قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بذلك : " ولكن " يقول لهم : " كونوا ربانيين " فترك " القول " استغناء بدلالة الكلام عليه .
وأما قوله : " كونوا ربانيين " فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله .
فقال بعضهم : معناه : كونوا حكماء علماء .
ذكر من قال ذلك :
7301 - حدثنا قال : حدثنا محمد بن بشار عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن أبي رزين : " كونوا ربانيين " قال : حكماء علماء .
7302 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي رزين : " كونوا ربانيين " قال : حكماء علماء . [ ص: 541 ]
7303 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن منصور ، عن أبي رزين مثله .
7304 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي رزين : " ولكن كونوا ربانيين " حكماء علماء .
7305 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم ، عن عوف ، عن الحسن في قوله : " كونوا ربانيين " قال : كونوا فقهاء علماء .
7306 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " كونوا ربانيين " قال : فقهاء .
7307 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
7308 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن قال أخبرني ابن جريج ، القاسم ، عن مجاهد قوله : " ولكن كونوا ربانيين " قال : فقهاء .
7309 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " ولكن كونوا ربانيين " قال : كونوا فقهاء علماء .
7310 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن عن منصور بن المعتمر ، أبي رزين في قوله : " كونوا ربانيين " قال : علماء حكماء قال معمر : قال قتادة .
7311 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن في قوله : " السدي كونوا ربانيين " أما " الربانيون " فالحكماء الفقهاء .
7312 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرنا سفيان ، عن [ ص: 542 ] ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : " الربانيون " الفقهاء العلماء ، وهم فوق الأحبار .
7313 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " ولكن كونوا ربانيين " يقول : كونوا حكماء فقهاء .
7314 - حدثت عن المنجاب قال : حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن يحيى بن عقيل في قوله : ( الربانيون والأحبار ) [ سورة المائدة : 63 ] ، قال : الفقهاء العلماء .
7315 - حدثت عن المنجاب قال : حدثنا بشر ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس مثله .
7316 - حدثني ابن سنان القزاز قال : حدثنا الحسين بن الحسن الأشقر قال : حدثنا أبو كدينة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : " كونوا ربانيين " قال : كونوا حكماء فقهاء .
7317 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ قال : أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " كونوا ربانيين " يقول : كونوا فقهاء علماء .
وقال آخرون : بل هم الحكماء الأتقياء .
ذكر من قال ذلك :
7318 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال : حدثنا عن فضيل بن عياض ، عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير قوله : " كونوا ربانيين " قال : حكماء أتقياء . [ ص: 543 ]
وقال آخرون : بل هم ولاة الناس وقادتهم .
ذكر من قال ذلك :
7319 - حدثني قال : أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ابن وهب قال : سمعت ابن زيد يقول في قوله : " كونوا ربانيين " قال : الربانيون : الذين يربون الناس ، ولاة هذا الأمر ، يربونهم : يلونهم . وقرأ : ( لولا ينهاهم الربانيون والأحبار ) [ سورة المائدة : 63 ] ، قال : الربانيون : الولاة ، والأحبار العلماء .
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال عندي بالصواب في " الربانيين " أنهم جمع " رباني " وأن " الرباني " المنسوب إلى " الربان " الذي يرب الناس ، وهو الذي يصلح أمورهم ، و " يربها " ويقوم بها ، ومنه قول علقمة بن عبدة :
وكنت امرأ أفضت إليك ربابتي وقبلك ربتني ، فضعت ، ربوب
يعني بقوله : " ربتني " : ولي أمري والقيام به قبلك من يربه ويصلحه ، فلم يصلحوه ، ولكنهم أضاعوني فضعت .
يقال منه : " رب أمري فلان ، فهو يربه ربا ، وهو رابه " . فإذا أريد به المبالغة في مدحه قيل : " هو ربان " كما يقال : " هو نعسان " من قولهم : " نعس ينعس " . وأكثر ما يجيء من الأسماء على " فعلان " ما كان من الأفعال ماضيه على " فعل " مثل قولهم : " هو سكران ، وعطشان ، وريان " من " سكر يسكر ، وعطش يعطش ، وروي يروى " . وقد يجيء مما كان ماضيه على " فعل يفعل " نحو ما قلنا من " نعس ينعس " و " رب يرب " .
فإذا كان الأمر في ذلك على ما وصفنا وكان " الربان " ما ذكرنا ، [ ص: 544 ] و " الرباني " هو المنسوب إلى من كان بالصفة التي وصفت وكان العالم بالفقه والحكمة من المصلحين ، يرب أمور الناس ، بتعليمه إياهم الخير ، ودعائهم إلى ما فيه مصلحتهم وكان كذلك الحكيم التقي لله ، والوالي الذي يلي أمور الناس على المنهاج الذي وليه المقسطون من المصلحين أمور الخلق ، بالقيام فيهم بما فيه صلاح عاجلهم وآجلهم ، وعائدة النفع عليهم في دينهم ، ودنياهم كانوا جميعا يستحقون أن [ يكونوا ] ممن دخل في قوله - عز وجل - : " ولكن كونوا ربانيين " .
ف " " إذا ، هم عماد الناس في الفقه والعلم وأمور الدين والدنيا . ولذلك قال الربانيون مجاهد : " وهم فوق الأحبار " لأن " الأحبار " هم العلماء ، و " الرباني " الجامع إلى العلم والفقه ، البصر بالسياسة والتدبير والقيام بأمور الرعية ، وما يصلحهم في دنياهم ودينهم .