وفي مد عين ثم شيء وسوأة خلاف جرى بين الأئمة في مصر فقال أناس مده متوسط
وقال أناس مفرط وبه أقري
وقد نظمت ذلك في بيت وهو :
وسوآت قصر الواو والهمز ثلثا ووسطهما فالكل أربعة نادر
( قلت ) : القصر في ( عين ) ، عن من طريق ورش الأزرق مم انفرد به وهو مما ينافي أصوله إلا عند من لا يرى مد حرف اللين قبل الهمز ; لأن سبب السكون أقوى من سبب الهمز ، والله أعلم . ابن شريح ،
واللازم المشدد في حرفين ( هاتين ) في القصص ( واللذين ) في فصلت في قراءة ابن كثير بتشديد النون فيجري له فيهما الثلاثة الأوجه المتقدمة على مذهب من تقدم ، وممن نص على أن المد فيهما كالمد في ( الضالين ، و هذان ) الحافظ في جامعه في باب المد ، وهو ظاهر " التيسير " ونص في سورة النساء من " جامع البيان " على الإشباع في ( أبو عمرو الداني هذان ) والتمكين فيهما ، وهو صريح في التوسط ولم يذكر سائر المؤلفين فيهما إشباعا ولا توسطا ; فلذلك كان القصر فيهما مذهب الجمهور ، والله أعلم .
وأما الساكن العارض غير المشدد فنحو ( الليل ، و الميل ، و الميت ، و الحسنيين ، و الخوف ، و الموت ، و الطول ) حالة الوقف بالإسكان ، أو بالإشمام فيما يسوغ فيه ، فقد حكى فيه الشاطبي وغيره ، عن أئمة الأداء الثلاثة مذاهب ، وهي الإشباع والتوسط والقصر ، وهي أيضا من طريق لورش الأزرق في غير ما الهمزة فيه متطرفة نحو ( شيء ، و السوء ) فإن القصر يمتنع في ذلك كما سيأتي ، والإشباع فيه مذهب أبي الحسن علي بن بشر ، وبعض من يأخذ بالتحقيق وإشباع التمطيط من المصريين وأضرابهم ، والتوسط مذهب أكثر المحققين ، واختيار ، وبه كان يقرئ أبي عمرو الداني كما نص عليه أبو القاسم الشاطبي أبو عبد الله بن القصاع ، عن الكمال الضرير ، عنه . قال الداني : المد في حال التمكين التوسط من غير إسراف ، وبه قرأت ، والقصر هو مذهب الحذاق كأبي بكر الشذائي ، والحسن بن داود النقار وأبي الفتح ابن شيطا وأبي محمد سبط الخياط وأبي علي المالكي وأبي عبد الله بن شريح ، وغيرهم ، وأكثرهم [ ص: 350 ] حكى الإجماع على ذلك ، وأنها جارية مجرى الصحيح ، وبه كان يقرئ الأستاذ كما نص عليه أبو الجود المصري ابن القصاع ، عن الكمال الضرير ، عنه ، وهو قول النحويين أجمعين ، وقد نص على الثلاثة جميعا الإمام . أبو القاسم الشاطبي
( قلت ) : والتحقيق في ذلك أن يقال : إن هذه الأوجه لا تسوغ إلا لمن ذهب إلى الإشباع في حروف المد من هذا الباب ، وأما من ذهب إلى القصر فيها لا يجوز له إلا القصر فقط ، ومن ذهب إلى التوسط فيها لا يسوغ له هنا إلا التوسط والقصر - اعتد بالعارض أو لم يعتد - ولا يسوغ له هنا إشباع ; فلذلك كان الأخذ به في هذا النوع قليلا والعارض المشدد نحو ( الليل لباسا . كيف فعل . الليل رأى . بالخير لقضي ) عند أبي عمرو في الإدغام الكبير ، وهذه الثلاثة الأوجه سائغة فيها كما تقدم آنفا في العارض ، والجمهور على القصر ، وممن نقل فيه المد والتوسط الأستاذ أبو عبد الله بن القصاع .