جملة ( ولتصنع على عيني ) عطف على جملة ( إذ أوحينا إلى أمك ) إلخ .
جعل الأمران إتماما لمنة واحدة لأن إنجاءه من القتل لا يظهر أثره إلا إذا أنجاه من الموت بالذبول لترك الرضاعة ، ومن الإهمال المفضي إلى الهلاك أو الوهن إذا ولي تربيته من لا يشفق عليه الشفقة الجبلية . والتقدير : وإذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله لأجل أن تصنع على عيني .
والصنع : مستعار للتربية والتنمية ، تشبيها لذلك بصنع شيء مصنوع ، ومنه يقال لمن أنعم عليه أحد نعمة عظيمة : هو صنيعة فلان .
وأخت موسى : مريم ابنة عمران . وفي التوراة : أنها كانت نبيئة كما في الإصحاح الخامس عشر من سفر الخروج . وتوفيت مريم سنة ثلاث من خروج بني إسرائيل من مصر في برية صين كما في الإصحاح التاسع عشر من سفر العدد . وذلك سنة 1417 قبل المسيح .
وقرأه الجمهور بكسر اللام على أنها لام كي ، وبنصب فعل ( تصنع ) ، وقرأه أبو جعفر بسكون اللام على أنها لام الأمر وبجزم الفعل على أنه أمر تكويني ، أي وقلنا : لتصنع .
وقوله ( على عيني ) ( على ) منه للاستلاء المجازي ، أي المصاحبة المتمكنة ، ف ( على ) هنا بمعنى باء المصاحبة قال تعالى ( فإنك بأعيننا ) .
[ ص: 219 ] : مجاز في المراعاة والمراقبة كقوله تعالى ( والعين واصنع الفلك بأعيننا ) ، وقول النابغة :
عهدتك ترعاني بعين بصيرة وتبعث حراسا علي وناظرا
ووقع اختصار في حكاية قصة مشي أخته ، وفصلت في سورة القصص .
والاستفهام في ( هل أدلكم ) للعرض . وأرادت ب ( من يكفله ) أمه . فلذلك قال ( فرجعناك إلى أمك ) .
وهذه منة عليه لإكمال نمائه ، وعلى أمه بنجاته فلم تفارق ابنها إلا ساعات قلائل ، أكرمها الله بسبب ابنها .
وعطف نفي الحزن على قرة العين لتوزيع المنة ، لأن قرة عينها برجوعه إليها ، وانتفاء حزنها بتحقيق سلامته من الهلاك ومن الغرق وبوصوله إلى أحسن مأوى . وتقديم قرة العين على انتفاء الحزن مع أنها أخص فيغني ذكرها عن ذكر انتفاء الحزن ؛ روعي فيه مناسبة تعقيب ( فرجعناك إلى أمك ) بما فيه من الحكمة ، ثم أكمل بذكر الحكمة في مشي أخته فتقول ( هل أدلكم على من يكفله ) في بيتها ، وكذلك كان شأن المراضع ذوات الأزواج كما جاء في حديث حليمة ، وكذلك ثبت في التوراة في سفر الخروج .