nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=239nindex.php?page=treesubj&link=28973فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون
تفريع على قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238وقوموا لله قانتين للتنبيه على أن حالة الخوف لا تكون عذرا في ترك المحافظة على الصلوات ، ولكنها عذر في ترك القيام لله قانتين ، فأفاد هذا التفريع غرضين : أحدهما بصريح لفظه ، والآخر بلازم معناه .
والخوف هنا خوف العدو ، وبذلك سميت صلاة الخوف ، والعرب تسمي الحرب بأسماء الخوف : فيقولون الروع ويقولون الفزع ، قال
عمرو بن كلثوم :
وتحملنا غداة الروع جرد البيت
[ ص: 470 ] وقال
سبرة بن عمر الفقعسي :
ونسوتكم في الروع باد وجودها يخلن إمـاء والإماء حـرائر
وفي الحديث
إنكم لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع ولا يعرف إطلاق الخوف على الحرب قبل القرآن قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع .
والمعنى : فإن حاربتم أو كنتم في حرب ، ومنه سمى الفقهاء (
nindex.php?page=treesubj&link=1817صلاة الخوف ) الصلاة التي يؤديها المسلمون وهم يصافون العدو ، في ساحة الحرب : وإيثار كلمة الخوف في هذه الآية لتشمل خوف العدو ، وخوف السباع ، وقطاع الطريق ، وغيرها .
ورجالا جمع راجل كالصحاب وركبانا جمع راكب وهما حالان من محذوف أي فصلوا رجالا أو ركبانا وهذا في معنى الاستثناء من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238وقوموا لله قانتين لأن هاته الحالة تخالف القنوت في حالة الترجل ، وتخالفهما معا في حالة الركوب . والآية إشارة إلى أن صلاة الخوف لا يشترط فيها
nindex.php?page=treesubj&link=25353_1817الخشوع ، لأنها تكون مع الاشتغال بالقتال ولا يشترط فيها القيام .
وهذا الخوف يسقط ما ذكر من شروط الصلاة ، وهو هنا صلاة الناس فرادى ، وذلك عند
مالك ، إذا اشتد الخوف ، وأظلهم العدو ، ولم يكن حصن بحيث تتعذر الصلاة جماعة مع الإمام ، وليست هذه الآية لبيان صلاة الجيش في الحرب جماعة : المذكورة في سورة النساء ، والظاهر أن الله شرع للناس في أول الأمر صلاة الخوف فرادى على الحال التي يتمكنون معها من مواجهة العدو ، ثم شرع لهم صلاة الخوف جماعة في سورة النساء ، وأيضا شملت هذه الآية كل خوف من سباع ، أو قطاع طريق ، أو من سيل الماء ، قال
مالك : وتستحب
nindex.php?page=treesubj&link=25850إعادة الصلاة ، قال
أبو حنيفة : يصلون كما وصف الله ويعيدون ، لأن القتال في الصلاة مفسد عنده .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=239فإذا أمنتم فاذكروا الله أراد الصلاة أي ارجعوا إلى الذكر المعروف . وجاء في الأمن بإذا وفي الخوف بإن بشارة للمسلمين بأنهم سيكون لهم النصر والأمن .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=239كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون الكاف للتشبيه : أي اذكروه ذكرا يشابه ما من به عليكم من علم الشريعة في تفاصيل هذه الآيات المتقدمة ، والمقصود من المشابهة
[ ص: 471 ] المشابهة في التقدير الاعتباري ، أي أن يكون الذكر بنية الشكر على تلك النعمة والجزاء ، فإن الشيء المجازى به شيء آخر ، يعتبر كالمشابه له ، ولذلك يطلق عليه اسم المقدار ، وقد يسمون هذه الكاف كاف التعليل ، والتعليل مستفاد من التشبيه ، لأن العلة على قدر المعلول .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=239nindex.php?page=treesubj&link=28973فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ
تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ حَالَةَ الْخَوْفِ لَا تَكُونُ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ ، وَلَكِنَّهَا عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ لِلَّهِ قَانِتِينَ ، فَأَفَادَ هَذَا التَّفْرِيعُ غَرَضَيْنِ : أَحَدُهُمَا بِصَرِيحِ لَفْظِهِ ، وَالْآخَرُ بِلَازِمِ مَعْنَاهُ .
وَالْخَوْفُ هُنَا خَوْفُ الْعَدُوِّ ، وَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ صَلَاةَ الْخَوْفِ ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْحَرْبَ بِأَسْمَاءِ الْخَوْفِ : فَيَقُولُونَ الرَّوْعُ وَيَقُولُونَ الْفَزَعُ ، قَالَ
عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ :
وَتَحْمِلُنَا غَدَاةَ الرَّوْعِ جُرْدُ الْبَيْتِ
[ ص: 470 ] وَقَالَ
سَبْرَةُ بْنُ عُمَرَ الْفَقْعَسِيُّ :
وَنِسْوَتُكُمْ فِي الرَّوْعِ بَادٍ وُجُودُهَا يُخَلْنَ إِمَـاءً وَالْإِمَاءُ حَـرَائِرُ
وَفِي الْحَدِيثِ
إِنَّكُمْ لَتَكْثُرُونَ عِنْدَ الْفَزَعِ وَتَقِلُّونَ عِنْدَ الطَّمَعِ وَلَا يُعْرَفُ إِطْلَاقُ الْخَوْفِ عَلَى الْحَرْبِ قَبْلَ الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ .
وَالْمَعْنَى : فَإِنْ حَارَبْتُمْ أَوْ كُنْتُمْ فِي حَرْبٍ ، وَمِنْهُ سَمَّى الْفُقَهَاءُ (
nindex.php?page=treesubj&link=1817صَلَاةَ الْخَوْفِ ) الصَّلَاةَ الَّتِي يُؤَدِّيهَا الْمُسْلِمُونَ وَهُمْ يُصَافُّونَ الْعَدُوَّ ، فِي سَاحَةِ الْحَرْبِ : وَإِيثَارُ كَلِمَةِ الْخَوْفِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِتَشْمَلَ خَوْفَ الْعَدُوِّ ، وَخَوْفَ السِّبَاعِ ، وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ ، وَغَيْرِهَا .
وَرِجَالًا جَمْعُ رَاجِلٍ كَالصِّحَابِ وَرُكْبَانًا جَمْعُ رَاكِبٍ وَهُمَا حَالَانِ مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ فَصَلُّوا رِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا وَهَذَا فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=238وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ لِأَنَّ هَاتِهِ الْحَالَةَ تُخَالِفُ الْقُنُوتَ فِي حَالَةِ التَّرَجُّلِ ، وَتُخَالِفُهُمَا مَعًا فِي حَالَةِ الرُّكُوبِ . وَالْآيَةُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا
nindex.php?page=treesubj&link=25353_1817الْخُشُوعُ ، لِأَنَّهَا تَكُونُ مَعَ الِاشْتِغَالِ بِالْقِتَالِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْقِيَامُ .
وَهَذَا الْخَوْفُ يُسْقِطُ مَا ذُكِرَ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ ، وَهُوَ هُنَا صَلَاةُ النَّاسِ فُرَادَى ، وَذَلِكَ عِنْدَ
مَالِكٍ ، إِذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ ، وَأَظَلَّهُمُ الْعَدُوُّ ، وَلَمْ يَكُنْ حِصْنٌ بِحَيْثُ تَتَعَذَّرُ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً مَعَ الْإِمَامِ ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لِبَيَانِ صَلَاةِ الْجَيْشِ فِي الْحَرْبِ جَمَاعَةً : الْمَذْكُورَةِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِلنَّاسِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ صَلَاةَ الْخَوْفِ فُرَادَى عَلَى الْحَالِ الَّتِي يَتَمَكَّنُونَ مَعَهَا مِنْ مُوَاجَهَةِ الْعَدُوِّ ، ثُمَّ شَرَعَ لَهُمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ جَمَاعَةً فِي سُورَةِ النِّسَاءِ ، وَأَيْضًا شَمِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ كُلَّ خَوْفٍ مِنْ سِبَاعٍ ، أَوْ قُطَّاعِ طَرِيقٍ ، أَوْ مِنْ سَيْلِ الْمَاءِ ، قَالَ
مَالِكٌ : وَتُسْتَحَبُّ
nindex.php?page=treesubj&link=25850إِعَادَةُ الصَّلَاةِ ، قَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : يُصَلُّونَ كَمَا وَصَفَ اللَّهُ وَيُعِيدُونَ ، لِأَنَّ الْقِتَالَ فِي الصَّلَاةِ مُفْسِدٌ عِنْدَهُ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=239فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ أَرَادَ الصَّلَاةَ أَيِ ارْجِعُوا إِلَى الذِّكْرِ الْمَعْرُوفِ . وَجَاءَ فِي الْأَمْنِ بِإِذَا وَفِي الْخَوْفِ بِإِنْ بِشَارَةً لِلْمُسْلِمِينَ بِأَنَّهُمْ سَيَكُونُ لَهُمُ النَّصْرُ وَالْأَمْنُ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=239كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ : أَيِ اذْكُرُوهُ ذِكْرًا يُشَابِهُ مَا مَنَّ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنْ عِلْمِ الشَّرِيعَةِ فِي تَفَاصِيلِ هَذِهِ الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْمُشَابَهَةِ
[ ص: 471 ] الْمُشَابَهَةُ فِي التَّقْدِيرِ الِاعْتِبَارِيِّ ، أَيْ أَنْ يَكُونُ الذِّكْرُ بِنِيَّةِ الشُّكْرِ عَلَى تِلْكَ النِّعْمَةِ وَالْجَزَاءِ ، فَإِنَّ الشَّيْءَ الْمُجَازَى بِهِ شَيْءٌ آخَرُ ، يُعْتَبَرُ كَالْمُشَابِهِ لَهُ ، وَلِذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمِقْدَارِ ، وَقَدْ يُسَمُّونَ هَذِهِ الْكَافَ كَافَ التَّعْلِيلِ ، وَالتَّعْلِيلُ مُسْتَفَادٌ مِنَ التَّشْبِيهِ ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ عَلَى قَدْرِ الْمَعْلُولِ .