[ ص: 62 ] النوع السابع والعشرون
معرفة خواصه
وقد صنف فيه جماعة منهم التميمي ، . وأبو حامد الغزالي
قال بعضهم : وهذه الحروف التي في أوائل السور ، جعلها الله تعالى حفظا للقرآن من الزيادة والنقصان ; قال تعالى : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ( الحجر : 9 ) .
[ ص: 63 ] [ ص: 64 ] وذكر بعضهم أنه وقف على أن رضي الله عنه كان يكتبها على ما يريد حفظه من الأموال والمتاع فيحفظ . عبد الرحمن بن عوف
وأخبر رجل من أهل الموصل قال : كان الإمام رحمه الله إذا ركب في رحلة يقول هذه الحروف التي في أوائل السور ، فسئل عن ذلك ، فقال : ما جعل ذلك في موضع أو كتب في شيء إلا حفظ تاليها وماله ، وأمن في نفسه من التلف والغرق . إلكيا الهراسي
وحكي عن رحمه الله أنه شكا إليه رجل رمدا ، فكتب إليه في رقعة : بسم الله الرحمن الرحيم ، الشافعي فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ( ق : 22 ) ، للذين آمنوا هدى وشفاء ( فصلت : 44 ) ، فعلق الرجل ذلك عليه فبرأ .
وكان يكتب للمطلقة رقعة تعلق عليها : [ ص: 65 ] سفيان الثوري إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت وإذا الأرض مدت وألقت ( الانشقاق : 1 - 4 ) ، فاخرج منها ( الحجر : 34 ) ، فخرج على قومه ( القصص : 79 ) فخرج منها ( القصص : 21 ) .
وروى ابن قتيبة ، قال : كان رجل من الصالحين يحب الصلاة بالليل وتثقل عليه ، فشكا ذلك لبعض الصالحين ، فقال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ : قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي ( الكهف : 109 ) إلى قوله : مددا ( الكهف : 109 ) ، ثم أضمر ، في أي وقت أضمرت فإنك تقوم فيه ، قال : ففعلت فقمت في الوقت المعين .
قال : وكان بعض الصالحين في الغزالي أصبهان أصابه عسر البول ، فكتب في صحيفة : البسملة وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا ( الواقعة : 5 و 6 ) ، وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ( الحاقة : 14 ) ، دكا دكا ( الفجر : 21 ) ، وألقى عليه الماء وشربه فيسر عليه البول ، وألقى الحصى .
وحكى الثعلبي في تفسيره أن قوله تعالى : لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون ( الأنعام : 67 ) يكتب على كاغد ، ويوضع على شق الضرس الوجع ، يبرأ بإذن الله تعالى .
ويحكى أن رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : مالي أراك محزونا ؟ فقال : ولدي قد مرض ، واشتد عليه الحال ; فقال له : أين أنت عن آيات الشفاء : الشيخ أبا القاسم القشيري ويشف صدور قوم مؤمنين ( التوبة : 14 ) ، وشفاء لما في الصدور ( يونس : 57 ) ، فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ( النحل : 69 ) ، وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ( الإسراء : 82 ) ، وإذا مرضت فهو يشفين ( الشعراء : 80 ) ، قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ( فصلت : 44 ) ! فقرأ هذه الآيات عليه ثلاث مرات فبرأ .
[ ص: 66 ] وحكى عن ابن الجوزي ابن ناصر عن شيوخه عن ميمونة بنت شاقولة البغدادية رضي الله عنها قالت : آذانا جار لنا ، فصليت ركعتين ، وقرأت من فاتحة كل سورة آية حتى ختمت القرآن ، وقلت : اللهم اكفنا أمره ، ثم نمت وفتحت عيني ; وإذا به قد نزل وقت السحر فزلت قدمه ، فسقط ومات .
وحكي عن ابنها أنه كان في دارها حائط له خرب ، فقالت : هات رقعة ودواة ، فناولتها ، فكتبت في الرقعة شيئا ، وقالت : دعه في ثقب منه ، ففعلت فبقي نحوا من عشرين سنة ، فلما ماتت ذكرت ذلك القرطاس ، فقمت فأخذته فوقع الحائط ، فإذا في الرقعة : إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ( فاطر : 41 ) يا ممسك السماوات والأرض ، أمسكه .
تنبيه
هذا النوع والذي قبله لن ينتفع به إلا من أخلص لله قلبه ونيته ، وتدبر الكتاب في عقله وسمعه ، وعمر به قلبه ، وأعمل به جوارحه ، وجعله سميره في ليله ونهاره ، وتمسك به وتدبره . هنالك تأتيه الحقائق من كل جانب ; وإن لم يكن بهذه الصفة كان فعله مكذبا لقوله ; كما روي أن عارفا وقعت له واقعة ، فقال له صديق له : نستعين بفلان ، فقال : أخشى أن تبطل صلاتي التي تقدمت هذا الأمر ، وقد صليتها . قال صديقه : وأين هذا من هذا ؟ قال : لأني قلت في الصلاة : إياك نعبد وإياك نستعين ( الفاتحة : 5 ) فإن استعنت بغيره كذبت ، والكذب في الصلاة يبطلها ، وكذلك الاستعاذة من الشيطان الرجيم لا تكون إلا مع تحقق العداوة ، فإذا قبل إشارة الشيطان واستنصحه فقد كذب قوله فبطل ذكره .