تنبيهات
( الأول ) : مما وقع نظيره محذوفا مختلفا فيه مذكور في هذا الباب ، وهي ( و اخشوني ، و لأتم ) في البقرة أجمعت المصاحف على إثبات الياء رسما في خمسة عشر موضعا فإن الله يأتي بالشمس فيها أيضا ( و فاتبعوني ) في آل عمران . و فهو المهتدي في الأعراف ( و فكيدوني ) في هود ( و ما نبغي ) في يوسف ، ومن اتبعني فيها ( و فلا تسألني ) في الكهف ( و فاتبعوني ، وأطيعون ) في طه وأن يحشر .
[ ص: 193 ] في القصص تعملون ياعبادي الذين آمنوا في العنكبوت و أن لا في يس ، و ياعبادي الذين أسرفوا آخر الزمر ( و أخرتني إلى ) في المنافقين ( و دعائي إلا ) في نوح . لم تختلف المصاحف في هذه الخمس عشرة ياء إنها ثابتة . وكذلك لم يختلف القراء في إثباتها أيضا .
ولم يجئ عن أحد منهم خلاف إلا في تسألني في الكهف اختلف فيها عن ابن ذكوان كما سنذكره في موضعه - إن شاء الله تعالى - ، ويلحق بهذه الياءات بهادي العمي في النمل لثبوتها في جميع المصاحف لاشتباهها بالتي في سورة الروم إذ هي محذوفة من جميع المصاحف كما ذكرنا في باب الوقف .
( الثاني ) : بنى جماعة من أئمتنا في فبشر عباد عن الحذف والإثبات السوسي ، وغيره عن أبي عمرو على كونها رأس آية فقال عبيد بن عقيل عن أبي عمرو : إن كانت رأس آية وقفت على عباد وإن لم تكن رأس آية ووقفت قلت فبشر عبادي وإن وصلت قلت عبادي الذين قال : وقرأته بالقطع ، وقال ابن مجاهد : في كتاب أبي عمرو في رواية عباس وابن اليزيدي دليل على أن أبا عمرو كان يذهب في العدد مذهب المدني الأول ، وهو كان عدد أهل الكوفة والأئمة قديما فمن ذهب إلى عدد الكوفي والمدني الأخير ، والبصريين ، حذف الياء في قراءة أبي عمرو ، ومن عد عدد المدني الأول فتحها واتبع أبا عمرو في القراءة والعدد . وقال ابن اليزيدي في كتابه في الوصل والقطع : لما ذكر لأبي عمرو الفتح وصلا وإثبات الياء وقفا : هذا منه ترك لقوله إنه يتبع الخط في الوقف قال : وكأن أبا عمرو أغفل أن يكون هذا الحرف رأس آية .
وقال الحافظ بعد ذكره ما قدمنا : قول أبو عمرو الداني أبي عمرو لعبيد بن عقيل دليل على أنه لم يذهب على أنه رأس آية في بعض العدد إذ خيره فقال : إن عددتها فأسقط الياء على مذهبه في غير الفواصل وإن لم تعدها فأثبت الياء وانصبها على مذهبه في غير الفواصل ، وعند استقبال الياء بالألف واللام .
( قلت ) : والذي لم يعدها آية هو المكي والمدني الأول فقط وعدها غيرهما آية فعلى ما قرروا يكون أبو عمرو اتبع في ترك عدها المكي والمدني الأول إذ كان من أصل مذهبه
[ ص: 194 ] اتباع أهل الحجاز ، وعنهم أخذ القراءة ، أولا واتبع في عدها أهل بلدة البصرة ، وغيرها . وعنهم أخذ القراءة ثانيا فهو في الحالتين متبع القراءة والعدد ولذلك خير في المذهبين والله تعالى أعلم .
( الثالث ) : ليس إثبات هذه الياءات في الحالين ، أو في حالة الوصل مما يعد مخالفا للرسم خلافا يدخل به في حكم الشذوذ لما بيناه في الركن الرسمي ، أول الكتاب والله تعالى أعلم .