وأما المنفصل ، ويقال له أيضا : مد البسط ; لأنه يبسط بين كلمتين ، ويقال : ; لأنه يفصل بين الكلمتين ، ويقال له : الاعتبار ؛ لاعتبار الكلمتين من كلمة ، ويقال : مد حرف لحرف ، أي : مد كلمة لكلمة ، يقال : المد الجائز من أجل الخلاف في مده وقصره ، وقد اختلفت العبارات في مقدار مده اختلافا لا يمكن ضبطه ولا يصح جمعه . فقل من ذكر مرتبة لقارئ إلا وذكر غيره لذلك القارئ ما فوقها أو ما دونها ، وها أنا أذكر ما جنحوا إليه ، وأثبت ما يمكن ضبطه من ذلك . فأما مد الفصل ابن مجاهد ، والطرسوسي ، وأبو الطاهر بن خلف ، وكثير من العراقيين كأبي طاهر بن سوار وأبي الحسن بن فارس ، وابن خيرون ، وغيرهم فلم يذكروا فيه من سوى القصر غير مرتبتين ، طولى ووسطى ، وذكر الصقلي مراتب غير القصر ، وهي المتوسط ، وفوقه قليلا ، وفوقه ، ولم يذكر ما بين التوسط والقصر ، وكذا ذكر صاحب " الوجيز " أنها ثلاث مراتب ، إلا أنه أسقط العليا ، فذكر ما فوق القصر وفوقه ، وهو التوسط وفوقه ، وتبعه على ذلك أبو القاسم بن الفحام ابن مهران ، والعراقي ، وابنه وغيرهم ، وكذا ذكر أبو الفتح بن شيطا ، ولكنه أسقط ما دون العليا ، فذكر القصر ، وفوقه التوسط والطولى ، فكل هؤلاء ذكر ثلاث مراتب سوى القصر ، واختلفوا في تعيينها ، وذكر في تيسيره ، ومكي في تبصرته ، وصاحب " الكافي " ، و " الهادي " و " الهداية " و " تلخيص العبارات " ، وأكثر المغاربة ، أبو عمرو الداني في مبهجه ، وسبط الخياط وأبو علي المالكي في روضته ، وبعض المشارقة - أنها أربعة ، وهي : ما فوق القصر ، وفوقه وهو التوسط ، وفوقه ، والإشباع ، وكذا ذكره أبو معشر الطبري ، إلا أنه لم يذكر القصر المحض كما فعل صاحبه الهذلي كما سيأتي ، وذكرها في " جامع البيان " خمس مراتب سوى القصر ، فزاد مرتبة سادسة فوق الطولى التي ذكرها في " التيسير " . وكذا ذكر الحافظ أبو عمرو الداني الحافظ أبو العلاء [ ص: 320 ] الهمداني في غايته وتبعهما في ذلك أبو القاسم الهذلي في كامله ، وزاد مرتبة سابعة ، وهي إفراط وقدرها ست ألفات ، وانفرد بذلك ، عن وعزا ذلك إلى ورش ابن نفيس ، وابن سفيان وابن غلبون ، والحداد - يعني إسماعيل بن عمرو - وقد وهم عليهم في ذلك ، ولم يذكر القصر فيه ألبتة عن أحد من القراء ، واتفق هو وأبو معشر الطبري على ذلك وظاهر عبارتهما أنه لا يجوز قصر المنفصل ألبتة ، وأنه عندهما كالمتصل في " التيسير " ، والله أعلم .
وزاد أبو الأهوازي مرتبة ثامنة دون القصر وهي البتر عن الحلواني والهاشمي ، كلاهما عن القواس ، عن ابن كثير في جميع ما كان من كلمتين ، قال : والبتر هو حذف الألف والواو والياء من سائرهن . قال : واستثنى الحلواني عن القواس الألف ومدها مدا وسطا في ثلاث كلمات لا غير ؛ قوله تعالى : ( يا آدم ) حيث كان ، و ( يا أخت هارون ) و ( يا أيها ) حيث كان ، وباقي الباب بالبتر .
( قلت ) : استثناء الحلواني هذه الكلم ليس لكونها منفصلة ، وإنما كان الحلواني يتوهم أنها من المتصل من حيث أنها اتصلت رسما ، فمثل في جامعه المتصل بـ ( السماء ) ، و ( ماء ) ، و ( نداء ) ، و ( يا أخت ) ، و ( يا أيها ) ، و ( يا آدم ) قال الداني : وقد غلط في ذلك .
( قلت ) : وليس البتر ما انفرد به الأهوازي فقط ، حكاه من رواية الحافظ أبو عمرو الداني القواس ، عن الخزاعي عن الهاشمي عنه ، وعن الحلواني ، ومن رواية عن قنبل ، ، عنهم ، ثم قال ابن شنبوذ الداني : وهكذا مكروه قبيح ، لا عمل عليه ، ولا يؤخذ به ؛ إذ هو لحن لا يجوز بوجه ولا تحل القراءة به . قال : ولعلهم أرادوا حذف الزيادة لحرف المد وإسقاطها ، فعبروا عن ذلك بحذف حرف المد وإسقاطه مجازا .