وقوله : فإن الله عدو للكافرين ( البقرة : 98 ) أعلمنا أنه من كان عدوا لهؤلاء فهو كافر ، هذا إن خيف الإلباس لعوده للمذكورين .
وكذا قوله : ( فإن الله ) دون " فإنه " .
وكقوله تعالى : فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء ( البقرة : 59 ) ولم يقل : [ ص: 69 ] " عليهم " ; لأنه ليس في الضمير ما في قوله : الذين ظلموا من ذكر الظلم المستحق به العذاب .
وجعل منه قوله تعالى : الزمخشري إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا ( الكهف : 30 ) .
وقوله تعالى : فلعنة الله على الكافرين ( البقرة : 89 ) والأصل " عليهم " ; للدلالة على أن اللعنة لحقتهم لكفرهم .
وليس من ذلك قوله تعالى : إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ( يوسف : 90 ) فإن العلة قد تقدمت في الشرط ، وإنما فائدة ذلك إثبات صفة أخرى زائدة ، وقال : فائدته اشتماله على المتقين والصابرين . الزمخشري
ومنه قوله : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول ( النساء : 64 ) لأن شفاعة من اسمه الرسول من الله بمكان عظيم .
وقوله : ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون ( الأنعام : 21 ) والقياس " أنهم لا يفلحون " ولو ذكر الظاهر لقال : لا يفلح المفترون ، أو " الكاذبون " ، لكن صرح بالظلم ; تنبيها على أن علة عدم الفلاح الظلم .
وقوله : والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين ( الأعراف : 170 ) ولم يقل : " أجرهم " تنبيها على أن صلاحهم علة لنجاتهم .
وقوله : إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر ( الكوثر : 1 - 2 ) ولم يقل : " لنا " لينبه على أنه أهل لأن يصلي له ; لأنه ربه الذي خلقه وأبدعه ورباه بنعمته .
وكقوله تعالى : من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين ( البقرة : 98 ) قال : أراد " عدوا لهم " فجاء بالظاهر ليدل على أن الله [ ص: 70 ] إنما عاداهم لكفرهم ، وأن عداوة الملائكة كفر ، وإذا كانت عداوة الأنبياء كفرا ، فما بال الملائكة وهم أشرف ؟ ! والمعنى : ومن عاداهم عاداه الله ، وعاقبه أشد العقاب المهين . الزمخشري
انتهى .
وقد أدمج في هذا الكلام مذهبه في تفضيل الملك على النبي ، وإن لم يكن مقصودا فهو كما قيل :
وما كنت زوارا ولكن ذا الهوى إلى حيث يهوى القلب تهوي به الرجل
ومثله قول مطيع :أمي الضريح الذي أسمي ثم استهل على الضريح