nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=269nindex.php?page=treesubj&link=28973_28783_19511يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب .
هذه الجملة اعتراض وتذييل لما تضمنته آيات الإنفاق من المواعظ والآداب وتلقين الأخلاق الكريمة ، مما يكسب العاملين به رجاحة العقل واستقامة العمل .
[ ص: 61 ] فالمقصود التنبيه إلى نفاسة ما وعظهم الله به ، وتنبيههم إلى أنهم قد أصبحوا به حكماء بعد أن كانوا في الجاهلية جهلاء ، فالمعنى : هذا من الحكمة التي آتاكم الله ، فهو يؤتي الحكمة من يشاء ، وهذا كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به .
قال
الفخر : نبه على أن الأمر الذي لأجله وجب ترجيح وعد الرحمن على وعد الشيطان هو أن وعد الرحمن ترجحه الحكمة والعقل ، ووعد الشيطان ترجحه الشهوة والحس من حيث إنهما يأمران بتحصيل اللذة الحاضرة ، ولا شك أن حكم الحكمة هو الحكم الصادق المبرأ عن الزيغ ، وحكم الحس والشهوة يوقع في البلاء والمحنة ، فتعقيب قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268والله يعدكم مغفرة بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=269يؤتي الحكمة إشارة إلى أن ما وعد به تعالى من المغفرة والفضل من الحكمة وأن الحكمة كلها من عطاء الله تعالى ، وأن الله تعالى يعطيها من يشاء .
والحكمة إتقان العلم وإجراء الفعل على وفق ذلك العلم ، فلذلك قيل : نزلت الحكمة على ألسنة العرب وعقول
اليونان ، وأيدي الصينيين . وهي
nindex.php?page=treesubj&link=19511مشتقة من الحكم وهو المنع لأنها تمنع صاحبها من الوقوع في الغلط والضلال ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1كتاب أحكمت آياته ومنه سميت الحديدة التي في اللجام وتجعل في فم الفرس حكمة .
ومن يشاء الله تعالى إيتاءه الحكمة هو الذي يخلقه مستعدا إلى ذلك من سلامة عقله واعتدال قواه ، حتى يكون قابلا لفهم الحقائق منقادا إلى الحق إذا لاح له ، لا يصده عن ذلك هوى ولا عصبية ولا مكابرة ولا أنفة ، ثم ييسر له أسباب ذلك من حضور الدعاة وسلامة البقعة من العتاة ، فإذا انضم إلى ذلك توجهه إلى الله بأن يزيد أسبابه تيسيرا ويمنع عنه ما يحجب الفهم فقد كمل له التيسير ، وفسرت الحكمة بأنها معرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه بما تبلغه الطاقة ، أي بحيث لا تلتبس الحقائق المتشابهة بعضها مع بعض ولا يغلط في العلل والأسباب .
والحكمة قسمت أقساما مختلفة الموضوع اختلافا باختلاف العصور والأقاليم ، ومبدأ ظهور علم الحكمة في الشرق عند
الهنود البراهمة والبوذيين ، وعند
أهل الصين [ ص: 62 ] البوذيين وفي
بلاد فارس في حكمة
زرادشت ، وعند القبط في حكمة الكهنة ، ثم انتقلت حكمة هؤلاء الأمم الشرقية إلى
اليونان وهذبت وصححت وفرعت وقسمت عندهم إلى قسمين : حكمة عملية ، وحكمة نظرية .
فأما الحكمة العملية فهي المتعلقة بما يصدر من أعمال الناس ، وهي تنحصر في تهذيب النفس وتهذيب العائلة وتهذيب الأمة .
والأول علم الأخلاق ، وهو التخلق بصفات العلو الإلهي بحسب الطاقة البشرية ، فيما يصدر عنه كمال في الإنسان .
والثاني : علم تدبير المنزل .
والثالث علم السياسة المدنية والشرعية .
وأما الحكمة النظرية فهي الباحثة عن الأمور التي تعلم وليست من الأعمال ، وإنما تعلم لتمام استقامة الأفهام والأعمال ، وهي ثلاثة علوم : علم يلقب بالأسفل وهو الطبيعي ، وعلم يلقب بالأوسط وهو الرياضي ، وعلم يلقب بالأعلى وهو الإلهي .
فالطبيعي يبحث عن الأمور العامة للتكوين والخواص والكون والفساد ، ويندرج تحته حوادث الجو وطبقات الأرض والنبات والحيوان والإنسان ويندرج فيه الطب والكيمياء والنجوم .
والرياضي الحساب والهندسة والهيئة والموسيقى ويندرج تحته الجبر والمساحة والحيل المتحركة ( الماكينية ) وجر الأثقال .
وأما الإلهي فهو خمسة أقسام : معاني الموجودات ، وأصول ومبادئ وهي المنطق ومناقضة الآراء الفاسدة ، وإثبات واجب الوجود وصفاته ، وإثبات الأرواح والمجردات ، وإثبات الوحي والرسالة ، وقد بين ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=14868أبو نصر الفارابي nindex.php?page=showalam&ids=13251وأبو علي ابن سينا .
فأما المتأخرون من حكماء الغرب فقد قصروا الحكمة في الفلسفة على ما وراء الطبيعة وهو ما يسمى عند
اليونان بالإلهيات .
[ ص: 63 ] والمهم من
nindex.php?page=treesubj&link=18479الحكمة في نظر الدين أربعة فصول : أحدها معرفة الله حق معرفته وهو علم الاعتقاد الحق ، ويسمى عند
اليونان العلم الإلهي أو ما وراء الطبيعة .
الثاني ما يصدر عن العلم به كمال نفسية الإنسان ، وهو علم الأخلاق .
الثالث : تهذيب العائلة ، وهو المسمى عند
اليونان علم تدبير المنزل .
الرابع : تقويم الأمة وإصلاح شئونها وهو المسمى علم السياسة المدنية ، وهو مندرج في أحكام الإمامة والأحكام السلطانية ، ودعوة الإسلام في أصوله وفروعه لا تخلو عن شعبة من شعب هذه الحكمة .
وقد ذكر الله
nindex.php?page=treesubj&link=19511الحكمة في مواضع كثيرة من كتابه مرادا بها ما فيه صلاح النفوس ، من النبوءة والهدى والإرشاد ، وقد كانت الحكمة تطلق عند العرب على الأقوال التي فيها إيقاظ للنفس ووصاية بالخير ، وإخبار بتجارب السعادة والشقاوة ، وكليات جامعة لجماع الآداب ، وذكر الله تعالى في كتابه حكمة
لقمان ووصاياه في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=12ولقد آتينا لقمان الحكمة الآيات ، وقد كانت لشعراء العرب عناية بإيداع الحكمة في شعرهم وهي إرسال الأمثال ، كما فعل
زهير في الأبيات التي أولها :
رأيت المنايا خبط عشواء . . . . . . .
، والتي افتتحها بـ ( من ومن ) في معلقته ، وقد كانت بيد بعض الأحبار صحائف فيها آداب ومواعظ مثل شيء من جامعة
سليمان عليه السلام وأمثاله ، فكان العرب ينقلون منها أقوالا ، وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في باب الحياء من كتاب الأدب أن
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341337nindex.php?page=treesubj&link=19527الحياء لا يأتي إلا بخير ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15545بشير بن كعب العدوي ، مكتوب في الحكمة : إن من الحياء وقارا وإن من الحياء سكينة ، فقال له
عمران : أحدثك عن رسول الله وتحدثني عن صحيفتك .
والحكيم هو النابغ في هاته العلوم أو بعضها فبحكمته يعتصم من الوقوع في الغلط والضلال بمقدار مبلغ حكمته ، وفي الغرض الذي تتعلق به حكمته .
nindex.php?page=treesubj&link=19511_26372وعلوم الحكمة هي مجموع ما أرشد إليه هدى الهداة من أهل الوحي الإلهي الذي هو أصل إصلاح عقول البشر ، فكان مبدأ ظهور الحكمة في الأديان ثم ألحق بها ما
[ ص: 64 ] أنتجه ذكاء أهل العقول من أنظارهم المتفرعة على أصول الهدى الأول ، وقد مهد قدماء الحكماء طرائق من الحكمة فنبعت ينابيع الحكمة في عصور متقاربة كانت فيها مخلوطة بالأوهام والتخيلات والضلالات ، بين
الكلدانيين والمصريين والهنود والصين ، ثم درسها
حكماء اليونان فهذبوا وأبدعوا ، وميزوا علم الحكمة عن غيره ، وتوخوا الحق ما استطاعوا فأزالوا أوهاما عظيمة وأبقوا كثيرا ، وانحصرت هذه العلوم في طريقتي
سقراط وهي نفسية ،
وفيثاغورس وهي رياضية عقلية ، والأولى يونانية والثانية لإيطاليا اليونانية ، وعنهما أخذ
أفلاطون ، واشتهر أصحابه
بالإشراقيين ، ثم أخذ عنه أفضل تلامذته وهو
أرسططاليس وهذب طريقته ووسع العلوم ، وسميت أتباعه بالمشائين ، ولم تزل الحكمة من وقت ظهوره معولة على أصوله إلى يومنا هذا .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=269nindex.php?page=treesubj&link=28973_19511_26372ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ، وهو الذي شاء الله إيتاءه الحكمة ، والخير الكثير منجر إليه من سداد الرأي والهدى الإلهي ، ومن تفاريع قواعد الحكمة التي تعصم من الوقوع في الغلط والضلال بمقدار التوغل في فهمها واستحضار مهمها ، لأننا إذا تتبعنا ما يحل بالناس من المصائب نجد معظمها من جراء الجهالة والضلالة وأفن الرأي ، وبعكس ذلك نجد ما يجتنيه الناس من المنافع والملائمات منجرا من المعارف والعلم بالحقائق ، ولو أننا علمنا الحقائق كلها لاجتنبنا كل ما نراه موقعا في البؤس والشقاء .
وقرأ الجمهور " ومن يؤت " بفتح المثناة الفوقية بصيغة المبني للنائب ، على أن ضمير " يؤت " نائب فاعل عائد على ( من ) الموصولة وهو رابط الصلة بالموصول ، وقرأ يعقوب
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=269ومن يؤت الحكمة بكسر المثناة الفوقية بصيغة البناء للفاعل ، فيكون الضمير الذي في فعل " يؤت " عائدا إلى الله تعالى ، وحينئذ فالعائد ضمير نصب محذوف والتقدير : ومن يؤته الله .
nindex.php?page=treesubj&link=28973_28907_19778وقوله : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=269وما يذكر إلا أولو الألباب تذييل للتنبيه على أن من شاء الله إيتاءه الحكمة هو ذو اللب ، وأن تذكر الحكمة واستصحاب إرشادهم بمقدار استحضار اللب وقوته ، واللب في الأصل خلاصة الشيء وقلبه ، وأطلق هنا على عقل الإنسان لأنه أنفع شيء فيه .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=269nindex.php?page=treesubj&link=28973_28783_19511يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ .
هَذِهِ الْجُمْلَةُ اعْتِرَاضٌ وَتَذْيِيلٌ لِمَا تَضَمَّنَتْهُ آيَاتُ الْإِنْفَاقِ مِنَ الْمَوَاعِظِ وَالْآدَابِ وَتَلْقِينِ الْأَخْلَاقِ الْكَرِيمَةِ ، مِمَّا يُكْسِبُ الْعَامِلِينَ بِهِ رَجَاحَةَ الْعَقْلِ وَاسْتِقَامَةَ الْعَمَلِ .
[ ص: 61 ] فَالْمَقْصُودُ التَّنْبِيهُ إِلَى نَفَاسَةِ مَا وَعَظَهُمُ اللَّهُ بِهِ ، وَتَنْبِيهُهُمْ إِلَى أَنَّهُمْ قَدْ أَصْبَحُوا بِهِ حُكَمَاءَ بَعْدَ أَنْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ جُهَلَاءَ ، فَالْمَعْنَى : هَذَا مِنَ الْحِكْمَةِ الَّتِي آتَاكُمُ اللَّهُ ، فَهُوَ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ .
قَالَ
الْفَخْرُ : نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي لِأَجْلِهِ وَجَبَ تَرْجِيحُ وَعْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى وَعْدِ الشَّيْطَانِ هُوَ أَنَّ وَعْدَ الرَّحْمَنِ تُرَجِّحُهُ الْحِكْمَةُ وَالْعَقْلُ ، وَوَعْدَ الشَّيْطَانِ تُرَجِّحُهُ الشَّهْوَةُ وَالْحِسُّ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمَا يَأْمُرَانِ بِتَحْصِيلِ اللَّذَّةِ الْحَاضِرَةِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ حُكْمَ الْحِكْمَةِ هُوَ الْحُكْمُ الصَّادِقُ الْمُبَرَّأُ عَنِ الزَّيْغِ ، وَحُكْمَ الْحِسِّ وَالشَّهْوَةِ يُوقِعُ فِي الْبَلَاءِ وَالْمِحْنَةِ ، فَتَعْقِيبُ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=268وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=269يُؤْتِي الْحِكْمَةَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَا وَعَدَ بِهِ تَعَالَى مِنَ الْمَغْفِرَةِ وَالْفَضْلِ مِنَ الْحِكْمَةِ وَأَنَّ الْحِكْمَةَ كُلَّهَا مِنْ عَطَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِيهَا مَنْ يَشَاءُ .
وَالْحِكْمَةُ إِتْقَانُ الْعِلْمِ وَإِجْرَاءُ الْفِعْلِ عَلَى وَفْقِ ذَلِكَ الْعِلْمِ ، فَلِذَلِكَ قِيلَ : نَزَلَتِ الْحِكْمَةُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَرَبِ وَعُقُولِ
الْيُونَانِ ، وَأَيْدِي الصِّينِيِّينَ . وَهِيَ
nindex.php?page=treesubj&link=19511مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْحُكْمِ وَهُوَ الْمَنْعُ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ صَاحِبَهَا مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْغَلَطِ وَالضَّلَالِ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْحَدِيدَةُ الَّتِي فِي اللِّجَامِ وَتُجْعَلُ فِي فَمِ الْفَرَسِ حَكَمَةً .
وَمَنْ يَشَاءُ اللَّهُ تَعَالَى إِيتَاءَهُ الْحِكْمَةَ هُوَ الَّذِي يَخْلُقُهُ مُسْتَعِدًّا إِلَى ذَلِكَ مِنْ سَلَامَةِ عَقْلِهِ وَاعْتِدَالِ قُوَاهُ ، حَتَّى يَكُونَ قَابِلًا لِفَهْمِ الْحَقَائِقِ مُنْقَادًا إِلَى الْحَقِّ إِذَا لَاحَ لَهُ ، لَا يَصُدُّهُ عَنْ ذَلِكَ هَوًى وَلَا عَصَبِيَّةٌ وَلَا مُكَابَرَةٌ وَلَا أَنَفَةٌ ، ثُمَّ يُيَسِّرُ لَهُ أَسْبَابَ ذَلِكَ مِنْ حُضُورِ الدُّعَاةِ وَسَلَامَةِ الْبُقْعَةِ مِنَ الْعُتَاةِ ، فَإِذَا انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ تَوَجُّهُهُ إِلَى اللَّهِ بِأَنْ يَزِيدَ أَسْبَابَهُ تَيْسِيرًا وَيَمْنَعَ عَنْهُ مَا يَحْجُبُ الْفَهْمَ فَقَدْ كَمُلَ لَهُ التَّيْسِيرُ ، وَفُسِّرَتِ الْحِكْمَةُ بِأَنَّهَا مَعْرِفَةُ حَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ بِمَا تَبْلُغُهُ الطَّاقَةُ ، أَيْ بِحَيْثُ لَا تَلْتَبِسُ الْحَقَائِقُ الْمُتَشَابِهَةُ بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ وَلَا يَغْلَطُ فِي الْعِلَلِ وَالْأَسْبَابِ .
وَالْحِكْمَةُ قُسِّمَتْ أَقْسَامًا مُخْتَلِفَةَ الْمَوْضُوعِ اخْتِلَافًا بِاخْتِلَافِ الْعُصُورِ وَالْأَقَالِيمِ ، وَمَبْدَأُ ظُهُورِ عِلْمِ الْحِكْمَةِ فِي الشَّرْقِ عِنْدَ
الْهُنُودِ الْبَرَاهِمَةِ وَالْبُوذِيِّينَ ، وَعِنْدَ
أَهْلِ الصِّينِ [ ص: 62 ] الْبُوذِيِّينَ وَفِي
بِلَادِ فَارِسَ فِي حِكْمَةِ
زَرَادِشْتَ ، وَعِنْدَ الْقِبْطِ فِي حِكْمَةِ الْكَهَنَةِ ، ثُمَّ انْتَقَلَتْ حِكْمَةُ هَؤُلَاءِ الْأُمَمِ الشَّرْقِيَّةِ إِلَى
الْيُونَانِ وَهُذِّبَتْ وَصُحِّحَتْ وَفُرِّعَتْ وَقُسِّمَتْ عِنْدَهُمْ إِلَى قِسْمَيْنِ : حِكْمَةٍ عَمَلِيَّةٍ ، وَحِكْمَةٍ نَظَرِيَّةٍ .
فَأَمَّا الْحِكْمَةُ الْعَمَلِيَّةُ فَهِيَ الْمُتَعَلِّقَةُ بِمَا يَصْدُرُ مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ ، وَهِيَ تَنْحَصِرُ فِي تَهْذِيبِ النَّفْسِ وَتَهْذِيبِ الْعَائِلَةِ وَتَهْذِيبِ الْأُمَّةِ .
وَالْأَوَّلُ عِلْمُ الْأَخْلَاقِ ، وَهُوَ التَّخَلُّقُ بِصِفَاتِ الْعُلُوِّ الْإِلَهِيِّ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ الْبَشَرِيَّةِ ، فِيمَا يَصْدُرُ عَنْهُ كَمَالٌ فِي الْإِنْسَانِ .
وَالثَّانِي : عِلْمُ تَدْبِيرِ الْمَنْزِلِ .
وَالثَّالِثُ عِلْمُ السِّيَاسَةِ الْمَدَنِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ .
وَأَمَّا الْحِكْمَةُ النَّظَرِيَّةُ فَهِيَ الْبَاحِثَةُ عَنِ الْأُمُورِ الَّتِي تُعْلَمُ وَلَيْسَتْ مِنَ الْأَعْمَالِ ، وَإِنَّمَا تُعْلَمُ لِتَمَامِ اسْتِقَامَةِ الْأَفْهَامِ وَالْأَعْمَالِ ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ عُلُومٍ : عِلْمٌ يُلَقَّبُ بِالْأَسْفَلِ وَهُوَ الطَّبِيعِيُّ ، وَعِلْمٌ يُلَقَّبُ بِالْأَوْسَطِ وَهُوَ الرِّيَاضِيُّ ، وَعِلْمٌ يُلَقَّبُ بِالْأَعْلَى وَهُوَ الْإِلَهِيُّ .
فَالطَّبِيعِيُّ يَبْحَثُ عَنِ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ لِلتَّكْوِينِ وَالْخَوَاصِّ وَالْكَوْنِ وَالْفَسَادِ ، وَيَنْدَرِجُ تَحْتَهُ حَوَادِثُ الْجَوِّ وَطَبَقَاتُ الْأَرْضِ وَالنَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ وَالْإِنْسَانِ وَيَنْدَرِجُ فِيهِ الطِّبُّ وَالْكِيمْيَاءُ وَالنُّجُومُ .
وَالرِّيَاضِيُّ الْحِسَابُ وَالْهَنْدَسَةُ وَالْهَيْئَةُ وَالْمُوسِيقَى وَيَنْدَرِجُ تَحْتَهُ الْجَبْرُ وَالْمِسَاحَةُ وَالْحِيَلُ الْمُتَحَرِّكَةُ ( الْمَاكِينِيَّةُ ) وَجَرُّ الْأَثْقَالِ .
وَأَمَّا الْإِلَهِيُّ فَهُوَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ : مَعَانِي الْمَوْجُودَاتِ ، وَأُصُولٌ وَمَبَادِئُ وَهِيَ الْمَنْطِقُ وَمُنَاقَضَةُ الْآرَاءِ الْفَاسِدَةِ ، وَإِثْبَاتُ وَاجِبِ الْوُجُودِ وَصِفَاتِهِ ، وَإِثْبَاتُ الْأَرْوَاحِ وَالْمُجَرَّدَاتِ ، وَإِثْبَاتُ الْوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=14868أَبُو نَصْرٍ الْفَارَابِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13251وَأَبُو عَلِيٍّ ابْنُ سِينَا .
فَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ حُكَمَاءِ الْغَرْبِ فَقَدْ قَصَرُوا الْحِكْمَةَ فِي الْفَلْسَفَةِ عَلَى مَا وَرَاءَ الطَّبِيعَةِ وَهُوَ مَا يُسَمَّى عِنْدَ
الْيُونَانِ بِالْإِلَهِيَّاتِ .
[ ص: 63 ] وَالْمُهِمُّ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=18479الْحِكْمَةِ فِي نَظَرِ الدِّينِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ : أَحَدُهَا مَعْرِفَةُ اللَّهِ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ وَهُوَ عِلْمُ الِاعْتِقَادِ الْحَقِّ ، وَيُسَمَّى عِنْدَ
الْيُونَانِ الْعِلْمُ الْإِلَهِيُّ أَوْ مَا وَرَاءَ الطَّبِيعَةِ .
الثَّانِي مَا يَصْدُرُ عَنِ الْعِلْمِ بِهِ كَمَالُ نَفْسِيَّةِ الْإِنْسَانِ ، وَهُوَ عِلْمُ الْأَخْلَاقِ .
الثَّالِثُ : تَهْذِيبُ الْعَائِلَةِ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ
الْيُونَانِ عَلَمُ تَدْبِيرِ الْمَنْزِلِ .
الرَّابِعُ : تَقْوِيمُ الْأُمَّةِ وَإِصْلَاحُ شُئُونِهَا وَهُوَ الْمُسَمَّى عِلْمُ السِّيَاسَةِ الْمَدَنِيَّةِ ، وَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِي أَحْكَامِ الْإِمَامَةِ وَالْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ ، وَدَعْوَةُ الْإِسْلَامِ فِي أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ لَا تَخْلُو عَنْ شُعْبَةٍ مِنْ شُعَبِ هَذِهِ الْحِكْمَةِ .
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=19511الْحِكْمَةَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ مُرَادًا بِهَا مَا فِيهِ صَلَاحُ النُّفُوسِ ، مِنَ النُّبُوءَةِ وَالْهُدَى وَالْإِرْشَادِ ، وَقَدْ كَانَتِ الْحِكْمَةُ تُطْلَقُ عِنْدَ الْعَرَبِ عَلَى الْأَقْوَالِ الَّتِي فِيهَا إِيقَاظٌ لِلنَّفْسِ وَوِصَايَةٌ بِالْخَيْرِ ، وَإِخْبَارٌ بِتَجَارِبِ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ ، وَكُلِّيَّاتٌ جَامِعَةٌ لِجِمَاعِ الْآدَابِ ، وَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ حِكْمَةَ
لُقْمَانَ وَوَصَايَاهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=12وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ الْآيَاتِ ، وَقَدْ كَانَتْ لِشُعَرَاءِ الْعَرَبِ عِنَايَةٌ بِإِيدَاعِ الْحِكْمَةِ فِي شِعْرِهِمْ وَهِيَ إِرْسَالُ الْأَمْثَالِ ، كَمَا فَعَلَ
زُهَيْرٌ فِي الْأَبْيَاتِ الَّتِي أَوَّلُهَا :
رَأَيْتُ الْمَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءٍ . . . . . . .
، وَالَّتِي افْتَتَحَهَا بِـ ( مَنْ وَمَنْ ) فِي مُعَلَّقَتِهِ ، وَقَدْ كَانَتْ بِيَدِ بَعْضِ الْأَحْبَارِ صَحَائِفُ فِيهَا آدَابٌ وَمَوَاعِظُ مِثْلُ شَيْءٍ مِنْ جَامِعَةِ
سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَمْثَالِهِ ، فَكَانَ الْعَرَبُ يَنْقُلُونَ مِنْهَا أَقْوَالًا ، وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ الْحَيَاءِ مِنْ كِتَابِ الْأَدَبِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=40عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341337nindex.php?page=treesubj&link=19527الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15545بَشِيرُ بْنُ كَعْبٍ الْعَدَوِيُّ ، مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ : إِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ وَقَارًا وَإِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ سَكِينَةً ، فَقَالَ لَهُ
عِمْرَانُ : أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَتُحَدِّثُنِي عَنْ صَحِيفَتِكَ .
وَالْحَكِيمُ هُوَ النَّابِغُ فِي هَاتِهِ الْعُلُومِ أَوْ بَعْضِهَا فَبِحِكْمَتِهِ يَعْتَصِمُ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْغَلَطِ وَالضَّلَالِ بِمِقْدَارِ مَبْلَغِ حِكْمَتِهِ ، وَفِي الْغَرَضِ الَّذِي تَتَعَلَّقُ بِهِ حِكْمَتُهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=19511_26372وَعُلُومُ الْحِكْمَةِ هِيَ مَجْمُوعُ مَا أَرْشَدَ إِلَيْهِ هُدَى الْهُدَاةِ مِنْ أَهْلِ الْوَحْيِ الْإِلَهِيِّ الَّذِي هُوَ أَصْلُ إِصْلَاحِ عُقُولِ الْبَشَرِ ، فَكَانَ مَبْدَأُ ظُهُورِ الْحِكْمَةِ فِي الْأَدْيَانِ ثُمَّ أُلْحِقَ بِهَا مَا
[ ص: 64 ] أَنْتَجَهُ ذَكَاءُ أَهْلِ الْعُقُولِ مِنْ أَنْظَارِهِمُ الْمُتَفَرِّعَةِ عَلَى أُصُولِ الْهُدَى الْأَوَّلِ ، وَقَدْ مَهَّدَ قُدَمَاءُ الْحُكَمَاءِ طَرَائِقَ مِنَ الْحِكْمَةِ فَنَبَعَتْ يَنَابِيعُ الْحِكْمَةِ فِي عُصُورٍ مُتَقَارِبَةٍ كَانَتْ فِيهَا مَخْلُوطَةً بِالْأَوْهَامِ وَالتَّخَيُّلَاتِ وَالضَّلَالَاتِ ، بَيْنَ
الْكَلْدَانِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ وَالْهُنُودِ وَالصِّينِ ، ثُمَّ دَرَسَهَا
حُكَمَاءُ الْيُونَانِ فَهَذَّبُوا وَأَبْدَعُوا ، وَمَيَّزُوا عِلْمَ الْحِكْمَةِ عَنْ غَيْرِهِ ، وَتَوَخَّوُا الْحَقَّ مَا اسْتَطَاعُوا فَأَزَالُوا أَوْهَامًا عَظِيمَةً وَأَبْقَوْا كَثِيرًا ، وَانْحَصَرَتْ هَذِهِ الْعُلُومُ فِي طَرِيقَتَيْ
سُقْرَاطَ وَهِيَ نَفْسِيَّةٌ ،
وَفِيثَاغُورْسَ وَهِيَ رِيَاضِيَّةٌ عَقْلِيَّةٌ ، وَالْأُولَى يُونَانِيَّةٌ وَالثَّانِيَةٌ لِإِيطَالْيَا الْيُونَانِيَّةِ ، وَعَنْهُمَا أَخَذَ
أَفْلَاطُونُ ، وَاشْتُهِرَ أَصْحَابُهُ
بِالْإِشْرَاقِيِّينَ ، ثُمَّ أَخَذَ عَنْهُ أَفْضَلُ تَلَامِذَتِهِ وَهُوَ
أَرِسْطَطَالِيسُ وَهَذَّبَ طَرِيقَتَهُ وَوَسَّعَ الْعُلُومَ ، وَسُمِّيَتْ أَتْبَاعُهُ بِالْمَشَّائِينَ ، وَلَمْ تَزَلِ الْحِكْمَةُ مِنْ وَقْتِ ظُهُورِهِ مُعَوِّلَةً عَلَى أُصُولِهِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=269nindex.php?page=treesubj&link=28973_19511_26372وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ، وَهُوَ الَّذِي شَاءَ اللَّهُ إِيتَاءَهُ الْحِكْمَةَ ، وَالْخَيْرُ الْكَثِيرُ مُنْجَرٌّ إِلَيْهِ مِنْ سَدَادِ الرَّأْيِ وَالْهُدَى الْإِلَهِيِّ ، وَمِنْ تَفَارِيعِ قَوَاعِدِ الْحِكْمَةِ الَّتِي تَعْصِمُ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْغَلَطِ وَالضَّلَالِ بِمِقْدَارِ التَّوَغُّلِ فِي فَهْمِهَا وَاسْتِحْضَارِ مُهِمِّهَا ، لِأَنَّنَا إِذَا تَتَبَّعْنَا مَا يَحِلُّ بِالنَّاسِ مِنَ الْمَصَائِبِ نَجِدُ مُعْظَمَهَا مِنْ جَرَّاءِ الْجَهَالَةِ وَالضَّلَالَةِ وَأَفَنِ الرَّأْيِ ، وَبِعَكْسِ ذَلِكَ نَجِدُ مَا يَجْتَنِيهِ النَّاسُ مِنَ الْمَنَافِعِ وَالْمُلَائِمَاتِ مُنْجَرًّا مِنَ الْمَعَارِفِ وَالْعِلْمِ بِالْحَقَائِقِ ، وَلَوْ أَنَّنَا عَلِمْنَا الْحَقَائِقَ كُلَّهَا لَاجْتَنَبْنَا كُلَّ مَا نَرَاهُ مُوقِعًا فِي الْبُؤْسِ وَالشَّقَاءِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ " وَمَنْ يُؤْتَ " بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ بِصِيغَةِ الْمَبْنِيِّ لِلنَّائِبِ ، عَلَى أَنَّ ضَمِيرَ " يُؤْتَ " نَائِبُ فَاعِلٍ عَائِدٌ عَلَى ( مَنْ ) الْمَوْصُولَةِ وَهُوَ رَابِطُ الصِّلَةِ بِالْمَوْصُولِ ، وَقَرَأَ يَعْقُوبُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=269وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ بِصِيغَةِ الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ ، فَيَكُونُ الضَّمِيرُ الَّذِي فِي فِعْلِ " يُؤْتِ " عَائِدًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَحِينَئِذٍ فَالْعَائِدُ ضَمِيرُ نَصْبٍ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ : وَمَنْ يُؤْتِهِ اللَّهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=28973_28907_19778وَقَوْلُهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=269وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ تَذْيِيلٌ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ إِيتَاءَهُ الْحِكْمَةَ هُوَ ذُو اللُّبِّ ، وَأَنَّ تَذَكُّرَ الْحِكْمَةِ وَاسْتِصْحَابَ إِرْشَادِهِمْ بِمِقْدَارِ اسْتِحْضَارِ اللُّبِّ وَقُوَّتِهِ ، وَاللُّبُّ فِي الْأَصْلِ خُلَاصَةُ الشَّيْءِ وَقَلَبُهُ ، وَأُطْلِقَ هُنَا عَلَى عَقْلِ الْإِنْسَانِ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ شَيْءٍ فِيهِ .