nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=67nindex.php?page=treesubj&link=28987_32446_29485ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون عطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=66وإن لكم في الأنعام لعبرة .
ووجود ( من ) في صدر الكلام يدل على تقدير فعل يدل عليه الفعل الذي في الجملة قبلها وهو ( نسقيكم ) ، فالتقدير : ونسقيكم من ثمرات النخيل والأعناب ، وليس متعلقا بـ ( تتخذون ) ، كما دل على ذلك وجود ( من ) الثانية في قوله ( تتخذون منه سكرا ) المانع من اعتبار تعلق من ثمرات النخيل بـ ( تتخذون ) ، فإن نظم الكلام يدل على قصد المتكلم ، ولا يصح جعله متعلقا بـ ( تتخذون ) مقدما عليه ; لأنه يبعد المعنى عن الامتنان بلطف الله تعالى إذ جعل نفسه الساقي للناس ، وهذا عطف منه على منة ; لأن نسقيكم وقع بيانا لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=66وإن لكم في الأنعام لعبرة ومفاد فعل نسقيكم مفاد الامتنان ; لأن السقي مزية ، وكلتا العبرتين في السقي ، والمناسبة أن كلتيهما ماء ، وأن كلتيهما يضغط باليد ، وقد أطلق
[ ص: 203 ] العرب الحلب على عصير الخمر والنبيذ ، قال
حسان يذكر الخمر الممزوجة والخالصة :
كلتاهما حلب العصير فعاطني بزجاجة أرخاهما للمفصـل
ويشير إلى كونهما عبرتين من نوع متقارب جعل التذييل بقوله تعالى ( إن في ذلك لآية ) عقب ذكر السقيين دون أن يذيل سقي الألبان بكونه آية ، فالعبرة في خلق الثمار صالحة للعصر والاختمار ، ومشتملة على منافع للناس ولذات ، وقد دل على ذلك قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=67إن في ذلك لآية لقوم يعقلون ، فهذا مرتبط بما تقدم من العبرة بخلق النبات والثمرات من قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=11ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل الآية .
وجملة ( تتخذون منه سكرا ) إلخ في موضع الحال .
و ( من ) في الموضعين ابتدائية ، فالأولى متعلقة بفعل ( نسقيكم ) المقدر ، والثانية متعلقة بفعل ( تتخذون ) ، وليست الثانية تبعيضية ; لأن السكر ليس بعض الثمرات ، فمعنى الابتداء ينتظم كلا الحرفين .
والسكر بفتحتين : الشراب المسكر .
وهذا امتنان بما فيه لذتهم المرغوبة لديهم ، والمتفشية فيهم وذلك قبل تحريم الخمر ; لأن هذه الآية مكية
nindex.php?page=treesubj&link=32401_32268وتحريم الخمر نزل بالمدينة فالامتنان حينئذ بمباح .
والرزق : الطعام ، ووصف بـ ( حسنا ) لما فيه من المنافع ، وذلك التمر والعنب ; لأنهما حلوان لذيذان يؤكلان رطبين ويابسين قابلان للادخار ، ومن أحوال عصير العنب أن يصير خلا وربا .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=67إن في ذلك لآية لقوم يعقلون تكرير لتعداد الآية ; لأنها آية مستقلة .
[ ص: 204 ] والقول في جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=67إن في ذلك لآية لقوم يعقلون مثل قوله آنفا
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=65إن في ذلك لآية لقوم يسمعون ، والإشارة إلى جميع ما ذكر من نعمة سقي الألبان ، وسقي السكر وطعم الثمر .
واختير وصف العقل هنا ; لأن دلالة تكوين ألبان الأنعام على حكمة الله تعالى يحتاج إلى تدبر فيما وصفته الآية هنا ، وليس هو ببديهي كدلالة المطر كما تقدم .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=67nindex.php?page=treesubj&link=28987_32446_29485وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=66وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً .
وَوُجُودُ ( مِنْ ) فِي صَدْرِ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الَّذِي فِي الْجُمْلَةِ قَبْلَهَا وَهُوَ ( نَسْقِيكُمْ ) ، فَالتَّقْدِيرُ : وَنَسْقِيكُمْ مِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ ، وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِـ ( تَتَّخِذُونَ ) ، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ وُجُودُ ( مِنْ ) الثَّانِيَةِ فِي قَوْلِهِ ( تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا ) الْمَانِعُ مِنَ اعْتِبَارِ تَعَلُّقِ مِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ بِـ ( تَتَّخِذُونَ ) ، فَإِنَّ نُظُمَ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى قَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ مُتَعَلِّقًا بِـ ( تَتَّخِذُونَ ) مُقَدَّمًا عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ يَبْعُدُ الْمَعْنَى عَنْ الِامْتِنَانِ بِلُطْفِ اللَّهِ تَعَالَى إِذْ جَعَلَ نَفْسَهُ السَّاقِي لِلنَّاسِ ، وَهَذَا عَطْفٌ مِنْهُ عَلَى مِنَّةٍ ; لِأَنَّ نَسْقِيكُمْ وَقَعَ بَيَانًا لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=66وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً وَمُفَادُ فِعْلِ نَسْقِيكُمْ مُفَادُ الِامْتِنَانِ ; لِأَنَّ السَّقْيَ مَزِيَّةٌ ، وَكِلْتَا الْعِبْرَتَيْنِ فِي السَّقْيِ ، وَالْمُنَاسَبَةُ أَنَّ كِلْتَيْهِمَا مَاءٌ ، وَأَنَّ كِلْتَيْهِمَا يُضْغَطُ بِالْيَدِ ، وَقَدْ أَطْلَقَ
[ ص: 203 ] الْعَرَبُ الْحَلْبَ عَلَى عَصِيرِ الْخَمْرِ وَالنَّبِيذِ ، قَالَ
حَسَّانٌ يَذْكُرُ الْخَمْرَ الْمَمْزُوجَةَ وَالْخَالِصَةَ :
كِلْتَاهُمَا حَلَبَ الْعَصِيرَ فَعَاطِنِي بِزُجَاجَةٍ أَرْخَاهُمَا لِلْمَفْصِـلِ
وَيُشِيرُ إِلَى كَوْنِهِمَا عِبْرَتَيْنِ مِنْ نَوْعٍ مُتَقَارِبٍ جَعْلُ التَّذْيِيلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً ) عَقِبَ ذِكْرِ السَّقْيَيْنِ دُونَ أَنْ يُذَيِّلَ سَقْيَ الْأَلْبَانِ بِكَوْنِهِ آيَةً ، فَالْعِبْرَةُ فِي خَلْقِ الثِّمَارِ صَالِحَةً لِلْعَصْرِ وَالِاخْتِمَارِ ، وَمُشْتَمِلَةً عَلَى مَنَافِعَ لِلنَّاسِ وَلَذَّاتٍ ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=67إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ، فَهَذَا مُرْتَبِطٌ بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْعِبْرَةِ بِخَلْقِ النَّبَاتِ وَالثَّمَرَاتِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=11يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ الْآيَةَ .
وَجُمْلَةُ ( تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا ) إِلَخْ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ .
وَ ( مِنْ ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ ابْتِدَائِيَّةٌ ، فَالْأُولَى مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلِ ( نَسْقِيكُمْ ) الْمُقَدَّرِ ، وَالثَّانِيَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلِ ( تَتَّخِذُونَ ) ، وَلَيْسَتِ الثَّانِيَةُ تَبْعِيضِيَّةً ; لِأَنَّ السَّكَرَ لَيْسَ بَعْضَ الثَّمَرَاتِ ، فَمَعْنَى الِابْتِدَاءِ يَنْتَظِمُ كِلَا الْحَرْفَيْنِ .
وَالسَّكَرُ بِفَتْحَتَيْنِ : الشَّرَابُ الْمُسْكِرُ .
وَهَذَا امْتِنَانٌ بِمَا فِيهِ لَذَّتُهُمُ الْمَرْغُوبَةُ لَدَيْهِمْ ، وَالْمُتَفَشِّيَةُ فِيهِمْ وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ ; لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ
nindex.php?page=treesubj&link=32401_32268وَتَحْرِيمُ الْخَمْرِ نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ فَالِامْتِنَانُ حِينَئِذٍ بِمُبَاحٍ .
وَالرِّزْقُ : الطَّعَامُ ، وَوُصِفَ بِـ ( حَسَنًا ) لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَنَافِعِ ، وَذَلِكَ التَّمْرُ وَالْعِنَبُ ; لِأَنَّهُمَا حُلْوَانِ لَذِيذَانِ يُؤْكَلَانِ رَطْبَيْنِ وَيَابِسَيْنِ قَابِلَانِ لِلِادِّخَارِ ، وَمِنْ أَحْوَالِ عَصِيرِ الْعِنَبِ أَنْ يَصِيرَ خَلًّا وَرُبًّا .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=67إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ تَكْرِيرٌ لِتَعْدَادِ الْآيَةِ ; لِأَنَّهَا آيَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ .
[ ص: 204 ] وَالْقَوْلُ فِي جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=67إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ مِثْلُ قَوْلِهِ آنِفًا
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=65إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ، وَالْإِشَارَةُ إِلَى جَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِنْ نِعْمَةِ سَقْيِ الْأَلْبَانِ ، وَسَقْيِ السَّكَرِ وَطُعْمِ الثَّمَرِ .
وَاخْتِيرَ وَصْفُ الْعَقْلِ هُنَا ; لِأَنَّ دَلَالَةَ تَكْوِينِ أَلْبَانِ الْأَنْعَامِ عَلَى حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى يَحْتَاجُ إِلَى تَدَبُّرٍ فِيمَا وَصَفَتْهُ الْآيَةُ هُنَا ، وَلَيْسَ هُوَ بِبَدِيهِيٍّ كَدَلَالَةِ الْمَطَرِ كَمَا تَقَدَّمَ .