[ ص: 110 ] nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=40nindex.php?page=treesubj&link=28990_29687إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون
تذييل لختم القصة على عادة القرآن في تذييل الأغراض عند الانتقال منها إلى غيرها . والكلام موجه إلى المشركين لإبلاغه إليهم .
وضمير يرجعون عائد إلى من عليها وإلى ما عاد إليه ضمير الغيبة في وأنذرهم .
nindex.php?page=treesubj&link=13649وحقيقة الإرث : مصير مال الميت إلى من يبقى بعده . وهو هنا مجاز في تمحض التصرف في الشيء دون مشارك ، فإن الأرض كانت في تصرف سكانها من الإنسان والحيوان كل بما يناسبه . فإذا هلك الناس والحيوان فقد صاروا في باطن الأرض وصارت الأرض في غير تصرفهم فلم يبق تصرف فيها إلا لخالقها ، وهو تصرف كان في ظاهر الأمر مشتركا بمقدار ما خولهم الله التصرف فيها إلى أجل معلوم ، فصار الجميع في محض تصرف الله ، ومن جملة ذلك تصرفه بالجزاء .
وتأكيد جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=40إنا نحن نرث الأرض بحرف التوكيد لدفع الشك لأن المشركين ينكرون الجزاء ، فهم ينكرون أن الله يرث الأرض ومن عليها بهذا المعنى .
وأما ضمير الفصل في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=40نحن نرث الأرض فهو لمجرد التأكيد ولا يفيد تخصيصا ، إذ لا يفيد رد اعتقاد مخالف لذلك .
وظهر لي : أن مجيء ضمير الفصل لمجرد التأكيد كثير إذا وقع ضمير الفصل بعد ضمير آخر نحو قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14إنني أنا الله في سورة طه ، وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=37وهم بالآخرة هم كافرون في سورة
يوسف .
وأفاد هذا التذييل التعريف بتهديد المشركين بأنهم لا مفر لهم من الكون في قبضة الرب الواحد الذي أشركوا بعبادته بعض ما على
[ ص: 111 ] الأرض ، وأن آلهتهم ليست بمرجوة لنفعهم إذ ما هي إلا مما يرثه الله . وبذلك كان موقع جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=40وإلينا يرجعون بينا ، فالتقديم مفيد القصر ، أي لا يرجعون إلى غيرنا . ومحمل هذا التقديم بالنسبة إلى المسلمين الاهتمام ومحمله بالنسبة إلى المشركين القصر كما تقدم في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=40إنا نحن نرث الأرض .
[ ص: 110 ] nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=40nindex.php?page=treesubj&link=28990_29687إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ
تَذْيِيلٌ لِخَتْمِ الْقِصَّةِ عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِي تَذْيِيلِ الْأَغْرَاضِ عِنْدَ الِانْتِقَالِ مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا . وَالْكَلَامُ مُوَجَّهٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ لِإِبْلَاغِهِ إِلَيْهِمْ .
وَضَمِيرُ يُرْجَعُونَ عَائِدٌ إِلَى مَنْ عَلَيْهَا وَإِلَى مَا عَادَ إِلَيْهِ ضَمِيرُ الْغَيْبَةِ فِي وَأَنْذِرْهُمْ .
nindex.php?page=treesubj&link=13649وَحَقِيقَةُ الْإِرْثِ : مَصِيرُ مَالِ الْمَيِّتِ إِلَى مَنْ يَبْقَى بَعْدَهُ . وَهُوَ هُنَا مَجَازٌ فِي تَمَحُّضِ التَّصَرُّفِ فِي الشَّيْءِ دُونَ مُشَارِكٍ ، فَإِنَّ الْأَرْضَ كَانَتْ فِي تَصَرُّفِ سُكَّانِهَا مِنَ الْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ كُلٌّ بِمَا يُنَاسِبُهُ . فَإِذَا هَلَكَ النَّاسُ وَالْحَيَوَانُ فَقَدْ صَارُوا فِي بَاطِنِ الْأَرْضِ وَصَارَتِ الْأَرْضُ فِي غَيْرِ تَصَرُّفِهِمْ فَلَمْ يَبْقَ تَصَرُّفٌ فِيهَا إِلَّا لِخَالِقِهَا ، وَهُوَ تَصَرُّفٌ كَانَ فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ مُشْتَرَكًا بِمِقْدَارِ مَا خَوَّلَهُمُ اللَّهُ التَّصَرُّفَ فِيهَا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ، فَصَارَ الْجَمِيعُ فِي مَحْضِ تَصَرُّفِ اللَّهِ ، وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ تَصَرُّفُهُ بِالْجَزَاءِ .
وَتَأْكِيدُ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=40إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ لِدَفْعِ الشَّكِّ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ يُنْكِرُونَ الْجَزَاءَ ، فَهُمْ يُنْكِرُونَ أَنَّ اللَّهَ يَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا بِهَذَا الْمَعْنَى .
وَأَمَّا ضَمِيرُ الْفَصْلِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=40نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ فَهُوَ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ وَلَا يُفِيدُ تَخْصِيصًا ، إِذْ لَا يُفِيدُ رَدَّ اعْتِقَادٍ مُخَالِفٍ لِذَلِكَ .
وَظَهَرَ لِي : أَنَّ مَجِيءَ ضَمِيرِ الْفَصْلِ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ كَثِيرٌ إِذَا وَقَعَ ضَمِيرُ الْفَصْلِ بَعْدَ ضَمِيرٍ آخَرَ نَحْوَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ فِي سُورَةِ طه ، وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=37وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ فِي سُورَةِ
يُوسُفَ .
وَأَفَادَ هَذَا التَّذْيِيلُ التَّعْرِيفَ بِتَهْدِيدِ الْمُشْرِكِينَ بِأَنَّهُمْ لَا مَفَرَّ لَهُمْ مِنَ الْكَوْنِ فِي قَبْضَةِ الرَّبِّ الْوَاحِدِ الَّذِي أَشْرَكُوا بِعِبَادَتِهِ بَعْضَ مَا عَلَى
[ ص: 111 ] الْأَرْضِ ، وَأَنَّ آلِهَتَهُمْ لَيْسَتْ بِمَرْجُوَّةٍ لِنَفْعِهِمْ إِذْ مَا هِيَ إِلَّا مِمَّا يَرِثُهُ اللَّهُ . وَبِذَلِكَ كَانَ مَوْقِعُ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=40وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ بَيِّنًا ، فَالتَّقْدِيمُ مُفِيدٌ الْقَصْرَ ، أَيْ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى غَيْرِنَا . وَمَحْمَلُ هَذَا التَّقْدِيمِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ الِاهْتِمَامُ وَمَحْمَلُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُشْرِكِينَ الْقَصْرُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=40إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ .