( ولا تقتلوا أنفسكم ) ظاهره النهي عن قتل الإنسان نفسه كما يفعله بعض الجهلة بقصد منه ، أو بحملها على غرر يموت بسببه ، كما يصنع بعض الفتاك بالملوك ، فإنهم يقتلون الملك ويقتلون بلا شك . وقد احتج بهذه الآية حين امتنع من الاغتسال بالماء البارد ، وأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 232 ] احتجاجه . وقيل : يحتمل أن يكون المعنى : لا تفعلوا ما تستحقون به القتل من القتل والردة والزنا بعد الإحصان . قال عمرو بن العاص ابن عطية : وأجمع المتأولون أن القصد النهي عن أن يقتل بعض الناس بعضا . وقال عن الزمخشري الحسن : إن المعنى لا تقتلوا إخوانكم انتهى . وعلى هذا المعنى أضاف القتل إلى أنفسهم لأنهم كنفس واحدة ، أو من جنس واحد ، أو من جوهر واحد . ولأنه إذا قتل قتل على سبيل القصاص ، وكأنه هو الذي قتل نفسه . وما ذكره ابن عطية من إجماع المتأولين ذكر غيره فيه الخلاف . قال ما ملخصه : يحتمل أن يراد حقيقة القتل ، فيحتمل أن يكون المعنى : لا يقتل بعضكم بعضا . ويحتمل أن يكون المعنى : لا يقتل أحد نفسه لضر نزل به ، أو ظلم أصابه ، أو جرح أخرجه عن حد الاستقامة . ويحتمل أن يراد مجاز القتل أي : يأكل المال بالباطل ، أو بطلب المال والانهماك فيه ، أو يحمل نفسه على الغرر المؤدي إلى الهلاك ، أو بفعل هذه المعاصي والاستمرار عليها . فيكون القتل عبر به عن الهلاك مجازا كما جاء : شاهد قتل ثلاثا : نفسه ، والمشهود له ، والمشهود عليه ، أي : أهلك . وقرأ علي والحسن : ( ولا تقتلوا ) بالتشديد .