( إن الله كان بكم رحيما ) حيث نهاكم عن إتلاف النفوس ، وعن أكل الحرام ، وبين لكم جهة الحل التي ينبغي أن يكون قوام الأنفس وحياتها بما يكتسب منها ، لأن طيب الكسب ينبني عليه صلاح العبادات وقبولها . ألا ترى إلى ما ورد : من حج بمال حرام أنه إذا قال : لبيك ، قال الله له : لا لبيك ولا سعديك ، وحجك مردود عليك . وألا ترى إلى الداعي ربه ، ومطعمه حرام ، وملبسه حرام ، كيف جاء : أنى يستجاب له ؟ وكان النهي عن أكل المال بالباطل متقدما على النهي عن قتل أنفسهم ، لأنه أكثر وقوعا ، وأفشى في الناس من القتل ، لا سيما إن كان المراد ظاهر الآية من أنه نهى أن يقتل الإنسان نفسه ، فإن هذه الحالة نادرة . وقيل : رحيما حيث لم يكلفكم قتل أنفسكم حين التوبة كما كلف بني إسرائيل قتلهم أنفسهم ، وجعل ذلك توبة لهم وتمحيصا لخطاياهم .