وأما
nindex.php?page=treesubj&link=28875ما يتعلق بترتيبه
فأما الآيات في كل سورة ووضع البسملة أوائلها فترتيبها توقيفي بلا شك ، ولا خلاف فيه ، ولهذا لا يجوز تعكيسها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي وغيره : ترتيب الآيات في السور هو من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة .
وقال
القاضي أبو بكر : ترتيب الآيات أمر واجب وحكم لازم ، فقد كان
جبريل يقول : ضعوا آية كذا في موضع كذا .
[ ص: 354 ] وأسند
البيهقي في كتاب " المدخل " و " الدلائل " عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت قال : كنا حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نؤلف القرآن إذ قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018525طوبى للشام فقيل له : ولم ؟ قال : لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليه زاد في " الدلائل " : نؤلف القرآن في الرقاع .
قال : وهذا يشبه أن يكون المراد به تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة في سورها وجمعها فيها بإشارة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وأخرجه
الحاكم في " المستدرك " وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . وقال : فيه البيان الواضح أن جمع القرآن لم يكن مرة واحدة ، فقد جمع بعضه بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم جمع بحضرة
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق ، والجمع الثالث - وهو ترتيب السور - كان بحضرة
عثمان .
واختلف في
nindex.php?page=treesubj&link=32391الحرف الذي كتب عثمان عليه المصحف فقيل : حرف
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، وقيل : حرف
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب ; لأنه العرضة الأخيرة التي قرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى الأول أكثر الرواة ، ومعنى حرف
زيد ، أي : قراءته وطريقته .
وفي كتاب " فضائل القرآن "
لأبي عبيد ، عن
أبي وائل ، قيل
nindex.php?page=showalam&ids=10لابن مسعود : إن فلانا يقرأ القرآن منكوسا ، فقال : ذاك منكوس القلب . رواه
البيهقي .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=28880ترتيب السور على ما هو عليه الآن فاختلف : هل هو توقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو من فعل الصحابة لم يفصل ؟ في ذلك ثلاثة أقوال :
1 - مذهب جمهور العلماء ; منهم
مالك nindex.php?page=showalam&ids=14628والقاضي أبو بكر بن الطيب ، فيما اعتمده واستقر عليه رأيه من أحد قوليه إلى الثاني ، وأنه - صلى الله عليه وسلم - فوض ذلك إلى أمته بعده .
2 - وذهبت طائفة إلى الأول ; والخلاف يرجع إلى اللفظ ; لأن القائل بالثاني يقول : إنه رمز إليهم بذلك لعلمهم بأسباب نزوله ومواقع كلماته ; ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867الإمام مالك : إنما ألفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي - صلى الله عليه وسلم - مع قوله بأن ترتيب السور اجتهاد منهم ،
[ ص: 355 ] فآل الخلاف إلى أنه : هل ذلك بتوقيف قولي أم بمجرد استناد فعلي ، وبحيث بقي لهم فيه مجال للنظر . فإن قيل : فإذا كانوا قد سمعوه منه ، كما استقر عليه ترتيبه ففي ماذا أعملوا الأفكار ؟ وأي مجال بقي لهم بعد هذا الاعتبار ؟ قيل : قد روى
مسلم في " صحيحه " عن
حذيفة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018526صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فافتتح سورة " البقرة " ، فقلت : يركع عند المائة ، ثم مضى ، فقلت : يصلي بها في ركعة ، فمضى فقلت : يركع بها ، ثم افتتح " النساء " فقرأها ، ثم افتتح " آل عمران " . الحديث ، فلما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ربما فعل هذا إرادة للتوسعة على الأمة ، وتبيانا لجليل تلك النعمة كان محلا للتوقف ، حتى استقر النظر على رأي ما كان من فعله الأكثر . فهذا محل اجتهادهم في المسألة .
3 - والقول الثالث ، مال إليه
القاضي أبو محمد بن عطية : أن كثيرا من السور كان قد علم ترتيبها في حياته - صلى الله عليه وسلم - كالسبع الطوال والحواميم والمفصل ، وأشاروا إلى أن ما سوى ذلك يمكن أن يكون فوض الأمر فيه إلى الأمة بعده .
وقال
أبو جعفر بن الزبير : الآثار تشهد بأكثر مما نص عليه
ابن عطية ، ويبقى منها قليل يمكن أن يجري فيه الخلاف ; كقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018527اقرءوا الزهراوين : " البقرة " ، و " آل عمران " رواه
مسلم ، ولحديث
nindex.php?page=showalam&ids=17114معبد بن خالد :
صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسبع الطوال في ركعة . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في " مصنفه " ، وفيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018529أنه عليه الصلاة والسلام كان يجمع المفصل في ركعة .
[ ص: 356 ] وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله عنه - قال في " بني إسرائيل " و " الكهف " ، و " مريم " ، و " طه " ، و " الأنبياء " : " إنهن من العتاق الأول ، وهن من تلادي " فذكرها نسقا كما استقر ترتيبها .
وفي " صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018530أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ، ثم نفث فيهما ، فقرأ : nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قل هو الله أحد والمعوذتين " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس : " المختار أن تأليف السور على هذا الترتيب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب " ثم ساق بإسناده إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبي داود الطيالسي : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16687عمران القطان ، عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11915أبي المليح الهذلي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=105واثلة بن الأسقع ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018531أعطيت مكان التوراة السبع الطول ، وأعطيت مكان الزبور المئين ، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني ، وفضلت بالمفصل .
قال
أبو جعفر : " وهذا الحديث يدل على أن تأليف القرآن مأخوذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه مؤلف من ذلك الوقت ، وإنما جمع في المصحف على شيء واحد ; لأنه قد جاء هذا الحديث بلفظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على تأليف القرآن ، وفيه أيضا دليل على أن سورة " الأنفال " سورة على حدة ، وليست من براءة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13417أبو الحسين أحمد بن فارس في كتاب " المسائل الخمس " : " جمع القرآن على ضربين :
أحدهما : تأليف السور ; كتقديم السبع الطوال وتعقيبها بالمئين ; فهذا الضرب هو الذي تولاه الصحابة - رضوان الله عليهم - .
وأما الجمع الآخر فضم الآي بعضها إلى بعض ، وتعقيب
[ ص: 357 ] القصة بالقصة ، فذلك شيء تولاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أخبر به
جبريل عن أمر ربه - عز وجل - .
وكذا قال
الكرماني في " البرهان " : ترتيب السور هكذا هو عند الله ، وفي اللوح المحفوظ وهو على هذا الترتيب كان يعرض - عليه السلام - على
جبريل كل سنة ما كان يجتمع عنده منه ، وعرض عليه في السنة التي توفي فيها مرتين .
وذهب جماعة من المفسرين إلى أن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=13فأتوا بعشر سور ( هود : 13 ) ، معناه مثل " البقرة " إلى سورة " هود " ، وهي العاشرة ، ومعلوم أن سورة " هود " مكية ، وأن " البقرة " ، و " آل عمران " ، و " النساء " ، و " المائدة " ، و " الأنفال " و " التوبة " مدنيات نزلت بعدها .
وفسر بعضهم قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=4ورتل القرآن ترتيلا ( المزمل : 4 ) ، أي : اقرأه على هذا الترتيب من غير تقديم ولا تأخير . وجاء النكير على من قرأه معكوسا . ولو
nindex.php?page=treesubj&link=33066حلف أن يقرأ القرآن على الترتيب لم يلزم إلا على هذا الترتيب . ولو نزل القرآن جملة واحدة كما اقترحوا عليه لنزل على هذا الترتيب ; وإنما تفرقت سوره وآياته نزولا ، لحاجة الناس إليها حالة بعد حالة ; ولأن فيه الناسخ والمنسوخ ، ولم يكن ليجتمعا نزولا ، وأبلغ الحكم في تفرقه ما قال سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=106وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ( الإسراء : 106 ) ، وهذا أصل بني عليه مسائل كثيرة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14628القاضي أبو بكر بن الطيب : فإن قيل : قد اختلف السلف في ترتيب القرآن ، فمنهم من كتب في المصحف السور على تاريخ نزولها ، وقدم المكي على المدني ، ومنهم جعل من أوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقرأ باسم ربك ( العلق : 1 ) وهو أول مصحف
علي ، وأما مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود فأوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4مالك يوم الدين ( الفاتحة : 4 ) ، ثم " البقرة " ، ثم " النساء " ، على ترتيب مختلف ، وفي مصحف
أبي كان أوله الحمد ، ثم " النساء " ، ثم " آل عمران " ، ثم " الأنعام " ، ثم " الأعراف " ، ثم " المائدة " ، على اختلاف شديد .
فالجواب أنه يحتمل أن يكون ترتيب السور على ما هي عليه اليوم على وجه الاجتهاد من
[ ص: 358 ] الصحابة - رضي الله عنهم - وذكر ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي في سورة براءة ، وأن وضع البسملة في الأول هو من النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590أبو بكر بن الأنباري : " أنزل الله القرآن كله إلى سماء الدنيا ، ثم فرق في بضع وعشرين ، فكانت السورة تنزل لأمر يحدث ، والآية جوابا لمستخبر ; ويقف
جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - على موضع السورة والآية ، فاتساق السور كاتساق الآيات والحروف ، كله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فمن قدم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم الآيات .
قال
القاضي أبو بكر : ومن نظم السور على المكي والمدني لم يدر أين يضع الفاتحة ، لاختلافهم في موضع نزولها ، ويضطر إلى تأخير الآية في رأس خمس وثلاثين ومائتين من " البقرة " إلى رأس الأربعين ، ومن أفسد نظم القرآن فقد كفر به .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28875مَا يَتَعَلَّقُ بِتَرْتِيبِهِ
فَأَمَّا الْآيَاتُ فِي كُلِّ سُورَةٍ وَوَضْعُ الْبَسْمَلَةِ أَوَائِلَهَا فَتَرْتِيبُهَا تَوْقِيفِيٌّ بِلَا شَكٍّ ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ تَعْكِيسُهَا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيٌّ وَغَيْرُهُ : تَرْتِيبُ الْآيَاتِ فِي السُّوَرِ هُوَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمَّا لَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ فِي أَوَّلِ بَرَاءَةَ تُرِكَتْ بِلَا بَسْمَلَةٍ .
وَقَالَ
الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ : تَرْتِيبُ الْآيَاتِ أَمْرٌ وَاجِبٌ وَحُكْمٌ لَازِمٌ ، فَقَدْ كَانَ
جِبْرِيلُ يَقُولُ : ضَعُوا آيَةَ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا .
[ ص: 354 ] وَأَسْنَدَ
الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ " الْمَدْخَلِ " وَ " الدَّلَائِلِ " عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ : كُنَّا حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نُؤَلِّفُ الْقُرْآنَ إِذْ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018525طُوبَى لِلشَّامِ فَقِيلَ لَهُ : وَلِمَ ؟ قَالَ : لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَنِ بَاسِطَةٌ أَجْنِحَتَهَا عَلَيْهِ زَادَ فِي " الدَّلَائِلِ " : نُؤَلِّفُ الْقُرْآنَ فِي الرِّقَاعِ .
قَالَ : وَهَذَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ تَأْلِيفَ مَا نَزَلَ مِنَ الْآيَاتِ الْمُتَفَرِّقَةِ فِي سُوَرِهَا وَجَمْعِهَا فِيهَا بِإِشَارَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَأَخْرَجَهُ
الْحَاكِمُ فِي " الْمُسْتَدْرَكِ " وَقَالَ : صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ . وَقَالَ : فِيهِ الْبَيَانُ الْوَاضِحُ أَنَّ جَمْعَ الْقُرْآنِ لَمْ يَكُنْ مَرَّةً وَاحِدَةً ، فَقَدْ جُمِعَ بَعْضُهُ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ جُمِعَ بِحَضْرَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، وَالْجَمْعُ الثَّالِثُ - وَهُوَ تَرْتِيبُ السُّوَرِ - كَانَ بِحَضْرَةِ
عُثْمَانَ .
وَاخْتُلِفَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=32391الْحَرْفِ الَّذِي كَتَبَ عُثْمَانُ عَلَيْهِ الْمُصْحَفَ فَقِيلَ : حَرْفُ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَقِيلَ : حَرْفُ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ; لِأَنَّهُ الْعَرْضَةُ الْأَخِيرَةُ الَّتِي قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى الْأَوَّلِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ ، وَمَعْنَى حَرْفِ
زَيْدٍ ، أَيْ : قِرَاءَتُهُ وَطَرِيقَتُهُ .
وَفِي كِتَابِ " فَضَائِلِ الْقُرْآنِ "
لِأَبِي عُبَيْدٍ ، عَنْ
أَبِي وَائِلٍ ، قِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=10لِابْنِ مَسْعُودٍ : إِنَّ فُلَانًا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَنْكُوسًا ، فَقَالَ : ذَاكَ مَنْكُوسُ الْقَلْبِ . رَوَاهُ
الْبَيْهَقِيُّ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28880تَرْتِيبُ السُّوَرِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْآنَ فَاخْتُلِفَ : هَلْ هُوَ تَوْقِيفٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ مِنْ فِعْلِ الصَّحَابَةِ لَمْ يُفَصَّلْ ؟ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ :
1 - مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ ; مِنْهُمْ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=14628وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ ، فِيمَا اعْتَمَدَهُ وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُهُ مِنْ أَحَدِ قَوْلَيْهِ إِلَى الثَّانِي ، وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَّضَ ذَلِكَ إِلَى أُمَّتِهِ بَعْدَهُ .
2 - وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى الْأَوَّلِ ; وَالْخِلَافُ يَرْجِعُ إِلَى اللَّفْظِ ; لِأَنَّ الْقَائِلَ بِالثَّانِي يَقُولُ : إِنَّهُ رَمَزَ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ لِعِلْمِهِمْ بِأَسْبَابِ نُزُولِهِ وَمَوَاقِعِ كَلِمَاتِهِ ; وَلِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867الْإِمَامُ مَالِكٌ : إِنَّمَا أَلَّفُوا الْقُرْآنَ عَلَى مَا كَانُوا يَسْمَعُونَهُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ قَوْلِهِ بِأَنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ اجْتِهَادٌ مِنْهُمْ ،
[ ص: 355 ] فَآلَ الْخِلَافُ إِلَى أَنَّهُ : هَلْ ذَلِكَ بِتَوْقِيفٍ قَوْلِيٍّ أَمْ بِمُجَرَّدِ اسْتِنَادٍ فِعْلِيٍّ ، وَبِحَيْثُ بَقِيَ لَهُمْ فِيهِ مَجَالٌ لِلنَّظَرِ . فَإِنْ قِيلَ : فَإِذَا كَانُوا قَدْ سَمِعُوهُ مِنْهُ ، كَمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ تَرْتِيبُهُ فَفِي مَاذَا أَعْمَلُوا الْأَفْكَارَ ؟ وَأَيُّ مَجَالٍ بَقِيَ لَهُمْ بَعْدَ هَذَا الِاعْتِبَارِ ؟ قِيلَ : قَدْ رَوَى
مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " عَنْ
حُذَيْفَةَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018526صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ سُورَةَ " الْبَقَرَةِ " ، فَقُلْتُ : يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ ، ثُمَّ مَضَى ، فَقُلْتُ : يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ ، فَمَضَى فَقُلْتُ : يَرْكَعُ بِهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ " النِّسَاءَ " فَقَرَأَهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ " آلَ عِمْرَانَ " . الْحَدِيثَ ، فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُبَّمَا فَعَلَ هَذَا إِرَادَةً لِلتَّوْسِعَةِ عَلَى الْأُمَّةِ ، وَتِبْيَانًا لِجَلِيلِ تِلْكَ النِّعْمَةِ كَانَ مَحَلًّا لِلتَّوَقُّفِ ، حَتَّى اسْتَقَرَّ النَّظَرُ عَلَى رَأْيِ مَا كَانَ مِنْ فِعْلِهِ الْأَكْثَرُ . فَهَذَا مَحَلُّ اجْتِهَادِهِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ .
3 - وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ ، مَالَ إِلَيْهِ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَطِيَّةَ : أَنَّ كَثِيرًا مِنَ السُّوَرِ كَانَ قَدْ عَلِمَ تَرْتِيبَهَا فِي حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالسَّبْعِ الطِّوَالِ وَالْحَوَامِيمِ وَالْمُفَصَّلِ ، وَأَشَارُوا إِلَى أَنَّ مَا سِوَى ذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فَوَّضَ الْأَمْرَ فِيهِ إِلَى الْأُمَّةِ بَعْدَهُ .
وَقَالَ
أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الزُّبَيْرِ : الْآثَارُ تَشْهَدُ بِأَكْثَرَ مِمَّا نَصَّ عَلَيْهِ
ابْنُ عَطِيَّةَ ، وَيَبْقَى مِنْهَا قَلِيلٌ يُمْكِنُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ ; كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018527اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ : " الْبَقَرَةَ " ، وَ " آلَ عِمْرَانَ " رَوَاهُ
مُسْلِمٌ ، وَلِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=17114مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ :
صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسَّبْعِ الطِّوَالِ فِي رَكْعَةٍ . رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي " مُصَنَّفِهِ " ، وَفِيهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018529أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَجْمَعُ الْمُفَصَّلَ فِي رَكْعَةٍ .
[ ص: 356 ] وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ فِي " بَنِي إِسْرَائِيلَ " وَ " الْكَهْفِ " ، وَ " مَرْيَمَ " ، وَ " طه " ، وَ " الْأَنْبِيَاءِ " : " إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي " فَذَكَرَهَا نَسَقًا كَمَا اسْتَقَرَّ تَرْتِيبُهَا .
وَفِي " صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ " :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018530أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا ، فَقَرَأَ : nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ " .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12940أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ : " الْمُخْتَارُ أَنَّ تَأْلِيفَ السُّوَرِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ " ثُمَّ سَاقَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=14724أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16687عِمْرَانُ الْقَطَّانُ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11915أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=105وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018531أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ الطُّوَلَ ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمِئِينَ ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : " وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَأْلِيفَ الْقُرْآنِ مَأْخُوذٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ مُؤَلَّفٌ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَإِنَّمَا جُمِعَ فِي الْمُصْحَفِ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ ; لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ بِلَفْظِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ ، وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سُورَةَ " الْأَنْفَالِ " سُورَةٌ عَلَى حِدَةٍ ، وَلَيْسَتْ مِنْ بَرَاءَةَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13417أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ فَارِسٍ فِي كِتَابِ " الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ " : " جَمْعُ الْقُرْآنِ عَلَى ضَرْبَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : تَأْلِيفُ السُّوَرِ ; كَتَقْدِيمِ السَّبْعِ الطِّوَالِ وَتَعْقِيبِهَا بِالْمِئِينَ ; فَهَذَا الضَّرْبُ هُوَ الَّذِي تَوَلَّاهُ الصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - .
وَأَمَّا الْجَمْعُ الْآخَرُ فَضَمُّ الْآيِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ ، وَتَعْقِيبُ
[ ص: 357 ] الْقِصَّةِ بِالْقِصَّةِ ، فَذَلِكَ شَيْءٌ تَوَلَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا أَخْبَرَ بِهِ
جِبْرِيلُ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - .
وَكَذَا قَالَ
الْكِرْمَانِيُّ فِي " الْبُرْهَانِ " : تَرْتِيبُ السُّوَرِ هَكَذَا هُوَ عِنْدَ اللَّهِ ، وَفِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَهُوَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ كَانَ يَعْرِضُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى
جِبْرِيلَ كُلَّ سَنَةٍ مَا كَانَ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ مِنْهُ ، وَعَرَضَ عَلَيْهِ فِي السَّنَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا مَرَّتَيْنِ .
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=13فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ ( هُودٍ : 13 ) ، مَعْنَاهُ مِثْلَ " الْبَقَرَةِ " إِلَى سُورَةِ " هُودٍ " ، وَهِيَ الْعَاشِرَةُ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ سُورَةَ " هُودٍ " مَكِّيَّةٌ ، وَأَنَّ " الْبَقَرَةَ " ، وَ " آلَ عِمْرَانَ " ، وَ " النِّسَاءَ " ، وَ " الْمَائِدَةَ " ، وَ " الْأَنْفَالَ " وَ " التَّوْبَةَ " مَدَنِيَّاتٌ نَزَلَتْ بَعْدَهَا .
وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=4وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ( الْمُزَّمِّلِ : 4 ) ، أَيْ : اقْرَأْهُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمٍ وَلَا تَأْخِيرٍ . وَجَاءَ النَّكِيرُ عَلَى مَنْ قَرَأَهُ مَعْكُوسًا . وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=33066حَلَفَ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى التَّرْتِيبِ لَمْ يَلْزَمْ إِلَّا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ . وَلَوْ نَزَلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَمَا اقْتَرَحُوا عَلَيْهِ لَنَزَلَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ ; وَإِنَّمَا تَفَرَّقَتْ سُوَرُهُ وَآيَاتُهُ نُزُولًا ، لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهَا حَالَةً بَعْدَ حَالَةٍ ; وَلِأَنَّ فِيهِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ ، وَلَمْ يَكُنْ لِيَجْتَمِعَا نُزُولًا ، وَأَبْلَغُ الْحِكَمِ فِي تَفَرُّقِهِ مَا قَالَ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=106وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ( الْإِسْرَاءِ : 106 ) ، وَهَذَا أَصْلٌ بُنِيَ عَلَيْهِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14628الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ : فَإِنْ قِيلَ : قَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي تَرْتِيبِ الْقُرْآنِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ كَتَبَ فِي الْمُصْحَفِ السُّوَرَ عَلَى تَارِيخِ نُزُولِهَا ، وَقَدَّمَ الْمَكِّيَّ عَلَى الْمَدَنِيِّ ، وَمِنْهُمْ جَعَلَ مِنْ أَوَّلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ( الْعَلَقِ : 1 ) وَهُوَ أَوَّلُ مُصْحَفِ
عَلِيٍّ ، وَأَمَّا مُصْحَفُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ فَأَوَّلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=4مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ( الْفَاتِحَةِ : 4 ) ، ثُمَّ " الْبَقَرَةُ " ، ثُمَّ " النِّسَاءُ " ، عَلَى تَرْتِيبٍ مُخْتَلِفٍ ، وَفِي مُصْحَفِ
أُبَيٍّ كَانَ أَوَّلُهُ الْحَمْدَ ، ثُمَّ " النِّسَاءَ " ، ثُمَّ " آلَ عِمْرَانَ " ، ثُمَّ " الْأَنْعَامَ " ، ثُمَّ " الْأَعْرَافَ " ، ثُمَّ " الْمَائِدَةَ " ، عَلَى اخْتِلَافٍ شَدِيدٍ .
فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَرْتِيبُ السُّوَرِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ مِنَ
[ ص: 358 ] الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَذَكَرَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيٌّ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ ، وَأَنَّ وَضْعَ الْبَسْمَلَةِ فِي الْأَوَّلِ هُوَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ : " أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا ، ثُمَّ فُرِّقَ فِي بِضْعٍ وَعِشْرِينَ ، فَكَانَتِ السُّورَةُ تَنْزِلُ لِأَمْرٍ يَحْدُثُ ، وَالْآيَةُ جَوَابًا لِمُسْتَخْبِرٍ ; وَيَقِفُ
جِبْرِيلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَوْضِعِ السُّورَةِ وَالْآيَةِ ، فَاتِّسَاقُ السُّوَرِ كَاتِّسَاقِ الْآيَاتِ وَالْحُرُوفِ ، كُلُّهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنْ قَدَّمَ سُورَةً أَوْ أَخَّرَهَا فَقَدْ أَفْسَدَ نَظْمَ الْآيَاتِ .
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ : وَمَنْ نَظَمَ السُّوَرَ عَلَى الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ لَمْ يَدْرِ أَيْنَ يَضَعُ الْفَاتِحَةَ ، لِاخْتِلَافِهِمْ فِي مَوْضِعِ نُزُولِهَا ، وَيُضْطَرُّ إِلَى تَأْخِيرِ الْآيَةِ فِي رَأْسِ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ مِنَ " الْبَقَرَةِ " إِلَى رَأْسِ الْأَرْبَعِينَ ، وَمَنْ أَفْسَدَ نَظْمَ الْقُرْآنِ فَقَدْ كَفَرَ بِهِ .