nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=65nindex.php?page=treesubj&link=28987والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون
انتهى الكلام المعترض به ، وعاد الكلام إلى دلائل الانفراد بالخلق مع ما أدمج فيه ذلك من التذكير بالنعم ، فهذه منة من المنن وعبرة من العبر وحجة من الحجج المتفرعة عن التذكير بنعم الله والاعتبار بعجيب صنعه .
عاد الكلام إلى تعداد نعم جمة ، ومعها ما فيها من العبر أيضا جمعا عجيبا بين الاستدلال ، ووصلا للكلام المفارق عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=16وبالنجم هم يهتدون ، كما علمته فيما تقدم ، فكان ذكر إنزال الماء في الآية السابقة مسوقا مساق الاستدلال ، وهو هنا مسوق مساق الامتنان بنعمة إحياء الأرض بعد موتها بالماء النازل من السماء .
وبهذا الاعتبار خالفت هذه النعمة النعمة المذكورة في قوله سابقا
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=10هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر باختلاف الغرض الأولي ، فهو هنالك الاستدلال بتكوين الماء ، وهنا الامتنان .
وبناء الجملة على المسند الفعلي لإفادة التخصيص ، أي الله لا غيره أنزل من السماء ماء ، وذلك في معنى قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=40هل من شركائكم من يفعل من ذلكم [ ص: 198 ] من شيء ، وإظهار اسم الجلالة دون الإضمار الذي هو مقتضى الظاهر لقصد التنويه بالخبر إذ افتتح بهذا الاسم ، ولأن دلالة الاسم العلم أوضح وأصرح ، فهو مقتضى مقام تحقيق
nindex.php?page=treesubj&link=28784الانفراد بالخلق والإنعام دون غيره من شركائهم ; لأن المشركين يقرون بأن الله هو فاعل هذه الأشياء .
وإحياء الأرض : إخراج ما فيه الحياة ، وهو الكلأ والشجر ، وموتها ضد ذلك ، فتعدية فعل ( أحيا ) إلى الأرض تعدية مجازية ، وقد تقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=164فأحيا به الأرض بعد موتها في سورة البقرة ، وتقدم وجه العبرة في آية نزول المطر هنالك .
وجملة ( إن في ذلك لآية ) مستأنفة ، والتأكيد بـ ( إن ) ولام الابتداء ; لأن من لم يهتد بذلك إلى الوحدانية ينكرون أن القوم الذين يسمعون ذلك قد علموا دلالته على الوحدانية ، أي ينكرون صلاحية ذلك للاستدلال .
والإتيان باسم الإشارة دون الضمير ; ليكون محل الآية جميع المذكورات من إنزال المطر ، وإحياء الأرض به ، وموتها من قبل الإحياء .
والكلام في ( قوم يسمعون ) كالكلام في قوله آنفا ( لقوم يؤمنون ) .
والسمع : هنا مستعمل في لازم معناه على سبيل الكناية ، وهو سماع التدبر والإنصاف لما تدبروا به ، وهو تعريض بالمشركين الذين لم يفهموا دلالة ذلك على الوحدانية ، ولذلك اختير وصف السمع هنا المراد منه الإنصاف والامتثال ; لأن دلالة المطر وحياة الأرض به معروفة مشهورة ، ودلالة ذلك على وحدانية الله تعالى ظاهرة لا يصد عنها إلا المكابرة .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=65nindex.php?page=treesubj&link=28987وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ
انْتَهَى الْكَلَامُ الْمُعْتَرَضُ بِهِ ، وَعَادَ الْكَلَامُ إِلَى دَلَائِلِ الِانْفِرَادِ بِالْخَلْقِ مَعَ مَا أُدْمِجَ فِيهِ ذَلِكَ مِنَ التَّذْكِيرِ بِالنِّعَمِ ، فَهَذِهِ مِنَّةٌ مِنَ الْمِنَنِ وَعِبْرَةٌ مِنَ الْعِبَرِ وَحُجَّةٌ مِنَ الْحُجَجِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنِ التَّذْكِيرِ بِنِعَمِ اللَّهِ وَالِاعْتِبَارِ بِعَجِيبِ صُنْعِهِ .
عَادَ الْكَلَامُ إِلَى تَعْدَادِ نِعَمٍ جَمَّةٍ ، وَمَعَهَا مَا فِيهَا مِنَ الْعِبَرِ أَيْضًا جَمْعًا عَجِيبًا بَيْنَ الِاسْتِدْلَالِ ، وَوَصْلًا لِلْكَلَامِ الْمُفَارِقِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=16وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ، كَمَا عَلِمْتَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ ، فَكَانَ ذِكْرُ إِنْزَالِ الْمَاءِ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ مَسُوقًا مَسَاقَ الِاسْتِدْلَالِ ، وَهُوَ هُنَا مَسُوقٌ مَسَاقَ الِامْتِنَانِ بِنِعْمَةِ إِحْيَاءِ الْأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِهَا بِالْمَاءِ النَّازِلِ مِنَ السَّمَاءِ .
وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ خَالَفَتْ هَذِهِ النِّعْمَةُ النِّعْمَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=10هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ بِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ الْأَوَّلِيِّ ، فَهُوَ هُنَالِكَ الِاسْتِدْلَالُ بِتَكْوِينِ الْمَاءِ ، وَهُنَا الِامْتِنَانُ .
وَبِنَاءُ الْجُمْلَةِ عَلَى الْمُسْنَدِ الْفِعْلِيِّ لِإِفَادَةِ التَّخْصِيصِ ، أَيِ اللَّهُ لَا غَيْرُهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ، وَذَلِكَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=40هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ [ ص: 198 ] مِنْ شَيْءٍ ، وَإِظْهَارُ اسْمِ الْجَلَالَةِ دُونَ الْإِضْمَارِ الَّذِي هُوَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ لِقَصْدِ التَّنْوِيهِ بِالْخَبَرِ إِذِ افْتُتِحَ بِهَذَا الِاسْمِ ، وَلِأَنَّ دَلَالَةَ الِاسْمِ الْعَلَمِ أَوْضَحُ وَأَصْرَحُ ، فَهُوَ مُقْتَضَى مَقَامِ تَحْقِيقِ
nindex.php?page=treesubj&link=28784الِانْفِرَادِ بِالْخَلْقِ وَالْإِنْعَامِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ شُرَكَائِهِمْ ; لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ يُقِرُّونَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ فَاعِلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ .
وَإِحْيَاءُ الْأَرْضِ : إِخْرَاجُ مَا فِيهِ الْحَيَاةُ ، وَهُوَ الْكَلَأُ وَالشَّجَرُ ، وَمَوْتُهَا ضِدُّ ذَلِكَ ، فَتَعْدِيَةُ فِعْلِ ( أَحْيَا ) إِلَى الْأَرْضِ تَعْدِيَةٌ مَجَازِيَّةٌ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=164فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، وَتَقَدَّمَ وَجْهُ الْعِبْرَةِ فِي آيَةِ نُزُولِ الْمَطَرِ هُنَالِكَ .
وَجُمْلَةُ ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً ) مُسْتَأْنَفَةٌ ، وَالتَّأْكِيدُ بِـ ( إِنَّ ) وَلَامِ الِابْتِدَاءِ ; لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَهْتَدِ بِذَلِكَ إِلَى الْوَحْدَانِيَّةِ يُنْكِرُونَ أَنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ذَلِكَ قَدْ عَلِمُوا دَلَالَتَهُ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ ، أَيْ يُنْكِرُونَ صَلَاحِيَةَ ذَلِكَ لِلِاسْتِدْلَالِ .
وَالْإِتْيَانُ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ دُونَ الضَّمِيرِ ; لِيَكُونَ مَحَلُّ الْآيَةِ جَمِيعَ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ إِنْزَالِ الْمَطَرِ ، وَإِحْيَاءِ الْأَرْضِ بِهِ ، وَمَوْتِهَا مِنْ قَبْلِ الْإِحْيَاءِ .
وَالْكَلَامُ فِي ( قَوْمٍ يَسْمَعُونَ ) كَالْكَلَامِ فِي قَوْلِهِ آنِفًا ( لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) .
وَالسَّمْعُ : هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي لَازِمِ مَعْنَاهُ عَلَى سَبِيلِ الْكِنَايَةِ ، وَهُوَ سَمَاعُ التَّدَبُّرِ وَالْإِنْصَافِ لِمَا تَدَبَّرُوا بِهِ ، وَهُوَ تَعْرِيضٌ بِالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَمْ يَفْهَمُوا دَلَالَةَ ذَلِكَ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ ، وَلِذَلِكَ اخْتِيرَ وَصْفُ السَّمْعِ هُنَا الْمُرَادُ مِنْهُ الْإِنْصَافُ وَالِامْتِثَالُ ; لِأَنَّ دَلَالَةَ الْمَطَرِ وَحَيَاةَ الْأَرْضِ بِهِ مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ ، وَدَلَالَةُ ذَلِكَ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى ظَاهِرَةٌ لَا يَصُدُّ عَنْهَا إِلَّا الْمُكَابَرَةُ .