم يعط الجزية .
حدثنا
ابن وكيع قال : ثني أبي ، عن
سفيان ، عن خصيف ، عن
مجاهد ، بنحوه . إلا أنه قال : من قاتلك ولم يعطك الجزية .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ) قال : إن قالوا شرا ؛ فقولوا خيرا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46إلا الذين ظلموا منهم ) فانتصروا منهم .
[ ص: 47 ]
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46إلا الذين ظلموا منهم ) قال : قالوا : مع الله إله ، أو له ولد ، أو له شريك ، أو يد الله مغلولة ، أو الله فقير ، أو آذوا
محمدا - صلى الله عليه وسلم - ، قال : هم أهل الكتاب .
حدثنا
ابن وكيع قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم ، عن
شريك ، عن
سالم ، عن
سعيد (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم ) قال : أهل الحرب ، من لا عهد له جادله بالسيف .
وقال آخرون : معنى ذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46ولا تجادلوا أهل الكتاب ) الذين قد آمنوا به ، واتبعوا رسوله فيما أخبروكم عنه مما في كتبهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم ) فأقاموا على كفرهم ، وقالوا : هذه الآية محكمة ، وليست بمنسوخة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ) قال : ليست بمنسوخة ، لا ينبغي أن تجادل من آمن منهم ، لعلهم يحسنون شيئا في كتاب الله ، لا تعلمه أنت فلا تجادله ، ولا ينبغي أن تجادل إلا الذين ظلموا ، المقيم منهم على دينه . فقال : هو الذي يجادل ، ويقال له بالسيف قال : وهؤلاء
يهود . قال : ولم يكن بدار الهجرة من
النصارى أحد ، إنما كانوا
يهودا هم الذي كلموا وحالفوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وغدرت
النضير يوم
أحد ، وغدرت
قريظة يوم الأحزاب .
وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية قبل أن يؤمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقتال ، وقالوا : هي منسوخة ، نسخها قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
[ ص: 48 ] nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ) ثم نسخ بعد ذلك ، فأمر بقتالهم في سورة " براءة " ، ولا مجادلة أشد من السيف ، أن يقاتلوا حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن
محمدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أو يقروا بالخراج .
وأولى هذه الأقوال بالصواب ، قول من قال : عنى بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46إلا الذين ظلموا منهم ) : إلا الذين امتنعوا من أداء الجزية ، ونصبوا دونها الحرب .
فإن قال قائل : أو غير ظالم من أهل الكتاب إلا من لم يؤد الجزية قيل : إن جميعهم ، وإن كانوا لأنفسهم بكفرهم بالله ، وتكذيبهم رسوله
محمدا - صلى الله عليه وسلم - ، ظلمة ، فإنه لم يعن بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46إلا الذين ظلموا منهم ) . ظلم أنفسهم . وإنما عنى به : إلا الذين ظلموا منهم أهل الإيمان بالله ورسوله
محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فإن أولئك جادلوهم بالقتال .
وإنما قلنا : ذلك أولى الأقوال فيه بالصواب ؛ لأن الله - تعالى ذكره - أذن للمؤمنين بجدال ظلمة أهل الكتاب ، بغير الذي هو أحسن بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46إلا الذين ظلموا منهم ) فمعلوم إذ كان قد أذن لهم في جدالهم ، أن الذين لم يؤذن لهم في جدالهم إلا بالتي هي أحسن ، غير الذين أذن لهم بذلك فيهم ، وأنهم غير المؤمن ؛ لأن المؤمن منهم غير جائز جداله إلا في غير الحق ، لأنه إذا جاء بغير الحق ، فقد صار في معنى الظلمة في الذي خالف فيه الحق ، فإذ كان ذلك كذلك ، تبين ألا معنى لقول من قال : عنى بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46ولا تجادلوا أهل الكتاب ) أهل الإيمان منهم ، وكذلك لا معنى لقول من قال : نزلت هذه الآية قبل الأمر بالقتال ، وزعم أنها منسوخة ؛ لأنه لا خبر بذلك يقطع العذر ، ولا دلالة على صحته من فطرة عقل .
وقد بينا في غير موضع من كتابنا ، أنه لا يجوز أن يحكم على حكم الله في كتابه بأنه منسوخ إلا بحجة يجب التسليم لها ، من خبر أو عقل .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون ) يقول - تعالى ذكره - للمؤمنين به وبرسوله ، الذين نهاهم أن يجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن : إذا حدثكم أهل الكتاب أيها القوم عن كتبهم ، وأخبروكم عنها بما يمكن ويجوز أن يكونوا فيه صادقين ، وأن يكونوا فيه كاذبين ، ولم تعلموا أمرهم وحالهم في ذلك ، فقولوا لهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم ) مما في التوراة والإنجيل ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وإلهنا وإلهكم واحد )
[ ص: 49 ] يقول : ومعبودنا ومعبودكم واحد (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46ونحن له مسلمون ) يقول : ونحن له خاضعون متذللون بالطاعة فيما أمرنا ونهانا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ذكر الرواية بذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى قال : ثنا
عثمان بن عمر قال : أخبرنا
علي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، عن
أبي سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810883كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ، فيفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ، ( nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون ) " .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
سفيان ، عن
سعد بن إبراهيم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار قال : كان ناس من
اليهود يحدثون ناسا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : " لا تصدقوهم ولا تكذبوهم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم ) " .
قال : ثنا
أبو عامر قال : ثنا
سفيان ، عن
سليمان ، عن
عمارة بن عمير ، عن
حريث بن ظهير ، عن
عبد الله قال : لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء ، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ، إما أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل ، فإنه ليس أحد من أهل الكتاب إلا وفي قلبه تالية تدعوه إلى دينه كتالية المال .
وكان
مجاهد يقول في ذلك ما حدثني به
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46إلا الذين ظلموا منهم ) . قال : قالوا : مع الله إله ، أو له ولد ، أو له شريك ، أو يد الله مغلولة ، أو الله فقير ، أو آذوا
محمدا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم ) لمن لم يقل هذا من أهل الكتاب .
nindex.php?page=treesubj&link=29000_32682_28431الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ( 46 ) )
يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : ( وَلَا تُجَادِلُوا ) أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ، وَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46أَهْلُ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) يَقُولُ : إِلَّا بِالْجَمِيلِ مِنَ الْقَوْلِ ، وَهُوَ الدُّعَاءُ إِلَى اللَّهِ بِآيَاتِهِ ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى حُجَجِهِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِهِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَاهُ : إِلَّا الَّذِينَ أَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا لَكُمْ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ ، وَنَصَبُوا دُونَ ذَلِكَ لَكُمْ حَرْبًا ، فَإِنَّهُمْ ظَلَمَةٌ ، فَأُولَئِكَ جَادِلُوهُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُسْلِمُوا ، أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ ، عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنْ
خَصِيفٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) قَالَ : مَنْ قَاتَلَ وَلَمْ يُعْطِ الْجِزْيَةَ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنْ خَصِيفٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، بِنَحْوِهِ . إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : مَنْ قَاتَلَكَ وَلَمْ يُعْطِكَ الْجِزْيَةَ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ ، جَمِيعًا عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) قَالَ : إِنْ قَالُوا شَرًّا ؛ فَقُولُوا خَيْرًا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) فَانْتَصِرُوا مِنْهُمْ .
[ ص: 47 ]
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ ، جَمِيعًا عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) قَالَ : قَالُوا : مَعَ اللَّهِ إِلَهٌ ، أَوْ لَهُ وَلَدٌ ، أَوْ لَهُ شَرِيكٌ ، أَوْ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ، أَوِ اللَّهُ فَقِيرٌ ، أَوْ آذَوْا
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، قَالَ : هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، عَنْ
شَرِيكٍ ، عَنْ
سَالِمٍ ، عَنْ
سَعِيدٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) قَالَ : أَهْلُ الْحَرْبِ ، مَنْ لَا عَهْدَ لَهُ جَادِلْهُ بِالسَّيْفِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ ) الَّذِينَ قَدْ آمَنُوا بِهِ ، وَاتَّبَعُوا رَسُولَهُ فِيمَا أَخْبَرُوكُمْ عَنْهُ مِمَّا فِي كُتُبِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) فَأَقَامُوا عَلَى كُفْرِهِمْ ، وَقَالُوا : هَذِهِ الْآيَةُ مُحْكَمَةٌ ، وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) قَالَ : لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ ، لَا يَنْبَغِي أَنْ تُجَادِلَ مَنْ آمَنُ مِنْهُمْ ، لَعَلَّهُمْ يُحْسِنُونَ شَيْئًا فِي كِتَابِ اللَّهِ ، لَا تَعْلَمُهُ أَنْتَ فَلَا تُجَادِلْهُ ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُجَادِلَ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا ، الْمُقِيمَ مِنْهُمْ عَلَى دِينِهِ . فَقَالَ : هُوَ الَّذِي يُجَادَلُ ، وَيُقَالُ لَهُ بِالسَّيْفِ قَالَ : وَهَؤُلَاءِ
يَهُودٌ . قَالَ : وَلَمْ يَكُنْ بِدَارِ الْهِجْرَةِ مِنَ
النَّصَارَى أَحَدٌ ، إِنَّمَا كَانُوا
يَهُودًا هُمُ الَّذِي كَلَّمُوا وَحَالَفُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَغَدَرَتِ
النَّضِيرُ يَوْمَ
أُحُدٍ ، وَغَدَرَتْ
قُرَيْظَةُ يَوْمَ الْأَحْزَابِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْقِتَالِ ، وَقَالُوا : هِيَ مَنْسُوخَةٌ ، نَسَخَهَا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ) .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلَهُ : (
[ ص: 48 ] nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ثُمَّ نُسِخَ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَأُمِرَ بِقِتَالِهِمْ فِي سُورَةِ " بَرَاءَةٌ " ، وَلَا مُجَادَلَةَ أَشَدُّ مِنَ السَّيْفِ ، أَنْ يُقَاتَلُوا حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، أَوْ يُقِرُّوا بِالْخَرَاجِ .
وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ ، قَوْلُ مَنْ قَالَ : عَنَى بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) : إِلَّا الَّذِينَ امْتَنَعُوا مِنْ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ ، وَنَصَبُوا دُونَهَا الْحَرْبَ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : أَوْ غَيْرُ ظَالِمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا مَنْ لَمْ يُؤَدِّ الْجِزْيَةَ قِيلَ : إِنَّ جَمِيعَهُمْ ، وَإِنْ كَانُوا لِأَنْفُسِهِمْ بِكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ ، وَتَكْذِيبِهِمْ رَسُولَهُ
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، ظَلَمَةً ، فَإِنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) . ظُلْمَ أَنْفُسِهِمْ . وَإِنَّمَا عَنَى بِهِ : إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ أَهْلَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَإِنَّ أُولَئِكَ جَادِلُوهُمْ بِالْقِتَالِ .
وَإِنَّمَا قُلْنَا : ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ فِيهِ بِالصَّوَابِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - أَذِنَ لِلْمُؤْمِنِينَ بِجِدَالِ ظَلَمَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، بِغَيْرِ الَّذِي هُوَ أَحْسَنُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) فَمَعْلُومٌ إِذْ كَانَ قَدْ أَذِنَ لَهُمْ فِي جِدَالِهِمْ ، أَنَّ الَّذِينَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِي جِدَالِهِمْ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، غَيْرُ الَّذِينَ أُذِنَ لَهُمْ بِذَلِكَ فِيهِمْ ، وَأَنَّهُمْ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ مِنْهُمْ غَيْرُ جَائِزٍ جِدَالُهُ إِلَّا فِي غَيْرِ الْحَقِّ ، لِأَنَّهُ إِذَا جَاءَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ، فَقَدْ صَارَ فِي مَعْنَى الظَّلَمَةِ فِي الَّذِي خَالَفَ فِيهِ الْحَقَّ ، فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، تَبَيَّنَ أَلَّا مَعْنًى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : عَنَى بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ ) أَهْلَ الْإِيمَانِ مِنْهُمْ ، وَكَذَلِكَ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْقِتَالِ ، وَزَعَمَ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا خَبَرَ بِذَلِكَ يَقْطَعُ الْعُذْرَ ، وَلَا دَلَالَةَ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ فِطْرَةِ عَقْلٍ .
وَقَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا ، مِنْ خَبَرٍ أَوْ عَقْلٍ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَبِرَسُولِهِ ، الَّذِينَ نَهَاهُمْ أَنْ يُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ : إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ أَيُّهَا الْقَوْمُ عَنْ كُتُبِهِمْ ، وَأَخْبَرُوكُمْ عَنْهَا بِمَا يُمْكِنُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا فِيهِ صَادِقِينَ ، وَأَنْ يَكُونُوا فِيهِ كَاذِبِينَ ، وَلَمْ تَعْلَمُوا أَمْرَهُمْ وَحَالَهُمْ فِي ذَلِكَ ، فَقُولُوا لَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ) مِمَّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ )
[ ص: 49 ] يَقُولُ : وَمَعْبُودُنَا وَمَعْبُودُكُمْ وَاحِدٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) يَقُولُ : وَنَحْنُ لَهُ خَاضِعُونَ مُتَذَلِّلُونَ بِالطَّاعَةِ فِيمَا أَمَرَنَا وَنَهَانَا .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ جَاءَ الْأَثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
ذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ : ثَنَا
عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : أَخْبَرَنَا
عَلِيٌّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17298يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810883كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ ، فَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ ، ( nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) " .
حَدَّثَنَا
ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16572عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ : كَانَ نَاسٌ مِنَ
الْيَهُودِ يُحَدِّثُونَ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَقَالَ : " لَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ) " .
قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَامِرٍ قَالَ : ثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
سُلَيْمَانَ ، عَنْ
عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ
حُرَيْثِ بْنِ ظُهَيْرٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : لَا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَقَدْ ضَلُّوا ، إِمَّا أَنْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ أَوْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا وَفِي قَلْبِهِ تَالِيَةٌ تَدْعُوهُ إِلَى دِينِهِ كَتَالِيَةِ الْمَالِ .
وَكَانَ
مُجَاهِدٌ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنِي بِهِ
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ ، جَمِيعًا عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) . قَالَ : قَالُوا : مَعَ اللَّهِ إِلَهٌ ، أَوْ لَهُ وَلَدٌ ، أَوْ لَهُ شَرِيكٌ ، أَوْ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ، أَوِ اللَّهُ فَقِيرٌ ، أَوْ آذَوْا
مُحَمَّدًا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=46وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ) لِمَنْ لَمْ يَقُلْ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ .