[ ص: 378 ] النوع السادس عشر
معرفة ما وقع من غير لغة أهل الحجاز
من قبائل العرب
قد تقدم في النوع الحادي عشر الإشارة إلى الخلاف في ذلك ، والمعروف أنه بلغة قريش ، وحكي عن أنه نزل بلسان الكعبين : أبي الأسود الديلي كعب بن لؤي جد قريش ، [ ص: 379 ] وكعب بن عمرو ، جد خزاعة فقال له : خالد بن سلمة قريش ، وقال إنما نزل بلسان : نزل بلسان ابن عباس قريش ولسان خزاعة ، وذلك أن الدار كانت واحدة .
وقال أبو عبيد في كتاب " فضائل القرآن " عن - رضي الله عنهما - نزل بلغة الكعبين : ابن عباس كعب قريش ، وكعب خزاعة . قيل : وكيف ذاك ؟ قال : لأن الدار واحدة .
قال أبو عبيد : يعني أن خزاعة جيران قريش ، فأخذوا بلغتهم .
وأما الكلبي فإنه روى عن أبي صالح ، عن قال : ابن عباس منها خمس بلغة العجز من نزل القرآن على سبع لغات ، هوازن . قال أبو عبيد : العجز هم سعد بن بكر ، وجشم ، ونصر بن معاوية ، وثقيف ، وهذه القبائل هي التي يقال لها عليا هوازن ، وهم الذين [ ص: 380 ] قال فيهم : أفصح العرب أبو عمرو بن العلاء عليا هوازن وسفلى تميم . فهذه عليا هوازن ، وأما سفلى تميم فبنو دارم .
وقال أبو ميسرة : بكل لسان ، وقيل : إن فيه من كل لغات العرب . ولهذا قال في الرسالة : لا نعلمه يحيط باللغة إلا نبي . الشافعي
قال الصيرفي : يريد من بعث بلسان جماعة العرب حتى يخاطبها به .
قال : وقد فضل الفراء لغة قريش على سائر اللغات ، وزعم أنهم يسمعون كلام العرب فيختارون من كل لغة أحسنها ، فصفا كلامهم ، وذكر قبح عنعنة تميم ، وكشكشة ربيعة ، وعجرفة قيس .
وذكر أن عمر - رضي الله عنه - قال : يا رسول الله ، إنك تأتينا بكلام من كلام العرب وما نعرفه ، ولنحن العرب حقا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن ربي علمني فتعلمت ، وأدبني فتأدبت .
قال الصيرفي : ولست أعرف إسناد هذا الحديث ، وإن صح فقد دل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عرف ألسنة العرب .
وقال في " التمهيد " : قول من قال : نزل بلغة أبو عمر بن عبد البر قريش ، معناه عندي في الأغلب لأن غير لغة قريش موجودة في جميع القراءات من تحقيق الهمزة ونحوها ، وقريش لا تهمز ، وقد روى عن الأعمش ، أبي صالح ، عن قال : أنزل القرآن على سبعة أحرف ; صار في عجز ابن عباس هوازن منها خمسة .
وقال أبو حاتم : خص هؤلاء دون ربيعة [ ص: 381 ] وسائر العرب ، لقرب جوارهم من مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنزل الوحي ، وإنما ربيعة ومضر أخوان ، قال : قريش ، ثم أدناهم من بطون مضر . وأحب الألفاظ واللغات إلينا أن تقرأ بها لغات
وقال الشيخ جمال الدين بن مالك : أنزل الله القرآن بلغة الحجازيين إلا قليلا فإنه نزل بلغة التميميين ; فمن القليل إدغام ومن يشاق الله ( الآية : 4 ) في " الحشر " ، ومن يرتدد منكم عن دينه ( البقرة : 217 ) ، في قراءة غير نافع وابن عامر ، فإن الإدغام في المجزوم والاسم المضاعف لغة بني تميم ، ولهذا قل ، والفك لغة أهل الحجاز ; ولهذا كثر ; نحو : ومن يرتدد منكم عن دينه ( البقرة : 217 ) ، فليملل وليه ( البقرة : 282 ) ، و يحببكم الله ( آل عمران : 31 ) ، ويمددكم ( نوح : 12 ) ، ومن يشاقق في " النساء " ( الآية : 115 ) ، و " الأنفال " ( الآية : 13 ) ، من يحادد الله ( التوبة : 63 ) ، فليمدد ( الحج : 15 ) ، واحلل عقدة ( طه : 27 ) ، و اشدد به أزري ( طه : 31 ) ، ومن يحلل عليه غضبي ( طه : 81 ) .
قال : وأجمع القراء على نصب : إلا اتباع الظن ( النساء : 157 ) ; لأن لغة الحجازيين التزام النصب في المنقطع ، وإن كان بنو تميم يتبعون كما أجمعوا على نصب ما هذا بشرا ( يوسف : 31 ) ; لأن القرآن نزل بلغة الحجازيين .
وزعم أن قوله تعالى : الزمخشري قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ( النمل : 65 ) أنه استثناء منقطع ، جاء على لغة بني تميم ، ثم نازعه في ذلك .