اللغة العربية لغة الإسلام :
ومما يدخل في بحث اتباعه صلوات الله وسلامه عليه تعلم لغته التي هي لغة الكتاب الإلهي الذي أوحاه الله تعالى إليه ، وأمر جميع من اتبعه ودان بدينه أن يتعبده به ، وأن يتلوه في الصلاة وغير الصلاة مع التدبر والتأمل في معانيه ، وذلك يتوقف على إتقان لغته وهي العربية ، فالمسلمون يبلغون الدعوة لكل قوم بلغتهم ، حتى إذا ما هدى الله من شاء منهم ، ودخل في الإسلام علموه أحكامه ولغته ، وكذلك كان يفعل الخلفاء الفاتحون في خير القرون وما بعدها ، إلى أن تغلبت الأعاجم على العرب ، وسلبوهم الملك فوقفت الدعوة إلى الإسلام ، وضعف العلم بالعربية إلى أن قضى عليها الترك وحرمتها حكومتهم عليهم في هذا الزمان ، لتقطع كل صلة لهم بدين القرآن ، وقد فصلنا هذه المباحث في مجلة المنار تفصيلا .
ومما نشرناه في هذا الموضوع مقال في لغة الإسلام نشرناه أولا في بعض الجرائد اليومية ، وفيه تصريح للإمام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ـ رضي الله عنه ـ بوجوب
nindex.php?page=treesubj&link=18479تعلم اللغة العربية على جميع المسلمين في رسالته في أصول الفقه ، ذلك بأنه يبين أن القرآن كله نزل بلسان العرب ليس فيه شيء إلا بلسانهم ثم قال ما نصه : " فإن قال قائل : ما الحجة في أن كتاب الله محض بلسان العرب لا يخلطه فيه غيره ؟ فالحجة فيه كتاب الله ، قال تبارك وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ( 14 : 4 ) .
" فإن قال قائل : فإن الرسل قبل
محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانوا يرسلون إلى قومهم خاصة ، وأن
محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعث إلى الناس كافة ؟ ( قيل ) : فقد يحتمل أن يكون بعث بلسان قومه خاصة ، ويكون على الناس كافة أن يتعلموا لسانه ، أو ما يطيقونه منه .
[ ص: 265 ] ويحتمل أن يكون بعث بألسنتهم ؟ فإن قال قائل : فهل من دليل على أنه بعث بلسان قومه خاصة دون ألسنة العجم ؟ ؟ .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى : فالدلالة على ذلك بينة من كتاب الله عز وجل في غير موضع ، فإذا كانت الألسنة مختلفة بما لا يفهمه بعضهم عن بعض فلا بد أن يكون بعضهم تبعا لبعض ، أن يكون الفضل في اللسان المتبع على التابع ، وأولى الناس بالفضل في اللسان من لسانه لسان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا يجوز - والله تعالى أعلم - أن يكون أهل لسانه أتباعا لأهل لسان غير لسانه في حرف واحد ، بل كل لسان تبع للسانه وكل أهل دين قبله فعليهم اتباع دينه ، وقد بين الله تعالى ذلك في غير آية من كتابه . قال الله عز ذكره :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين ( 26 : 192 - 195 ) وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=37وكذلك أنزلنا حكما عربيا ( 13 : 37 ) وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها ( 42 : 7 ) وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=2والكتاب المبين nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ( 43 : 1 - 3 ) .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى : فأقام حجته بأن كتابه عربي في كل آية ذكرناها ، ثم أكد ذلك بأن نفى جل وعز عنه كل لسان غير لسان العرب في آيتين من كتابه فقال تبارك وتعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ( 16 : 103 ) وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي ( 41 : 44 ) .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى : وعرفنا قدر نعمه بما خصنا به من مكانة فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه . . . ( 9 : 128 ) الآية ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=2هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم ( 62 : 2 ) الآية وكان مما عرف الله تعالى نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من إنعامه أن قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=44وإنه لذكر لك ولقومك ( 43 : 44 ) فخص قومه بالذكر معه بكتابه وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=214وأنذر عشيرتك الأقربين ( 26 : 214 ) وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7لتنذر أم القرى ومن حولها ( 42 : 7 )
وأم القرى مكة وهي بلده وبلد قومه ، فجعلهم في كتابه خاصة ، وأدخلهم مع المنذرين عامة ، وقضى أن ينذروا بلسانهم العربي لسان قومه منهم خاصة .
" فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده حتى يشهد به أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن
محمدا عبده ورسوله ، ويتلو به كتاب الله تعالى ، وينطق بالذكر فيما افترض عليه من التكبير ، وأمر به من التسبيح والتشهد وغير ذلك ، وما ازداد من العلم باللسان الذي جعله الله لسان من ختم به نبوته ، وأنزل به آخر كتبه ، كان خيرا له ، كما
[ ص: 266 ] عليه أن يتعلم الصلاة والذكر فيها ، ويأتي البيت وما أمر بإتيانه ويتوجه لما وجه له ، ويكون تبعا فيما افترض عليه وندب إليه لا متبوعا .
" قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : وإنما بدأت بما وصفت من أن القرآن نزل بلسان العرب دون غيرهم ; لأنه لا يعلم من إيضاح جمل علم الكتاب أحد جهل سعة لسان العرب وكثرة وجوهه ، وجماع معانيه وتفرقها . ومن علمها انتفت عنه الشبه التي دخلت على من جهل لسانها ، فكان تنبيه العامة على أن القرآن نزل بلسان العرب خاصة نصيحة للمسلمين ، والنصيحة لهم فرض لا ينبغي تركه ، أو إدراك نافلة خير لا يدعها إلا من سفه نفسه ، وترك موضع حظه ، فكان يجمع مع النصيحة لهم قياما بإيضاح حق ، وكان القيام بالحق ونصيحة المسلمين طاعة لله ، وطاعة الله جامعة للخير " اهـ . ثم ذيلنا هذا النقل بما نذكر هنا ملخصه ببعض تصرف ، وهو ما قاله الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في رسالة الأصول الشهيرة المطبوعة بمصر بنصها ، ولا تحسبن أن هذا مذهب له خالفه فيه غيره من أئمة المسلمين ، كلا إنه إجماع لا اختلاف فيه ، وقد اشتهرت رسالته هذه في جميع أقطار الإسلام إذ كانت هي أول ما كتب في أصول الفقه ، وقد خالفه بعض المجتهدين في بعض مسائل الأصول دون هذه المسألة فلم يخالفه ولم يناقشه أحد فيها ، ولا فيما أورده من الأدلة عليها ، وأوضح الأدلة على هذا إجماع المسلمين سلفا وخلفا على
nindex.php?page=treesubj&link=22732_27063_20758التعبد بتلاوة القرآن العربي وأذكار الصلاة والحج وغيرهما بالعربية ، ولم يشذ عن هذا سني ولا شيعي ولا إباضي ولا خارجي ولا معتزلي .
نعم إن المسلمين قد قصروا في دراسة هذه اللغة بعد ضعف الخلافة الإسلامية وتغلب الأعاجم ، فعطلوا بذلك بعض ما أمرهم الله تعالى به من تدبر القرآن والعبرة والاتعاظ بآياته وفهم عقائده وفقه أحكامه ، ولكن روي قول شاذ عن الإمام
أبي حنيفة رحمه الله تعالى بجواز أداء بعض أذكار الصلاة والتلاوة فيها بغير العربية لمن تعذر عليه تعلم ما يجب منهما أي من الأفراد لضعف في نطقه وفهمه ، وقد صح عنه أيضا أنه رجع عن هذا القول ، على أنه مقيد بالضرورة الشخصية ، ولم يقل هو ولا غيره بإطلاق ذلك ، وأنه يسع أي شعب أعجمي أن يستغني في دينه عن لغة كتابه وسنته ، والدليل على هذا أن جميع مقلديه من الأعاجم لا يزالون يقرؤون القرآن وأذكار الصلاة والحج وغيرها بالعربية ، وكذلك خطبة صلاة الجمعة والعيدين إلا ما شذت به الحكومة الكمالية التركية فأمرت الخطباء بأن يخطبوا بالتركية تمهيدا للصلاة بها لخلع ربقة الإسلام ، وقد بلغنا أن جماعة المصلين من الترك لما سمعوا خطبة الجمعة بالتركية نكروها ، ونفروا منها واتخذوا خطباءها سخريا ; لأن للعربية سلطانا على أرواحهم يخشعون لها ، وإن لم يفهموا كل عباراتها ; ولأنهم اعتادوا أن يسمعوها بنغم خاص وأداء خاص لا تقبله اللغة التركية كالعربية .
[ ص: 267 ] وليست عبادات الإسلام وحدها هي التي تتوقف على العربية ، بل معرفة أحكام المعاملات تتوقف عليها أيضا فإن أحكام الشريعة بجميع أنواعها حتى المدنية والسياسية متوقفة على الاجتهاد المعبر عنه في عرف هذا العصر بالتشريع ، وقد أجمع علماء الأصول من جميع المذاهب الإسلامية على
nindex.php?page=treesubj&link=22252توقف الاجتهاد في الشرع ، واستنباط الأحكام على معرفة اللغة العربية معرفة تمكن صاحبها من فهم أحكام القرآن والسنة ، وقد وضحنا هذه المسألة ، وبينا وجه الحاجة إليها في هذا العصر في كتاب ( الخلافة - أو الإمامة العظمى ) فتراجع فيه .
وجملة القول : أن إقامة دين الإسلام متوقفة على لغة كتابة المنزل ، وسنة نبيه المرسل سواء في ذلك هدايته الروحية ، ورابطته الاجتماعية ، وحكومته العادلة المدنية ، وأن المسلمين لم يكونوا في عصر من العصور أحوج إلى الوحدة المفروضة عليهم المتوقفة على هذه اللغة منهم في هذا العصر الذي تمزقوا فيه كل ممزق فأصبحوا أكلة لمنهومي الاستعمار ومستعبدي الأمم والشعوب وصدق فيهم قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920037يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها الحديث .
اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ لُغَةُ الْإِسْلَامِ :
وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي بَحْثِ اتِّبَاعِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُ لُغَتِهِ الَّتِي هِيَ لُغَةُ الْكِتَابِ الْإِلَهِيِّ الَّذِي أَوْحَاهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ ، وَأَمَرَ جَمِيعَ مَنِ اتَّبَعَهُ وَدَانَ بِدِينِهِ أَنْ يَتَعَبَّدَهُ بِهِ ، وَأَنْ يَتْلُوَهُ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِ الصَّلَاةِ مَعَ التَّدَبُّرِ وَالتَّأَمُّلِ فِي مَعَانِيهِ ، وَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إِتْقَانِ لُغَتِهِ وَهِيَ الْعَرَبِيَّةُ ، فَالْمُسْلِمُونَ يُبَلِّغُونَ الدَّعْوَةَ لِكُلِّ قَوْمٍ بِلُغَتِهِمْ ، حَتَّى إِذَا مَا هَدَى اللَّهُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ ، وَدَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ عَلَّمُوهُ أَحْكَامَهُ وَلُغَتَهُ ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ الْخُلَفَاءُ الْفَاتِحُونَ فِي خَيْرِ الْقُرُونِ وَمَا بَعْدَهَا ، إِلَى أَنْ تَغَلَّبَتِ الْأَعَاجِمُ عَلَى الْعَرَبِ ، وَسَلَبُوهُمُ الْمُلْكَ فَوَقَفَتِ الدَّعْوَةُ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَضَعُفَ الْعِلْمُ بِالْعَرَبِيَّةِ إِلَى أَنْ قَضَى عَلَيْهَا التُّرْكُ وَحَرَّمَتْهَا حُكُومَتُهُمْ عَلَيْهِمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ ، لِتَقْطَعَ كُلَّ صِلَةٍ لَهُمْ بِدِينِ الْقُرْآنِ ، وَقَدْ فَصَّلْنَا هَذِهِ الْمَبَاحِثَ فِي مَجَلَّةِ الْمَنَارِ تَفْصِيلًا .
وَمِمَّا نَشَرْنَاهُ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ مَقَالٌ فِي لُغَةِ الْإِسْلَامِ نَشَرْنَاهُ أَوَّلًا فِي بَعْضِ الْجَرَائِدِ الْيَوْمِيَّةِ ، وَفِيهِ تَصْرِيحٌ لِلْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ بِوُجُوبِ
nindex.php?page=treesubj&link=18479تَعَلُّمِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فِي رِسَالَتِهِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ ، ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُبَيِّنُ أَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ نَزَلَ بِلِسَانِ الْعَرَبِ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ إِلَّا بِلِسَانِهِمْ ثُمَّ قَالَ مَا نَصُّهُ : " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : مَا الْحُجَّةُ فِي أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ مَحْضٌ بِلِسَانِ الْعَرَبِ لَا يَخْلِطُهُ فِيهِ غَيْرُهُ ؟ فَالْحُجَّةُ فِيهِ كِتَابُ اللَّهِ ، قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ( 14 : 4 ) .
" فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّ الرُّسُلَ قَبْلَ
مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ كَانُوا يُرْسَلُونَ إِلَى قَوْمِهِمْ خَاصَّةً ، وَأَنَّ
مُحَمَّدًا ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بُعِثَ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً ؟ ( قِيلَ ) : فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بُعِثَ بِلِسَانِ قَوْمِهِ خَاصَّةً ، وَيَكُونُ عَلَى النَّاسِ كَافَّةً أَنْ يَتَعَلَّمُوا لِسَانَهُ ، أَوْ مَا يُطِيقُونَهُ مِنْهُ .
[ ص: 265 ] وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بُعِثَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ؟ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَهَلْ مِنْ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّهُ بُعِثَ بِلِسَانِ قَوْمِهِ خَاصَّةً دُونَ أَلْسِنَةِ الْعَجَمِ ؟ ؟ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : فَالدّلَالَةُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ، فَإِذَا كَانَتِ الْأَلْسِنَةُ مُخْتَلِفَةً بِمَا لَا يَفْهَمُهُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ تَبَعًا لِبَعْضٍ ، أَنْ يَكُونَ الْفَضْلُ فِي اللِّسَانِ الْمُتَّبَعِ عَلَى التَّابِعِ ، وَأَوْلَى النَّاسِ بِالْفَضْلِ فِي اللِّسَانِ مَنْ لِسَانُهُ لِسَانُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلَا يَجُوزُ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ أَهْلُ لِسَانِهِ أَتْبَاعًا لِأَهْلِ لِسَانٍ غَيْرِ لِسَانِهِ فِي حَرْفٍ وَاحِدٍ ، بَلْ كُلُّ لِسَانٍ تَبَعٌ لِلِسَانِهِ وَكُلُّ أَهْلِ دِينٍ قَبْلَهُ فَعَلَيْهِمُ اتِّبَاعُ دِينِهِ ، وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ . قَالَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكِ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ( 26 : 192 - 195 ) وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=37وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا حُكْمًا عَرَبِيًّا ( 13 : 37 ) وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ( 42 : 7 ) وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=1حم nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=2وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ( 43 : 1 - 3 ) .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : فَأَقَامَ حُجَّتَهُ بِأَنَّ كِتَابَهُ عَرَبِيٌّ فِي كُلِّ آيَةٍ ذَكَرْنَاهَا ، ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِأَنْ نَفَى جَلَّ وَعَزَّ عَنْهُ كُلَّ لِسَانٍ غَيْرِ لِسَانِ الْعَرَبِ فِي آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ( 16 : 103 ) وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ( 41 : 44 ) .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : وَعَرَّفَنَا قَدْرَ نِعَمِهِ بِمَا خَصَّنَا بِهِ مِنْ مَكَانَةٍ فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ . . . ( 9 : 128 ) الْآيَةَ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=2هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ ( 62 : 2 ) الْآيَةَ وَكَانَ مِمَّا عَرَّفَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مِنْ إِنْعَامِهِ أَنْ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=44وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ( 43 : 44 ) فَخَصَّ قَوْمَهُ بِالذِّكْرِ مَعَهُ بِكِتَابِهِ وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=214وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ( 26 : 214 ) وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ( 42 : 7 )
وَأُمُّ الْقُرَى مَكَّةُ وَهِيَ بَلَدُهُ وَبَلَدُ قَوْمِهِ ، فَجَعَلَهُمْ فِي كِتَابِهِ خَاصَّةً ، وَأَدْخَلَهُمْ مَعَ الْمُنْذَرِينَ عَامَّةً ، وَقَضَى أَنْ يُنْذَرُوا بِلِسَانِهِمُ الْعَرَبِيِّ لِسَانِ قَوْمِهِ مِنْهُمْ خَاصَّةً .
" فَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ مَا بَلَّغَهُ جُهْدُهُ حَتَّى يَشْهَدَ بِهِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَيَتْلُوَ بِهِ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَيَنْطِقَ بِالذِّكْرِ فِيمَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ مِنَ التَّكْبِيرِ ، وَأَمَرَ بِهِ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّشَهُّدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَمَا ازْدَادَ مِنَ الْعِلْمِ بِاللِّسَانِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لِسَانَ مَنْ خَتَمَ بِهِ نُبُوَّتَهُ ، وَأَنْزَلَ بِهِ آخِرَ كُتُبِهِ ، كَانَ خَيْرًا لَهُ ، كَمَا
[ ص: 266 ] عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الصَّلَاةَ وَالذِّكْرَ فِيهَا ، وَيَأْتِيَ الْبَيْتُ وَمَا أُمِرَ بِإِتْيَانِهِ وَيَتَوَجَّهَ لِمَا وُجِّهَ لَهُ ، وَيَكُونَ تَبَعًا فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْهِ وَنُدِبَ إِلَيْهِ لَا مَتْبُوعًا .
" قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَإِنَّمَا بَدَأْتُ بِمَا وَصَفْتُ مِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلِسَانِ الْعَرَبِ دُونَ غَيْرِهِمْ ; لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مِنْ إِيضَاحِ جُمَلِ عِلْمِ الْكِتَابِ أَحَدٌ جَهِلَ سَعَةَ لِسَانِ الْعَرَبِ وَكَثْرَةَ وُجُوهِهِ ، وَجِمَاعَ مَعَانِيهِ وَتَفَرُّقَهَا . وَمَنْ عَلِمَهَا انْتَفَتْ عَنْهُ الشُّبَهُ الَّتِي دَخَلَتْ عَلَى مَنْ جَهِلَ لِسَانَهَا ، فَكَانَ تَنْبِيهُ الْعَامَّةِ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلِسَانِ الْعَرَبِ خَاصَّةً نَصِيحَةً لِلْمُسْلِمِينَ ، وَالنَّصِيحَةُ لَهُمْ فَرْضٌ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ ، أَوْ إِدْرَاكُ نَافِلَةِ خَيْرٍ لَا يَدَعُهَا إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ، وَتَرَكَ مَوْضِعَ حَظِّهِ ، فَكَانَ يَجْمَعُ مَعَ النَّصِيحَةِ لَهُمْ قِيَامًا بِإِيضَاحِ حَقٍّ ، وَكَانَ الْقِيَامُ بِالْحَقِّ وَنَصِيحَةُ الْمُسْلِمِينَ طَاعَةً لِلَّهِ ، وَطَاعَةُ اللَّهِ جَامِعَةٌ لِلْخَيْرِ " اهـ . ثُمَّ ذَيَّلْنَا هَذَا النَّقْلَ بِمَا نَذْكُرُ هُنَا مُلَخَّصَهُ بِبَعْضِ تَصَرُّفٍ ، وَهُوَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فِي رِسَالَةِ الْأُصُولِ الشَّهِيرَةِ الْمَطْبُوعَةِ بِمِصْرَ بِنَصِّهَا ، وَلَا تَحْسَبَنَّ أَنَّ هَذَا مَذْهَبٌ لَهُ خَالَفَهُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، كَلَّا إِنَّهُ إِجْمَاعٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ ، وَقَدِ اشْتُهِرَتْ رِسَالَتُهُ هَذِهِ فِي جَمِيعِ أَقْطَارِ الْإِسْلَامِ إِذْ كَانَتْ هِيَ أَوَّلُ مَا كُتِبَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ ، وَقَدْ خَالَفَهُ بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي بَعْضِ مَسَائِلِ الْأُصُولِ دُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَمْ يُخَالِفْهُ وَلَمْ يُنَاقِشْهُ أَحَدٌ فِيهَا ، وَلَا فِيمَا أَوْرَدَهُ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَيْهَا ، وَأَوْضَحُ الْأَدِلَّةِ عَلَى هَذَا إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ سَلَفًا وَخَلَفًا عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=22732_27063_20758التَّعَبُّدِ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ الْعَرَبِيِّ وَأَذْكَارِ الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهِمَا بِالْعَرَبِيَّةِ ، وَلَمْ يَشِذَّ عَنْ هَذَا سُنِّيٌّ وَلَا شِيعِيٌّ وَلَا إِبَاضَيٌّ وَلَا خَارِجِيٌّ وَلَا مُعْتَزِلِيٌّ .
نَعَمْ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ قَصَّرُوا فِي دِرَاسَةِ هَذِهِ اللُّغَةِ بَعْدَ ضَعْفِ الْخِلَافَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَتَغَلُّبِ الْأَعَاجِمِ ، فَعَطَّلُوا بِذَلِكَ بَعْضَ مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وَالْعِبْرَةِ وَالِاتِّعَاظِ بِآيَاتِهِ وَفَهْمِ عَقَائِدِهِ وَفِقْهِ أَحْكَامِهِ ، وَلَكِنْ رُوِيَ قَوْلٌ شَاذٌّ عَنِ الْإِمَامِ
أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِجَوَازِ أَدَاءِ بَعْضِ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ وَالتِّلَاوَةِ فِيهَا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لِمَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ تَعَلُّمُ مَا يَجِبُ مِنْهُمَا أَيْ مِنَ الْأَفْرَادِ لِضَعْفٍ فِي نُطْقِهِ وَفَهْمِهِ ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ ، عَلَى أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالضَّرُورَةِ الشَّخْصِيَّةِ ، وَلَمْ يَقُلْ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ بِإِطْلَاقِ ذَلِكَ ، وَأَنَّهُ يَسَعُ أَيُ شَعْبٍ أَعْجَمِيٍّ أَنْ يَسْتَغْنِيَ فِي دِينِهِ عَنْ لُغَةِ كِتَابِهِ وَسُنَّتِهِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَنَّ جَمِيعَ مُقَلِّدِيهِ مِنَ الْأَعَاجِمِ لَا يَزَالُونَ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ وَأَذْكَارَ الصَّلَاةِ وَالْحَجَّ وَغَيْرَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ ، وَكَذَلِكَ خُطْبَةُ صَلَاةِ الْجُمْعَةِ وَالْعِيدَيْنِ إِلَّا مَا شَذَّتْ بِهِ الْحُكُومَةُ الْكَمَالِيَّةُ التُّرْكِيَّةُ فَأَمَرَتِ الْخُطَبَاءَ بِأَنْ يَخْطُبُوا بِالتُّرْكِيَّةِ تَمْهِيدًا لِلصَّلَاةِ بِهَا لِخَلْعِ رِبْقَةِ الْإِسْلَامِ ، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ جَمَاعَةَ الْمُصَلِّينَ مِنَ التُّرْكِ لَمَّا سَمِعُوا خُطْبَةَ الْجُمْعَةِ بِالتُّرْكِيَّةِ نَكِرُوهَا ، وَنَفَرُوا مِنْهَا وَاتَّخَذُوا خُطَبَاءَهَا سِخْرِيًّا ; لِأَنَّ لِلْعَرَبِيَّةِ سُلْطَانًا عَلَى أَرْوَاحِهِمْ يَخْشَعُونَ لَهَا ، وَإِنْ لَمْ يَفْهَمُوا كُلَّ عِبَارَاتِهَا ; وَلِأَنَّهُمُ اعْتَادُوا أَنْ يَسْمَعُوهَا بِنَغَمٍ خَاصٍّ وَأَدَاءٍ خَاصٍّ لَا تَقْبَلُهُ اللُّغَةُ التُّرْكِيَّةُ كَالْعَرَبِيَّةِ .
[ ص: 267 ] وَلَيْسَتْ عِبَادَاتُ الْإِسْلَامِ وَحْدَهَا هِيَ الَّتِي تَتَوَقَّفُ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ ، بَلْ مَعْرِفَةُ أَحْكَامِ الْمُعَامَلَاتِ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا أَيْضًا فَإِنَّ أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا حَتَّى الْمَدَنِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الِاجْتِهَادِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ فِي عُرْفِ هَذَا الْعَصْرِ بِالتَّشْرِيعِ ، وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأُصُولِ مِنْ جَمِيعِ الْمَذَاهِبِ الْإِسْلَامِيَّةِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=22252تَوَقُّفِ الِاجْتِهَادِ فِي الشَّرْعِ ، وَاسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ عَلَى مَعْرِفَةِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ مَعْرِفَةً تُمَكِّنُ صَاحِبَهَا مَنْ فَهْمِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ ، وَقَدْ وَضَّحْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ ، وَبَيَّنَّا وَجْهَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا فِي هَذَا الْعَصْرِ فِي كِتَابِ ( الْخِلَافَةِ - أَوِ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى ) فَتُرَاجَعْ فِيهِ .
وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ : أَنَّ إِقَامَةَ دِينِ الْإِسْلَامِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى لُغَةِ كِتَابَةِ الْمُنَزَّلِ ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْمُرْسَلِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ هِدَايَتُهُ الرُّوحِيَّةُ ، وَرَابِطَتُهُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ ، وَحُكُومَتُهُ الْعَادِلَةُ الْمَدَنِيَّةُ ، وَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَكُونُوا فِي عَصْرٍ مِنَ الْعُصُورِ أَحْوَجَ إِلَى الْوَحْدَةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَيْهِمُ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ مِنْهُمْ فِي هَذَا الْعَصْرِ الَّذِي تَمَزَّقُوا فِيهِ كُلَّ مُمَزَّقٍ فَأَصْبَحُوا أَكْلَةً لِمَنْهُومِي الِاسْتِعْمَارِ وَمُسْتَعْبِدِي الْأُمَمِ وَالشُّعُوبِ وَصَدَقَ فِيهِمْ قَوْلُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920037يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا الْحَدِيثَ .