وانشقت السماء أي : انفطرت وتميز بعضها من بعض فهي يوم إذ انشقت ( واهية ) : ضعيفة لتشققها بعد أن كانت شديدة أأنتم أشد خلقا أم السماء أو منخرقة ، كما يقال : وهي السقاء انخرق . وقيل انشقاقها لنزول الملائكة ، قال تعالى : ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا . وقيل : انشقاقها لهول يوم القيامة . والملك على أرجائها . قال : على حافاتها حين تنشق ، والظاهر أن الضمير في حافاتها عائد على السماء . وقال ابن عباس ابن جبير والضحاك : على حافات الأرض ، ينزلون إليها يحفظون أطرافها ، وإن لم يجر لها ذكر قريب . كما روي أن الله تعالى يأمر ملائكة سماء الدنيا ، فيقفون صفا على حافات الأرض ، ثم ملائكة الثانية فيصفون حولهم ، ثم ملائكة كل سماء ، فكلما ند أحد من الجن والإنس وجد الأرض أحيط بها . ( والملك ) : اسم جنس يراد به الملائكة . وقال : ( فإن قلت ) ما الفرق بين قولك : ( والملك ) وبين أن يقال والملائكة ؟ ( قلت ) : الملك أعم من الملائكة . ألا ترى أن قولك ما من ملك إلا وهو شاهد ، أعم من قولك ما من ملائكة ؟ انتهى . ولا يظهر أن الملك أعم من الملائكة ; لأن المفرد المحلى بالألف واللام الجنسية قصاراه أن يراد به الجمع المحلى بهما ، ولذلك صح الاستثناء منه ، فقصاراه أن يكون كالجمع المحلى بهما . وأما دعواه أنه أعم منه بقوله ألا ترى إلخ ، فليس دليلا على دعواه ; لأن من ملك نكرة مفردة في سياق النفي قد دخلت عليها ( من ) المخلصة للاستغراق ، فشملت كل ملك ، فاندرج تحتها الجمع لوجود الفرد فيه ; فانتفى كل فرد فرد ، بخلاف ( من ملائكة ) فإن ( من ) دخلت على جمع منكر ، فعم كل جمع جمع من الملائكة ، ولا يلزم من ذلك انتفاء كل فرد فرد من الملائكة . لو قلت : ما في الدار من رجال ، جاز أن يكون فيها واحد ; لأن النفي إنما انسحب على جمع ، ولا يلزم من انتفاء الجمع أن ينتفي المفرد . " والملك " في الآية ليس في سياق نفي دخلت عليه ( من ) فيكون [ ص: 324 ] أعم من جمع دخلت عليه ( من ) وإنما جيء به مفردا لأنه أخف ; ولأن قوله : الزمخشري على أرجائها يدل على الجمع ; لأن الواحد بما هو واحد لا يمكن أن يكون على أرجائها في وقت واحد ، بل في أوقات . والمراد ، والله تعالى أعلم ، أن الملائكة على أرجائها ، لا أنه ملك واحد ينتقل على أرجائها في أوقات . وقال : يعني أنها تنشق ، وهي مسكن الملائكة ، فينضوون إلى أطرافها وما حولها من حافاتها . انتهى . والضمير في " فوقهم " عائد على " الملك " ضمير جمع على المعنى ; لأنه يراد به الجنس ، قال معناه الزمخشري . وقيل : يعود على الملائكة الحاملين ، أي : فوق رؤوسهم . وقيل : على العالم كلهم . والظاهر أن التمييز المحذوف في قوله : ( ثمانية ) أملاك ، أي : ثمانية أشخاص من الملائكة . وعن الزمخشري الضحاك : ثمانية صفوف . وعن الحسن ، الله أعلم كم هم ، أثمانية صفوف أم ثمانية أشخاص ؟ وذكروا في صفات هؤلاء الثمانية أشكالا متكاذبة ضربنا عن ذكرها صفحا .
( يومئذ ) أي : يوم إذ كان ما ذكر ( تعرضون ) أي : للحساب ، و " تعرضون " هو جواب قوله : فإذا نفخ . فإن كانت النفخة هي الأولى ، فجاز ذلك ; لأنه اتسع في اليوم فجعل ظرفا للنفخ ، ووقوع الواقعة وجميع الكائنات بعدها ، وإن كانت النفخة هي الثانية ، فلا يحتاج إلى اتساع ; لأن قوله : ( فيومئذ ) معطوف على " فإذا " ، و يومئذ تعرضون بدل من ( فيومئذ ) وما بعد هذه الظروف واقع في يوم القيامة . والخطاب في ( تعرضون ) لجميع العالم المحاسبين . وعن عبد الله رأى موسى في القيامة عرضتان فيهما معاذير وتوقيف وخصومات ، وثالثة تتطاير فيها الصحف للأيمان والشمائل . وقرأ الجمهور : لا تخفى بتاء التأنيث . و علي وابن وثاب وطلحة والأعمش وحمزة والكسائي وابن مقسم ، عن عاصم وابن سعدان : بالياء ( خافية ) : سريرة وحال كانت تخفى في الدنيا .