[ ص: 221 ] القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28974_32066_30349تأويل قوله ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=9ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد ( 9 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - أنهم يقولون أيضا مع قولهم : آمنا بما تشابه من آي كتاب ربنا ، كل المحكم والمتشابه الذي فيه من عند ربنا : يا ربنا " إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد " .
وهذا من الكلام الذي استغني بذكر ما ذكر منه عما ترك ذكره . وذلك أن معنى الكلام : ربنا إنك جامع الناس ليوم القيامة ، فاغفر لنا يومئذ واعف عنا ، فإنك لا تخلف وعدك : أن من آمن بك ، واتبع رسولك ، وعمل بالذي أمرته به في كتابك ، أنك غافره يومئذ .
وإنما هذا من القوم مسألة ربهم أن يثبتهم على ما هم عليه من حسن بصيرتهم ، بالإيمان بالله ورسوله ، وما جاءهم به من تنزيله ، حتى يقبضهم على أحسن أعمالهم وإيمانهم ، فإنه إذا فعل ذلك بهم ، وجبت لهم الجنة ، لأنه قد وعد من فعل ذلك به من عباده أنه يدخله الجنة .
فالآية وإن كانت قد خرجت مخرج الخبر ، فإن تأويلها من القوم مسألة ودعاء ورغبة إلى ربهم .
وأما معنى قوله : " ليوم لا ريب فيه " فإنه : لا شك فيه . وقد بينا ذلك بالأدلة على صحته فيما مضى قبل .
[ ص: 222 ]
ومعنى قوله : " ليوم " في يوم . وذلك يوم يجمع الله فيه خلقه لفصل القضاء بينهم في موقف العرض والحساب .
" والميعاد " " المفعال " من " الوعد " .
[ ص: 221 ] الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28974_32066_30349تَأْوِيلِ قَوْلِهِ ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=9رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ( 9 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي بِذَلِكَ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - أَنَّهُمْ يَقُولُونَ أَيْضًا مَعَ قَوْلِهِمْ : آمَنَّا بِمَا تَشَابَهَ مِنْ آيِ كِتَابِ رَبِّنَا ، كُلِّ الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ الَّذِي فِيهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا : يَا رَبَّنَا " إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ " .
وَهَذَا مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي اسْتُغْنِيَ بِذِكْرِ مَا ذُكِرَ مِنْهُ عَمَّا تُرِكَ ذِكْرُهُ . وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ : رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَاغْفِرْ لَنَا يَوْمَئِذٍ وَاعْفُ عَنَّا ، فَإِنَّكَ لَا تُخْلِفُ وَعْدَكَ : أَنَّ مَنْ آمَنَ بِكَ ، وَاتَّبَعَ رَسُولَكَ ، وَعَمِلَ بِالَّذِي أَمَرْتَهُ بِهِ فِي كِتَابِكَ ، أَنَّكَ غَافِرُهُ يَوْمَئِذٍ .
وَإِنَّمَا هَذَا مِنَ الْقَوْمِ مَسْأَلَةُ رَبِّهُمْ أَنْ يُثَبِّتَهُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ حُسْنِ بَصِيرَتِهِمْ ، بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ تَنْزِيلِهِ ، حَتَّى يَقْبِضَهُمْ عَلَى أَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ ، فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ، وَجَبَتْ لَهُمُ الْجَنَّةُ ، لِأَنَّهُ قَدْ وَعَدَ مِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ مِنْ عِبَادِهِ أَنَّهُ يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ .
فَالْآيَةُ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ خَرَجَتْ مَخْرَجَ الْخَبَرِ ، فَإِنَّ تَأْوِيلَهَا مِنَ الْقَوْمِ مَسْأَلَةٌ وَدُعَاءٌ وَرَغْبَةٌ إِلَى رَبِّهِمْ .
وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِهِ : " لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ " فَإِنَّهُ : لَا شَكَّ فِيهِ . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ بِالْأَدِلَّةِ عَلَى صِحَّتِهِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ .
[ ص: 222 ]
وَمَعْنَى قَوْلِهِ : " لِيَوْمٍ " فِي يَوْمٍ . وَذَلِكَ يَوْمٌ يَجْمَعُ اللَّهُ فِيهِ خَلْقَهُ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَهُمْ فِي مَوْقِفٍ الْعَرْضِ وَالْحِسَابِ .
" وَالْمِيعَادُ " " الْمِفْعَالُ " مِنَ " الْوَعْدِ " .