280 - ومبهم التعديل ليس يكتفي به الخطيب والفقيه الصيرفي 281 - وقيل يكفي نحو أن يقالا
حدثني الثقة بل لو قالا 282 - جميع أشياخي ثقات لو لم
أسم لا يقبل من قد أبهم 283 - وبعض من حقق لم يرده
من عالم في حق من قلده 284 - ولم يروا فتياه أو عمله
على وفاق المتن تصحيحا له 285 - وليس تعديلا على الصحيح
رواية العدل على التصريح
[ التعديل المبهم ] : السادس : في التعديل المبهم ، ومجرد الرواية عن
[ ص: 37 ] المعين بدون تعديل ، وغير ذلك .
( ومبهم التعديل ) أي : تعديل المبهم ( ليس يكتفي به )
nindex.php?page=showalam&ids=14231الحافظ أبو بكر ( الخطيب ) ، وعصريه
nindex.php?page=showalam&ids=12785أبو نصر بن الصباغ ( و ) من قبلهما (
الفقيه ) أبو بكر محمد بن عبد الله ( الصيرفي ) شارح الرسالة ، وغيرهم من الشافعية ;
كالماوردي nindex.php?page=showalam&ids=14396والروياني ، سواء في ذلك المقلد وغيره .
( وقيل : يكفي ) كما لو عينه ; لأنه مأمون في الحالتين معا ، نقله
ابن الصباغ أيضا في العدة عن
أبي حنيفة ، وهو ماش على قول من يحتج بالمرسل ، من أجل أن المرسل لو لم يحتج بالمحذوف لما حذفه ، فكأنه عدله ، بل هو في مسألتنا أولى بالقبول ; لتصريحه فيها بالتعديل .
ولكن الصحيح الأول ; لأنه لا يلزم من تعديله أن يكون عند غيره كذلك ، فلعله إذا سماه يعرف بخلافها ، وربما يكون قد انفرد بتوثيقه كما وقع
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي في
nindex.php?page=showalam&ids=12357إبراهيم بن أبي يحيى ، فقد قال
النووي : إنه لم يوثقه غيره ، وهو ضعيف باتفاق المحدثين ، بل إضراب المحدثين عن تسميته
[ ص: 38 ] ريبة تقع ترددا في القلب .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12453ابن أبي الدم : وهذا مأخوذ من شاهد الأصل إذا شهد عليه شاهد فرع ، فلابد من تسميته للحاكم المشهود عنده بالاتفاق عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه ، فإذا قال شاهد الفرع : أشهدني شاهد أصل أشهد بعدالته وثقته أنه يشهد بكذا ، لم يسمع ذلك وفاقا حتى يعينه للحاكم ، ثم الحاكم إن علم عدالة شاهد الأصل عمل بموجب الشهادة ، وإن جهل حاله استزكاه - انتهى .
وصورته : ( نحو أن يقالا حدثني الثقة ) أو الضابط أو العدل من غير تسمية ( بل ) صرح
الخطيب بأنه ( لو قالا ) أيضا : ( جميع أشياخي ) الذين رويت عنهم ( ثقات ) ، و ( لو لم أسم ) ، ثم روى عن واحد أبهم اسمه ( لا يقبل ) أيضا ( من قد أبهم ) للعلة المذكورة ، هذا مع كونه في هذه الصورة أعلى مما تقدم ; فإنه كما نقل عن المصنف إذا قال : حدثني الثقة ، يحتمل أنه يروي عن ضعيف ، يعني عند غيره ، وإذا قال : جميع أشياخي ثقات ، علم أنه لا يروي إلا عن ثقة ، فهي أرفع بهذا الاعتبار ، وفيه نظر ; إذ احتمال الضعف عند غيره قد طرقهما معا .
بل تمتاز الصورة الثانية باحتمال الذهول عن قاعدته ، أو كونه لم يسلك ذلك إلا في آخر أمره ، كما روي أن
nindex.php?page=showalam&ids=16349ابن مهدي كان يتساهل أولا في الرواية عن غير واحد بحيث كان يروي عن
جابر الجعفي ، ثم شدد . نعم ، جزم
الخطيب بأن العالم إذا قال : كل من أروي لكم عنه وأسميه فهو عدل رضي ، كان تعديلا منه لكل من روى عنه وسماه ، يعني بحيث يسوغ لنا إضافة تعديله له ، قال : وقد يوجد فيهم الضعيف ; لخفاء حاله على القائل .
[ ص: 39 ] قلت : أو لكون عمله بقوله هذا مما طرأ كما قدمته ( وبعض من حقق ) كما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ولم يسمه ، ولعله
nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين ، فصل حيث ( لم يرده ) أي : التعديل لمن أبهم إذا صدر ( من عالم )
كمالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ونحوهما من المجتهدين المقلدين ( في حق من قلده ) في مذهبه ، فكثيرا ما يقع للأئمة ذلك ، فحيث روى
مالك عن الثقة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن عبد الله بن الأشج ، فالثقة
مخرمة ولده ، أو عن الثقة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، فقيل : إنه
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب ، أو
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، أو
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، أو عمن لا يتهم من أهل العلم ، فهو
الليث .
وجميع ما يقول : بلغني عن
علي ، سمعه من
nindex.php?page=showalam&ids=16410عبد الله بن إدريس الأودي . وحيث روى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن الثقة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب ، فهو
nindex.php?page=showalam&ids=12523ابن أبي فديك ، أو عن الثقة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، فهو
nindex.php?page=showalam&ids=17309يحيى بن حسان ، أو عن الثقة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15498الوليد بن كثير ، فهو
أبو أسامة ، أو عن الثقة عن
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، فهو
nindex.php?page=showalam&ids=16697عمرو بن أبي سلمة ، أو عن
[ ص: 40 ] الثقة عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، فهو
nindex.php?page=showalam&ids=14429مسلم بن خالد ، أو عن الثقة عن
صالح مولى التوءمة ، فهو
nindex.php?page=showalam&ids=12357إبراهيم بن أبي يحيى ، أو عن الثقة وذكر أحدا من
العراقيين فهو
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل .
وما روي عن
عبد الله بن أحمد أنه قال : كل شيء في كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي " أنا الثقة " فهو أبي ، يمكن أن يحمل على هذا ، نعم ، في مسند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وساقه
البيهقي في مناقبه عن
الربيع أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إذا قال : " أخبرني الثقة " فهو
nindex.php?page=showalam&ids=17309يحيى بن حسان ، أو " من لا أتهم " فهو
nindex.php?page=showalam&ids=12357إبراهيم بن أبي يحيى ، أو " بعض الناس " فيريد به أهل
العراق ، أو " بعض أصحابنا " فأهل
الحجاز .
وقال شيخنا : إنه يوجد في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، أخبرني الثقة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي لم يأخذ عن أحد ممن أدرك
يحيى ، فيحمل على أنه أراد بسنده إلى
يحيى .
بخلاف من لم يقلد
كابن إسحاق ; حيث يقول : أخبرني من لا أتهم عن
مقسم ، فذلك لا يكون حجة لغيره ، لا سيما وقد فسر
بالحسن بن عمارة المعروف بالضعف ،
nindex.php?page=showalam&ids=16076وكسيبويه ; فإن
أبا زيد قال : إذا قال :
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه حدثني ، فإنما يعنيني .
وعلى هذا القول يدل كلام
ابن الصباغ في العدة ; فإنه قال : إن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لم يورد ذلك احتجاجا بالخبر على غيره ، وإنما ذكر لأصحابه قيام الحجة عنده على
[ ص: 41 ] الحكم ، وقد عرف هو من روى عنه ذلك ، لكن قد توقف شيخنا [ في هذا القول ] ، وقال : إنه ليس من المبحث ; لأن المقلد يتبع إمامه ، ذكر دليله أم لا .
تنبيه : ألحق
ابن السبكي بحدثني الثقة من مثل
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي دون غيره ، حدثني من لا أتهم في مطلق القبول ، لا في المرتبة . وفرق بينهما
الذهبي وقال : إن قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أخبرني من لا أتهم ، ليس بحجة ; لأن من أنزله من رتبة الثقة إلى أنه غير متهم فهو لين عنده ، وضعيف عند غيره ; لأنه عندنا مجهول ، ولا حجة في مجهول .
ونفي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي التهمة عمن حدثه لا يستلزم نفي الضعف ; فإن
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ووالد
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني ،
nindex.php?page=showalam&ids=13786وعبد الرحمن بن زياد الأفريقي وأمثالهم ليسوا ممن نتهمهم على السنن ، وهم ضعفاء لا نقبل حديثهم للاحتجاج به .
قال
ابن السبكي : وهو صحيح ، إلا أن يكون قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ذلك حين احتجاجه به ، فإنه هو والتوثيق حينئذ سواء في أصل الحجة ، وإن كان مدلول اللفظ لا يزيد على ما ذكره
الذهبي .
( ولم يروا ) أي : الجمهور ، كما هو قضية كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ( فتياه ) أو فتواه كما هي بخط الناظم ; أي : العالم مجتهدا كان أو مقلدا ( أو عمله ) في الأقضية وغيرها .
( على وفاق المتن ) أي : الحديث الوارد في ذلك المعنى ، حيث لم يظهر أن ذلك بمفرده مستنده ( تصحيحا له ) أي : للمتن ، ولا تعديلا لراويه ; لإمكان أن يكون لدليل آخر وافق ذلك المتن من متن غيره ، أو إجماع أو قياس ، أو يكون ذلك منه احتياطا ، أو لكونه ممن يرى العمل بالضعيف وتقديمه على القياس ، كما تقدم عن
أحمد وأبي داود ، ويكون اقتصاره على هذا
[ ص: 42 ] المتن أن ذكره إما لكونه أوضح في المراد ، أو لأرجحيته على غيره ، أو بغير ذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : وكذلك مخالفته للحديث ليست قدحا منه في صحته ، ولا في راويه ، قال
الخطيب : لأنه قد يكون عدل عنه لمعارض أرجح عنده منه من نسخ وغيره مع اعتقاد صحته ، وبه قطع
ابن كثير . وممن صرح بأن العمل بخبر انفرد به راو لأجله ، يعني : جزما ، يكون تعديلا له ،
الخطيب وغيره ; لأنه لم يعمل بخبره إلا وهو رضي عنده ، فكان ذلك قائما مقام التصريح بتعديله .
ونحوه قول
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب : إن
nindex.php?page=treesubj&link=21486حكم الحاكم المشترط العدالة بالشهادة تعديل باتفاق ، وعمل العالم مثله .
( و ) كذا ( ليس تعديلا ) مطلقا ( على ) القول ( الصحيح ) الذي قال به أكثر العلماء من المحدثين وغيرهم ( رواية العدل ) الحافظ الضابط ، فضلا عن غيره ، عن الراوي ( على ) وجه ( التصريح ) باسمه ; لأنه يجوز أن يروي عمن لا يعرف عدالته ، بل وعن غير عدل ، فلا تتضمن روايته عنه تعديله ولا خبرا عن صدقه ، كما إذا شهد شاهد فرع على شاهد أصل لا يكون مجرد أدائه الشهادة على شهادته تعديلا منه له بالاتفاق ، وكذا إذا أشهد الحاكم على نفسه رجلا بما ثبت عنده لا
[ ص: 43 ] يكون تعديلا له على الأصح .
وقد ترجم
البيهقي في المدخل على هذه المسألة : " لا تستدل بمعرفة صدق من حدثنا على صدق من فوقه " ، بل صرح
الخطيب بأنه لا يثبت للراوي حكم العدالة بمجرد رواية اثنين مشهورين عنه .
[ والثاني : أنه تعديل مطلقا ; إذ الظاهر أنه لا يروي إلا عن عدل ; إذ لو علم فيه جرحا لذكره ; لئلا يكون غاشا في الدين ، حكاه جماعة منهم
الخطيب .
وكذا قال
ابن المنير في الكفيل :
nindex.php?page=treesubj&link=29163للتعديل قسمان : صريحي وغير صريحي ، فالصريحي واضح ، وغير الصريحي ، وهو الضمني ، كرواية العدل وعمل العالم .
ورده
الخطيب بأنه قد لا يعلم عدالته ولا جرحه ] ، كيف وقد وجد جماعة من العدول الثقات رووا عن قوم أحاديث أمسكوا في بعضها عن ذكر أحوالهم مع
[ ص: 44 ] علمهم بأنهم غير مرضيين ، وفي بعضها شهدوا عليهم بالكذب .
وكذا خطأه
nindex.php?page=showalam&ids=14667الفقيه أبو بكر الصيرفي وقال : " لأن الرواية تعريف ; أي : مطلق تعريف ، يزول جهالة العين بها بشرطه ، والعدالة بالخبرة ، والرواية لا تدل على الخبرة " .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : إني لأروي الحديث على ثلاثة أوجه ، فللحجة من رجل ، وللتوقف فيه من آخر ، ولمحبة معرفة مذهب من لا أعتد بحديثه ، لكن قد عاب
شعبة عليه ذلك . وقيل
nindex.php?page=showalam&ids=11970لأبي حاتم الرازي : أهل الحديث ربما رووا حديثا لا أصل له ولا يصح ، فقال : علماؤهم يعرفون الصحيح من السقيم ، فروايتهم الحديث الواهي للمعرفة ; ليتبين لمن بعدهم أنهم ميزوا الآثار وحفظوها .
قال
البيهقي : فعلى هذا الوجه كانت رواية من روى من الأئمة عن الضعفاء .
والثالث : التفصيل ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=29610علم أنه لا يروي إلا عن عدل كانت روايته عن الراوي تعديلا له ، وإلا فلا ، وهذا هو الصحيح عند الأصوليين ;
nindex.php?page=showalam&ids=14552كالسيف الآمدي وابن الحاجب وغيرهما ، بل وذهب إليه جمع من المحدثين ، وإليه ميل
[ ص: 45 ] الشيخين
nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة في صحاحهم ،
والحاكم في مستدركه ، ونحوه قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله فيما يتقوى به المرسل : أن يكون المرسل إذا سمى من روى عنه لم يسم مجهولا ولا مرغوبا عن الرواية عنه - انتهى .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=29610رواية غير العدل فلا يكون تعديلا باتفاق .
تتمة : ممن كان لا يروي إلا عن ثقة إلا في النادر :
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15549وبقي بن مخلد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15710وحريز بن عثمان ،
nindex.php?page=showalam&ids=16039وسليمان بن حرب ،
وشعبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16349وعبد الرحمن بن مهدي ،
ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى بن سعيد القطان ، وذلك في
شعبة على المشهور ، فإنه كان يتعنت في الرجال ولا يروي إلا عن ثبت ، وإلا فقد قال
عصام بن علي : سمعت
شعبة يقول : لو لم أحدثكم إلا عن ثقة لم أحدثكم عن ثلاثة . وفي نسخة : ثلاثين . وذلك اعتراف منه بأنه يروي عن الثقة وغيره ، فينظر . وعلى كل حال فهو لا يروي عن متروك ، ولا عمن أجمع على ضعفه .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري فكان يترخص مع سعة علمه وشدة ورعه ويروي عن الضعفاء ، حتى قال فيه صاحبه
شعبة : لا تحملوا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري إلا عمن تعرفون ; فإنه لا يبالي عمن حمل .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14923الفلاس : قال لي
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد : لا تكتب عن
معتمر إلا عمن تعرف ; فإنه يحدث عن كل .
[ ص: 46 ] واعلم أن ما وقع في هذا الفصل من التوسط بين مسألتيه بموافقة حديث لما أفتى به العالم أو عمل به - ظاهر في المناسبة مع القول الثالث المفصل في الأول ، وإن خالف
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح هذا الصنيع .
280 - وَمُبْهَمُ التَّعْدِيلِ لَيْسَ يَكْتَفِي بِهِ الْخَطِيبُ وَالْفَقِيهُ الصَّيْرَفِي 281 - وَقِيلَ يَكْفِي نَحْوُ أَنْ يُقَالَا
حَدَّثَنِي الثِّقَةُ بَلْ لَوْ قَالَا 282 - جَمِيعُ أَشْيَاخِي ثِقَاتٌ لَوْ لَمْ
أُسَمِّ لَا يُقْبَلُ مَنْ قَدْ أَبْهَمْ 283 - وَبَعْضُ مَنْ حَقَّقَ لَمْ يَرُدَّهُ
مِنْ عَالِمٍ فِي حَقِّ مَنْ قَلَّدَهُ 284 - وَلَمْ يَرَوْا فُتْيَاهُ أَوْ عَمَلَهُ
عَلَى وِفَاقِ الْمَتْنِ تَصْحِيحًا لَهُ 285 - وَلَيْسَ تَعْدِيلًا عَلَى الصَّحِيحِ
رِوَايَةُ الْعَدْلِ عَلَى التَّصْرِيحِ
[ التَّعْدِيلُ الْمُبْهَمُ ] : السَّادِسُ : فِي التَّعْدِيلِ الْمُبْهَمِ ، وَمُجَرَّدِ الرِّوَايَةِ عَنْ
[ ص: 37 ] الْمُعَيَّنِ بِدُونِ تَعْدِيلٍ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ .
( وَمُبْهَمُ التَّعْدِيلِ ) أَيْ : تَعْدِيلُ الْمُبْهَمِ ( لَيْسَ يَكْتَفِي بِهِ )
nindex.php?page=showalam&ids=14231الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ ( الْخَطِيبُ ) ، وَعَصْرِيُّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12785أَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ ( وَ ) مِنْ قَبْلِهِمَا (
الْفَقِيهُ ) أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ( الصَّيْرَفِيُّ ) شَارِحُ الرِّسَالَةِ ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ ;
كَالْمَاوَرْدِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=14396وَالرُّويَانِيِّ ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُقَلِّدُ وَغَيْرُهُ .
( وَقِيلَ : يَكْفِي ) كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ ; لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ فِي الْحَالَتَيْنِ مَعًا ، نَقَلَهُ
ابْنُ الصَّبَّاغِ أَيْضًا فِي الْعُدَّةِ عَنْ
أَبِي حَنِيِفَةَ ، وَهُوَ مَاشٍ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَحْتَجُّ بِالْمُرْسَلِ ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمُرْسِلَ لَوْ لَمْ يَحْتَجَّ بِالْمَحْذُوفِ لَمَا حَذَفَهُ ، فَكَأَنَّهُ عَدَّلَهُ ، بَلْ هُوَ فِي مَسْأَلَتِنَا أَوْلَى بِالْقَبُولِ ; لِتَصْرِيحِهِ فِيهَا بِالتَّعْدِيلِ .
وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ الْأَوَّلُ ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَعْدِيلِهِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ غَيْرِهِ كَذَلِكَ ، فَلَعَلَّهُ إِذَا سَمَّاهُ يُعْرَفُ بِخِلَافِهَا ، وَرُبَّمَا يَكُونُ قَدِ انْفَرَدَ بِتَوْثِيقِهِ كَمَا وَقَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=12357إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، فَقَدْ قَالَ
النَّوَوِيُّ : إِنَّهُ لَمْ يُوَثِّقْهُ غَيْرُهُ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ ، بَلْ إِضْرَابُ الْمُحَدِّثِينَ عَنْ تَسْمِيَتِهِ
[ ص: 38 ] رِيبَةٌ تَقَعُ تَرَدُّدًا فِي الْقَلْبِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12453ابْنُ أَبِي الدَّمِ : وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ شَاهِدِ الْأَصْلِ إِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدُ فَرْعٍ ، فَلَابُدَّ مِنْ تَسْمِيَتِهِ لِلْحَاكِمِ الْمَشْهُودِ عِنْدَهُ بِالِاتِّفَاقِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ ، فَإِذَا قَالَ شَاهِدُ الْفَرْعِ : أَشْهَدَنِي شَاهِدُ أَصْلٍ أَشْهَدُ بِعَدَالَتِهِ وَثِقَتِهِ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِكَذَا ، لَمْ يُسْمَعْ ذَلِكَ وِفَاقًا حَتَّى يُعَيِّنَهُ لِلْحَاكِمِ ، ثُمَّ الْحَاكِمُ إِنْ عَلِمَ عَدَالَةَ شَاهِدِ الْأَصْلِ عَمِلَ بِمُوجِبِ الشَّهَادَةِ ، وَإِنْ جَهِلَ حَالَهُ اسْتَزْكَاهُ - انْتَهَى .
وَصُورَتُهُ : ( نَحْوُ أَنْ يُقَالَا حَدَّثَنِي الثِّقَةُ ) أَوِ الضَّابِطُ أَوِ الْعَدْلُ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ ( بَلْ ) صَرَّحَ
الْخَطِيبُ بِأَنَّهُ ( لَوْ قَالَا ) أَيْضًا : ( جَمِيعُ أَشْيَاخِي ) الَّذِينَ رَوَيْتُ عَنْهُمْ ( ثِقَاتٌ ) ، وَ ( لَوْ لَمْ أُسَمِّ ) ، ثُمَّ رَوَى عَنْ وَاحِدٍ أَبْهَمَ اسْمَهُ ( لَا يُقْبَلُ ) أَيْضًا ( مَنْ قَدْ أَبْهَمْ ) لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ ، هَذَا مَعَ كَوْنِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَعْلَى مِمَّا تَقَدَّمَ ; فَإِنَّهُ كَمَا نَقَلَ عَنِ الْمُصَنِّفِ إِذَا قَالَ : حَدَّثَنِي الثِّقَةُ ، يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَرْوِي عَنْ ضَعِيفٍ ، يَعْنِي عِنْدَ غَيْرِهِ ، وَإِذَا قَالَ : جَمِيعُ أَشْيَاخِي ثِقَاتٌ ، عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ ، فَهِيَ أَرْفَعُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ; إِذِ احْتِمَالُ الضَّعْفِ عِنْدَ غَيْرِهِ قَدْ طَرَقَهُمَا مَعًا .
بَلْ تَمْتَازُ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ بِاحْتِمَالِ الذُّهُولِ عَنْ قَاعِدَتِهِ ، أَوْ كَوْنِهِ لَمْ يَسْلُكْ ذَلِكَ إِلَّا فِي آخِرِ أَمْرِهِ ، كَمَا رُوِيَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16349ابْنَ مَهْدِيٍّ كَانَ يَتَسَاهَلُ أَوَّلًا فِي الرِّوَايَةِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ بِحَيْثُ كَانَ يَرْوِي عَنْ
جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ ، ثُمَّ شَدَّدَ . نَعَمْ ، جَزَمَ
الْخَطِيبُ بِأَنَّ الْعَالِمَ إِذَا قَالَ : كُلُّ مَنْ أَرْوِي لَكُمْ عَنْهُ وَأُسَمِّيهِ فَهُوَ عَدْلٌ رَضِيٌّ ، كَانَ تَعْدِيلًا مِنْهُ لِكُلِّ مَنْ رَوَى عَنْهُ وَسَمَّاهُ ، يَعْنِي بِحَيْثُ يَسُوغُ لَنَا إِضَافَةُ تَعْدِيلِهِ لَهُ ، قَالَ : وَقَدْ يُوجَدُ فِيهِمُ الضَّعِيفُ ; لِخَفَاءِ حَالِهِ عَلَى الْقَائِلِ .
[ ص: 39 ] قُلْتُ : أَوْ لِكَوْنِ عَمَلِهِ بِقَوْلِهِ هَذَا مِمَّا طَرَأَ كَمَا قَدَّمْتُهُ ( وَبَعْضُ مَنْ حَقَّقَ ) كَمَا حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ وَلَمْ يُسَمِّهِ ، وَلَعَلَّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12441إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ ، فَصَّلَ حَيْثُ ( لَمْ يَرُدَّهُ ) أَيِ : التَّعْدِيلَ لِمَنْ أُبْهِمَ إِذَا صَدَرَ ( مِنْ عَالِمٍ )
كَمَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ الْمُقَلِّدِينَ ( فِي حَقِّ مَنْ قَلَّدَهُ ) فِي مَذْهَبِهِ ، فَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لِلْأَئِمَّةِ ذَلِكَ ، فَحَيْثُ رَوَى
مَالِكٌ عَنِ الثِّقَةِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15562بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ ، فَالثِّقَةُ
مَخْرَمَةُ وَلَدُهُ ، أَوْ عَنِ الثِّقَةِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، فَقِيلَ : إِنَّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16472عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، أَوِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ ، أَوِ
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابْنُ لَهِيعَةَ ، أَوْ عَمَّنْ لَا يُتَّهَمُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، فَهُوَ
اللَّيْثُ .
وَجَمِيعُ مَا يَقُولُ : بَلَغَنِي عَنْ
عَلِيٍّ ، سَمِعَهُ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16410عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ . وَحَيْثُ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ عَنِ الثِّقَةِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12493ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، فَهُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=12523ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ ، أَوْ عَنِ الثِّقَةِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15124اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، فَهُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=17309يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ ، أَوْ عَنِ الثِّقَةِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15498الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ ، فَهُوَ
أَبُو أُسَامَةَ ، أَوْ عَنِ الثِّقَةِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيِّ ، فَهُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=16697عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ ، أَوْ عَنِ
[ ص: 40 ] الثِّقَةِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، فَهُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=14429مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ، أَوْ عَنِ الثِّقَةِ عَنْ
صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْءَمَةِ ، فَهُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=12357إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى ، أَوْ عَنِ الثِّقَةِ وَذَكَرَ أَحَدًا مِنَ
الْعِرَاقِيِّينَ فَهُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ .
وَمَا رُوِيَ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ : كُلُّ شَيْءٍ فِي كِتَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ " أَنَا الثَّقَةُ " فَهُوَ أَبِي ، يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَذَا ، نَعَمْ ، فِي مُسْنَدِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَسَاقَهُ
الْبَيْهَقِيُّ فِي مَنَاقِبِهِ عَنِ
الرَّبِيعِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ إِذَا قَالَ : " أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ " فَهُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=17309يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ ، أَوْ " مَنْ لَا أَتَّهِمُ " فَهُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=12357إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى ، أَوْ " بَعْضُ النَّاسِ " فَيُرِيدُ بِهِ أَهْلَ
الْعِرَاقِ ، أَوْ " بَعْضَ أَصْحَابِنَا " فَأَهْلُ
الْحِجَازِ .
وَقَالَ شَيْخُنَا : إِنَّهُ يُوجَدُ فِي كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17298يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ لَمْ يَأْخُذْ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ أَدْرَكَ
يَحْيَى ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِسَنَدِهِ إِلَى
يَحْيَى .
بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُقَلِّدْ
كَابْنِ إِسْحَاقَ ; حَيْثُ يَقُولُ : أَخْبَرَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنْ
مِقْسَمٍ ، فَذَلِكَ لَا يَكُونُ حُجَّةً لِغَيْرِهِ ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ فُسِّرَ
بِالْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ الْمَعْرُوفِ بِالضَّعْفِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16076وَكَسِيبَوَيْهِ ; فَإِنَّ
أَبَا زَيْدٍ قَالَ : إِذَا قَالَ :
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ حَدَّثَنِي ، فَإِنَّمَا يَعْنِينِي .
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَدُلُّ كَلَامُ
ابْنِ الصَّبَّاغِ فِي الْعُدَّةِ ; فَإِنَّهُ قَالَ : إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ لَمْ يُورِدْ ذَلِكَ احْتِجَاجًا بِالْخَبَرِ عَلَى غَيْرِهِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ لِأَصْحَابِهِ قِيَامَ الْحُجَّةِ عِنْدَهُ عَلَى
[ ص: 41 ] الْحَكَمِ ، وَقَدْ عَرَفَ هُوَ مَنْ رَوَى عَنْهُ ذَلِكَ ، لَكِنْ قَدْ تَوَقَّفَ شَيْخُنَا [ فِي هَذَا الْقَوْلِ ] ، وَقَالَ : إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمَبْحَثِ ; لِأَنَّ الْمُقَلِّدَ يَتْبَعُ إِمَامَهُ ، ذَكَرَ دَلِيلَهُ أَمْ لَا .
تَنْبِيهٌ : أَلْحَقَ
ابْنُ السُّبْكِيِّ بِحَدَّثَنِي الثِّقَةُ مِنْ مِثْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ دُونَ غَيْرِهِ ، حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ فِي مُطْلَقِ الْقَبُولِ ، لَا فِي الْمَرْتَبَةِ . وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا
الذَّهَبِيُّ وَقَالَ : إِنَّ قَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ : أَخْبَرَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ ، لَيْسَ بِحُجَّةٍ ; لِأَنَّ مَنْ أَنْزَلَهُ مِنْ رُتْبَةِ الثِّقَةِ إِلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فَهُوَ لَيِّنٌ عِنْدَهُ ، وَضَعِيفٌ عِنْدَ غَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ عِنْدَنَا مَجْهُولٌ ، وَلَا حُجَّةَ فِي مَجْهُولٍ .
وَنَفْيُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ التُّهَمَةَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الضَّعْفِ ; فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابْنَ لَهِيعَةَ وَوَالِدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16604عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13786وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زِيَادٍ الْأَفْرِيقِيَّ وَأَمْثَالَهُمْ لَيْسُوا مِمَّنْ نَتَّهِمُهُمْ عَلَى السُّنَنِ ، وَهُمْ ضُعَفَاءُ لَا نَقْبَلُ حَدِيثَهُمْ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ .
قَالَ
ابْنُ السُّبْكِيِّ : وَهُوَ صَحِيحٌ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ذَلِكَ حِينَ احْتِجَاجِهِ بِهِ ، فَإِنَّهُ هُوَ وَالتَّوْثِيقُ حِينَئِذٍ سَوَاءٌ فِي أَصْلِ الْحُجَّةِ ، وَإِنْ كَانَ مَدْلُولُ اللَّفْظِ لَا يَزِيدُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ
الذَّهَبِيُّ .
( وَلَمْ يَرَوْا ) أَيِ : الْجُمْهُورُ ، كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنِ الصَّلَاحِ ( فُتْيَاهُ ) أَوْ فَتْوَاهُ كَمَا هِيَ بِخَطِّ النَّاظِمِ ; أَيِ : الْعَالِمِ مُجْتَهِدًا كَانَ أَوْ مُقَلِّدًا ( أَوْ عَمَلَهُ ) فِي الْأَقْضِيَةِ وَغَيْرِهَا .
( عَلَى وِفَاقٍ الْمَتْنِ ) أَيِ : الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى ، حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ أَنَّ ذَلِكَ بِمُفْرَدِهِ مُسْتَنَدُهُ ( تَصْحِيحًا لَهُ ) أَيْ : لِلْمَتْنِ ، وَلَا تَعْدِيلًا لِرَاوِيهِ ; لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ لِدَلِيلٍ آخَرَ وَافَقَ ذَلِكَ الْمَتْنَ مِنْ مَتْنٍ غَيْرِهِ ، أَوْ إِجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ ، أَوْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ احْتِيَاطًا ، أَوْ لِكَوْنِهِ مِمَّنْ يَرَى الْعَمَلَ بِالضَّعِيفِ وَتَقْدِيمَهُ عَلَى الْقِيَاسِ ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ
أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ ، وَيَكُونُ اقْتِصَارُهُ عَلَى هَذَا
[ ص: 42 ] الْمَتْنِ أَنَّ ذِكْرَهُ إِمَّا لِكَوْنِهِ أَوْضَحَ فِي الْمُرَادِ ، أَوْ لِأَرْجَحِيَّتِهِ عَلَى غَيْرِهِ ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ : وَكَذَلِكَ مُخَالَفَتُهُ لِلْحَدِيثِ لَيْسَتْ قَدْحًا مِنْهُ فِي صِحَّتِهِ ، وَلَا فِي رَاوِيهِ ، قَالَ
الْخَطِيبُ : لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَدَلَ عَنْهُ لِمُعَارِضٍ أَرْجَحَ عِنْدَهُ مِنْهُ مِنْ نَسْخٍ وَغَيْرِهِ مَعَ اعْتِقَادِ صِحَّتِهِ ، وَبِهِ قَطَعَ
ابْنُ كَثِيرٍ . وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْعَمَلَ بِخَبَرٍ انْفَرَدَ بِهِ رَاوٍ لِأَجْلِهِ ، يَعْنِي : جَزْمًا ، يَكُونُ تَعْدِيلًا لَهُ ،
الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِخَبَرِهِ إِلَّا وَهُوَ رَضِيٌّ عِنْدَهُ ، فَكَانَ ذَلِكَ قَائِمًا مَقَامَ التَّصْرِيحِ بِتَعْدِيلِهِ .
وَنَحْوُهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابْنِ الْحَاجِبِ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21486حُكْمَ الْحَاكِمِ الْمُشْتَرِطِ الْعَدَالَةَ بِالشَّهَادَةِ تَعْدِيلٌ بِاتِّفَاقٍ ، وَعَمَلَ الْعَالِمِ مِثْلُهُ .
( وَ ) كَذَا ( لَيْسَ تَعْدِيلًا ) مُطْلَقًا ( عَلَى ) الْقَوْلِ ( الصَّحِيحِ ) الَّذِي قَالَ بِهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ ( رِوَايَةُ الْعَدْلِ ) الْحَافِظِ الضَّابِطِ ، فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ ، عَنِ الرَّاوِي ( عَلَى ) وَجْهِ ( التَّصْرِيحِ ) بِاسْمِهِ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَرْوِيَ عَمَّنْ لَا يُعْرَفُ عَدَالَتُهُ ، بَلْ وَعَنْ غَيْرِ عَدْلٍ ، فَلَا تَتَضَمَّنُ رِوَايَتُهُ عَنْهُ تَعْدِيلَهُ وَلَا خَبَرًا عَنْ صِدْقِهِ ، كَمَا إِذَا شَهِدَ شَاهِدُ فَرْعٍ عَلَى شَاهِدِ أَصْلٍ لَا يَكُونُ مُجَرَّدُ أَدَائِهِ الشَّهَادَةَ عَلَى شَهَادَتِهِ تَعْدِيلًا مِنْهُ لَهُ بِالِاتِّفَاقِ ، وَكَذَا إِذَا أَشْهَدَ الْحَاكِمُ عَلَى نَفْسِهِ رَجُلًا بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لَا
[ ص: 43 ] يَكُونُ تَعْدِيلًا لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ .
وَقَدْ تَرْجَمَ
الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ : " لَا تَسْتَدِلَّ بِمَعْرِفَةِ صِدْقِ مَنْ حَدَّثَنَا عَلَى صِدْقِ مَنْ فَوْقَهُ " ، بَلْ صَرَّحَ
الْخَطِيبُ بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِلرَّاوِي حُكْمُ الْعَدَالَةِ بِمُجَرَّدِ رِوَايَةِ اثْنَيْنِ مَشْهُورَيْنِ عَنْهُ .
[ وَالثَّانِي : أَنَّهُ تَعْدِيلٌ مُطْلَقًا ; إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ عَدْلٍ ; إِذْ لَوْ عَلِمَ فِيهِ جَرْحًا لَذَكَرَهُ ; لِئَلَّا يَكُونَ غَاشًّا فِي الدِّينِ ، حَكَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ
الْخَطِيبُ .
وَكَذَا قَالَ
ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْكَفِيلِ :
nindex.php?page=treesubj&link=29163لِلتَّعْدِيلِ قِسْمَانِ : صَرِيحِيٌّ وَغَيْرُ صَرِيحِيٍّ ، فَالصَّرِيحِيُّ وَاضِحٌ ، وَغَيْرُ الصَّرِيحِيِّ ، وَهُوَ الضِّمْنِيُّ ، كَرِوَايَةِ الْعَدْلِ وَعَمَلِ الْعَالِمِ .
وَرَدَّهُ
الْخَطِيبُ بِأَنَّهُ قَدْ لَا يُعْلَمُ عَدَالَتُهُ وَلَا جَرْحُهُ ] ، كَيْفَ وَقَدْ وُجِدَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُدُولِ الثِّقَاتِ رَوَوْا عَنْ قَوْمٍ أَحَادِيثَ أَمْسَكُوا فِي بَعْضِهَا عَنْ ذِكْرِ أَحْوَالِهِمْ مَعَ
[ ص: 44 ] عِلْمِهِمْ بِأَنَّهُمْ غَيْرُ مَرْضِيِّينَ ، وَفِي بَعْضِهَا شَهِدُوا عَلَيْهِمْ بِالْكَذِبِ .
وَكَذَا خَطَّأَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14667الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ وَقَالَ : " لِأَنَّ الرِّوَايَةَ تَعْرِيفٌ ; أَيْ : مُطْلَقُ تَعْرِيفٍ ، يَزُولُ جَهَالَةُ الْعَيْنِ بِهَا بِشَرْطِهِ ، وَالْعَدَالَةُ بِالْخِبْرَةِ ، وَالرِّوَايَةُ لَا تَدُلُّ عَلَى الْخِبْرَةِ " .
وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : إِنِّي لَأَرْوِيَ الْحَدِيثَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ، فَلِلْحُجَّةِ مِنْ رَجُلٍ ، وَلِلتَّوَقُّفِ فِيهِ مِنْ آخَرَ ، وَلِمَحَبَّةِ مَعْرِفَةِ مَذْهَبِ مَنْ لَا أَعْتَدُّ بِحَدِيثِهِ ، لَكِنْ قَدْ عَابَ
شُعْبَةُ عَلَيْهِ ذَلِكَ . وَقِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=11970لِأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ : أَهْلُ الْحَدِيثِ رُبَّمَا رَوَوْا حَدِيثًا لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا يَصِحُّ ، فَقَالَ : عُلَمَاؤُهُمْ يَعْرِفُونَ الصَّحِيحَ مِنَ السَّقِيمِ ، فَرِوَايَتُهُمُ الْحَدِيثَ الْوَاهِيَ لِلْمَعْرِفَةِ ; لِيَتَبَيَّنَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ أَنَّهُمْ مَيَّزُوا الْآثَارَ وَحَفِظُوهَا .
قَالَ
الْبَيْهَقِيُّ : فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَتْ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى مِنَ الْأَئِمَّةِ عَنِ الضُّعَفَاءِ .
وَالثَّالِثُ : التَّفْصِيلُ ، فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29610عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ عَدْلٍ كَانَتْ رِوَايَتُهُ عَنِ الرَّاوِي تَعْدِيلًا لَهُ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ ;
nindex.php?page=showalam&ids=14552كَالسَّيْفِ الْآمِدِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا ، بَلْ وَذَهَبَ إِلَيْهِ جَمْعٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ
[ ص: 45 ] الشَّيْخَيْنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13114وَابْنِ خُزَيْمَةَ فِي صِحَاحِهِمْ ،
وَالْحَاكِمِ فِي مُسْتَدْرَكِهِ ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا يَتَقَوَّى بِهِ الْمُرْسِلُ : أَنْ يَكُونَ الْمُرْسِلُ إِذَا سَمَّى مَنْ رَوَى عَنْهُ لَمْ يُسَمِّ مَجْهُولًا وَلَا مَرْغُوبًا عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ - انْتَهَى .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29610رِوَايَةُ غَيْرِ الْعَدْلِ فَلَا يَكُونُ تَعَدْيِلًا بِاتِّفَاقٍ .
تَتِمَّةٌ : مِمَّنْ كَانَ لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ إِلَّا فِي النَّادِرِ :
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15549وَبَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15710وَحُرَيْزُ بْنُ عُثْمَانَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16039وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ،
وَشُعْبَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16349وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ،
وَمَالِكٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17293وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، وَذَلِكَ فِي
شُعْبَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ ، فَإِنَّهُ كَانَ يَتَعَنَّتُ فِي الرِّجَالِ وَلَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ ثَبْتٍ ، وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ
عِصَامُ بْنُ عَلِيٍّ : سَمِعْتُ
شُعْبَةَ يَقُولُ : لَوْ لَمْ أُحَدِّثْكُمْ إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ لَمْ أُحَدِّثْكُمْ عَنْ ثَلَاثَةٍ . وَفِي نُسْخَةٍ : ثَلَاثِينَ . وَذَلِكَ اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِأَنَّهُ يَرْوِي عَنِ الثِّقَةِ وَغَيْرِهِ ، فَيُنْظَرُ . وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ لَا يَرْوِي عَنْ مَتْرُوكٍ ، وَلَا عَمَّنْ أُجْمِعَ عَلَى ضَعْفِهِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فَكَانَ يَتَرَخَّصُ مَعَ سَعَةِ عِلْمِهِ وَشِدَّةِ وَرَعِهِ وَيَرْوِي عَنِ الضُّعَفَاءِ ، حَتَّى قَالَ فِيهِ صَاحِبُهُ
شُعْبَةُ : لَا تَحْمِلُوا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيِّ إِلَّا عَمَّنْ تَعْرِفُونَ ; فَإِنَّهُ لَا يُبَالِي عَمَّنْ حَمَلَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14923الْفَلَّاسُ : قَالَ لِي
nindex.php?page=showalam&ids=17314يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ : لَا تَكْتُبْ عَنْ
مُعْتَمِرٍ إِلَّا عَمَّنْ تَعْرِفُ ; فَإِنَّهُ يُحَدِّثُ عَنْ كُلٍّ .
[ ص: 46 ] وَاعْلَمْ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنَ التَّوَسُّطِ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْهِ بِمُوَافَقَةِ حَدِيثٍ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْعَالِمُ أَوْ عَمِلَ بِهِ - ظَاهِرٌ فِي الْمُنَاسَبَةِ مَعَ الْقَوْلِ الثَّالِثِ الْمُفَصَّلِ فِي الْأَوَّلِ ، وَإِنْ خَالَفَ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ هَذَا الصَّنِيعَ .