الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( الثامن ) الثاء في الذال ، وهو موضع واحد يلهث ذلك في الأعراف فأظهر الثاء عند الذال نافع وابن كثير وأبو جعفر وعاصم وهشام ، على اختلاف عنهم فيه . فأما نافع فروى إدغامه عنه من رواية قالون أبو محمد مكي وأبو عبد الله بن سفيان وأبو العباس المهدوي وأبو علي بن بليمة وابن شريح ، وصاحب التجريد ،

                                                          [ ص: 14 ] والتذكرة ، والجمهور من المغاربة وجماعة من المشارقة ، ورواه ابن سوار عن أبي نشيط ، وكذلك سبط الخياط ، والحافظ أبو العلاء ، ورواه أبو العز عن أبي نشيط ، وعن هبة الله بن جعفر عن الحلواني . وبه قرأ أبو عمرو الداني على أبي الحسن من جميع طرقه عن قالون وعلى أبي الفتح عن قراءته على عبد الله بن الحسين السامري وهذان الوجهان في التيسير والشاطبية ، ورواه عنه بالإظهار بعض العراقيين من غير طريق أبي نشيط وبعضهم من طريق أبي نشيط والحلواني وذكره صاحب العنوان وهو طريق إسماعيل وبه قرأ الداني على أبي الفتح من قراءته على عبد الباقي .

                                                          ، وروى إظهاره عن ورش ، جمهور المشارقة والمغاربة وخص بعضهم الإظهار بالأزرق وبعضهم بالأصبهاني . وروى إدغامه عن ورش من جميع طرقه أبو بكر بن مهران ، ورواه أبو الفضل الخزاعي من طريق الأزرق ، وغيره واختاره الهذلي .

                                                          وأما ابن كثير فاختلف عنه في الإظهار والإدغام فروى له أكثر المغاربة الإظهار ولم يذكره الأستاذ أبو العز في كفايته إلا من طريق النقاش عن أبي ربيعة عن البزي ولم يذكره الإمام أبو طاهر بن سوار إلا من الطريق المذكورة ومن غير طريق النهرواني عن ابن مجاهد عن قنبل . وذكره صاحب المبهج عن أبي ربيعة أيضا ، وعن قنبل إلا الزينبي . ولم يذكره الحافظ أبو عمرو الداني في جامع البيان عن ابن كثير إلا من رواية القواس . وذكره الحافظ أبو العلاء في غير رواية ابن فليح ولم يذكره الخزاعي إلا من طريق ابن مجاهد عن قنبل فقط ، وكلهم روى الإدغام عن سائر أصحاب ابن كثير .

                                                          وأما عاصم فاختلفوا عنه أيضا فقال الداني في جامع البيان : أقرأني فارس بن أحمد لعاصم في جميع طرقه من طريق عبد الله يعني أبا أحمد السامري بالإظهار ومن طريق عبد الباقي بالإدغام قال ، وروى أبو بكر الولي عن أحمد بن حميد عن عمرو عن الأشناني عن عبيد عن حفص بالإظهار . انتهى . وقطع له صاحب العنوان ، وأبو الحسن الخبازي من روايتي أبي بكر وحفص ، وغيرهما بالإظهار . وذكر

                                                          [ ص: 15 ] الخلاف عن حفص صاحب التجريد ، وروى الجمهور من المغاربة والمشارقة عن عاصم من جميع رواياته الإدغام وهو الأشهر عنه .

                                                          وأما أبو جعفر فالأكثرون من أهل الأداء على الأخذ له بالإظهار وهو المشهور ونص له أبو الفضل الخزاعي على الإدغام وجها واحدا واختاره الهذلي . ولم يأخذ أبو بكر بن مهران من جميع طرقه له بسواه . وأما هشام فروى جمهور المغاربة عنه الإظهار وأكثر المشارقة على الإدغام له من طريق الداجوني . وعلى الإظهار من طريق الحلواني وهو الذي في المبهج والكامل ، والمنتهى وذكر صاحب المستنير له الإدغام من طريق هبة الله المفسر عن الداجوني .

                                                          ( قلت ) : فقد ثبت الخلاف في إدغامه وإظهاره عمن ذكرت . وصح الأخذ بهما جميعا عنهم وإن كان الأشهر عن بعضهم الإدغام ، وعن آخرين الإظهار . فإن الذي يقتضيه النظر ويصح في الاعتبار هو الإدغام لولا صحة الإظهار عنهم عندي لم آخذ لهم ولا لغيرهم بغير الإدغام وذلك أن الحرفين إذا كانا من مخرج واحد وسكن الأول منهما يجب الإدغام ما لم يمنع مانع ، ولا مانع هنا ، فقد حكى الأستاذ أبو بكر بن مهران الإجماع على إدغامه فقال ما نصه : وقد أجمعوا على إدغام الثاء في الذال من قوله يلهث ذلك إلا النقاش فإنه كان يذكر الإظهار فيه لابن كثير وعاصم برواية حفص ونافع برواية قالون . قال ، وكذلك كان يذكر البخاري المقرئ لابن كثير وحده إلا أنه يقول بين الإظهار والإدغام على ما يخرج في اللفظ قال ، وقال الآخرون لا نعرفه إلا مدغما قال وهو الصحيح - والله أعلم - .

                                                          .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية