nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=200nindex.php?page=treesubj&link=28978_28799_29717_28781وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم
وهذا الأمر مراد به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابتداء وهو شامل لأمته .
إما هذه هي إن الشرطية اتصلت بها " ما " الزائدة التي تزاد على بعض الأسماء غير أدوات الشروط فتصيرها أدواتها ، نحو " مهما " فإن أصلها ما ما ، ونحو " إذما " و " أينما " و " أيانما " و " حيثما " و " كيفما " فلا جرم أن " ما " إذا اقترنت بما يدل على الشرط أكسبته قوة شرطية فلذلك كتبت إما هذه على صورة النطق بها ولم تكتب مفصولة النون عن " ما " .
والنزغ النخس والغرز ، كذا فسره في الكشاف وهو التحقيق ، وأما
الراغب وابن عطية فقيداه بأنه دخول شيء في شيء لإفساده . قلت : " وقريب منه الفسخ بالسين وهو الغرز بإبرة أو نحوها للوشم " قال
ابن عطية : وقلما يستعمل في غير فعل الشيطان "
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=100من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي .
وإطلاق النزغ هنا على وسوسة الشيطان استعارة : شبه حدوث الوسوسة الشيطانية في النفس بنزغ الإبرة ونحوها في الجسم بجامع التأثير الخفي ، وشاعت
[ ص: 230 ] هذه الاستعارة بعد نزول القرءان حتى صارت كالحقيقة .
والمعنى إن ألقى إليك الشيطان ما يخالف هذا الأمر بأن سول لك الأخذ بالمعاقبة أو سول لك ترك أمرهم بالمعروف غضبا عليهم أو يأسا من هداهم ، فاستعذ بالله منه ليدفع عنك حرجه ويشرح صدرك لمحبة العمل بما أمرت به .
nindex.php?page=treesubj&link=28970والاستعاذة مصدر طلب العوذ ، فالسين والتاء فيها للطلب ، والعوذ الالتجاء إلى شيء يدفع مكروها عن الملتجئ ، يقال : عاذ بفلان ، وعاذ بالحرم ، وأعاذه إذا منعه من الضر الذي عاذ من أجله .
فأمر الله بدفع وسوسة الشيطان بالعوذ بالله ، والعوذ بالله هو الالتجاء إليه بالدعاء بالعصمة ، أو استحضار ما حدده الله له من حدود الشريعة ، وهذا أمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الالتجاء إلى الله فيما عسر عليه ، فإن ذلك شكر على نعمة الرسالة والعصمة ، فإن العصمة من الذنوب حاصلة له ، ولكنه يشكر الله بإظهار الحاجة إليه لإدامتها عليه ، وهذا مثل استغفار الرسول - عليه الصلاة والسلام - في قوله في حديث صحيح
مسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=10341834إنه ليغان على قلبي فأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة . فالشيطان لا ييأس من إلقاء الوسوسة للأنبياء لأنها تنبعث عنه بطبعه ، وإنما يترصد لهم مواقع خفاء مقصده طمعا في زلة تصدر عن أحدهم ، وإن كان قد علم أنه لا يستطيع إغواءهم ، ولكنه لا يفارق رجاء حملهم على التقصير في مراتبهم ، ولكنه إذا ما هم بالوسوسة شعروا بها فدفعوها ، ولذلك علم الله رسوله - عليه الصلاة والسلام - الاستعانة على دفعها بالله - تعالى - . روى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=hadith&LINKID=10341835أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال : ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة . قالوا : وأنت يا رسول الله ، قال : وأنا ولكن الله أعانني عليه فأسلم روي قوله " فأسلم " بفتح الميم بصيغة الماضي والهمزة أصلية : صار الشيطان المقارن له مسلما ، وهي خصوصية للنبيء - صلى الله عليه وسلم - ، وروي بضم الميم بصيغة المضارع ، والهمزة للمتكلم ، أي فأنا أسلم من وسوسته . وأحسب أن سبب الاختلاف في الرواية أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - نطق به موقوفا عليه . وهذا الأمر شامل للمؤمنين وحظ المؤمنين منه أقوى لأن نزغ الشيطان إياهم أكثر فإن النبيء - صلى الله عليه وسلم - مؤيد بالعصمة فليس للشيطان عليه سبيل .
[ ص: 231 ] وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=200إنه سميع عليم في موقع العلة للأمر بالاستعاذة من الشيطان بالله على ما هو شأن حرف " إن " إذا جاء في غير مقام دفع الشك أو الإنكار ، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا ينكر ذلك ولا يتردد فيه ، والمراد التعليل بلازم هذا الخبر ، وهو عوذه مما استعاذه منه ، أي : أمرناك بذلك لأن ذلك يعصمك من وسوسته لأن الله سميع عليم .
و " السميع " : العالم بالمسموعات ، وهو مراد منه معناه الكنائي ، أي عليم بدعائك مستجيب قابل للدعوة ، كقول
أبي ذؤيب : دعاني إليها القلب إني لأمره سميع فما أدري أرشد طلابها أي ممتثل ، فوصف سميع كناية عن وعد بالإجابة .
وإتباعه بوصف عليم زيادة في الإخبار بعموم علمه - تعالى - بالأحوال كلها لأن وصف سميع دل على أنه يعلم استعاذة الرسول - عليه الصلاة والسلام - ثم أتبعه بما يدل على عموم العلم ، وللإشارة إلى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمحل عناية الله - تعالى - فهو يعلم ما يريد به الشيطان عدوه ، وهذا كناية عن دفاع الله عن رسوله كقوله فإنك بأعيننا وأن أمره بالاستعاذة وقوف عند الأدب والشكر وإظهار الحاجة إلى الله - تعالى - .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=200nindex.php?page=treesubj&link=28978_28799_29717_28781وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
وَهَذَا الْأَمْرُ مُرَادٌ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْتِدَاءً وَهُوَ شَامِلٌ لِأُمَّتِهِ .
إِمَّا هَذِهِ هِيَ إِنِ الشَّرْطِيَّةُ اتَّصَلَتْ بِهَا " مَا " الزَّائِدَةُ الَّتِي تُزَادُ عَلَى بَعْضِ الْأَسْمَاءِ غَيْرِ أَدَوَاتِ الشُّرُوطِ فَتُصَيِّرُهَا أَدَوَاتِهَا ، نَحْوَ " مَهْمَا " فَإِنَّ أَصْلَهَا مَا مَا ، وَنَحْوَ " إِذْمَا " وَ " أَيْنَمَا " وَ " أَيَّانَمَا " وَ " حَيْثُمَا " وَ " كَيْفَمَا " فَلَا جَرَمَ أَنَّ " مَا " إِذَا اقْتَرَنَتْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الشَّرْطِ أَكْسَبَتْهُ قُوَّةً شَرْطِيَّةً فَلِذَلِكَ كُتِبَتْ إِمَّا هَذِهِ عَلَى صُورَةِ النُّطْقِ بِهَا وَلَمْ تُكْتَبْ مَفْصُولَةَ النُّونِ عَنْ " مَا " .
وَالنَّزْغُ النَّخْسُ وَالْغَرْزُ ، كَذَا فَسَّرَهُ فِي الْكَشَّافِ وَهُوَ التَّحْقِيقُ ، وَأَمَّا
الرَّاغِبُ وَابْنُ عَطِيَّةَ فَقَيَّدَاهُ بِأَنَّهُ دُخُولُ شَيْءٍ فِي شَيْءٍ لِإِفْسَادِهِ . قُلْتُ : " وَقَرِيبٌ مِنْهُ الْفَسْخُ بِالسِّينِ وَهُوَ الْغَرْزُ بِإِبْرَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لِلْوَشْمِ " قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقَلَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ فِعْلِ الشَّيْطَانِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=100مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي .
وَإِطْلَاقُ النَّزْغِ هُنَا عَلَى وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ اسْتِعَارَةٌ : شَبَّهَ حُدُوثَ الْوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِيَّةِ فِي النَّفْسِ بِنَزْغِ الْإِبْرَةِ وَنَحْوِهَا فِي الْجِسْمِ بِجَامِعِ التَّأْثِيرِ الْخَفِيِّ ، وَشَاعَتْ
[ ص: 230 ] هَذِهِ الِاسْتِعَارَةُ بَعْدَ نُزُولِ الْقُرْءَانِ حَتَّى صَارَتْ كَالْحَقِيقَةِ .
وَالْمَعْنَى إِنْ أَلْقَى إِلَيْكَ الشَّيْطَانُ مَا يُخَالِفُ هَذَا الْأَمْرَ بِأَنْ سَوَّلَ لَكَ الْأَخْذَ بِالْمُعَاقَبَةِ أَوْ سَوَّلَ لَكَ تَرْكَ أَمْرِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ غَضَبًا عَلَيْهِمْ أَوْ يَأْسًا مِنْ هُدَاهُمْ ، فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ لِيَدْفَعَ عَنْكَ حَرَجَهُ وَيَشْرَحَ صَدْرَكَ لِمَحَبَّةِ الْعَمَلِ بِمَا أُمِرْتَ بِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=28970وَالِاسْتِعَاذَةُ مَصْدَرُ طَلَبِ الْعَوْذِ ، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ فِيهَا لِلطَّلَبِ ، وَالْعَوْذُ الِالْتِجَاءُ إِلَى شَيْءٍ يَدْفَعُ مَكْرُوهًا عَنِ الْمُلْتَجِئِ ، يُقَالُ : عَاذَ بِفُلَانٍ ، وَعَاذَ بِالْحَرَمِ ، وَأَعَاذَهُ إِذَا مَنَعَهُ مِنَ الضُّرِّ الَّذِي عَاذَ مِنْ أَجْلِهِ .
فَأَمَرَ اللَّهُ بِدَفْعِ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ بِالْعَوْذِ بِاللَّهِ ، وَالْعَوْذُ بِاللَّهِ هُوَ الِالْتِجَاءُ إِلَيْهِ بِالدُّعَاءِ بِالْعِصْمَةِ ، أَوِ اسْتِحْضَارُ مَا حَدَّدَهُ اللَّهُ لَهُ مِنْ حُدُودِ الشَّرِيعَةِ ، وَهَذَا أَمْرٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الِالْتِجَاءِ إِلَى اللَّهِ فِيمَا عَسُرَ عَلَيْهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ شُكْرٌ عَلَى نِعْمَةِ الرِّسَالَةِ وَالْعِصْمَةِ ، فَإِنَّ الْعِصْمَةَ مِنَ الذُّنُوبِ حَاصِلَةٌ لَهُ ، وَلَكِنَّهُ يَشْكُرُ اللَّهَ بِإِظْهَارِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ لِإِدَامَتِهَا عَلَيْهِ ، وَهَذَا مِثْلُ اسْتِغْفَارِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ صَحِيحِ
مُسْلِمٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=10341834إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي فَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً . فَالشَّيْطَانُ لَا يَيْأَسُ مِنْ إِلْقَاءِ الْوَسْوَسَةِ لِلْأَنْبِيَاءِ لِأَنَّهَا تَنْبَعِثُ عَنْهُ بِطَبْعِهِ ، وَإِنَّمَا يَتَرَصَّدُ لَهُمْ مَوَاقِعَ خَفَاءِ مَقْصِدِهِ طَمَعًا فِي زَلَّةٍ تَصْدُرُ عَنْ أَحَدِهِمْ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ إِغْوَاءَهُمْ ، وَلَكِنَّهُ لَا يُفَارِقُ رَجَاءَ حَمْلِهِمْ عَلَى التَّقْصِيرِ فِي مَرَاتِبِهِمْ ، وَلَكِنَّهُ إِذَا مَا هَمَّ بِالْوَسْوَسَةِ شَعَرُوا بِهَا فَدَفَعُوهَا ، وَلِذَلِكَ عَلَّمَ اللَّهُ رَسُولَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الِاسْتِعَانَةَ عَلَى دَفْعِهَا بِاللَّهِ - تَعَالَى - . رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ nindex.php?page=hadith&LINKID=10341835أَنَّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ . قَالُوا : وَأَنْتَ يَا رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَ : وَأَنَا وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ رُوِيَ قَوْلُهُ " فَأَسْلَمَ " بِفَتْحِ الْمِيمِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَالْهَمْزَةُ أَصْلِيَّةٌ : صَارَ الشَّيْطَانُ الْمُقَارِنُ لَهُ مُسْلِمًا ، وَهِيَ خُصُوصِيَّةٌ لِلنَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَرُوِيَ بِضَمِّ الْمِيمِ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ ، وَالْهَمْزَةُ لِلْمُتَكَلِّمِ ، أَيْ فَأَنَا أَسْلَمُ مِنْ وَسْوَسَتِهِ . وَأَحْسَبُ أَنَّ سَبَبَ الِاخْتِلَافِ فِي الرِّوَايَةِ أَنَّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَطَقَ بِهِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ . وَهَذَا الْأَمْرُ شَامِلٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَحَظُّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ أَقْوَى لِأَنَّ نَزْغَ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُمْ أَكْثَرُ فَإِنَّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤَيَّدٌ بِالْعِصْمَةِ فَلَيْسَ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ .
[ ص: 231 ] وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=200إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فِي مَوْقِعِ الْعِلَّةِ لِلْأَمْرِ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنَ الشَّيْطَانِ بِاللَّهِ عَلَى مَا هُوَ شَأْنُ حَرْفِ " إِنَّ " إِذَا جَاءَ فِي غَيْرِ مَقَامِ دَفْعِ الشَّكِّ أَوِ الْإِنْكَارِ ، فَإِنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ وَلَا يَتَرَدَّدُ فِيهِ ، وَالْمُرَادُ التَّعْلِيلُ بِلَازِمِ هَذَا الْخَبَرِ ، وَهُوَ عَوْذُهُ مِمَّا اسْتَعَاذَهُ مِنْهُ ، أَيْ : أَمَرْنَاكَ بِذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعْصِمُكَ مِنْ وَسْوَسَتِهِ لِأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ .
وَ " السَّمِيعُ " : الْعَالِمُ بِالْمَسْمُوعَاتِ ، وَهُوَ مُرَادٌ مِنْهُ مَعْنَاهُ الْكِنَائِيُّ ، أَيْ عَلِيمٌ بِدُعَائِكَ مُسْتَجِيبٌ قَابِلٌ لِلدَّعْوَةِ ، كَقَوْلِ
أَبِي ذُؤَيْبٍ : دَعَانِي إِلَيْهَا الْقَلْبُ إِنِّي لِأَمْرِهِ سَمِيعٌ فَمَا أَدْرِي أَرُشْدٌ طِلَابُهَا أَيْ مُمْتَثِلٌ ، فَوَصْفُ سَمِيعٍ كِنَايَةٌ عَنْ وَعْدٍ بِالْإِجَابَةِ .
وَإِتْبَاعُهُ بِوَصْفِ عَلِيمٍ زِيَادَةٌ فِي الْإِخْبَارِ بِعُمُومِ عِلْمِهِ - تَعَالَى - بِالْأَحْوَالِ كُلِّهَا لِأَنَّ وَصْفَ سَمِيعٍ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُ اسْتِعَاذَةَ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى عُمُومِ الْعِلْمِ ، وَلِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَحَلِّ عِنَايَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَهُوَ يَعْلَمُ مَا يُرِيدُ بِهِ الشَّيْطَانُ عَدُوُّهُ ، وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ دِفَاعِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِهِ كَقَوْلِهِ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَأَنَّ أَمْرَهُ بِالِاسْتِعَاذَةِ وُقُوفٌ عِنْدَ الْأَدَبِ وَالشُّكْرِ وَإِظْهَارِ الْحَاجَةِ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - .