فصل
nindex.php?page=treesubj&link=28956التفسير علم يعرف به فهم كتاب الله المنزل على نبيه
محمد صلى الله عليه وسلم ، وبيان معانيه ،
[ ص: 105 ] واستخراج أحكامه وحكمه ، واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات ، ويحتاج لمعرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ .
وقد أكثر الناس فيه من الموضوعات ما بين مختصر ومبسوط ، وكل منهم يقتصر على الفن الذي يغلب عليه .
فالزجاج والواحدي في " البسيط " يغلب عليهما الغريب والنحو ،
والثعلبي يغلب عليه القصص ،
nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري . . .
[ ص: 106 ] علم البيان ،
والإمام فخر الدين علم الكلام وما في معناه من العلوم العقلية .
واعلم أن من المعلوم أن الله تعالى إنما خاطب خلقه بما يفهمونه ; ولذلك
nindex.php?page=treesubj&link=28906أرسل كل رسول بلسان قومه ، وأنزل كتابه على لغتهم ; وإنما احتيج إلى التفسير لما سنذكر ، بعد تقرير قاعدة ; وهي أن كل من وضع من البشر كتابا فإنما وضعه ليفهم بذاته من غير شرح ; وإنما احتيج إلى الشروح لأمور ثلاثة :
( أحدها ) : كمال فضيلة المصنف ; فإنه لقوته العلمية يجمع المعاني الدقيقة في اللفظ الوجيز ، فربما عسر فهم مراده ، فقصد بالشرح ظهور تلك المعاني الخفية ; ومن هنا كان شرح بعض الأئمة تصنيفه أدل على المراد من شرح غيره له .
( وثانيها ) : قد يكون حذف بعض مقدمات الأقيسة أو أغفل فيها شروطا اعتمادا على وضوحها ، أو لأنها من علم آخر ; فيحتاج الشارح لبيان المحذوف ومراتبه .
[ ص: 107 ] ( وثالثها ) : احتمال اللفظ لمعان ثلاثة ; كما في المجاز والاشتراك ودلالة الالتزام ; فيحتاج الشارح إلى بيان غرض المصنف وترجيحه . وقد يقع في التصانيف ما لا يخلو منه بشر من السهو والغلط أو تكرار الشيء ، وحذف المهم ، وغير ذلك ; فيحتاج الشارح للتنبيه على ذلك .
وإذا علم هذا فنقول :
nindex.php?page=treesubj&link=28906_20758إن القرآن إنما أنزل بلسان عربي مبين في زمن أفصح العرب ; وكانوا يعلمون ظواهره وأحكامه ; أما دقائق باطنه فإنما كان يظهر لهم بعد البحث والنظر من سؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم في الأكثر كسؤالهم لما نزل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=82ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) ( الأنعام : 82 ) فقالوا : أينا لم يظلم نفسه ! ففسره النبي صلى الله عليه وسلم بالشرك ، واستدل عليه بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إن الشرك لظلم عظيم ) ( لقمان : 13 ) . وكسؤال
عائشة - رضي الله عنها - عن الحساب اليسير فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018496ذلك العرض ، ومن نوقش الحساب عذب .
[ ص: 108 ] وكقصة
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم في الخيط الذي وضعه تحت رأسه ، وغير ذلك مما سألوا عن آحاد له منه .
ولم ينقل إلينا عنهم تفسير القرآن وتأويله بجملته ; فنحن نحتاج إلى ما كانوا يحتاجون إليه ، وزيادة على ما لم يكونوا محتاجين إليه من أحكام الظواهر لقصورنا عن مدارك أحكام اللغة بغير تعلم ; فنحن أشد الناس احتياجا إلى التفسير .
ومعلوم أن تفسيره يكون بعضه من قبيل بسط الألفاظ الوجيزة وكشف معانيها ، وبعضه من قبيل ترجيح بعض الاحتمالات على بعض لبلاغته ولطف معانيه ; ولهذا لا يستغنى عن قانون عام يعول في تفسيره عليه ويرجع في تفسيره إليه من معرفة مفردات ألفاظه ومركباتها وسياقه وظاهره وباطنه ، وغير ذلك مما لا يدخل تحت الوهم ويدق عنه الفهم .
وبين أقداحهم حديث قصير هو سحر وما سواه كلام
وفي هذا تتفاوت الأذهان ، وتتسابق في النظر إليه مسابقة الرهان ، فمن سابق بفهمه ، وراشق كبد الرمية بسهمه وآخر رمى فأشوى ، وخبط في النظر خبط عشوا - كما قيل . وأين الدقيق من الركيك ، وأين الزلال من الزعاق !
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14261القاضي شمس الدين ابن الخويي - رحمه الله - : " علم التفسير عسير يسير ;
[ ص: 109 ] أما عسره فظاهر من وجوه ; أظهرها أنه كلام متكلم لم يصل الناس إلى مراده بالسماع منه ، ولا إمكان للوصول إليه بخلاف الأمثال والأشعار ; فإن الإنسان يمكن علمه بمراد المتكلم بأن يسمع منه أو يسمع ممن سمع منه ، وأما القرآن فتفسيره على وجه القطع لا يعلم إلا بأن يسمع من الرسول - عليه السلام - وذلك متعذر إلا في آيات قلائل . فالعلم بالمراد يستنبط بأمارات ودلائل ،
nindex.php?page=treesubj&link=20754_28954والحكمة فيه أن الله تعالى أراد أن يتفكر عباده في كتابه ; فلم يأمر نبيه بالتنصيص على المراد ; وإنما هو - عليه السلام - صوب رأي جماعة من المفسرين ، فصار ذلك دليلا قاطعا على جواز التفسير من غير سماع من الله ورسوله " .
قال : " واعلم أن بعض الناس يفتخر ويقول : كتبت هذا ، وما طالعت شيئا من الكتب ، ويظن أنه فخر ; ولا يعلم أن ذلك غاية النقص ، فإنه لا يعلم مزية ما قاله على ما قيل ، ولا مزية ما قيل على ما قاله ، فبماذا يفتخر ؟ ! ومع هذا ما كتبت شيئا إلا خائفا من الله مستعينا به ، معتمدا عليه ; فما كان حسنا فمن الله وفضله بوسيلة مطالعة كلام عباد الله الصالحين ، وما كان ضعيفا فمن النفس الأمارة بالسوء " .
فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=28956التَّفْسِيرُ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ فَهْمُ كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ عَلَى نَبِيِّهِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبَيَانُ مَعَانِيهِ ،
[ ص: 105 ] وَاسْتِخْرَاجُ أَحْكَامِهِ وَحِكَمِهِ ، وَاسْتِمْدَادُ ذَلِكَ مِنْ عِلْمِ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ وَالتَّصْرِيفِ وَعِلْمِ الْبَيَانِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ وَالْقِرَاءَاتِ ، وَيَحْتَاجُ لِمَعْرِفَةِ أَسْبَابِ النُّزُولِ وَالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ .
وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِيهِ مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ مَا بَيْنَ مُخْتَصَرٍ وَمَبْسُوطٍ ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَقْتَصِرُ عَلَى الْفَنِّ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَيْهِ .
فَالزَّجَّاجُ وَالْوَاحِدِيُّ فِي " الْبَسِيطِ " يَغْلِبُ عَلَيْهِمَا الْغَرِيبُ وَالنَّحْوُ ،
وَالثَّعْلَبِيُّ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْقَصَصُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيُّ . . .
[ ص: 106 ] عِلْمُ الْبَيَانِ ،
وَالْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ عِلْمُ الْكَلَامِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا خَاطَبَ خَلْقَهُ بِمَا يَفْهَمُونَهُ ; وَلِذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=28906أَرْسَلَ كُلَّ رَسُولٍ بِلِسَانِ قَوْمِهِ ، وَأَنْزَلَ كِتَابَهُ عَلَى لُغَتِهِمْ ; وَإِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى التَّفْسِيرِ لِمَا سَنَذْكُرُ ، بَعْدَ تَقْرِيرِ قَاعِدَةٍ ; وَهِيَ أَنَّ كُلَّ مَنْ وَضَعَ مِنَ الْبَشَرِ كِتَابًا فَإِنَّمَا وَضَعَهُ لِيُفْهَمَ بِذَاتِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْحٍ ; وَإِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى الشُّرُوحِ لِأُمُورٍ ثَلَاثَةٍ :
( أَحَدُهَا ) : كَمَالُ فَضِيلَةِ الْمُصَنِّفِ ; فَإِنَّهُ لِقُوَّتِهِ الْعِلْمِيَّةِ يَجْمَعُ الْمَعَانِيَ الدَّقِيقَةَ فِي اللَّفْظِ الْوَجِيزِ ، فَرُبَّمَا عَسُرَ فَهْمُ مُرَادِهِ ، فَقَصَدَ بِالشَّرْحِ ظُهُورَ تِلْكَ الْمَعَانِي الْخَفِيَّةِ ; وَمِنْ هُنَا كَانَ شَرْحُ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ تَصْنِيفَهُ أَدَلَّ عَلَى الْمُرَادِ مِنْ شَرْحِ غَيْرِهِ لَهُ .
( وَثَانِيهَا ) : قَدْ يَكُونُ حَذَفَ بَعْضَ مُقَدِّمَاتِ الْأَقْيِسَةِ أَوْ أَغْفَلَ فِيهَا شُرُوطًا اعْتِمَادًا عَلَى وُضُوحِهَا ، أَوْ لِأَنَّهَا مِنْ عِلْمٍ آخَرَ ; فَيَحْتَاجُ الشَّارِحُ لِبَيَانِ الْمَحْذُوفِ وَمَرَاتِبِهِ .
[ ص: 107 ] ( وَثَالِثُهَا ) : احْتِمَالُ اللَّفْظِ لِمَعَانٍ ثَلَاثَةٍ ; كَمَا فِي الْمَجَازِ وَالِاشْتِرَاكِ وَدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ ; فَيَحْتَاجُ الشَّارِحُ إِلَى بَيَانِ غَرَضِ الْمُصَنِّفِ وَتَرْجِيحِهِ . وَقَدْ يَقَعُ فِي التَّصَانِيفِ مَا لَا يَخْلُو مِنْهُ بَشَرٌ مِنَ السَّهْوِ وَالْغَلَطِ أَوْ تَكْرَارِ الشَّيْءِ ، وَحَذْفِ الْمُهِمِّ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ; فَيَحْتَاجُ الشَّارِحُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى ذَلِكَ .
وَإِذَا عُلِمَ هَذَا فَنَقُولُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28906_20758إِنَّ الْقُرْآنَ إِنَّمَا أُنْزِلَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ فِي زَمَنِ أَفْصَحِ الْعَرَبِ ; وَكَانُوا يَعْلَمُونَ ظَوَاهِرَهُ وَأَحْكَامَهُ ; أَمَّا دَقَائِقُ بَاطِنِهِ فَإِنَّمَا كَانَ يَظْهَرُ لَهُمْ بَعْدَ الْبَحْثِ وَالنَّظَرِ مِنْ سُؤَالِهِمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَكْثَرِ كَسُؤَالِهِمْ لَمَّا نَزَلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=82وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ) ( الْأَنْعَامِ : 82 ) فَقَالُوا : أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ! فَفَسَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشِّرْكِ ، وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) ( لُقْمَانَ : 13 ) . وَكَسُؤَالِ
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَنِ الْحِسَابِ الْيَسِيرِ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018496ذَلِكَ الْعَرْضُ ، وَمَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ .
[ ص: 108 ] وَكَقِصَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=76عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي الْخَيْطِ الَّذِي وَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَأَلُوا عَنْ آحَادٍ لَهُ مِنْهُ .
وَلَمْ يُنْقَلْ إِلَيْنَا عَنْهُمْ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ وَتَأْوِيلُهُ بِجُمْلَتِهِ ; فَنَحْنُ نَحْتَاجُ إِلَى مَا كَانُوا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ ، وَزِيَادَةٍ عَلَى مَا لَمْ يَكُونُوا مُحْتَاجِينَ إِلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ الظَّوَاهِرِ لِقُصُورِنَا عَنْ مَدَارِكِ أَحْكَامِ اللُّغَةِ بِغَيْرِ تَعَلُّمٍ ; فَنَحْنُ أَشَدُّ النَّاسِ احْتِيَاجًا إِلَى التَّفْسِيرِ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَفْسِيرَهُ يَكُونُ بَعْضُهُ مِنْ قَبِيلِ بَسْطِ الْأَلْفَاظِ الْوَجِيزَةِ وَكَشْفِ مَعَانِيهَا ، وَبَعْضُهُ مِنْ قَبِيلِ تَرْجِيحِ بَعْضِ الِاحْتِمَالَاتِ عَلَى بَعْضٍ لِبَلَاغَتِهِ وَلُطْفِ مَعَانِيهِ ; وَلِهَذَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْ قَانُونٍ عَامٍّ يُعَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهِ عَلَيْهِ وَيُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِهِ إِلَيْهِ مِنْ مَعْرِفَةِ مُفْرَدَاتِ أَلْفَاظِهِ وَمُرَكَّبَاتِهَا وَسِيَاقِهِ وَظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَهْمِ وَيَدِقُّ عَنْهُ الْفَهْمُ .
وَبَيْنَ أَقْدَاحِهِمْ حَدِيثٌ قَصِيرٌ هُوَ سِحْرٌ وَمَا سِوَاهُ كَلَامُ
وَفِي هَذَا تَتَفَاوَتُ الْأَذْهَانُ ، وَتَتَسَابَقُ فِي النَّظَرِ إِلَيْهِ مُسَابَقَةَ الرِّهَانِ ، فَمَنْ سَابَقَ بِفَهْمِهِ ، وَرَاشَقَ كَبِدَ الرَّمْيَةِ بِسَهْمِهِ وَآخَرُ رَمَى فَأَشْوَى ، وَخَبَطَ فِي النَّظَرِ خَبْطَ عَشْوَا - كَمَا قِيلَ . وَأَيْنَ الدَّقِيقُ مِنَ الرَّكِيكِ ، وَأَيْنَ الزُّلَالُ مِنَ الزُّعَاقِ !
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14261الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ ابْنُ الْخُوَيِّيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : " عِلْمُ التَّفْسِيرِ عَسِيرٌ يَسِيرٌ ;
[ ص: 109 ] أَمَّا عُسْرُهُ فَظَاهِرٌ مِنْ وُجُوهٍ ; أَظْهَرُهَا أَنَّهُ كَلَامُ مُتَكَلِّمٍ لَمْ يَصِلِ النَّاسُ إِلَى مُرَادِهِ بِالسَّمَاعِ مِنْهُ ، وَلَا إِمْكَانَ لِلْوُصُولِ إِلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَمْثَالِ وَالْأَشْعَارِ ; فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يُمْكِنُ عِلْمُهُ بِمُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ بِأَنْ يَسْمَعَ مِنْهُ أَوْ يَسْمَعَ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ ، وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَتَفْسِيرُهُ عَلَى وَجْهِ الْقَطْعِ لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِأَنْ يُسْمَعَ مِنَ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ إِلَّا فِي آيَاتٍ قَلَائِلَ . فَالْعِلْمُ بِالْمُرَادِ يُسْتَنْبَطُ بِأَمَارَاتٍ وَدَلَائِلَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=20754_28954وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ أَنْ يَتَفَكَّرَ عِبَادُهُ فِي كِتَابِهِ ; فَلَمْ يَأْمُرْ نَبِيَّهُ بِالتَّنْصِيصِ عَلَى الْمُرَادِ ; وَإِنَّمَا هُوَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صَوَّبَ رَأْيَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ ، فَصَارَ ذَلِكَ دَلِيلًا قَاطِعًا عَلَى جَوَازِ التَّفْسِيرِ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ " .
قَالَ : " وَاعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَفْتَخِرُ وَيَقُولُ : كَتَبْتُ هَذَا ، وَمَا طَالَعْتُ شَيْئًا مِنَ الْكُتُبِ ، وَيَظُنُّ أَنَّهُ فَخْرٌ ; وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ غَايَةُ النَّقْصِ ، فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَزِيَّةَ مَا قَالَهُ عَلَى مَا قِيلَ ، وَلَا مَزِيَّةَ مَا قِيلَ عَلَى مَا قَالَهُ ، فَبِمَاذَا يَفْتَخِرُ ؟ ! وَمَعَ هَذَا مَا كَتَبْتُ شَيْئًا إِلَّا خَائِفًا مِنَ اللَّهِ مُسْتَعِينًا بِهِ ، مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ ; فَمَا كَانَ حَسَنًا فَمِنَ اللَّهِ وَفَضْلِهِ بِوَسِيلَةِ مُطَالَعَةِ كَلَامِ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، وَمَا كَانَ ضَعِيفًا فَمِنَ النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ " .