[ ص: 328 ] nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29010_32440_32441_31756خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى هذه الجملة بيان لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4هو الله الواحد القهار فإن خلق هذه العوالم والتصرف فيها على شدتها وعظمتها يبين معنى الوحدانية ومعنى القهارية ، فتكون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4هو الله الواحد القهار ذات اتصالين : اتصال بجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4لو أراد الله أن يتخذ ولدا كاتصال التذييل ، واتصال بجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5خلق السماوات والأرض بالحق اتصال التمهيد .
وقد انتقل من الاستدلال باقتضاء حقيقة الإلهية نفي الشريك إلى
nindex.php?page=treesubj&link=28658الاستدلال بخلق السماوات والأرض على أنه المنفرد بالخلق إذ لا يستطيع شركاؤهم خلق العوالم .
والباء في " بالحق " للملابسة ، أي : خلقها خلقا ملابسا للحق وهو هنا ضد العبث ، أي : خلقهما خلقا ملابسا للحكمة والصواب والنفع لا يشوب خلقهما عبث ولا اختلال قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=38وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=39ما خلقناهما إلا بالحق .
وجملة "
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5يكور الليل " بيان ثان وهو كتعداد الجمل في مقام الاستدلال أو الامتنان . وأوثر المضارع في هذه الجملة للدلالة على تجدد ذلك وتكرره ، أو لاستحضار حالة التكوير تبعا لاستحضار آثارها فإن حالة تكوير الله الليل على النهار غير مشاهدة وإنما المشاهد أثرها وتجدد الأثر يدل على تجدد التأثير .
والتكوير حقيقته : اللف واللي ، يقال : كور العمامة على رأسه إذا لواها ولفها ، ومثلت به هنا هيئة غشيان الليل على النهار في جزء من سطح الأرض وعكس ذلك على التعاقب بهيئة كور العمامة إذ تغشى اللية اللية التي قبلها .
وهو تمثيل بديع قابل للتجزئة بأن تشبه الأرض بالرأس ، ويشبه تعاور الليل والنهار عليها بلف طيات العمامة ، ومما يزيده إبداعا إيثار مادة التكوير الذي هو معجزة علمية من معجزات القرآن المشار إليها في المقدمة الرابعة والموضحة في المقدمة العاشرة فإن مادة التكوير جائية من اسم الكرة ، وهي الجسم المستدير من جميع
[ ص: 329 ] جهاته على التساوي ،
nindex.php?page=treesubj&link=32442والأرض كروية الشكل في الواقع وذلك كان يجهله العرب وجمهور البشر يومئذ فأومأ القرآن إليه بوصف العرضين اللذين يعتريان الأرض على التعاقب وهما النور والظلمة ، أو الليل والنهار ، إذ جعل تعاورهما تكويرا لأن عرض الكرة يكون كرويا تبعا لذاتها ، فلما كان سياق هذه الآية للاستدلال على الإلهية الحق بإنشاء السماوات والأرض اختير للاستدلال على ما يتبع ذلك الإنشاء من خلق العرضين العظيمين للأرض مادة التكوير دون غيرها من نحو الغشيان الذي عبر به في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54يغشي الليل النهار في سورة الأعراف ، لأن تلك الآية مسوقة للدلالة على سعة التصرف في المخلوقات لأن أولها
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش فكان تصوير ذلك بإغشاء الليل والنهار خاصة لأنه دل على قوة التمكن من تغييره أعراض مخلوقاته ، ولذلك اقتصر على تغيير أعظم عرض وهو النور بتسليط الظلمة عليه ، لتكون هاته الآية لمن يأتي من المسلمين الذين يطلعون على علم الهيئة فتكون معجزة عندهم .
وعطف جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5ويكور النهار على الليل هو من عطف الجزء المقصود من الخبر كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5ثيبات وأبكارا .
وتسخير الشمس والقمر هو تذليلهما للعمل على ما جعل الله لهما من نظام السير سير المتبوع والتابع ، وقد تقدم في سورة الأعراف وغيرها .
وعطفت جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5وسخر الشمس والقمر على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5يكور الليل على النهار لأن ذلك التسخير مناسب لتكوير الليل على النهار وعكسه فإن ذلك التكوير من آثار ذلك التسخير فتلك المناسبة اقتضت عطف الجملة التي تضمنته على الجملة التي قبلها .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5كل يجري لأجل مسمى في موقع بدل اشتمال من جملة سخر الشمس والقمر وذلك أوضح أحوال التسخير .
وتنوين " كل " للعوض ، أي : كل واحد . والجري : السير السريع . واللام للعلة .
[ ص: 330 ] والأجل هو أجل فنائهما فإن جريهما لما كان فيه تقريب فنائهما جعل جريهما كأنه لأجل الأجل ؛ أي : لأجل ما يطلبه ويقتضيه أجل البقاء ، وذلك كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38والشمس تجري لمستقر لها فالتنكير في " أجل " للإفراد .
ويجوز أن يكون المراد بالأجل أجل حياة الناس الذي ينتهي بانتهاء الأعمار المختلفة .
nindex.php?page=treesubj&link=24479_32879وليس العمر إلا أوقاتا محدودة وأنفاسا معدودة . وجري الشمس والقمر تحسب به تلك الأوقات والأنفاس ، فصار جريهما كأنه لأجل .
قال أسقف
نجران :
منع البقاء تقلب الشمس وطلوعها من حيث لا تمسي
وأقوالهم في هذا المعنى كثيرة .
فالتنكير في " أجل " للنوعية الذي هو في معنى لآجال مسماة .
ولعل تعقيبه بوصف " الغفار " يرجح هذا المحمل كما سيأتي .
والمسمى : المجعول له وسم ، أي : ما به يعين وهو ما عينه الله لأن يبلغ إليه .
وقد جاء في آيات أخرى
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=29كل يجري إلى أجل بحرف انتهاء الغاية ، ولام العلة وحرف الغاية متقاربان في المعنى الأصلي وأحسب أن اختلاف التعبير بهما مجرد تفنن في الكلام .
[ ص: 328 ] nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29010_32440_32441_31756خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى هَذِهِ الْجُمْلَةُ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ فَإِنَّ خَلْقَ هَذِهِ الْعَوَالِمِ وَالتَّصَرُّفَ فِيهَا عَلَى شِدَّتِهَا وَعَظَمَتِهَا يُبَيِّنُ مَعْنَى الْوَحْدَانِيَّةِ وَمَعْنَى الْقَهَّارِيَّةِ ، فَتَكُونُ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ذَاتَ اتِّصَالَيْنِ : اتِّصَالٌ بِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا كَاتِّصَالِ التَّذْيِيلِ ، وَاتِّصَالٌ بِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ اتِّصَالَ التَّمْهِيدِ .
وَقَدِ انْتَقَلَ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِاقْتِضَاءِ حَقِيقَةِ الْإِلَهِيَّةِ نَفِيَ الشَّرِيكِ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28658الِاسْتِدْلَالِ بِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَلَى أَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِالْخَلْقِ إِذْ لَا يَسْتَطِيعُ شُرَكَاؤُهُمْ خَلْقَ الْعَوَالِمِ .
وَالْبَاءُ فِي " بِالْحَقِّ " لِلْمُلَابَسَةِ ، أَيْ : خَلَقَهَا خَلْقًا مُلَابِسًا لِلْحَقِّ وَهُوَ هُنَا ضِدُّ الْعَبَثِ ، أَيْ : خَلَقَهُمَا خَلْقًا مُلَابِسًا لِلْحِكْمَةِ وَالصَّوَابِ وَالنَّفْعِ لَا يَشُوبُ خَلْقَهُمَا عَبَثٌ وَلَا اخْتِلَالٌ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=38وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=39مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ .
وَجُمْلَةُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5يُكَوِّرُ اللَّيْلَ " بَيَانٌ ثَانٍ وَهُوَ كَتَعْدَادِ الْجُمَلِ فِي مَقَامِ الِاسْتِدْلَالِ أَوَ الِامْتِنَانِ . وَأُوثِرَ الْمُضَارِعُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَجَدُّدِ ذَلِكَ وَتَكَرُّرِهِ ، أَوْ لِاسْتِحْضَارِ حَالَةِ التَّكْوِيرِ تَبَعًا لِاسْتِحْضَارِ آثَارِهَا فَإِنَّ حَالَةَ تَكْوِيرِ اللَّهِ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ غَيْرُ مُشَاهَدَةٍ وَإِنَّمَا الْمَشَاهَدُ أَثَرُهَا وَتَجَدُّدُ الْأَثَرِ يَدُلُّ عَلَى تَجَدُّدِ التَّأْثِيرِ .
وَالتَّكْوِيرُ حَقِيقَتُهُ : اللَّفُّ وَاللَّيُّ ، يُقَالُ : كَوَّرَ الْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ إِذَا لَوَاهَا وَلَفَّهَا ، وَمُثِّلَتْ بِهِ هُنَا هَيْئَةُ غَشَيَانِ اللَّيْلِ عَلَى النَّهَارِ فِي جُزْءٍ مِنْ سَطْحِ الْأَرْضِ وَعَكْسُ ذَلِكَ عَلَى التَّعَاقُبِ بِهَيْئَةِ كُوَرِ الْعِمَامَةَ إِذْ تَغْشَى اللِّيَةُ اللِّيَةَ الَّتِي قَبْلَهَا .
وَهُوَ تَمْثِيلٌ بَدِيعٌ قَابِلٌ لِلتَّجْزِئَةِ بِأَنْ تُشَبِّهَ الْأَرْضُ بِالرَّأْسِ ، وَيُشَبَّهَ تَعَاوُرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ عَلَيْهَا بِلَفِّ طَيَّاتِ الْعِمَامَةِ ، وَمِمَّا يَزِيدُهُ إِبْدَاعًا إِيثَارُ مَادَّةِ التَّكْوِيرِ الَّذِي هُوَ مُعْجِزَةٌ عِلْمِيَّةٌ مِنْ مُعْجِزَاتِ الْقُرْآنِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا فِي الْمُقَدِّمَةِ الرَّابِعَةِ وَالْمُوَضَّحَةِ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْعَاشِرَةِ فَإِنَّ مَادَّةَ التَّكْوِيرِ جَائِيَةٌ مِنِ اسْمِ الْكُرَةِ ، وَهِيَ الْجِسْمُ الْمُسْتَدِيرُ مِنْ جَمِيعِ
[ ص: 329 ] جِهَاتِهِ عَلَى التَّسَاوِي ،
nindex.php?page=treesubj&link=32442وَالْأَرْضُ كُرَوِيَّةُ الشَّكْلِ فِي الْوَاقِعِ وَذَلِكَ كَانَ يَجْهَلُهُ الْعَرَبُ وَجُمْهُورُ الْبَشَرِ يَوْمَئِذٍ فَأَوْمَأَ الْقُرْآنُ إِلَيْهِ بِوَصْفِ الْعَرَضَيْنِ اللَّذَيْنِ يَعْتَرِيَانِ الْأَرْضَ عَلَى التَّعَاقُبِ وَهُمَا النُّورُ وَالظُّلْمَةُ ، أَوِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، إِذْ جَعَلَ تَعَاوُرَهُمَا تَكْوِيرًا لِأَنَّ عَرَضَ الْكُرَةِ يَكُونُ كُرَوِيًّا تَبَعًا لِذَاتِهَا ، فَلَمَّا كَانَ سِيَاقُ هَذِهِ الْآيَةِ لِلِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْإِلَهِيَّةِ الْحَقِّ بِإِنْشَاءِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ اخْتِيرَ لِلِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَا يَتْبَعُ ذَلِكَ الْإِنْشَاءَ مِنْ خَلْقِ الْعَرَضَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ لِلْأَرْضِ مَادَّةِ التَّكْوِيرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ نَحْوِ الْغَشَيَانِ الَّذِي عُبِّرَ بِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ ، لِأَنَّ تِلْكَ الْآيَةَ مَسُوقَةٌ لِلدَّلَالَةِ عَلَى سَعَةِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَخْلُوقَاتِ لِأَنَّ أَوَّلَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ فَكَانَ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِإِغْشَاءِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ خَاصَّةً لِأَنَّهُ دَلَّ عَلَى قُوَّةِ التَّمَكُّنِ مِنْ تَغْيِيرِهِ أَعْرَاضَ مَخْلُوقَاتِهِ ، وَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَى تَغْيِيرِ أَعْظَمِ عَرَضٍ وَهُوَ النُّورُ بِتَسْلِيطِ الظُّلْمَةِ عَلَيْهِ ، لِتَكُونَ هَاتِهِ الْآيَةُ لِمَنْ يَأْتِيَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَطَّلِعُونَ عَلَى عِلْمِ الْهَيْئَةِ فَتَكُونُ مُعْجِزَةً عِنْدَهُمْ .
وَعَطْفُ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ هُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُزْءِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْخَبَرِ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا .
وَتَسْخِيرُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ هُوَ تَذْلِيلُهُمَا لِلْعَمَلِ عَلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمَا مِنْ نِظَامِ السَّيْرِ سَيْرِ الْمَتْبُوعِ وَالتَّابِعِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَغَيْرِهَا .
وَعُطِفَتْ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ لِأَنَّ ذَلِكَ التَّسْخِيرَ مُنَاسِبٌ لِتَكْوِيرِ اللَّيْلِ عَلَى النَّهَارِ وَعَكْسِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ التَّكْوِيرَ مِنْ آثَارِ ذَلِكَ التَّسْخِيرِ فَتِلْكَ الْمُنَاسَبَةُ اقْتَضَتْ عَطْفَ الْجُمْلَةِ الَّتِي تَضَمَّنَتْهُ عَلَى الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى فِي مَوْقِعِ بَدَلِ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَذَلِكَ أَوْضَحُ أَحْوَالِ التَّسْخِيرِ .
وَتَنْوِينُ " كُلٌّ " لِلْعِوَضِ ، أَيْ : كُلُّ وَاحِدٍ . وَالْجَرْيُ : السَّيْرُ السَّرِيعُ . وَاللَّامُ لِلْعِلَّةِ .
[ ص: 330 ] وَالْأَجَلُ هُوَ أَجَلُ فَنَائِهِمَا فَإِنَّ جَرْيَهُمَا لَمَّا كَانَ فِيهِ تَقْرِيبُ فَنَائِهِمَا جُعِلَ جَرْيُهُمَا كَأَنَّهُ لِأَجْلِ الْأَجَلِ ؛ أَيْ : لِأَجْلِ مَا يَطْلُبُهُ وَيَقْتَضِيهِ أَجَلُ الْبَقَاءِ ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا فَالتَّنْكِيرُ فِي " أَجَلٍ " لِلْإِفْرَادِ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَجَلِ أَجْلَ حَيَاةِ النَّاسِ الَّذِي يَنْتَهِي بَانْتِهَاءِ الْأَعْمَارِ الْمُخْتَلِفَةِ .
nindex.php?page=treesubj&link=24479_32879وَلَيْسَ الْعُمْرُ إِلَّا أَوْقَاتًا مَحْدُودَةً وَأَنْفَاسًا مَعْدُودَةً . وَجَرْيُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ تُحْسَبُ بِهِ تِلْكَ الْأَوْقَاتُ وَالْأَنْفَاسُ ، فَصَارَ جَرْيُهُمَا كَأَنَّهُ لِأَجَلٍ .
قَالَ أُسْقُفُ
نَجْرَانَ :
مَنَعَ الْبَقَاءَ تَقَلُّبُ الشَّمْسِ وَطُلُوعُهَا مِنْ حَيْثُ لَا تُمْسِي
وَأَقْوَالُهُمْ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ .
فَالتَّنْكِيرُ فِي " أَجَلٍ " لِلنَّوْعِيَّةِ الَّذِي هُوَ فِي مَعْنَى لِآجَالٍ مُسَمَّاةٍ .
وَلَعَلَّ تَعْقِيبَهُ بِوَصْفِ " الْغَفَّارِ " يُرَجِّحُ هَذَا الْمَحْمَلَ كَمَا سَيَأْتِي .
وَالْمُسَمَّى : الْمَجْعُولُ لَهُ وَسْمٌ ، أَيْ : مَا بِهِ يُعَيَّنُ وَهُوَ مَا عَيَّنَهُ اللَّهُ لِأَنْ يَبْلُغَ إِلَيْهِ .
وَقَدْ جَاءَ فِي آيَاتٍ أُخْرَى
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=29كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ بِحَرْفِ انْتِهَاءِ الْغَايَةِ ، وَلَامُ الْعِلَّةِ وَحَرْفُ الْغَايَةِ مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى الْأَصْلِيِّ وَأَحْسَبُ أَنَّ اخْتِلَافَ التَّعْبِيرِ بِهِمَا مُجَرَّدُ تَفَنُّنٍ فِي الْكَلَامِ .