nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29030_29321ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين .
استئناف ابتدائي أفضى به إلى المقصد عن السورة عن أحكام
nindex.php?page=treesubj&link=30869أموال بني النضير وإشارة الآية إلى ما حدث في حصار
بني النضير وذلك أنهم قبل أن يستسلموا اعتصموا بحصونهم فحاصرهم المسلمون وكانت حوائطهم خارج قريتهم وكانت الحوائط تسمى البويرة - ( بضم الباء الموحدة وفتح الواو - وهي تصغير بؤر بهمزة مضمومة بعد الباء فخففت واوا ) عمد بعض المسلمين إلى قطع بعض
نخيل النضير قيل بأمر من النبيء - صلى الله عليه وسلم - وقيل بدون أمره ولكنه لم يغيره عليهم . فقيل كان ذلك ليوسعوا مكانا لمعسكرهم ، وقيل لتخويف
بني النضير ونكايتهم ، وأمسك بعض الجيش عن قطع النخيل وقالوا : لا تقطعوا مما أفاء الله علينا . وقد ذكر أن النخلات التي قطعت ست نخلات أو نخلتان . فقالت
اليهود : يا
محمد ألست تزعم أنك نبي تريد الصلاح أفمن الصلاح قطع النخل وحرق الشجر ، وهل وجدت فيما أنزل عليك إباحة الفساد في الأرض فأنزل الله هذه الآية .
والمعنى : أن ما قطعوا من النخل أريد به مصلحة إلجاء العدو إلى الاستسلام وإلقاء الرعب في قلوبهم وإذلالهم بأن يروا أكرم أموالهم عرضة للإتلاف بأيدي
[ ص: 76 ] المسلمين ، وأن ما أبقي لم يقطع في بقائه مصلحة لأنه آيل إلى المسلمين فيما أفاء الله عليهم فكان في كلا القطع والإبقاء مصلحة فتعارض المصلحتان فكان حكم الله تخيير المسلمين . والتصرف في وجوه المصالح يكون تابعا لاختلاف الأحوال ، فجعل الله القطع والإبقاء كليهما بإذنه ، أي مرضيا عنده ، فأطلق الإذن على الرضى على سبيل الكناية ، أو أطلق إذن الله على إذن رسوله - صلى الله عليه وسلم - إن ثبت أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - أذن بذلك ابتداء ، ثم أمر بالكف عنه .
وكلام الأئمة غير واضح في إذن النبيء - صلى الله عليه وسلم - فيه ابتداء وأظهر أقوالهم قول
مجاهد : إن القطع والامتناع منه كان اختلافا بين المسلمين ، وأن الآية نزلت بتصديق من نهى عن قطعه ، وتحليل من قطعه من الإثم . وفي ذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت يتورك على المشركين
بمكة إذ غلب المسلمون
بني النضير أحلافهم ويتورك على
بني النضير إذ لم ينصرهم أحلافهم المشركون من
قريش :
تفاقد معشر نصروا قريشا وليس لهم ببلدتهم نصير وهان على سراة بني لؤي
حريق بالبويرة مستطير
يريد سراة
أهل مكة وكلهم من
بني لؤي بن غالب بن فهر ، وفهر هو قريش أي لم ينقذوا أحلافهم لهوانهم عليهم .
وأجابه
nindex.php?page=showalam&ids=9809أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو يومئذ مشرك :
أدام الله ذلك من صنيع وحرق في نواحيها السعير
ستعلم أينا منها بنزه وتعلم أي أرضينا تضير
يريد أن التحريق وقع بنواحي مدينتكم فلا يضير إلا أرضكم ولا يضير أرضنا ، فقوله : أدام الله ذلك من صنيع ، تهكم .
ومن هذه الآية أخذ المحققون من الفقهاء أن
nindex.php?page=treesubj&link=33416تحريق دار العدو وتخريبها وقطع ثمارها جائز إذا دعت إليه المصلحة المتعينة وهو قول
مالك . وإتلاف بعض المال لإنقاذ باقيه مصلحة وقوله ( من لينة ) بيان لما في قوله ( ما قطعتم ) .
واللينة : النخلة ذات الثمر الطيب تطلق اسم اللينة على كل نخلة غير
[ ص: 77 ] العجوة والبرمني في قول جمهور
أهل المدينة وأيمة اللغة . وتمر اللينة يسمى اللون .
وإيثار ( لينة ) على نخلة لأنه أخف ولذلك لم يرد لفظ نخلة مفردا في القرآن ، وإنما ورد النخل اسم جمع .
قال أهل اللغة ياء لينة أصلها واو انقلبت ياء لوقوعها إثر كسرة ولم يذكروا سبب كسر أوله ويقال : لونة وهو ظاهر .
وفي كتب السيرة يذكر أن بعض
nindex.php?page=treesubj&link=30866نخل بني النضير أحرقه المسلمون وقد تضمن ذلك شعر
حسان ولم يذكر القرآن الحرق فلعل خبر الحرق مما أرجف به فتناقله بعض الرواة ، وجرى عليه شعر
حسان وشعر
nindex.php?page=showalam&ids=9809أبي سفيان بن الحارث ، أو أن النخلات التي قطعت أحرقها الجيش للطبخ أو للدفء .
وجيء بالحال في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5قائمة على أصولها لتصوير هيئتها وحسنها . وفيه إيماء إلى أن ترك القطع أولى . وضمير ( أصولها ) عائد إلى ( ما ) الموصولة في قوله تعالى ما قطعتم لأن مدلول ( ما ) هنا جمع وليس عائدا إلى ( لينة ) لأن اللينة ليس لها عدة أصول بل لكل لينة أصل واحد .
وتعلق على أصولها بـ ( قائمة ) . والمقصود : زيادة تصوير حسنها . والأصول : القواعد . والمراد هنا : سوق النخل قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24أصلها ثابت وفرعها في السماء . ووصفها بأنها
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5قائمة على أصولها هو بتقدير : قائمة فروعها على أصولها لظهور أن أصل النخلة بعضها .
والفاء من قوله فبإذن الله مزيدة في خبر المبتدأ لأنه اسم موصول ، واسم الموصول يعامل معاملة الشرط كثيرا إذا ضمن معنى التسبب ، وقد قرئ بالفاء وبدونها قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=30وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم في سورة الشورى .
وعطف وليخزي الفاسقين من عطف العلة على السبب وهو فبإذن الله لأن السبب في معنى العلة ، ونظيره قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=166وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين الآية في آل عمران .
[ ص: 78 ] والمعنى : فقطع ما قطعتم من النخل وترك ما تركتم لأن الله أذن للمسلمين به لصلاح لهم فيه ، وليخزي الفاسقين ، أي ليهين
بني النضير فيروا كرائم أموالهم بعضها مخضودا وبعضها بأيدي أعدائهم . فذلك عزة للمؤمنين وخزي للكافرين والمراد بـ ( الفاسقين ) هنا :
يهود النضير .
وعدل عن الإتيان بضميرهم كما أتي بضمائرهم من قبل ومن بعد إلى التعبير عنهم بوصف الفاسقين لأن الوصف المشتق يؤذن بسبب ما اشتق منه في ثبوت الحكم ، أي ليجزيهم لأجل الفسق .
والفسق : الكفر .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29030_29321مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ .
اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ أَفْضَى بِهِ إِلَى الْمَقْصِدِ عَنِ السُّورَةِ عَنْ أَحْكَامِ
nindex.php?page=treesubj&link=30869أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ وَإِشَارَةُ الْآيَةِ إِلَى مَا حَدَثَ فِي حِصَارِ
بَنِي النَّضِيرِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَسْلِمُوا اعْتَصَمُوا بِحُصُونِهِمْ فَحَاصَرَهُمُ الْمُسْلِمُونَ وَكَانَتْ حَوَائِطُهُمْ خَارِجَ قَرْيَتِهِمْ وَكَانَتِ الْحَوَائِطُ تُسَمَّى الْبُوَيْرَةُ - ( بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ - وَهِيَ تَصْغِيرُ بُؤْرٍ بِهَمْزَةٍ مَضْمُومَةٍ بَعْدَ الْبَاءِ فَخُفِّفَتْ وَاوًا ) عَمَدَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى قَطْعِ بَعْضِ
نَخِيلِ النَّضِيرِ قِيلَ بِأَمْرٍ مِنَ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ بِدُونِ أَمْرِهِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يُغَيِّرْهُ عَلَيْهِمْ . فَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ لِيُوَسِّعُوا مَكَانًا لِمُعَسْكَرِهِمْ ، وَقِيلَ لِتَخْوِيفِ
بَنِي النَّضِيرِ وَنِكَايَتِهِمْ ، وَأَمْسَكَ بَعْضُ الْجَيْشِ عَنْ قَطْعِ النَّخِيلِ وَقَالُوا : لَا تَقْطَعُوا مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْنَا . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ النَّخَلَاتِ الَّتِي قُطِعَتْ سِتُّ نَخَلَاتٍ أَوْ نَخْلَتَانِ . فَقَالَتِ
الْيَهُودُ : يَا
مُحَمَّدُ أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ نَبِيٌّ تُرِيدُ الصَّلَاحَ أَفَمِنَ الصَّلَاحِ قَطْعُ النَّخْلِ وَحَرْقُ الشَّجَرِ ، وَهَلْ وَجَدَتَ فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْكَ إِبَاحَةُ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّ مَا قَطَعُوا مِنَ النَّخْلِ أُرِيدَ بِهِ مَصْلَحَةُ إِلْجَاءِ الْعَدُوِّ إِلَى الِاسْتِسْلَامِ وَإِلْقَاءِ الرُّعْبِ فِي قُلُوبِهِمْ وَإِذْلَالِهِمْ بِأَنْ يَرَوْا أَكْرَمَ أَمْوَالِهِمْ عُرْضَةً لِلْإِتْلَافِ بِأَيْدِي
[ ص: 76 ] الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنَّ مَا أُبْقِيَ لَمْ يُقْطَعْ فِي بَقَائِهِ مَصْلَحَةٌ لِأَنَّهُ آيِلٌ إِلَى الْمُسْلِمِينَ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَكَانَ فِي كِلَا الْقَطْعِ وَالْإِبْقَاءِ مَصْلَحَةٌ فَتَعَارَضَ الْمَصْلَحَتَانِ فَكَانَ حُكْمُ اللَّهِ تَخْيِيرَ الْمُسْلِمِينَ . وَالتَّصَرُّفُ فِي وُجُوهِ الْمَصَالِحِ يَكُونُ تَابِعًا لِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ ، فَجَعَلَ اللَّهُ الْقَطْعَ وَالْإِبْقَاءَ كِلَيْهِمَا بِإِذْنِهِ ، أَيْ مَرْضِيًّا عِنْدَهُ ، فَأَطْلَقَ الْإِذْنَ عَلَى الرِّضَى عَلَى سَبِيلِ الْكِنَايَةِ ، أَوْ أَطْلَقَ إِذَنَ اللَّهِ عَلَى إِذَنِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذِنَ بِذَلِكَ ابْتِدَاءً ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْكَفِّ عَنْهُ .
وَكَلَامُ الْأَئِمَةِ غَيْرُ وَاضِحٍ فِي إِذَنِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ ابْتِدَاءً وَأَظْهَرُ أَقْوَالِهِمْ قَوْلُ
مُجَاهِدُ : إِنَّ الْقَطْعَ وَالِامْتِنَاعَ مِنْهُ كَانَ اخْتِلَافًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ بِتَصْدِيقِ مَنْ نَهَى عَنْ قَطْعِهِ ، وَتَحْلِيلِ مَنْ قَطَعَهُ مِنَ الْإِثْمِ . وَفِي ذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=144حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَتَوَرَّكُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ
بِمَكَّةَ إِذْ غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ
بَنِي النَّضِيرِ أَحْلَافَهُمْ وَيَتَوَرَّكُ عَلَى
بَنِي النَّضِيرِ إِذْ لَمْ يَنْصُرْهُمْ أَحْلَافُهُمُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ
قُرَيْشٍ :
تَفَاقَدَ مَعْشَرٌ نَصَرُوا قُرَيْشًا وَلَيْسَ لَهُمْ بِبَلْدَتِهِمْ نَصِيرُ وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ
حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ
يُرِيدُ سَرَاةَ
أَهْلِ مَكَّةَ وَكُلُّهُمْ مِنْ
بَنِي لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ ، وَفِهْرٌ هُوَ قُرَيْشٌ أَيْ لَمْ يُنْقِذُوا أَحْلَافَهُمْ لِهَوَانِهِمْ عَلَيْهِمْ .
وَأَجَابَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=9809أَبُو سُفْيَانُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلَبْ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ :
أَدَامَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ وَحَرَّقَ فِي نَوَاحِيهَا السَّعِيرُ
سَتَعْلَمُ أَيَّنَا مِنْهَا بِنَزْهٍ وَتَعْلَمُ أَيَّ أَرْضَيْنَا تَضِيرُ
يُرِيدُ أَنَّ التَّحْرِيقَ وَقَعَ بِنَوَاحِيَ مَدِينَتِكُمْ فَلَا يَضِيرُ إِلَّا أَرْضُكُمْ وَلَا يَضِيرُ أَرْضَنَا ، فَقَوْلُهُ : أَدَامَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ ، تَهَكُّمٌ .
وَمِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَخَذَ الْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33416تَحْرِيقَ دَارِ الْعَدُوِّ وَتَخْرِيبَهَا وَقَطْعَ ثِمَارِهَا جَائِزٌ إِذَا دَعَتْ إِلَيْهِ الْمَصْلَحَةُ الْمُتَعَيَّنَةُ وَهُوَ قَوْلُ
مَالِكٍ . وَإِتْلَافُ بَعْضِ الْمَالِ لِإِنْقَاذِ بَاقِيهِ مَصْلَحَةٌ وَقَوْلُهُ ( مِنْ لِينَةٍ ) بَيَانٌ لِمَا فِي قَوْلِهِ ( مَا قَطَعْتُمْ ) .
وَاللِّينَةُ : النَّخْلَةُ ذَاتُ الثَّمَرِ الطَّيِّبِ تُطْلِقُ اسْمَ اللِّينَةِ عَلَى كُلِّ نَخْلَةٍ غَيْرِ
[ ص: 77 ] الْعَجْوَةِ وَالْبَرْمَنِيِّ فِي قَوْلِ جُمْهُورِ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَيِمَّةِ اللُّغَةِ . وَتَمْرُ اللِّينَةِ يُسَمَّى اللَّوْنُ .
وَإِيثَارُ ( لِينَةٍ ) عَلَى نَخْلَةٍ لِأَنَّهُ أَخَفٌّ وَلِذَلِكَ لَمْ يَرِدْ لَفْظُ نَخْلَةٍ مُفْرَدًا فِي الْقُرْآنِ ، وَإِنَّمَا وَرَدَ النَّخْلُ اسْمَ جَمْعٍ .
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يَاءُ لِينَةٍ أَصْلُهَا وَاوٌ انْقَلَبَتْ يَاءً لِوُقُوعِهَا إِثْرَ كَسْرَةٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا سَبَبَ كَسْرِ أَوَّلِهِ وَيُقَالُ : لِوَنَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ .
وَفِي كُتُبِ السِّيرَةِ يُذْكَرُ أَنْ بَعْضَ
nindex.php?page=treesubj&link=30866نَخْلِ بَنِي النَّضِيرِ أَحْرَقَهُ الْمُسْلِمُونَ وَقَدْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ شِعْرُ
حَسَّانَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقُرْآنُ الْحَرْقَ فَلَعَلَّ خَبَرَ الْحَرْقِ مِمَّا أُرْجِفَ بِهِ فَتَنَاقَلَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ ، وَجَرَى عَلَيْهِ شِعْرُ
حَسَّانَ وَشِعْرُ
nindex.php?page=showalam&ids=9809أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ ، أَوْ أَنَّ النَّخَلَاتِ الَّتِي قُطِعَتْ أَحْرَقَهَا الْجَيْشُ لِلطَّبْخِ أَوْ لِلدِّفْءِ .
وَجِيءَ بِالْحَالِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا لِتَصْوِيرِ هَيْئَتِهَا وَحُسْنِهَا . وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ تَرْكَ الْقَطْعِ أَوْلَى . وَضَمِيرُ ( أُصُولِهَا ) عَائِدٌ إِلَى ( مَا ) الْمَوْصُولَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَا قَطَعْتُمْ لِأَنَّ مَدْلُولَ ( مَا ) هُنَا جَمْعٌ وَلَيْسَ عَائِدًا إِلَى ( لِينَةٍ ) لِأَنَّ اللِّينَةَ لَيْسَ لَهَا عِدَّةُ أُصُولٍ بَلْ لِكُلِّ لِينَةٍ أَصْلٌ وَاحِدٌ .
وَتَعَلَّقَ عَلَى أُصُولِهَا بِـ ( قَائِمَةً ) . وَالْمَقْصُودُ : زِيَادَةُ تَصْوِيرِ حُسْنِهَا . وَالْأُصُولُ : الْقَوَاعِدُ . وَالْمُرَادُ هُنَا : سُوقُ النَّخْلِ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ . وَوَصْفُهَا بِأَنَّهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=5قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا هُوَ بِتَقْدِيرِ : قَائِمَةٌ فُرُوعُهَا عَلَى أُصُولِهَا لِظُهُورِ أَنَّ أَصْلَ النَّخْلَةِ بَعْضُهَا .
وَالْفَاءُ مِنْ قَوْلِهِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ مَزِيدَةٌ فِي خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ لِأَنَّهُ اسْمٌ مَوْصُولٌ ، وَاسْمُ الْمَوْصُولِ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الشَّرْطِ كَثِيرًا إِذَا ضُمِنَ مَعْنَى التَّسَبُّبِ ، وَقَدْ قُرِئَ بِالْفَاءِ وَبِدُونِهَا قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=30وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ فِي سُورَةِ الشُّورَى .
وَعَطْفُ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ مِنْ عَطْفِ الْعِلَّةِ عَلَى السَّبَبِ وَهُوَ فَبِإِذْنِ اللَّهِ لِأَنَّ السَّبَبَ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=166وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ الْآيَةُ فِي آلِ عِمْرَانَ .
[ ص: 78 ] وَالْمَعْنَى : فَقَطْعُ مَا قَطَعْتُمْ مِنَ النَّخْلِ وَتَرْكُ مَا تَرَكْتُمْ لِأَنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِلْمُسْلِمِينَ بِهِ لِصَلَاحٍ لَهُمْ فِيهِ ، وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ ، أَيْ لِيُهِينَ
بَنِي النَّضِيرِ فَيَرَوْا كَرَائِمَ أَمْوَالَهِمْ بَعْضَهَا مَخْضُودًا وَبَعْضَهَا بِأَيْدِي أَعْدَائِهِمْ . فَذَلِكَ عَزَّةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَخِزْيٌ لِلْكَافِرِينَ وَالْمُرَادُ بِـ ( الْفَاسِقِينَ ) هُنَا :
يَهُودُ النَّضِيرِ .
وَعَدَلَ عَنِ الْإِتْيَانِ بِضَمِيرِهِمْ كَمَا أَتَيَ بِضَمَائِرِهِمُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ إِلَى التَّعْبِيرِ عَنْهُمْ بِوَصْفِ الْفَاسِقِينَ لِأَنَّ الْوَصْفَ الْمُشْتَقَّ يُؤْذِنُ بِسَبَبِ مَا اشْتُقَّ مِنْهُ فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ ، أَيْ لِيَجْزِيَهُمْ لِأَجْلِ الْفِسْقِ .
وَالْفِسْقُ : الْكُفْرُ .