[ ص: 120 ] هذا
nindex.php?page=treesubj&link=29568_32450وللقرآن مبتكرات تميز بها نظمه عن بقية كلام العرب . فمنها أنه جاء على أسلوب يخالف الشعر لا محالة وقد نبه عليه العلماء المتقدمون . وأنا أضم إلى ذلك أن أسلوبه يخالف الخطابة بعض المخالفة ، بل جاء بطريقة كتاب يقصد حفظه وتلاوته ، وذلك من وجوه إعجازه إذ كان
nindex.php?page=treesubj&link=32234_29568_28899_32450_28914نظمه على طريقة مبتكرة ليس فيها اتباع لطرائقها القديمة في الكلام .
وأعد من ذلك أنه جاء بالجمل الدالة على معان مفيدة محررة شأن الجمل العلمية والقواعد التشريعية ، فلم يأت بعموميات شأنها التخصيص غير مخصوصة ، ولا بمطلقات تستحق التقييد غير مقيدة ، كما كان يفعله العرب لقلة اكتراثهم بالأحوال القليلة والأفراد النادرة . مثاله قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=50ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله فبين أن الهوى قد يكون محمودا إذا كان هو المرء عن هدى ، وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=2إن الإنسان لفي خسر nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=3إلا الذين آمنوا ومنها أن جاء على أسلوب التقسيم والتسوير وهي سنة جديدة في الكلام العربي أدخل بها عليه طريقة التبويب والتصنيف وقد أومأ إليها في الكشاف إيماء .
ومنها
nindex.php?page=treesubj&link=28901_29568_28914الأسلوب القصصي في حكاية أحوال النعيم والعذاب في الآخرة ، وفي تمثيل الأحوال ، وقد كان لذلك تأثير عظيم على نفوس العرب ، إذ كان فن القصص مفقودا من أدب العربية إلا نادرا ، كان في بعض الشعر كأبيات
النابغة في الحية التي قتلت الرجل وعاهدت أخاه وغدر بها ، فلما جاء القرآن بالأوصاف بهت به العرب ، كما في سورة الأعراف من وصف أهل الجنة وأهل النار وأهل الأعراف
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار إلخ وفي سورة الحديد
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13فضرب بينهم بسور الآيات .
ومما يتبع هذا أن القرآن يتصرف في حكاية أقوال المحكي عنهم فيصوغها على ما يقتضيه أسلوب إعجازه لا على الصيغة التي صدرت فيها ، فهو إذا حكى أقوالا غير عربية صاغ مدلولها في صيغة تبلغ حد الإعجاز بالعربية ، وإذا حكى أقوالا عربية تصرف فيها تصرفا يناسب أسلوب المعبر ، مثل ما يحكيه عن العرب فإنه لا يلتزم حكاية ألفاظهم بل يحكي
[ ص: 121 ] حاصل كلامهم ، وللعرب في حكاية الأقوال اتساع مداره على الإحاطة بالمعنى دون التزام الألفاظ ، فالإعجاز الثابت للأقوال المحكية في القرآن هو إعجاز للقرآن لا للأقوال المحكية .
ومن هذا القبيل حكاية الأسماء الواقعة في القصص ، فإن القرآن يغيرها إلى ما يناسب حسن مواقعها في الكلام من الفصاحة ، مثل تغيير
شاول إلى
طالوت ، وتغيير اسم
تارح أبي
إبراهيم إلى
آزر .
وكذلك التمثيل فقد كان في أدب العرب الأمثال وهي حكاية أحوال مرموز لها بتلك الجمل البليغة التي قيلت فيها أو قيلت لها المسماة بالأمثال ، فكانت تلك الجمل مشيرة إلى تلك الأحوال ، إلا أنها لما تداولتها الألسن في الاستعمال وطال عليها الأمد نسيت الأحوال التي وردت فيها ولم يبق للأذهان عند النطق بها إلا الشعور بمغازيها التي تقال لأجلها .
nindex.php?page=treesubj&link=28902_28914أما القرآن فقد أوضح الأمثال وأبدع تركيبها كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=31ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40فما له من نور وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=14والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه لم يلتزم القرآن أسلوبا واحدا ، واختلفت سوره وتفننت ، فتكاد تكون لكل سورة لهجة خاصة ، فإن بعضها بني على فواصل وبعضها ليس كذلك . وكذلك فواتحها منها ما افتتح بالاحتفال كالحمد ، ويا أيها الذين آمنوا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذلك الكتاب ، وهي قريب مما نعبر عنه في صناعة الإنشاء بالمقدمات . ومنها ما افتتح بالهجوم على الغرض من أول الأمر نحو
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم و
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1براءة من الله ورسوله .
ومن أبدع الأساليب في كلام العرب الإيجاز وهو متنافسهم وغاية تتبارى إليها فصحاؤهم ، وقد جاء القرآن بأبدعه إذ كان مع ما فيه من الإيجاز المبين في علم المعاني ، فيه إيجاز عظيم آخر وهو صلوحية معظم آياته لأن تؤخذ منها معان متعددة كلها تصلح لها العبارة باحتمالات لا ينافيها اللفظ ، فبعض تلك الاحتمالات مما يمكن اجتماعه ، وبعضها وإن كان فرض واحد منه يمنع من فرض آخر فتحريك الأذهان إليه وإخطاره بها يكفي في حصول المقصد من التذكير به للامتثال أو الانتهاء . وقد أشرنا إلى هذا في المقدمة التاسعة .
[ ص: 122 ] ولولا
nindex.php?page=treesubj&link=32450_28914إيجاز القرآن لكان أداء ما يتضمنه من المعاني في أضعاف مقدار القرآن . وأسرار التنزيل ورموزه في كل باب بالغة من اللطف والخفاء حدا يدق عن تفطن العالم ويزيد عن تبصره ، ولا ينبئك مثل خبير .
إنك تجد في كثير من تراكيب القرآن حذفا ولكنك لا تعثر على حذف يخلو الكلام من دليل عليه من لفظ أو سياق ، زيادة على جمعه المعاني الكثيرة في الكلام القليل ، قال في الكشاف في سورة المدثر " الحذف والاختصار هو نهج التنزيل " قال بعض
بطارقة الروم nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر بن الخطاب لما سمع قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون قد جمع الله في هذه الآية ما أنزل على
عيسى من أحوال الدنيا والآخرة . ومن ذلك قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=7وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه الآية ، جمع بين أمرين ونهيين وبشارتين ، ومن ذلك قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=179ولكم في القصاص حياة مقابلا أوجز كلام عرف عندهم وهو القتل أنفى للقتل ، ومن ذلك قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=44وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي ولقد بسط
السكاكي في المفتاح آخر قسم البيان نموذجا مما اشتملت عليه هذه الآية من
nindex.php?page=treesubj&link=28914البلاغة والفصاحة ، وتصدى
nindex.php?page=showalam&ids=12604أبو بكر الباقلاني في كتابه المسمى " إعجاز القرآن " إلى بيان ما في سورة النمل من الخصائص فارجع إليهما .
وأعد من أنواع إيجازه إيجاز الحذف مع عدم الالتباس ، وكثر ذلك في حذف القول ، ومن أبدع الحذف قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=40في جنات يتساءلون nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=41عن المجرمين nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=42ما سلككم في سقر أي يتذاكرون شأن المجرمين فيقول من علموا شأنهم سألناهم فقلنا
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=42ما سلككم في سقر . قال في الكشاف : قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=42ما سلككم في سقر ليس ببيان للتساؤل عنهم وإنما هو حكاية قول المسئولين ، أي أن المسئولين يقولون للسائلين قلنا لهم
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=42ما سلككم في سقر nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=43قالوا لم نك من المصلين اهـ .
ومنه حذف المضاف كثيرا كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177ولكن البر من آمن بالله وحذف الجمل التي يدل الكلام على تقديرها ، نحو قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=63فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق إذ التقدير : فضرب فانفلق . ومن ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=29568_28900الإخبار عن أمر خاص بخبر يعمه وغيره لتحصل فوائد : فائدة الحكم العام ، وفائدة الحكم الخاص ، وفائدة أن هذا المحكوم عليه بالحكم الخاص هو من جنس ذلك المحكوم عليه بالحكم العام .
وقد تتبعت أساليب من
nindex.php?page=treesubj&link=28900_29568_32234أساليب نظم الكلام في القرآن فوجدتها مما لا عهد بمثلها في
[ ص: 123 ] كلام العرب ، مثال ذلك قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=10قد أنزل الله إليكم ذكرا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات فإبدال " رسولا " من " ذكرا " يفيد أن هذا الذكر ذكر هذا الرسول ، وأن مجيء الرسول هو ذكر لهم ، وأن وصفه بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11يتلو عليكم آيات الله يفيد أن الآيات ذكر . ونظير هذا قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1حتى تأتيهم البينة nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رسول من الله يتلو صحفا مطهرة الآية ، وليس المقام بسامح لإيراد عديد من هذا . ولعله يأتي في أثناء التفسير .
ومن بديع الإيجاز في القرآن وأكثره ما يسمى بالتضمين ، وهو يرجع إلى إيجاز الحذف ، والتضمين أن يضمن الفعل أو الوصف معنى فعل أو وصف آخر ويشار إلى المعنى المضمن بذكر ما هو من متعلقاته من حرف أو معمول فيحصل في الجملة معنيان .
ومن هذا الباب ما اشتمل عليه من الجمل الجارية مجرى الأمثال ، وهذا باب من أبواب البلاغة نادر في كلام بلغاء العرب ، وهو الذي لأجله عدت قصيدة
زهير في المعلقات ، فجاء في القرآن ما يفوق ذلك كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=84قل كل يعمل على شاكلته وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53طاعة معروفة وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=34ادفع بالتي هي أحسن وسلك القرآن مسلك الإطناب لأغراض من البلاغة ومن أهم مقامات الإطناب مقام توصيف الأحوال التي يراد بتفصيل وصفها إدخال الروع في قلب السامع ، وهذه طريقة عربية في مثل هذا كقول
ابن زيابة :
نبئت عمرا غارزا رأسه في سنة يوعد أخواله
فمن آيات القرآن في مثله قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=26كلا إذا بلغت التراقي nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27وقيل من راق nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=28وظن أنه الفراق nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=29والتفت الساق بالساق وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=83فلولا إذا بلغت الحلقوم nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=84وأنتم حينئذ تنظرون وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=43مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم ومن أساليب القرآن المنفرد بها التي أغفل المفسرون اعتبارها أنه يرد فيه استعمال اللفظ المشترك في معنيين أو معان إذا صلح المقام بحسب اللغة العربية لإدارة ما يصلح منها ، واستعمال اللفظ في معناه الحقيقي والمجازي إذا صلح المقام لإرادتهما ، وبذلك تكثر معاني الكلام مع الإيجاز ، وهذا من آثار
nindex.php?page=treesubj&link=32450_28741كونه معجزة خارقة لعادة كلام البشر ، ودالة على أنه منزل من لدن العليم بكل شيء والقدير عليه .
وقد نبهنا على ذلك وحققناه في المقدمة التاسعة . ومن
[ ص: 124 ] أساليبه الإتيان بالألفاظ التي تختلف معانيها باختلاف حروفها أو اختلاف حركات حروفها ، وهو من أسباب اختلاف كثير من القراءات مثل " وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمن إناثا " قرئ ( عند ) بالنون دون ألف وقرئ ( عباد ) بالموحدة وألف بعدها ، ومثل (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=57إذا قومك منه يصدون ) بضم الصاد وكسرها .
وقد أشرنا إلى ذلك في المقدمة السادسة . واعلم أن مما يندرج تحت جهة الأسلوب ما سماه أئمة نقد الأدب بالجزالة ، وما سموه بالرقة وبينوا لكل منهما مقاماته وهما راجعتان إلى معاني الكلام ، ولا تخلو سورة من القرآن من تكرر هذين الأسلوبين ، وكل منهما بالغ غايته في موقعه ، فبينما تسمعه يقول
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ويقول
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=28يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا إذ تسمعه
يقول nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=13فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود قال عياض في الشفا : إن عتبة بن ربيعة لما سمع هذه الآية أمسك بيده على فم النبيء صلى الله عليه وسلم وقال له : ناشدتك الله والرحم إلا ما كففت .
[ ص: 120 ] هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=29568_32450وَلِلْقُرْآنِ مُبْتَكَرَاتٌ تَمَيَّزَ بِهَا نَظْمُهُ عَنْ بَقِيَّةِ كَلَامِ الْعَرَبِ . فَمِنْهَا أَنَّهُ جَاءَ عَلَى أُسْلُوبٍ يُخَالِفُ الشِّعْرَ لَا مَحَالَةَ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ الْمُتَقَدِّمُونَ . وَأَنَا أَضُمُّ إِلَى ذَلِكَ أَنَّ أُسْلُوبَهُ يُخَالِفُ الْخَطَابَةَ بَعْضَ الْمُخَالَفَةِ ، بَلْ جَاءَ بِطَرِيقَةِ كِتَابٍ يُقْصَدُ حِفْظُهُ وَتِلَاوَتُهُ ، وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ إِعْجَازِهِ إِذْ كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=32234_29568_28899_32450_28914نَظْمُهُ عَلَى طَرِيقَةٍ مُبْتَكَرَةٍ لَيْسَ فِيهَا اتِّبَاعٌ لِطَرَائِقِهَا الْقَدِيمَةِ فِي الْكَلَامِ .
وَأَعُدُّ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ جَاءَ بِالْجُمَلِ الدَّالَّةِ عَلَى مَعَانٍ مُفِيدَةٍ مُحَرَّرَةً شَأْنَ الْجُمَلِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْقَوَاعِدِ التَّشْرِيعِيَّةِ ، فَلَمْ يَأْتِ بِعُمُومِيَّاتٍ شَأْنُهَا التَّخْصِيصُ غَيْرَ مَخْصُوصَةٍ ، وَلَا بِمُطْلَقَاتٍ تَسْتَحِقُّ التَّقْيِيدَ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ الْعَرَبُ لِقِلَّةِ اكْتِرَاثِهِمْ بِالْأَحْوَالِ الْقَلِيلَةِ وَالْأَفْرَادِ النَّادِرَةِ . مِثَالُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=50وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ فَبَيَّنَ أَنَّ الْهَوَى قَدْ يَكُونُ مَحْمُودًا إِذَا كَانَ هَوَ الْمَرْءِ عَنْ هُدًى ، وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=2إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=3إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَمِنْهَا أَنْ جَاءَ عَلَى أُسْلُوبِ التَّقْسِيمِ وَالتَّسْوِيرِ وَهِيَ سُنَّةٌ جَدِيدَةٌ فِي الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ أَدْخَلَ بِهَا عَلَيْهِ طَرِيقَةَ التَّبْوِيبِ وَالتَّصْنِيفِ وَقَدْ أَوْمَأَ إِلَيْهَا فِي الْكَشَّافِ إِيمَاءً .
وَمِنْهَا
nindex.php?page=treesubj&link=28901_29568_28914الْأُسْلُوبُ الْقَصَصِيُّ فِي حِكَايَةِ أَحْوَالِ النَّعِيمِ وَالْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ ، وَفِي تَمْثِيلِ الْأَحْوَالِ ، وَقَدْ كَانَ لِذَلِكَ تَأْثِيرٌ عَظِيمٌ عَلَى نُفُوسِ الْعَرَبِ ، إِذْ كَانَ فَنُّ الْقَصَصِ مَفْقُودًا مِنْ أَدَبِ الْعَرَبِيَّةِ إِلَّا نَادِرًا ، كَانَ فِي بَعْضِ الشِّعْرِ كَأَبْيَاتِ
النَّابِغَةِ فِي الْحَيَّةِ الَّتِي قَتَلَتِ الرَّجُلَ وَعَاهَدَتْ أَخَاهُ وَغَدَرَ بِهَا ، فَلَمَّا جَاءَ الْقُرْآنُ بِالْأَوْصَافِ بُهِتَ بِهِ الْعَرَبُ ، كَمَا فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ مِنْ وَصْفِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ وَأَهْلِ الْأَعْرَافِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ إِلَخْ وَفِي سُورَةِ الْحَدِيدِ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ الْآيَاتِ .
وَمِمَّا يَتْبَعُ هَذَا أَنَّ الْقُرْآنَ يَتَصَرَّفُ فِي حِكَايَةِ أَقْوَالِ الْمَحْكِيِّ عَنْهُمْ فَيَصُوغُهَا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ أُسْلُوبُ إِعْجَازِهِ لَا عَلَى الصِّيغَةِ الَّتِي صَدَرَتْ فِيهَا ، فَهُوَ إِذَا حَكَى أَقْوَالًا غَيْرَ عَرَبِيَّةٍ صَاغَ مَدْلُولَهَا فِي صِيغَةٍ تَبْلُغُ حَدَّ الْإِعْجَازِ بِالْعَرَبِيَّةِ ، وَإِذَا حَكَى أَقْوَالًا عَرَبِيَّةً تَصَرَّفَ فِيهَا تَصَرُّفًا يُنَاسِبُ أُسْلُوبَ الْمُعَبِّرِ ، مِثْلَ مَا يَحْكِيهِ عَنِ الْعَرَبِ فَإِنَّهُ لَا يَلْتَزِمُ حِكَايَةَ أَلْفَاظِهِمْ بَلْ يَحْكِي
[ ص: 121 ] حَاصِلَ كَلَامِهِمْ ، وَلِلْعَرَبِ فِي حِكَايَةِ الْأَقْوَالِ اتِّسَاعٌ مَدَارُهُ عَلَى الْإِحَاطَةِ بِالْمَعْنَى دُونَ الْتِزَامِ الْأَلْفَاظِ ، فَالْإِعْجَازُ الثَّابِتُ لِلْأَقْوَالِ الْمَحْكِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ هُوَ إِعْجَازٌ لِلْقُرْآنِ لَا لِلْأَقْوَالِ الْمَحْكِيَّةِ .
وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ حِكَايَةُ الْأَسْمَاءِ الْوَاقِعَةِ فِي الْقِصَصِ ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ يُغَيِّرُهَا إِلَى مَا يُنَاسِبُ حُسْنَ مَوَاقِعِهَا فِي الْكَلَامِ مِنَ الْفَصَاحَةِ ، مِثْلَ تَغْيِيرِ
شَاوِلَ إِلَى
طَالُوتَ ، وَتَغْيِيرِ اسْمِ
تَارَحَ أَبِي
إِبْرَاهِيمَ إِلَى
آزَرَ .
وَكَذَلِكَ التَّمْثِيلُ فَقَدْ كَانَ فِي أَدَبِ الْعَرَبِ الْأَمْثَالُ وَهِيَ حِكَايَةُ أَحْوَالٍ مَرْمُوزٍ لَهَا بِتِلْكَ الْجُمَلِ الْبَلِيغَةِ الَّتِي قِيلَتْ فِيهَا أَوْ قِيلَتْ لَهَا الْمُسَمَّاةِ بِالْأَمْثَالِ ، فَكَانَتْ تِلْكَ الْجُمَلُ مُشِيرَةً إِلَى تِلْكَ الْأَحْوَالِ ، إِلَّا أَنَّهَا لَمَّا تَدَاوَلَتْهَا الْأَلْسُنُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَطَالَ عَلَيْهَا الْأَمَدُ نُسِيَتِ الْأَحْوَالُ الَّتِي وَرَدَتْ فِيهَا وَلَمْ يَبْقَ لِلْأَذْهَانِ عِنْدَ النُّطْقِ بِهَا إِلَّا الشُّعُورُ بِمَغَازِيهَا الَّتِي تُقَالُ لِأَجْلِهَا .
nindex.php?page=treesubj&link=28902_28914أَمَّا الْقُرْآنُ فَقَدْ أَوْضَحَ الْأَمْثَالَ وَأَبْدَعَ تَرْكِيبَهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمُ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=31وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=39وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=14وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ لَمْ يَلْتَزِمِ الْقُرْآنُ أُسْلُوبًا وَاحِدًا ، وَاخْتَلَفَتْ سُوَرُهُ وَتَفَنَّنَتْ ، فَتَكَادُ تَكُونُ لِكُلِّ سُورَةٍ لَهْجَةٌ خَاصَّةٌ ، فَإِنَّ بَعْضَهَا بُنِيَ عَلَى فَوَاصِلَ وَبَعْضَهَا لَيْسَ كَذَلِكَ . وَكَذَلِكَ فَوَاتِحُهَا مِنْهَا مَا افْتُتِحَ بِالِاحْتِفَالِ كَالْحَمْدِ ، وَيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذَلِكَ الْكِتَابُ ، وَهِيَ قَرِيبٌ مِمَّا نُعَبِّرُ عَنْهُ فِي صِنَاعَةِ الْإِنْشَاءِ بِالْمُقَدِّمَاتِ . وَمِنْهَا مَا افْتُتِحَ بِالْهُجُومِ عَلَى الْغَرَضِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ نَحْوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=1الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ .
وَمِنْ أَبْدَعِ الْأَسَالِيبِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْإِيجَازُ وَهُوَ مُتَنَافَسُهُمْ وَغَايَةٌ تَتَبَارَى إِلَيْهَا فُصَحَاؤُهُمْ ، وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِأَبْدَعِهِ إِذْ كَانَ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْإِيجَازِ الْمُبَيَّنِ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي ، فِيهِ إِيجَازٌ عَظِيمٌ آخَرُ وَهُوَ صَلُوحِيَّةُ مُعْظَمِ آيَاتِهِ لِأَنْ تُؤْخَذَ مِنْهَا مَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ كُلُّهَا تَصْلُحُ لَهَا الْعِبَارَةُ بِاحْتِمَالَاتٍ لَا يُنَافِيهَا اللَّفْظُ ، فَبَعْضُ تِلْكَ الِاحْتِمَالَاتِ مِمَّا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُ ، وَبَعْضُهَا وَإِنْ كَانَ فَرْضٌ وَاحِدٌ مِنْهُ يَمْنَعُ مِنْ فَرْضٍ آخَرَ فَتَحْرِيكُ الْأَذْهَانِ إِلَيْهِ وَإِخْطَارُهُ بِهَا يَكْفِي فِي حُصُولِ الْمَقْصِدِ مِنَ التَّذْكِيرِ بِهِ لِلِامْتِثَالِ أَوِ الِانْتِهَاءِ . وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى هَذَا فِي الْمُقَدِّمَةِ التَّاسِعَةِ .
[ ص: 122 ] وَلَوْلَا
nindex.php?page=treesubj&link=32450_28914إِيجَازُ الْقُرْآنِ لَكَانَ أَدَاءُ مَا يَتَضَمَّنُهُ مِنَ الْمَعَانِي فِي أَضْعَافِ مِقْدَارِ الْقُرْآنِ . وَأَسْرَارُ التَّنْزِيلِ وَرُمُوزُهُ فِي كُلِّ بَابٍ بَالِغَةٌ مِنَ اللُّطْفِ وَالْخَفَاءِ حَدًّا يَدِقُّ عَنْ تَفَطُّنِ الْعَالِمِ وَيَزِيدُ عَنْ تَبَصُّرِهِ ، وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ .
إِنَّكَ تَجِدُ فِي كَثِيرٍ مِنْ تَرَاكِيبِ الْقُرْآنِ حَذْفًا وَلَكِنَّكَ لَا تَعْثُرُ عَلَى حَذْفٍ يَخْلُو الْكَلَامُ مِنْ دَلِيلٍ عَلَيْهِ مِنْ لَفْظٍ أَوْ سِيَاقٍ ، زِيَادَةً عَلَى جَمْعِهِ الْمَعَانِيَ الْكَثِيرَةَ فِي الْكَلَامِ الْقَلِيلِ ، قَالَ فِي الْكَشَّافِ فِي سُورَةِ الْمُدَّثِّرِ " الْحَذْفُ وَالِاخْتِصَارُ هُوَ نَهْجُ التَّنْزِيلِ " قَالَ بَعْضُ
بَطَارِقَةِ الرُّومِ nindex.php?page=showalam&ids=2لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَمَّا سَمِعَ قَوْلَهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=52وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ قَدْ جَمَعَ اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا أَنْزَلَ عَلَى
عِيسَى مِنْ أَحْوَالِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=7وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ الْآيَةَ ، جَمَعَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ وَنَهْيَيْنِ وَبِشَارَتَيْنِ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=179وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ مُقَابِلًا أَوْجَزَ كَلَامَ عُرِفَ عِنْدَهُمْ وَهُوَ الْقَتْلُ أَنْفَى لِلْقَتْلِ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=44وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَلَقَدْ بَسَّطَ
السَّكَّاكِيُّ فِي الْمِفْتَاحِ آخِرَ قِسْمِ الْبَيَانِ نَمُوذَجًا مِمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=28914الْبَلَاغَةِ وَالْفَصَاحَةِ ، وَتَصَدَّى
nindex.php?page=showalam&ids=12604أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى " إِعْجَازَ الْقُرْآنِ " إِلَى بَيَانِ مَا فِي سُورَةِ النَّمْلِ مِنَ الْخَصَائِصِ فَارْجِعْ إِلَيْهِمَا .
وَأَعُدُّ مِنْ أَنْوَاعِ إِيجَازِهِ إِيجَازَ الْحَذْفِ مَعَ عَدَمِ الِالْتِبَاسِ ، وَكَثُرَ ذَلِكَ فِي حَذْفِ الْقَوْلِ ، وَمِنْ أَبْدَعِ الْحَذْفِ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=40فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=41عَنِ الْمُجْرِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=42مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ أَيْ يَتَذَاكَرُونَ شَأْنَ الْمُجْرِمِينَ فَيَقُولُ مَنْ عَلِمُوا شَأْنَهُمْ سَأَلْنَاهُمْ فَقُلْنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=42مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ . قَالَ فِي الْكَشَّافِ : قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=42مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ لَيْسَ بِبَيَانٍ لِلتَّسَاؤُلِ عَنْهُمْ وَإِنَّمَا هُوَ حِكَايَةُ قَوْلِ الْمَسْئُولِينَ ، أَيْ أَنَّ الْمَسْئُولِينَ يَقُولُونَ لِلسَّائِلِينَ قُلْنَا لَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=42مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=43قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ اهـ .
وَمِنْهُ حَذْفُ الْمُضَافِ كَثِيرًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وَلَكِنِ الْبِرُّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَحَذْفُ الْجُمَلِ الَّتِي يَدُلُّ الْكَلَامُ عَلَى تَقْدِيرِهَا ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=63فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ إِذِ التَّقْدِيرُ : فَضَرَبَ فَانْفَلَقَ . وَمِنْ ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=29568_28900الْإِخْبَارُ عَنْ أَمْرٍ خَاصٍّ بِخَبَرٍ يَعُمُّهُ وَغَيْرَهُ لِتَحْصُلَ فَوَائِدُ : فَائِدَةُ الْحُكْمِ الْعَامِّ ، وَفَائِدَةُ الْحُكْمِ الْخَاصِّ ، وَفَائِدَةُ أَنَّ هَذَا الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ الْخَاصِّ هُوَ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ الْعَامِّ .
وَقَدْ تَتَبَّعْتُ أَسَالِيبَ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28900_29568_32234أَسَالِيبِ نَظْمِ الْكَلَامِ فِي الْقُرْآنِ فَوَجَدْتُهَا مِمَّا لَا عَهْدَ بِمِثْلِهَا فِي
[ ص: 123 ] كَلَامِ الْعَرَبِ ، مِثَالُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=10قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمُ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ فَإِبْدَالُ " رَسُولًا " مِنْ " ذِكْرًا " يُفِيدُ أَنَّ هَذَا الذِّكْرَ ذِكْرُ هَذَا الرَّسُولِ ، وَأَنَّ مَجِيءَ الرَّسُولِ هُوَ ذِكْرٌ لَهُمْ ، وَأَنَّ وَصْفَهُ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=11يَتْلُو عَلَيْكُمُ آيَاتِ اللَّهِ يُفِيدُ أَنَّ الْآيَاتِ ذِكْرٌ . وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً الْآيَةَ ، وَلَيْسَ الْمَقَامُ بِسَامِحٍ لِإِيرَادِ عَدِيدٍ مِنْ هَذَا . وَلَعَلَّهُ يَأْتِي فِي أَثْنَاءِ التَّفْسِيرِ .
وَمِنْ بَدِيعِ الْإِيجَازِ فِي الْقُرْآنِ وَأَكْثَرِهِ مَا يُسَمَّى بِالتَّضْمِينِ ، وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى إِيجَازِ الْحَذْفِ ، وَالتَّضْمِينُ أَنْ يُضَمَّنَ الْفِعْلُ أَوِ الْوَصْفُ مَعْنَى فِعْلٍ أَوْ وَصْفٍ آخَرَ وَيُشَارُ إِلَى الْمَعْنَى الْمُضَمَّنِ بِذِكْرِ مَا هُوَ مِنْ مُتَعَلَّقَاتِهِ مِنْ حَرْفٍ أَوْ مَعْمُولٍ فَيَحْصُلُ فِي الْجُمْلَةِ مَعْنَيَانِ .
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْجُمَلِ الْجَارِيَةِ مَجْرَى الْأَمْثَالِ ، وَهَذَا بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْبَلَاغَةِ نَادِرٌ فِي كَلَامِ بُلَغَاءِ الْعَرَبِ ، وَهُوَ الَّذِي لِأَجْلِهِ عُدَّتْ قَصِيدَةُ
زُهَيْرٍ فِي الْمُعَلَّقَاتِ ، فَجَاءَ فِي الْقُرْآنِ مَا يَفُوقُ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=84قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=34ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَسَلَكَ الْقُرْآنُ مَسْلَكَ الْإِطْنَابِ لِأَغْرَاضٍ مِنَ الْبَلَاغَةِ وَمِنْ أَهَمِّ مَقَامَاتِ الْإِطْنَابِ مَقَامُ تَوْصِيفِ الْأَحْوَالِ الَّتِي يُرَادُ بِتَفْصِيلِ وَصْفِهَا إِدْخَالُ الرَّوْعِ فِي قَلْبِ السَّامِعِ ، وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ عَرَبِيَّةٌ فِي مِثْلِ هَذَا كَقَوْلِ
ابْنِ زَيَّابَةَ :
نُبِّئْتَ عَمْرًا غَارِزًا رَأْسَهُ فِي سِنَةٍ يُوعِدُ أَخْوَالَهُ
فَمِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ فِي مِثْلِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=26كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=27وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=28وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=29وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=83فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=84وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=43مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَمِنْ أَسَالِيبِ الْقُرْآنِ الْمُنْفَرِدِ بِهَا الَّتِي أَغْفَلَ الْمُفَسِّرُونَ اعْتِبَارَهَا أَنَّهُ يَرِدُ فِيهِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْنِ أَوْ مَعَانٍ إِذَا صَلُحَ الْمَقَامُ بِحَسَبِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ لِإِدَارَةِ مَا يَصْلُحُ مِنْهَا ، وَاسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ إِذَا صَلُحَ الْمَقَامُ لِإِرَادَتِهِمَا ، وَبِذَلِكَ تَكْثُرُ مَعَانِي الْكَلَامِ مَعَ الْإِيجَازِ ، وَهَذَا مِنْ آثَارِ
nindex.php?page=treesubj&link=32450_28741كَوْنِهِ مُعْجِزَةً خَارِقَةً لِعَادَةِ كَلَامِ الْبَشَرِ ، وَدَالَّةً عَلَى أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ لَدُنِ الْعَلِيمِ بِكُلِّ شَيْءٍ وَالْقَدِيرِ عَلَيْهِ .
وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَى ذَلِكَ وَحَقَّقْنَاهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ التَّاسِعَةِ . وَمِنْ
[ ص: 124 ] أَسَالِيبِهِ الْإِتْيَانُ بِالْأَلْفَاظِ الَّتِي تَخْتَلِفُ مَعَانِيهَا بِاخْتِلَافِ حُرُوفِهَا أَوِ اخْتِلَافِ حَرَكَاتِ حُرُوفِهَا ، وَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ اخْتِلَافِ كَثِيرٍ مِنَ الْقِرَاءَاتِ مِثْلَ " وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِنْدَ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا " قُرِئَ ( عِنْدَ ) بِالنُّونِ دُونَ أَلِفٍ وَقُرِئَ ( عِبَادُ ) بِالْمُوَحَّدَةِ وَأَلِفٍ بَعْدَهَا ، وَمِثْلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=57إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصُدُّونَ ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا .
وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَةِ السَّادِسَةِ . وَاعْلَمْ أَنَّ مِمَّا يَنْدَرِجُ تَحْتَ جِهَةِ الْأُسْلُوبِ مَا سَمَّاهُ أَئِمَّةُ نَقْدِ الْأَدَبِ بِالْجَزَالَةِ ، وَمَا سَمَّوْهُ بِالرِّقَّةِ وَبَيَّنُوا لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَقَامَاتِهِ وَهُمَا رَاجِعَتَانِ إِلَى مَعَانِي الْكَلَامِ ، وَلَا تَخْلُو سُورَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ مِنْ تَكَرُّرِ هَذَيْنِ الْأُسْلُوبَيْنِ ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا بَالِغٌ غَايَتَهُ فِي مَوْقِعِهِ ، فَبَيْنَمَا تَسْمَعُهُ يَقُولُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَيَقُولُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=28يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا إِذْ تَسْمَعُهُ
يَقُولُ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=13فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ قَالَ عِيَاضٌ فِي الشِّفَا : إِنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ لَمَّا سَمِعَ هَذِهِ الْآيَةَ أَمْسَكَ بِيَدِهِ عَلَى فَمِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُ : نَاشَدْتُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ إِلَّا مَا كَفَفْتَ .