القول في تأويل ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون ( 232 ) ) قوله تعالى (
قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله " ذلكم " نكاحهن أزواجهن ، ومراجعة أزواجهن إياهن بما أباح لهن من نكاح ومهر جديد " أزكى لكم " أيها الأولياء والأزواج والزوجات .
ويعني بقوله : " أزكى لكم " أفضل وخير عند الله من فرقتهن أزواجهن . وقد دللنا فيما مضى على معنى " الزكاة " فأغنى ذلك عن إعادته .
وأما قوله : " وأطهر " فإنه يعني بذلك : أطهر لقلوبكم وقلوبهن وقلوب أزواجهن من الريبة . وذلك أنهما إذا كان في نفس كل واحد منهما - أعني الزوج والمرأة - علاقة حب ، لم يؤمن أن يتجاوزا ذلك إلى غير ما أحله الله لهما ، [ ص: 30 ] ولم يؤمن من أوليائهما أن يسبق إلى قلوبهم منهما ما لعلهما أن يكونا منه بريئين . فأمر الله - تعالى ذكره - الأولياء إذا أراد الأزواج التراجع بعد البينونة بنكاح مستأنف في الحال التي أذن الله لهما بالتراجع أن لا يعضل وليته عما أرادت من ذلك ، وأن يزوجها ؛ لأن ذلك أفضل لجميعهم ، وأطهر لقلوبهم مما يخاف سبوقه إليها من المعاني المكروهة .
ثم أخبر - تعالى ذكره - عباده أنه يعلم من سرائرهم وخفيات أمورهم ما لا يعلمه بعضهم من بعض ، ودلهم بقوله لهم ذلك في هذا الموضع أنه إنما أمر أولياء النساء بإنكاح من كانوا أولياءه من النساء إذا تراضت المرأة والزوج الخاطب بينهم بالمعروف ، ونهاهم عن عضلهن عن ذلك لما علم مما في قلب الخاطب والمخطوب من غلبة الهوى والميل من كل واحد منهما إلى صاحبه بالمودة والمحبة . فقال لهم - تعالى ذكره - : افعلوا ما أمرتكم به إن كنتم تؤمنون بي ، وبثوابي وبعقابي في معادكم في الآخرة ، فإني أعلم من قلب الخاطب والمخطوبة ما لا تعلمونه من الهوى والمحبة . وفعلكم ذلك أفضل لكم عند الله ولهم ، وأزكى وأطهر لقلوبكم وقلوبهن في العاجل .