286 - واختلفوا هل يقبل المجهول وهو على ثلاثة مجعول 287 - مجهول عين : من له راو فقط
ورده الأكثر والقسم الوسط 288 - مجهول حال باطن وظاهر
وحكمه الرد لدى الجماهر 289 - والثالث المجهول للعداله
في باطن فقط فقد رأى له 290 - حجية في الحكم بعض من منع
ما قبله منهم سليم فقطع 291 - به وقال الشيخ إن العملا
يشبه أنه على ذا جعلا 292 - في كتب من الحديث اشتهرت
خبرة بعض من بها تعذرت 293 - في باطن الأمر وبعض يشهر
ذا القسم مستورا وفيه نظر
[ الاختلاف في المجهول ] : السابع : ( واختلفوا ) أي : العلماء ( هل يقبل ) الراوي ( المجهول ) مع كونه مسمى ( وهو على ثلاثة ) من الأقسام ( مجعول ) . الأول : ( مجهول عين ) ، وهو كما قاله غير واحد : ( من له راو ) واحد ( فقط )
كجبار - بالجيم وموحدة وزن شداد ، الطائي ،
وسعيد بن ذي حدان ،
وعبد الله أو
مالك بن أعز ، بمهملة ثم معجمة ،
وعمرو الملقب ذي مر الهمداني ،
وقيس بن كركم الأحدب ; فإن كل واحد من هؤلاء لم يرو عنه سوى
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق السبيعي ،
وكجري بن كليب السدوسي البصري ،
وحلام بن جزل ،
وسمعان بن مشنج أو مشمرج ،
وعبد الله بن سعد التيمي ،
وعبد الرحمن بن نمر اليحصبي ،
وعمير بن إسحاق القرشي ،
ومحمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي المدني ،
ومحمد بن عثمان بن عبد الله بن موهب ،
وأبي يحيى مولى أبي جعدة ; حيث لم يرو عن الأول إلا
قتادة .
وعن الثاني إلا
nindex.php?page=showalam&ids=11871أبو الطفيل الصحابي ، وعن الثالث إلا
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، وعن الرابع إلا
nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن الأشج ، وعن الخامس إلا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ،
[ ص: 47 ] وعن السادس إلا
عبد الله بن عون ، وعن السابع إلا
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، وعن الثامن إلا
شعبة ، وعن التاسع إلا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، هذا مع تخريج الشيخين
لابن موهب لكن مقرونا ،
nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري لابن نمر في المتابعة ،
وللمخزومي تعليقا ،
وللتيمي في الأدب المفرد ،
ومسلم لأبي يحيى في المتابعة في أشباه لذلك تؤخذ من جزء الوحدان
لمسلم كما سأنبه عليه فيمن لم يرو عنه إلا واحد إن شاء الله .
[ ( و ) لكن قد ( رده ) أي : مجهول العين ( الأكثر ) من العلماء مطلقا . وعبارة
الخطيب : "
nindex.php?page=treesubj&link=21484أقل ما يرتفع به الجهالة ; أي : العينية عن الراوي ، أن يروي عنه اثنان فصاعدا من المشهورين بالعلم " ، بل ظاهر كلام
ابن كثير الاتفاق عليه ، حيث قال : " المبهم الذي لم يسم ، أو من سمي ولا تعرف عينه ، لا يقبل روايته أحد علمناه . نعم ، قال : إنه إذا كان في عصر التابعين والقرون المشهود لأهلها بالخيرية فإنه يستأنس بروايته ، ويستضاء بها في مواطن ، كما أسلفت حكايته في آخر رد الاحتجاج بالمرسل .
وكأنه سلف
ابن السبكي في حكاية الإجماع على الرد ونحوه قول
ابن المواق : " لا خلاف أعلمه بين أئمة الحديث في رد المجهول الذي لم يرو عنه إلا واحد ، وإنما يحكى الخلاف عن الحنفية " ، يعني كما تقدم ] .
وقد قبل أهل هذا القسم مطلقا من العلماء
nindex.php?page=treesubj&link=21484من لم يشترط في الراوي مزيدا على الإسلام ، وعزاه
ابن المواق للحنفية ; حيث قال : إنهم لم يفصلوا بين من روى عنه واحد وبين من روى عنه أكثر من واحد ، بل قبلوا رواية المجهول على
[ ص: 48 ] الإطلاق - انتهى .
وهو لازم كل من ذهب إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=29174رواية العدل بمجردها عن الراوي تعديل له ، بل عزا
النووي في مقدمة شرح
مسلم لكثيرين من المحققين الاحتجاج به .
وكذا ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=29168جهالة العين ترتفع برواية واحد مشهور . وإليه يومئ قول تلميذه
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان :
nindex.php?page=treesubj&link=29163العدل من لم يعرف فيه الجرح ; إذ التجريح ضد التعديل ، فمن لم يجرح فهو عدل حتى يتبين جرحه ، إذ لم يكلف الناس ما غاب عنهم . وقال في ضابط الحديث الذي يحتج به ما محصله : إنه هو الذي تعرى راويه من أن يكون مجروحا ، أو فوقه مجروح ، أو دونه مجروح ، أو كان سنده مرسلا أو منقطعا ، أو كان المتن منكرا ، فهذا مشعر بعدالة من لم يجرح ممن لم يرو عنه إلا واحد .
ويتأيد بقوله في ثقاته :
أيوب الأنصاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير وعنه
nindex.php?page=showalam&ids=17162مهدي بن ميمون : لا أدري من هو ، ولا ابن من هو ؟ فإن هذا منه يؤيد أنه يذكر في الثقات كل مجهول روى عنه ثقة ولم يجرح ، ولم يكن الحديث الذي يرويه منكرا ، وقد سلفت الإشارة لذلك في الصحيح الزائد على الصحيحين .
وقيد بعضهم القبول بما إذا كان المنفرد بالرواية عنه لا يروي إلا عن عدل ;
كابن مهدي وغيره ممن سلف ذكر جماعة منهم حيث اكتفينا في التعديل بواحد على
[ ص: 49 ] المعتمد كما تقدم ، وهو مخدوش بما بين قريبا ، وكذا خصه
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر بمن يكون مشهورا ، أي بالاستفاضة ونحوها في غير العلم بالزهد كشهرة
nindex.php?page=showalam&ids=16871مالك بن دينار به ، أو بالنجدة
كعمرو بن معدي كرب ، أو بالأدب والصناعة ونحوها .
فأما الشهرة بالعلم والثقة والأمانة فهي كافية من باب أولى ، كما تقدم في الفصل الثاني ، بل نقله
الخطيب في الكفاية هنا أيضا عن أصحاب الحديث ; فإنه قال :
nindex.php?page=treesubj&link=21484المجهول عند أصحاب الحديث هو من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه ، ولا عرفه العلماء به ، ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد ، يعني حيث لم يشتهر . ونحوه ما نقله
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح عنه أيضا أنه قال في أجوبة مسائل سئل عنها : المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم يعرفه العلماء ، ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد .
ولذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : الذي أقوله أن من عرف بالثقة والأمانة والعدالة لا يضره إذا لم يرو عنه إلا واحد . ونحوه قول
nindex.php?page=showalam&ids=12147أبي مسعود الدمشقي الحافظ : إنه برواية الواحد لا ترتفع عن الراوي اسم الجهالة ، إلا أن يكون معروفا في قبيلته ، أو يروي عنه آخر .
ويقرب من ذلك انفراد الواحد عمن يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ; حيث جزم
[ ص: 50 ] المؤلف بأن الحق أنه إن كان المضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم معروفا بذكره في الغزوات ، أو فيمن وفد عليه ، أو نحو ذلك ; فإنه ثبتت صحبته بذلك مع كونه لم يرو عنه إلا واحد .
وخص بعضهم القبول بمن يزكيه مع رواية الواحد أحدا من أئمة الجرح والتعديل ، واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان في بيان الوهم والإيهام ، وصححه شيخنا ، وعليه يتمشى تخريج الشيخين في صحيحيهما لجماعة أفردهم المؤلف بالتأليف .
فمنهم ممن اتفق عليه
حصين بن محمد الأنصاري المدني ، وممن انفرد به
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري جويرية أو
جارية بن قدامة ،
وزيد بن رباح المدني ،
وعبد الله بن وديعة الأنصاري ،
وعمر بن محمد بن جبير بن مطعم ،
والوليد بن عبد الرحمن الجارودي ، وممن انفرد به
مسلم جابر بن إسماعيل الحضرمي ،
وخباب المدني صاحب المقصورة ; حيث تفرد عن الأول
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، وعن الثاني
nindex.php?page=showalam&ids=11969أبو جمرة نصر بن عمران الضبعي ، وعن الثالث
مالك ، وعن الرابع
nindex.php?page=showalam&ids=15985أبو سعيد المقبري ، وعن الخامس
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، وعن السادس ابنه
المنذر ، وعن السابع
ابن وهب ، وعن الثامن
nindex.php?page=showalam&ids=16283عامر بن سعد بن أبي وقاص ; فإنهم مع ذلك موثقون لم يتعرض أحد من أئمة الجرح والتعديل لأحد منهم بتجهيل . نعم ، جهل
أبو حاتم محمد بن الحكم المروزي الأحول أحد شيوخ البخاري [ ص: 51 ] في صحيحه ، والمنفرد عنه بالرواية ; لكونه لم يعرفه .
ولكن نقول : معرفة
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري به التي اقتضت له روايته عنه ولو انفرد بهما كافية في توثيقه ، فضلا عن أن غيره قد عرفه أيضا ، ولذا صرح
ابن رشيد كما سيأتي بأنه لو عد له المنفرد عنه كفى .
وصححه شيخنا أيضا إذا كان متأهلا لذلك ، ومن هنا ثبتت صحبة الصحابي برواية الواحد المصرح بصحبته عنه .
على أن قول
أبي حاتم في الرجل : إنه مجهول ، لا يريد به أنه لم يرو عنه سوى واحد ، بدليل أنه قال في
داود بن يزيد الثقفي : مجهول ، مع أنه قد روى عنه جماعة ، ولذا قال
الذهبي عقبه : هذا القول يوضح لك أن الرجل قد يكون مجهولا عند
أبي حاتم ولو روى عنه جماعة ثقات ، يعني أنه مجهول الحال ، وقد قال في
عبد الرحيم بن كردم بعد أن عرفه برواية جماعة عنه : إنه مجهول .
[ ص: 52 ] ونحوه قوله في
زياد بن جارية التميمي الدمشقي مع أنه قيل في
زياد هذا : إنه صحابي . وبما تقرر ظهر أن قول
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح في بعض من خرج لهم صاحبا الصحيح ممن لم يرو عنهم إلا واحد ما نصه : " وذلك مصير منهما إلى أن الراوي قد يخرج عن كونه مجهولا مردودا برواية واحد عنه " ، ليس على إطلاقه .
وممن أثنى على من اعترف له بأنه لم يرو عنه إلا واحد
أبو داود ، فقال في
عبد الله بن عمر بن غانم الرعيني قاضي إفريقية : أحاديثه مستقيمة ، ما أعلم حدث عنه غير
nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي nindex.php?page=showalam&ids=16604وابن المديني ، فقال في
جون بن قتادة : إنه معروف لم يرو عنه غير
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري .
[ ص: 53 ] وإنما أوردت كلامه لبيان مذهبه ، وإلا فجون قد روى عنه غير
الحسن ، على أن
nindex.php?page=showalam&ids=16604ابن المديني نفسه قال في موضع آخر : إنه من المجهولين من شيوخ
الحسن .
وبالجملة فرواية إمام ناقل للشريعة لرجل ممن لم يرو عنه سوى واحد في مقام الاحتجاج كافية في تعريفه وتعديله .
ووراء هذا كله مخالفة
ابن رشيد في تسميته من لم يرو عنه إلا واحد مجهول العين ، مع موافقته على عدم قبوله ; فإنه قال : لا شك أن رواية الواحد الثقة تخرج عن جهالة العين إذا سماه ونسبه .
nindex.php?page=treesubj&link=21484وقسم بعضهم المجهول فقال : مجهول العين والحال معا ; كعن رجل ، والعين فقط ; كعن الثقة ، [ يعني على القول بالاكتفاء به ] ، أو عن رجل من الصحابة ، والحال فقط ; كمن روى عنه اثنان فصاعدا ولم يوثق ، فأما جهالة التعيين فخارجة عن هذا كله ; كأن يقول : أخبرني فلان أو فلان ويسميهما ، وهما عدلان ، فالحجة قائمة بذلك ، فإن جهلت عدالة أحدهما مع التصريح باسمه أو إبهامه فلا . [ انتهى ، وينظر في إلحاق مسألة الباب بأي أقسامه ] .
( والقسم الوسط ) أي : الثاني ( مجهول حال باطن ) وحال ( ظاهر ) من العدالة وضدها ، مع عرفان عينه برواية عدلين عنه ( وحكمه الرد ) وعدم القبول ( لدى ) أي : عند ( الجماهر ) من الأئمة . وعزاه
ابن المواق للمحققين ، ومنهم
أبو حاتم [ ص: 54 ] الرازي ، وما حكيناه من صنيعه فيما تقدم يشهد له .
وكذا قال
الخطيب : لا يثبت للراوي حكم العدالة برواية الاثنين عنه .
وقال
ابن رشيد : لا فرق في جهالة الحال بين رواية واحد واثنين ما لم يصرح الواحد أو غيره بعدالته . نعم ،
nindex.php?page=treesubj&link=22441كثرة رواية الثقات عن الشخص تقوي حسن الظن به .
وأما المجاهيل الذين لم يرو عنهم إلا الضعفاء فهم متروكون ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ، على الأحوال كلها .
وتوجيه هذا القول أن مجرد الرواية عن الراوي لا تكون تعديلا له على الصحيح كما تقدم . وقيل : تقبل مطلقا ، وهو لازم من جعل مجرد رواية العدل عن الراوي تعديلا له كما تقدم مثله في القسم الأول ، وأولى ، بل نسبه
ابن المواق لأكثر أهل الحديث
كالبزار nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني .
وعبارة
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : " من روى عنه ثقتان فقد ارتفعت جهالته ، وثبتت عدالته . وقال أيضا في الديات نحوه ، وكذا اكتفى بمجرد روايتهما
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ، بل توسع كما تقدم في مجهول العين . وقيل : يفصل ، فإن كان لا يرويان إلا عن عدل قبل ، وإلا فلا .
( و ) القسم ( الثالث المجهول للعداله ) أي : مجهول العدالة ( في باطن فقط ) مع كونه عدلا في الظاهر ( ف ) هذا ( قد رأى له حجية ) أي : احتجاجا به ( في الحكم بعض من منع ) من الشافعية ( ما قبله ) من القسمين ( منهم ) الفقيه
( سليم ) بضم أوله مصغرا ، ابن أيوب الرازي . وزاد : ( فقطع ) أي : جزم ( به ) لأن الأخبار تبنى على حسن الظن بالراوي ، وأيضا فلتعسر الخبرة الباطنة على الناقد .
[ ص: 55 ] وبهذا فارق الراوي الشاهد ; فإن الشهادة تكون عند الحكام ، وهم لا تتعسر عليهم ، لا سيما مع اجتهاد الأخصام في الفحص عنها ، بل عزى الاحتجاج بأهل هذا القسم كالقسم الأول لكثيرين من المحققين
النووي في مقدمة شرح
مسلم .
قلت : ومنهم
nindex.php?page=showalam&ids=13428أبو بكر بن فورك ، وكذا قبله
أبو حنيفة خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ، ومن عزاه إليه فقد وهم . ( وقال الشيخ )
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ( إن العملا يشبه أنه على ذا ) القول الذي قطع به
سليم ( جعلا في كتب ) كثيرة ( من الحديث اشتهرت ) ، وتداولها الأئمة فمن دونهم ، حيث خرج فيها لرواة ( خبرة بعض من ) خرج له منهم ( بها ) أي : بالكتب ; لتقادم العهد بهم .
( تعذرت في باطن الأمر ) ، فاقتصروا في البعض على العدالة الظاهرة ، وفيه نظر بالنسبة للصحيحين ; فإن جهالة الحال مندفعة عن جميع من خرجا له في الأصول ، بحيث لا نجد أحدا ممن خرجا له كذلك يسوغ إطلاق اسم الجهالة عليه أصلا ، كما حققه شيخنا في مقدمته ، وأما بالنظر لمن عداهما لا سيما من لم يشترط الصحيح ، فما قاله ممكن ، وكأن
[ ص: 56 ] الحامل لهم على هذا المسلك غلبة العدالة على الناس في تلك القرون الفاضلة .
ولذا قال بعض الحنفية : المستور في زماننا لا يقبل لكثرة الفساد وقلة الرشاد ، وإنما كان مقبولا في زمن السلف الصالح ، هذا مع احتمال اطلاعهم على ما لم نطلع عليه نحن من أمرهم . ( وبعض ) من الأئمة ، وهو
البغوي في تهذيبه ( يشهر ) بفتح أوله وثالثه ; يعني : يسمي ( ذا القسم مستورا ) ، وتبعه عليه
الرافعي ثم
النووي ، فقال في النكاح من ( الروضة ) : إن
nindex.php?page=treesubj&link=29166المستور من عرفت عدالته ظاهرا لا باطنا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين : المستور من لم يظهر منه نقيض العدالة ، ولم يتفق البحث في الباطن عن عدالته .
قال : وقد تردد المحدثون في قبول روايته ، والذي صار إليه المعتبرون من الأصوليين أنها لا تقبل ، قال : وهو المقطوع به عندنا . وصحح
النووي في شرح المهذب القبول ، وحكى
الرافعي في الصوم وجهين من غير ترجيح .
قيل : والخلاف مبني على
nindex.php?page=treesubj&link=29610شرط قبول الرواية ، أهو العلم بالعدالة ، أو عدم العلم بالمفسق ؟ إن قلنا بالأول لم يقبل المستور ، وإلا قبلناه .
وأما شيخنا فإنه بعد أن قال : وإن روى عنه اثنان فصاعدا ولم يوثق فهو مجهول الحال ، وهو المستور .
وقد قبل روايته جماعة بغير قيد ، يعني بعصر دون آخر ، وردها الجمهور ، قال :
[ ص: 57 ] والتحقيق أن رواية المستور ونحوه مما فيه الاحتمال لا يطلق القول بردها ولا بقبولها ، بل يقال : هي موقوفة إلى استبانة حاله ، كما جزم به
nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين ، ورأى أنا إذا كنا نعتقد على شيء ، يعني مما لا دليل فيه بخصوصه ، بل للجري على الإباحة الأصلية ، فروى لنا مستور تحريمه ، أنه يجب الانكفاف عما كنا نستحله إلى تمام البحث عن حال الراوي .
قال : وهذا هو المعروف من عادتهم وشيمهم ، وليس ذلك حكما منهم بالحظر المرتب على الرواية ، وإنما هو توقف في الأمر ، فالتوقف عن الإباحة يتضمن الانحجاز ، وهو في معنى الحظر ، وذلك مأخوذ من قاعدة في الشريعة ممهدة ، وهو
nindex.php?page=treesubj&link=21484التوقف عند بدء وظهور الأمور إلى استبانتها ، فإذا ثبتت العدالة فالحكم بالرواية إذ ذاك ، ولو فرض فارض التباس حال الراوي واليأس عن البحث عنها ، بأن يروي مجهول ثم يدخل في غمار الناس ، ويعز العثور عليه ، فهذه مسألة اجتهادية عندي .
والظاهر أن الأمر إذا انتهى إلى اليأس لم يجب الانكفاف ، [ وانقلبت الإباحة كراهية ] . قال شيخنا : ونحوه ; أي : القول بالوقف قول
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح فيمن جرح بجرح غير مفسر . انتهى ، وينظر في : " وانقلبت الإباحة كراهة " .
ووراء هذا أن قوله بالوقف لا ينافيه ما حكيناه أولا من جزمه بعدم قبوله ، فالمرسل مع كونه ضعيفا صرح
ابن السبكي بأن الأظهر وجوب الانكفاف إذا دل على محظور ولم يوجد سواه ، بل قيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي احتجاجه به إذا لم يجد سواه كما أوضحت ذلك في بابه ، ونحوه ما أسلفته في أثناء الحسن عن
أحمد [ ص: 58 ] أنه لا يخالف ما يضعف إلا إن وجد ما يدفعه . فثبت بهذا كله أن الاحتياط لأجل رواية راو لا ينافيه عدم قبوله ، ولكن الذي مشى عليه
النووي كما في آخر الموضوع استحباب التنزه إذا وجد ضعيف لكراهة بعض البيوع والأنكحة احتياطا .
ثم إنه ممن وافق
البغوي ومن تابعه في تسمية من لم تعرف عدالته الباطنة مستورا
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ( وفيه نظر ) إذ في عبارة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الإمام الشافعي رحمه الله في اختلاف الحديث ما يدل على أن الشهادة التي يحكم الحاكم بها هي العدالة الظاهرة ; فإنه قال في جواب سؤال أورده : فلا يجوز أن يترك الحكم بشهادتهما إذا كانا عدلين في الظاهر ، وحينئذ فلا يحسن تعريف المستور بهذا ; فإن الحاكم لا يسوغ له الحكم بالمستور ، وأيضا يكون خادشا بظاهره في قول
الرافعي في الصوم مما أشار الشارح لتأييد
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح به : العدالة الباطنة هي التي يرجع فيها إلى أقوال المزكين ، يعني ثبتت عند الحاكم أم لا ، كما حمله عليه بعض المتأخرين .
ولكن الظاهر أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إنما أراد الاحتراز عن الباطن الذي هو ما في نفس الأمر لخفائه عن كل واحد ، وكلامه في أول اختلاف الحديث يرشد لذلك ; فإنه قرر أنا إنما كلفنا العدل بالنظر لما يظهر لنا ; لأنا لا
[ ص: 59 ] نعلم مغيب غيرنا ، ولذا لما نقل
الزركشي ما أسلفت حكايته عن
الرافعي في العدالة الباطنة ذكر أن نص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في اختلاف الحديث يؤيده على أنه يمكن أن يقال لمن تمسك بظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بشهادتهما لما انضم إلى العدالة الظاهرة من سكوت الخصم عن إبداء قادح فيهما مع توفر الداعية على الفحص فافترقا ، ولكن يمكن المنازعة في هذا بأن الخصم قد يترك حقه في الفحص بخلاف غيره من الأحكام ، فمحله التشدد .
وأما النزاع في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح بما نقله
الروياني في البحر عن نص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم مما ظاهره أن المستور من لم يعلم سوى إسلامه ، فإنه قال :
nindex.php?page=treesubj&link=11251لو حضر العقد رجلان مسلمان ولا يعرف حالهما من الفسق والعدالة انعقد النكاح بهما في الظاهر ، قال : لأن الظاهر من المسلمين العدالة ، فيمكن أن يقال : إنه لا يمنع شمول المستور لكل من هذا ، وما قاله
البغوي كما هو مقتضى التسمية .
ومن ثم جعل بعض المتأخرين أقسام المجهول كلها فيه ، وشيخنا ما عدا الأول ، وهو أشبه ، بل فسر بعضهم مما صححه
السبكي المستور بمن ثبتت عدالته ، وانقطع خبره مدة يحتمل طرق نقيضها .
ثم إن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إنما اكتفى بحضورهما العقد مع رده المستور ; لأن النكاح مبناه على التراضي ، بخلاف غيره من الأحكام ، فمحله التشدد ، وأيضا فذاك عند التحمل ، ولهذا لو رفع العقد بهما إلى حاكم لم يحكم بصحته كما نقله في الروضة عن الشيخ
أبي حامد وغيره .
ويتأيد بأن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله أطلق في اختلاف الحديث له عدم احتجاجه بالمجهول ، ونحوه حكاية
البيهقي في المدخل عنه أنه لا يحتج بأحاديث
[ ص: 60 ] المجهولين على أن
البدر الزركشي نقل عن كلام الأصوليين مما قد يتفق مع كلام
الرافعي الماضي ، أن المراد بالعدالة الباطنة الاستقامة بلزومه أداء أوامر الله وتجنب مناهيه وما يثلم مروءته ، سواء ثبت عند الحاكم أم لا .
286 - وَاخْتَلَفُوا هَلْ يُقْبَلُ الْمَجْهُولُ وَهْوَ عَلَى ثَلَاثَةٍ مَجْعُولُ 287 - مَجْهُولُ عَيْنٍ : مَنَّ لَهُ رَاوٍ فَقَطْ
وَرَدَّهُ الْأَكْثَرُ وَالْقِسْمُ الْوَسَطْ 288 - مَجْهُولُ حَالٍ بَاطِنٍ وَظَاهِرِ
وَحُكْمُهُ الرَّدُّ لَدَى الْجَمَاهِرِ 289 - وَالثَّالِثُ الْمَجْهُولُ لِلْعَدَالَهْ
فِي بَاطِنٍ فَقَطْ فَقَدْ رَأَى لَهْ 290 - حُجِّيَّةً فِي الْحُكْمِ بَعْضُ مَنْ مَنَعْ
مَا قَبْلَهُ مِنْهُمْ سُلَيْمٌ فَقَطَعْ 291 - بِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ إِنَّ الْعَمَلَا
يُشْبِهُ أَنَّهُ عَلَى ذَا جُعِلَا 292 - فِي كُتُبٍ مِنَ الْحَدِيثِ اشْتَهَرَتْ
خِبْرَةُ بَعْضِ مَنْ بِهَا تَعَذَّرَتْ 293 - فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ وَبَعْضٌ يَشْهَرُ
ذَا الْقِسْمَ مَسْتُورًا وَفِيهِ نَظَرُ
[ الاخْتِلَاف فِي الْمَجْهُولِ ] : السَّابِعُ : ( وَاخْتَلَفُوا ) أَيِ : الْعُلَمَاءُ ( هَلْ يُقْبَلُ ) الرَّاوِي ( الْمَجْهُولُ ) مَعَ كَوْنِهِ مُسَمًّى ( وَهْوَ عَلَى ثَلَاثِةٍ ) مِنَ الْأَقْسَامِ ( مَجْعُولُ ) . الْأَوَّلُ : ( مَجْهُولُ عَيْنٍ ) ، وَهُوَ كَمَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ : ( مَنْ لَهُ رَاوٍ ) وَاحِدٌ ( فَقَطْ )
كَجَبَّارٍ - بِالْجِيمِ وَمُوَحَّدَةٍ وَزْنِ شَدَّادٍ ، الطَّائِيِّ ،
وَسَعِيدِ بْنِ ذِيِ حُدَّانَ ،
وَعَبْدِ اللَّهِ أَوْ
مَالِكِ بْنِ أَعَزَّ ، بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ ،
وَعَمْرٍو الْمُلَقَّبِ ذِي مُرٍّ الْهَمْدَانِيِّ ،
وَقَيْسِ بْنِ كُرْكُمَ الْأَحْدَبِ ; فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ سِوَى
nindex.php?page=showalam&ids=11813أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ،
وَكَجُرَيِّ بْنِ كُلَيْبٍ السَّدُوسِيِّ الْبَصْرِيِّ ،
وَحَلَّامِ بْنِ جَزْلٍ ،
وَسَمْعَانَ بْنِ مُشَنَّجٍ أَوْ مُشَمْرَجٍ ،
وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ التَّيْمِيِّ ،
وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَمِرٍ الْيَحْصُبِيِّ ،
وَعُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ الْقُرَشِيِّ ،
وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ الْمَدَنِيِّ ،
وَمُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ ،
وَأَبِي يَحْيَى مَوْلَى أَبِي جَعْدَةَ ; حَيْثُ لَمْ يَرْوِ عَنِ الْأَوَّلِ إِلَّا
قَتَادَةُ .
وَعَنِ الثَّانِي إِلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=11871أَبُو الطُّفَيْلِ الصَّحَابِيُّ ، وَعَنِ الثَّالِثِ إِلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ ، وَعَنِ الرَّابِعِ إِلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=15562بُكَيْرُ بْنُ الْأَشَجِّ ، وَعَنِ الْخَامِسِ إِلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ،
[ ص: 47 ] وَعَنِ السَّادِسِ إِلَّا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ ، وَعَنِ السَّابِعِ إِلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ ، وَعَنِ الثَّامِنِ إِلَّا
شُعْبَةُ ، وَعَنِ التَّاسِعِ إِلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ ، هَذَا مَعَ تَخْرِيجِ الشَّيْخَيْنِ
لِابْنِ مَوْهَبٍ لَكِنْ مَقْرُونًا ،
nindex.php?page=showalam&ids=12070وَالْبُخَارِيِّ لِابْنِ نَمِرٍ فِي الْمُتَابَعَةِ ،
وَلِلْمَخْزُومِيِّ تَعْلِيقًا ،
وَلِلتَّيْمِيِّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ ،
وَمُسْلِمٍ لِأَبِي يَحْيَى فِي الْمُتَابَعَةِ فِي أَشْبَاهٍ لِذَلِكَ تُؤْخَذُ مِنْ جُزْءِ الْوَحْدَانِ
لِمُسْلِمٍ كَمَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ فِيمَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
[ ( وَ ) لَكِنْ قَدْ ( رَدَّهُ ) أَيْ : مَجْهُولَ الْعَيْنِ ( الْأَكْثَرُ ) مِنَ الْعُلَمَاءِ مُطْلَقًا . وَعِبَارَةُ
الْخَطِيبِ : "
nindex.php?page=treesubj&link=21484أَقَلُّ مَا يَرْتَفِعُ بِهِ الْجَهَالَةُ ; أَيِ : الْعَيْنِيَّةُ عَنِ الرَّاوِي ، أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا مِنَ الْمَشْهُورِينَ بِالْعِلْمِ " ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ
ابْنِ كَثِيرٍ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ ، حَيْثُ قَالَ : " الْمُبْهَمُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ ، أَوْ مَنْ سُمِّيَ وَلَا تُعْرَفُ عَيْنُهُ ، لَا يَقْبَلُ رِوَايَتَهُ أَحَدٌ عَلِمْنَاهُ . نَعَمْ ، قَالَ : إِنَّهُ إِذَا كَانَ فِي عَصْرِ التَّابِعِينَ وَالْقُرُونِ الْمَشْهُودِ لِأَهْلِهَا بِالْخَيْرِيَّةِ فَإِنَّهُ يُسْتَأْنَسُ بِرِوَايَتِهِ ، وَيُسْتَضَاءُ بِهَا فِي مَوَاطِنَ ، كَمَا أَسْلَفْتُ حِكَايَتَهُ فِي آخِرِ رَدِّ الِاحْتِجَاجِ بِالْمُرْسَلِ .
وَكَأَنَّهُ سَلَفَ
ابْنَ السُّبْكِيِّ فِي حِكَايَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى الرَّدِّ وَنَحْوِهِ قَوْلُ
ابْنِ الْمَوَّاقِ : " لَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ فِي رَدِّ الْمَجْهُولِ الَّذِي لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ ، وَإِنَّمَا يُحْكَى الْخِلَافُ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ " ، يَعْنِي كَمَا تَقَدَّمَ ] .
وَقَدْ قَبِلَ أَهْلُ هَذَا الْقِسْمِ مُطْلَقًا مِنَ الْعُلَمَاءِ
nindex.php?page=treesubj&link=21484مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الرَّاوِي مَزِيدًا عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَعَزَاهُ
ابْنُ الْمَوَّاقِ لِلْحَنَفِيَّةِ ; حَيْثُ قَالَ : إِنَّهُمْ لَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ مَنْ رَوَى عَنْهُ وَاحِدٌ وَبَيْنَ مَنْ رَوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ ، بَلْ قَبِلُوا رِوَايَةَ الْمَجْهُولِ عَلَى
[ ص: 48 ] الْإِطْلَاقِ - انْتَهَى .
وَهُوَ لَازِمُ كُلِّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29174رِوَايَةَ الْعَدْلِ بِمُجَرَّدِهَا عَنِ الرَّاوِي تَعْدِيلٌ لَهُ ، بَلْ عَزَا
النَّوَوِيُّ فِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِ
مُسْلِمٍ لِكَثِيرِينَ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ الِاحْتِجَاجَ بِهِ .
وَكَذَا ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابْنُ خُزَيْمَةَ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29168جَهَالَةَ الْعَيْنِ تَرْتَفِعُ بِرِوَايَةِ وَاحِدٍ مَشْهُورٍ . وَإِلَيْهِ يُومِئُ قَوْلُ تِلْمِيذِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنِ حِبَّانَ :
nindex.php?page=treesubj&link=29163الْعَدْلُ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ فِيهِ الْجَرْحُ ; إِذِ التَّجْرِيحُ ضِدُّ التَّعْدِيلِ ، فَمَنْ لَمْ يُجَرَّحْ فَهُوَ عَدْلٌ حَتَّى يَتَبَيَّنَ جَرْحُهُ ، إِذْ لَمْ يُكَلَّفِ النَّاسُ مَا غَابَ عَنْهُمْ . وَقَالَ فِي ضَابِطِ الْحَدِيثِ الَّذِي يُحْتَجُّ بِهِ مَا مُحَصِّلُهُ : إِنَّهُ هُوَ الَّذِي تَعَرَّى رَاوِيهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَجْرُوحًا ، أَوْ فَوْقَهُ مَجْرُوحٌ ، أَوْ دُونَهُ مَجْرُوحٌ ، أَوْ كَانَ سَنَدُهُ مُرْسَلًا أَوْ مُنْقَطِعًا ، أَوْ كَانَ الْمَتْنُ مُنْكَرًا ، فَهَذَا مُشْعِرٌ بِعَدَالَةِ مَنْ لَمْ يُجَرَّحْ مِمَّنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ .
وَيَتَأَيَّدُ بِقَوْلِهِ فِي ثِقَاتِهِ :
أَيُّوبُ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17162مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ : لَا أَدْرِي مَنْ هُوَ ، وَلَا ابْنَ مَنْ هُوَ ؟ فَإِنَّ هَذَا مِنْهُ يُؤَيِّدُ أَنَّهُ يَذْكُرُ فِي الثِّقَاتِ كُلَّ مَجْهُولٍ رَوَى عَنْهُ ثِقَةٌ وَلَمْ يُجَرَّحْ ، وَلَمْ يَكُنِ الْحَدِيثُ الَّذِي يَرْوِيهِ مُنْكَرًا ، وَقَدْ سَلَفَتِ الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ الزَّائِدِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ .
وَقَيَّدَ بَعْضُهُمُ الْقَبُولَ بِمَا إِذَا كَانَ الْمُنْفَرِدُ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ عَدْلٍ ;
كَابْنِ مَهْدِيٍّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ سَلَفَ ذِكْرُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ حَيْثُ اكْتَفَيْنَا فِي التَّعْدِيلِ بِوَاحِدٍ عَلَى
[ ص: 49 ] الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَهُوَ مَخْدُوشٌ بِمَا بُيِّنَ قَرِيبًا ، وَكَذَا خَصَّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِمَنْ يَكُونُ مَشْهُورًا ، أَيْ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَنَحْوِهَا فِي غَيْرِ الْعِلْمِ بِالزُّهْدِ كَشُهْرَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16871مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ بِهِ ، أَوْ بِالنَّجْدَةِ
كَعَمْرِو بْنِ مَعْدِي كَرِبَ ، أَوْ بِالْأَدَبِ وَالصِّنَاعَةِ وَنَحْوِهَا .
فَأَمَّا الشُّهْرَةُ بِالْعِلْمِ وَالثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ فَهِيَ كَافِيَةٌ مِنْ بَابِ أَوْلَى ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي ، بَلْ نَقَلَهُ
الْخَطِيبُ فِي الْكِفَايَةِ هُنَا أَيْضًا عَنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ ; فَإِنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=21484الْمَجْهُولُ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ هُوَ مَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِطَلَبِ الْعِلْمِ فِي نَفْسِهِ ، وَلَا عَرَفَهُ الْعُلَمَاءُ بِهِ ، وَمَنْ لَمْ يُعْرَفْ حَدِيثُهُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ رَاوٍ وَاحِدٍ ، يَعْنِي حَيْثُ لَمْ يَشْتَهِرْ . وَنَحْوُهُ مَا نَقَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ فِي أَجْوِبَةِ مَسَائِلَ سُئِلَ عَنْهَا : الْمَجْهُولُ عِنْدَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ هُوَ كُلُّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ الْعُلَمَاءُ ، وَمَنْ لَمْ يُعْرَفْ حَدِيثُهُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ رَاوٍ وَاحِدٍ .
وَلِذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : الَّذِي أَقُولُهُ أَنَّ مَنْ عُرِفَ بِالثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ وَالْعَدَالَةِ لَا يَضُرُّهُ إِذَا لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ . وَنَحْوُهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12147أَبِي مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيِّ الْحَافِظِ : إِنَّهُ بِرِوَايَةِ الْوَاحِدِ لَا تَرْتَفِعُ عَنِ الرَّاوِي اسْمُ الْجَهَالَةِ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا فِي قَبِيلَتِهِ ، أَوْ يَرْوِيَ عَنْهُ آخَرُ .
وَيَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ انْفِرَادُ الْوَاحِدِ عَمَّنْ يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; حَيْثُ جَزَمَ
[ ص: 50 ] الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُضِيفُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْرُوفًا بِذِكْرِهِ فِي الْغَزَوَاتِ ، أَوْ فِيمَنْ وَفَدَ عَلَيْهِ ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ; فَإِنَّهُ ثَبَتَتْ صُحْبَتُهُ بِذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ .
وَخَصَّ بَعْضُهُمُ الْقَبُولَ بِمَنْ يُزَكِّيهِ مَعَ رِوَايَةِ الْوَاحِدِ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ ، وَاخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابْنُ الْقَطَّانِ فِي بَيَانِ الْوَهْمِ وَالْإِيهَامِ ، وَصَحَّحَهُ شَيْخُنَا ، وَعَلَيْهِ يَتَمَشَّى تَخْرِيجُ الشَّيْخَيْنِ فِي صَحِيحَيْهِمَا لِجَمَاعَةٍ أَفْرَدَهُمُ الْمُؤَلِّفُ بِالتَّأْلِيفِ .
فَمِنْهُمُ مِمَّنِ اتُّفِقَ عَلَيْهِ
حُصَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ ، وَمِمَّنِ انْفَرَدَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ جُوَيْرِيَةُ أَوْ
جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ ،
وَزَيْدُ بْنُ رَبَاحٍ الْمَدَنِيُّ ،
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَدِيعَةَ الْأَنْصَارِيُّ ،
وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ،
وَالْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَارُودِيُّ ، وَمِمَّنِ انْفَرَدَ بِهِ
مُسْلِمٌ جَابِرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَضْرَمِيُّ ،
وَخَبَّابٌ الْمَدَنِيُّ صَاحِبُ الْمَقْصُورَةِ ; حَيْثُ تَفَرَّدَ عَنِ الْأَوَّلِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ ، وَعَنِ الثَّانِي
nindex.php?page=showalam&ids=11969أَبُو جَمْرَةَ نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ الضَّبَعِيُّ ، وَعَنِ الثَّالِثِ
مَالِكٌ ، وَعَنِ الرَّابِعِ
nindex.php?page=showalam&ids=15985أَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ ، وَعَنِ الْخَامِسِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ ، وَعَنِ السَّادِسِ ابْنُهُ
الْمُنْذِرُ ، وَعَنِ السَّابِعِ
ابْنُ وَهْبٍ ، وَعَنِ الثَّامِنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16283عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ; فَإِنَّهُمْ مَعَ ذَلِكَ مُوَثَّقُونَ لَمْ يَتَعَرَّضْ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ بِتَجْهِيلٍ . نَعَمْ ، جَهَّلَ
أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَكَمِ الْمَرْوَزِيَّ الْأَحْوَلَ أَحَدَ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ [ ص: 51 ] فِي صَحِيحِهِ ، وَالْمُنْفَرِدَ عَنْهُ بِالرِّوَايَةِ ; لِكَوْنِهِ لَمْ يَعْرِفْهُ .
وَلَكِنْ نَقُولُ : مَعْرِفَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ بِهِ الَّتِي اقْتَضَتْ لَهُ رِوَايَتَهُ عَنْهُ وَلَوِ انْفَرَدَ بِهِمَا كَافِيَةٌ فِي تَوْثِيقِهِ ، فَضْلًا عَنْ أَنَّ غَيْرَهُ قَدْ عَرَفَهُ أَيْضًا ، وَلِذَا صَرَّحَ
ابْنُ رَشِيدٍ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّهُ لَوْ عُدَّ لَهُ الْمُنْفَرِدُ عَنْهُ كَفَى .
وَصَحَّحَهُ شَيْخُنَا أَيْضًا إِذَا كَانَ مُتَأَهِّلًا لِذَلِكَ ، وَمِنْ هُنَا ثَبَتَتْ صُحْبَةُ الصَّحَابِيِّ بِرِوَايَةِ الْوَاحِدِ الْمُصَرِّحِ بِصُحْبَتِهِ عَنْهُ .
عَلَى أَنَّ قَوْلَ
أَبِي حَاتِمٍ فِي الرَّجُلِ : إِنَّهُ مَجْهُولٌ ، لَا يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ سِوَى وَاحِدٍ ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ فِي
دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ الثَّقَفِيِّ : مَجْهُولٌ ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ ، وَلِذَا قَالَ
الذَّهَبِيُّ عَقِبَهُ : هَذَا الْقَوْلُ يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَكُونُ مَجْهُولًا عِنْدَ
أَبِي حَاتِمٍ وَلَوْ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ ثِقَاتٌ ، يَعْنِي أَنَّهُ مَجْهُولُ الْحَالِ ، وَقَدْ قَالَ فِي
عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ كَرْدَمٍ بَعْدَ أَنْ عَرَّفَهُ بِرِوَايَةِ جَمَاعَةٍ عَنْهُ : إِنَّهُ مَجْهُولٌ .
[ ص: 52 ] وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ فِي
زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ التَّمِيمِيِّ الدِّمَشْقِيِّ مَعَ أَنَّهُ قِيلَ فِي
زِيَادٍ هَذَا : إِنَّهُ صَحَابِيٌّ . وَبِمَا تَقَرَّرَ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنِ الصَّلَاحِ فِي بَعْضِ مَنْ خَرَّجَ لَهُمْ صَاحِبَا الصَّحِيحِ مِمَّنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُمْ إِلَّا وَاحِدٌ مَا نَصُّهُ : " وَذَلِكَ مُصَيَّرٌ مِنْهُمَا إِلَى أَنَّ الرَّاوِيَ قَدْ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مَجْهُولًا مَرْدُودًا بِرِوَايَةِ وَاحِدٍ عَنْهُ " ، لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ .
وَمِمَّنْ أَثْنَى عَلَى مَنِ اعْتُرِفَ لَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ
أَبُو دَاوُدَ ، فَقَالَ فِي
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ غَانِمٍ الرُّعَيْنِيِّ قَاضِي إِفْرِيقِيَّةَ : أَحَادِيثُهُ مُسْتَقِيمَةٌ ، مَا أَعْلَمُ حَدَّثَ عَنْهُ غَيْرُ
nindex.php?page=showalam&ids=15020الْقَعْنَبِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=16604وَابْنِ الْمَدِينِيِّ ، فَقَالَ فِي
جَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ : إِنَّهُ مَعْرُوفٌ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ .
[ ص: 53 ] وَإِنَّمَا أَوْرَدْتُ كَلَامَهُ لِبَيَانِ مَذْهَبِهِ ، وَإِلَّا فَجَوْنٌ قَدْ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ
الْحَسَنِ ، عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16604ابْنَ الْمَدِينِيِّ نَفْسَهُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : إِنَّهُ مِنَ الْمَجْهُولِينَ مَنْ شُيُوخِ
الْحَسَنِ .
وَبِالْجُمْلَةِ فَرِوَايَةُ إِمَامٍ نَاقِلٍ لِلشَّرِيعَةِ لِرَجُلٍ مِمَّنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ سِوَى وَاحِدٍ فِي مَقَامِ الِاحْتِجَاجِ كَافِيَةٌ فِي تَعْرِيفِهِ وَتَعْدِيلِهِ .
وَوَرَاءَ هَذَا كُلِّهِ مُخَالَفَةُ
ابْنِ رَشِيدٍ فِي تَسْمِيَتِهِ مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ مَجْهُولُ الْعَيْنِ ، مَعَ مُوَافَقَتِهِ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهِ ; فَإِنَّهُ قَالَ : لَا شَكَّ أَنَّ رِوَايَةَ الْوَاحِدِ الثِّقَةِ تَخْرُجُ عَنْ جَهَالَةِ الْعَيْنِ إِذَا سَمَّاهُ وَنَسَبَهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=21484وَقَسَّمَ بَعْضُهُمُ الْمَجْهُولَ فَقَالَ : مَجْهُولُ الْعَيْنِ وَالْحَالِ مَعًا ; كَعَنْ رَجُلٍ ، وَالْعَيْنِ فَقَطْ ; كَعَنِ الثِّقَةِ ، [ يَعْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِالِاكْتِفَاءِ بِهِ ] ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ، وَالْحَالِ فَقَطْ ; كَمَنْ رَوَى عَنْهُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا وَلَمْ يُوَثَّقْ ، فَأَمَّا جَهَالَةُ التَّعْيِينِ فَخَارِجَةٌ عَنْ هَذَا كُلِّهِ ; كَأَنْ يَقُولَ : أَخْبَرَنِي فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ وَيُسَمِّيهِمَا ، وَهُمَا عَدْلَانِ ، فَالْحُجَّةُ قَائِمَةٌ بِذَلِكَ ، فَإِنْ جُهِلَتْ عَدَالَةُ أَحَدِهِمَا مَعَ التَّصْرِيحِ بِاسْمِهِ أَوْ إِبْهَامِهِ فَلَا . [ انْتَهَى ، وَيُنْظَرُ فِي إِلْحَاقِ مَسْأَلَةِ الْبَابِ بِأَيِ أَقْسَامِهِ ] .
( وَالْقِسْمُ الْوَسَطْ ) أَيِ : الثَّانِي ( مَجْهُولُ حَالٍ بَاطِنٍ ) وَحَالٍ ( ظَاهِرِ ) مِنَ الْعَدَالَةِ وَضِدِّهَا ، مَعَ عِرْفَانِ عَيْنِهِ بِرِوَايَةِ عَدْلَيْنِ عَنْهُ ( وَحُكْمُهُ الرَّدُّ ) وَعَدَمُ الْقَبُولِ ( لَدَى ) أَيْ : عِنْدَ ( الْجَمَاهِرِ ) مِنَ الْأَئِمَّةِ . وَعَزَاهُ
ابْنُ الْمَوَّاقِ لِلْمُحَقِّقِينَ ، وَمِنْهُمْ
أَبُو حَاتِمٍ [ ص: 54 ] الرَّازِيُّ ، وَمَا حَكَيْنَاهُ مِنْ صَنِيعِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ يَشْهَدُ لَهُ .
وَكَذَا قَالَ
الْخَطِيبُ : لَا يَثْبُتُ لِلرَّاوِي حُكْمُ الْعَدَالَةِ بِرِوَايَةِ الِاثْنَيْنِ عَنْهُ .
وَقَالَ
ابْنُ رَشِيدٍ : لَا فَرْقَ فِي جَهَالَةِ الْحَالِ بَيْنَ رِوَايَةِ وَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ مَا لَمْ يُصَرِّحِ الْوَاحِدُ أَوْ غَيْرُهُ بِعَدَالَتِهِ . نَعَمْ ،
nindex.php?page=treesubj&link=22441كَثْرَةُ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ عَنِ الشَّخْصِ تُقَوِّي حُسْنَ الظَّنِّ بِهِ .
وَأَمَّا الْمَجَاهِيلُ الَّذِينَ لَمْ يَرْوِ عَنْهُمْ إِلَّا الضُّعَفَاءُ فَهُمْ مَتْرُوكُونَ ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ ، عَلَى الْأَحْوَالِ كُلِّهَا .
وَتَوْجِيهُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ مُجَرَّدَ الرِّوَايَةِ عَنِ الرَّاوِي لَا تَكُونُ تَعْدِيلًا لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ . وَقِيلَ : تُقْبَلُ مُطْلَقًا ، وَهُوَ لَازِمُ مَنْ جَعَلَ مُجَرَّدَ رِوَايَةِ الْعَدْلِ عَنِ الرَّاوِي تَعْدِيلًا لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ ، وَأَوْلَى ، بَلْ نَسَبَهُ
ابْنُ الْمَوَّاقِ لِأَكْثَرَ أَهْلِ الْحَدِيثِ
كَالْبَزَّارِ nindex.php?page=showalam&ids=14269وَالدَّارَقُطْنِيِّ .
وَعِبَارَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيِّ : " مَنْ رَوَى عَنْهُ ثِقَتَانِ فَقَدِ ارْتَفَعَتْ جَهَالَتُهُ ، وَثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ . وَقَالَ أَيْضًا فِي الدِّيَاتِ نَحْوَهُ ، وَكَذَا اكْتَفَى بِمُجَرَّدِ رِوَايَتِهِمَا
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ ، بَلْ تَوَسَّعَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَجْهُولِ الْعَيْنِ . وَقِيلَ : يُفَصَّلُ ، فَإِنْ كَانَ لَا يَرْوِيَانِ إِلَّا عَنْ عَدْلٍ قُبِلَ ، وَإِلَّا فَلَا .
( وَ ) الْقِسْمُ ( الْثَالِثُ الْمَجْهُولُ لِلْعَدَالَهْ ) أَيْ : مَجْهُولُ الْعَدَالَةِ ( فِي بَاطِنٍ فَقَطْ ) مَعَ كَوْنِهِ عَدْلًا فِي الظَّاهِرِ ( فَ ) هَذَا ( قَدْ رَأَى لَهْ حُجِّيَّةً ) أَيِ : احْتِجَاجًا بِهِ ( فِي الْحُكْمِ بَعْضُ مَنْ مَنَعْ ) مِنَ الشَّافِعِيَّةِ ( مَا قَبْلَهُ ) مِنَ الْقِسْمَيْنِ ( مِنْهُمُ ) الْفَقِيهُ
( سُلَيْمٌ ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مُصَغَّرًا ، ابْنُ أَيُّوبَ الرَّازِيُّ . وَزَادَ : ( فَقَطَعْ ) أَيْ : جَزَمَ ( بِهِ ) لِأَنَّ الْأَخْبَارَ تُبْنَى عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِالرَّاوِي ، وَأَيْضًا فَلِتَعَسُّرِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ عَلَى النَّاقِدِ .
[ ص: 55 ] وَبِهَذَا فَارَقَ الرَّاوِي الشَّاهِدَ ; فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تَكُونُ عِنْدَ الْحُكَّامِ ، وَهُمْ لَا تَتَعَسَّرُ عَلَيْهِمْ ، لَا سِيَّمَا مَعَ اجْتِهَادِ الْأَخْصَامِ فِي الْفَحْصِ عَنْهَا ، بَلْ عَزَى الِاحْتِجَاجَ بِأَهْلِ هَذَا الْقِسْمِ كَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِكَثِيرِينَ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ
النَّوَوِيُّ فِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِ
مُسْلِمٍ .
قُلْتُ : وَمِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=13428أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ، وَكَذَا قَبْلَهُ
أَبُو حَنِيفَةَ خِلَافًا
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ ، وَمَنْ عَزَاهُ إِلَيْهِ فَقَدْ وَهِمَ . ( وَقَالَ الشَّيْخُ )
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ ( إِنَّ الْعَمَلَا يُشْبِهُ أَنَّهُ عَلَى ذَا ) الْقَوْلِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ
سُلَيْمٌ ( جُعِلَا فِي كُتُبٍ ) كَثِيرَةٍ ( مِنَ الْحَدِيثِ اشْتَهَرَتْ ) ، وَتَدَاوَلَهَا الْأَئِمَّةُ فَمَنْ دُونَهُمْ ، حَيْثُ خُرِّجَ فِيهَا لِرُوَاةٍ ( خِبْرَةُ بَعْضِ مَنْ ) خَرَّجَ لَهُ مِنْهُمْ ( بِهَا ) أَيْ : بِالْكُتُبِ ; لِتَقَادُمِ الْعَهْدِ بِهِمْ .
( تَعَذَّرَتْ فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ ) ، فَاقْتَصَرُوا فِي الْبَعْضِ عَلَى الْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّحِيحَيْنِ ; فَإِنَّ جَهَالَةَ الْحَالِ مُنْدَفِعَةٌ عَنْ جَمِيعِ مَنْ خَرَّجَا لَهُ فِي الْأُصُولِ ، بِحَيْثُ لَا نَجِدُ أَحَدًا مِمَّنْ خَرَّجَا لَهُ كَذَلِكَ يُسَوِّغُ إِطْلَاقَ اسْمِ الْجَهَالَةِ عَلَيْهِ أَصْلًا ، كَمَا حَقَّقَهُ شَيْخُنَا فِي مُقَدِّمَتِهِ ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِمَنْ عَدَاهُمَا لَا سِيَّمَا مَنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الصَّحِيحَ ، فَمَا قَالَهُ مُمْكِنٌ ، وَكَأَنَّ
[ ص: 56 ] الْحَامِلَ لَهُمْ عَلَى هَذَا الْمَسْلَكِ غَلَبَةُ الْعَدَالَةِ عَلَى النَّاسِ فِي تِلْكَ الْقُرُونِ الْفَاضِلَةِ .
وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ : الْمَسْتُورُ فِي زَمَانِنَا لَا يُقْبَلُ لِكَثْرَةِ الْفَسَادِ وَقِلَّةِ الرَّشَادِ ، وَإِنَّمَا كَانَ مَقْبُولًا فِي زَمَنِ السَّلَفِ الصَّالِحِ ، هَذَا مَعَ احْتِمَالِ اطِّلَاعِهِمْ عَلَى مَا لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهِ نَحْنُ مِنْ أَمْرِهِمْ . ( وَبَعْضٌ ) مِنَ الْأَئِمَّةِ ، وَهُوَ
الْبَغَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ ( يَشْهَرُ ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ ; يَعْنِي : يُسَمِّي ( ذَا الْقِسْمُ مَسْتُورًا ) ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ
الرَّافِعِيُّ ثُمَّ
النَّوَوِيُّ ، فَقَالَ فِي النِّكَاحِ مِنَ ( الرَّوْضَةِ ) : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29166الْمَسْتُورَ مَنْ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12441إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ : الْمَسْتُورُ مَنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ نَقِيضُ الْعَدَالَةِ ، وَلَمْ يَتَّفِقِ الْبَحْثُ فِي الْبَاطِنِ عَنْ عَدَالَتِهِ .
قَالَ : وَقَدْ تَرَدَّدَ الْمُحَدِّثُونَ فِي قَبُولِ رِوَايَتِهِ ، وَالَّذِي صَارَ إِلَيْهِ الْمُعْتَبَرُونَ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ ، قَالَ : وَهُوَ الْمَقْطُوعُ بِهِ عِنْدَنَا . وَصَحَّحَ
النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْقَبُولَ ، وَحَكَى
الرَّافِعِيُّ فِي الصَّوْمِ وَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ .
قِيلَ : وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=29610شَرْطِ قَبُولِ الرِّوَايَةِ ، أَهُوَ الْعِلْمُ بِالْعَدَالَةِ ، أَوْ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْمُفَسِّقِ ؟ إِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ لَمْ يُقْبَلِ الْمَسْتُورُ ، وَإِلَّا قَبِلْنَاهُ .
وَأَمَّا شَيْخُنَا فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ : وَإِنْ رَوَى عَنْهُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا وَلَمْ يُوَثَّقْ فَهُوَ مَجْهُولُ الْحَالِ ، وَهُوَ الْمَسْتُورُ .
وَقَدْ قَبِلَ رِوَايَتَهُ جَمَاعَةٌ بِغَيْرِ قَيْدٍ ، يَعْنِي بِعَصْرٍ دُونَ آخَرَ ، وَرَدَّهَا الْجُمْهُورُ ، قَالَ :
[ ص: 57 ] وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ رِوَايَةَ الْمَسْتُورِ وَنَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ الِاحْتِمَالُ لَا يُطْلَقُ الْقَوْلُ بِرَدِّهَا وَلَا بِقَبُولِهَا ، بَلْ يُقَالُ : هِيَ مَوْقُوفَةٌ إِلَى اسْتِبَانَةِ حَالِهِ ، كَمَا جَزَمَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12441إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ ، وَرَأَى أَنَّا إِذَا كُنَّا نَعْتَقِدُ عَلَى شَيْءٍ ، يَعْنِي مِمَّا لَا دَلِيلَ فِيهِ بِخُصُوصِهِ ، بَلْ لِلْجَرْيِ عَلَى الْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ ، فَرَوَى لَنَا مَسْتُورٌ تَحْرِيمَهُ ، أَنَّهُ يَجِبُ الِانْكِفَافُ عَمَّا كُنَّا نَسْتَحِلُّهُ إِلَى تَمَامِ الْبَحْثِ عَنْ حَالِ الرَّاوِي .
قَالَ : وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ عَادَتِهِمْ وَشِيَمِهِمْ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ حُكْمًا مِنْهُمْ بِالْحَظْرِ الْمُرَتَّبِ عَلَى الرِّوَايَةِ ، وَإِنَّمَا هُوَ تَوَقُّفٌ فِي الْأَمْرِ ، فَالتَّوَقُّفُ عَنِ الْإِبَاحَةِ يَتَضَمَّنُ الِانْحِجَازَ ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الْحَظْرِ ، وَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَاعِدَةٍ فِي الشَّرِيعَةِ مُمَهِّدَةٍ ، وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=21484التَّوَقُّفُ عِنْدَ بَدْءِ وَظُهُورِ الْأُمُورِ إِلَى اسْتِبَانَتِهَا ، فَإِذَا ثَبَتَتِ الْعَدَالَةُ فَالْحُكْمُ بِالرِّوَايَةِ إِذْ ذَاكَ ، وَلَوْ فَرَضَ فَارِضٌ الْتِبَاسَ حَالِ الرَّاوِي وَالْيَأْسَ عَنِ الْبَحْثِ عَنْهَا ، بِأَنْ يَرْوِيَ مَجْهُولٌ ثُمَّ يَدْخُلَ فِي غِمَارِ النَّاسِ ، وَيَعِزَّ الْعُثُورُ عَلَيْهِ ، فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اجْتِهَادِيَّةٌ عِنْدِي .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَ إِذَا انْتَهَى إِلَى الْيَأْسِ لَمْ يَجِبِ الِانْكِفَافُ ، [ وَانْقَلَبَتِ الْإِبَاحَةُ كَرَاهِيَةً ] . قَالَ شَيْخُنَا : وَنَحْوُهُ ; أَيِ : الْقَوْلُ بِالْوَقْفِ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنِ الصَّلَاحِ فِيمَنْ جُرِّحَ بِجَرْحٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ . انْتَهَى ، وَيُنْظَرُ فِي : " وَانْقَلَبَتِ الْإِبَاحَةُ كَرَاهَةً " .
وَوَرَاءَ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ بِالْوَقْفِ لَا يُنَافِيهِ مَا حَكَيْنَاهُ أَوَّلًا مِنْ جَزْمِهِ بِعَدَمِ قَبُولِهِ ، فَالْمُرْسَلُ مَعَ كَوْنِهِ ضَعِيفًا صَرَّحَ
ابْنُ السُّبْكِيِّ بِأَنَّ الْأَظْهَرَ وُجُوبُ الِانْكِفَافِ إِذَا دَلَّ عَلَى مَحْظُورٍ وَلَمْ يُوجَدْ سِوَاهُ ، بَلْ قِيلَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ احْتِجَاجُهُ بِهِ إِذَا لَمْ يَجِدْ سِوَاهُ كَمَا أَوْضَحْتُ ذَلِكَ فِي بَابِهِ ، وَنَحْوُهُ مَا أَسْلَفْتُهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَسَنِ عَنْ
أَحْمَدَ [ ص: 58 ] أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا يُضَعَّفُ إِلَّا إِنْ وُجِدَ مَا يَدْفَعُهُ . فَثَبَتَ بِهَذَا كُلِّهِ أَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِأَجْلِ رِوَايَةِ رَاوٍ لَا يُنَافِيهِ عَدَمُ قَبُولِهِ ، وَلَكِنَّ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ
النَّوَوِيُّ كَمَا فِي آخِرِ الْمَوْضُوعِ اسْتِحْبَابَ التَّنَزُّهِ إِذَا وُجِدَ ضَعِيفٌ لِكَرَاهَةِ بَعْضِ الْبُيُوعِ وَالْأَنْكِحَةِ احْتِيَاطًا .
ثُمَّ إِنَّهُ مِمَّنْ وَافَقَ
الْبَغَوِيَّ وَمَنْ تَابَعَهُ فِي تَسْمِيَةِ مَنْ لَمْ تُعْرَفْ عَدَالَتُهُ الْبَاطِنَةُ مَسْتُورًا
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ ( وَفِيهِ نَظَرُ ) إِذْ فِي عِبَارَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ الَّتِي يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِهَا هِيَ الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ ; فَإِنَّهُ قَالَ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ أَوْرَدَهُ : فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِمَا إِذَا كَانَا عَدْلَيْنِ فِي الظَّاهِرِ ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْسُنُ تَعْرِيفُ الْمَسْتُورِ بِهَذَا ; فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يَسُوغُ لَهُ الْحُكْمُ بِالْمَسْتُورِ ، وَأَيْضًا يَكُونُ خَادِشًا بِظَاهِرِهِ فِي قَوْلِ
الرَّافِعِيِّ فِي الصَّوْمِ مِمَّا أَشَارَ الشَّارِحُ لِتَأْيِيدِ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنِ الصَّلَاحِ بِهِ : الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ هِيَ الَّتِي يُرْجَعُ فِيهَا إِلَى أَقْوَالِ الْمُزَكِّينَ ، يَعْنِي ثَبَتَتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَمْ لَا ، كَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ .
وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ إِنَّمَا أَرَادَ الِاحْتِرَازَ عَنِ الْبَاطِنِ الَّذِي هُوَ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِخَفَائِهِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ ، وَكَلَامُهُ فِي أَوَّلِ اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ يُرْشِدُ لِذَلِكَ ; فَإِنَّهُ قَرَّرَ أَنَّا إِنَّمَا كَلَّفْنَا الْعَدْلَ بِالنَّظَرِ لِمَا يَظْهَرُ لَنَا ; لِأَنَّا لَا
[ ص: 59 ] نَعْلَمُ مَغِيبَ غَيْرِنَا ، وَلِذَا لَمَّا نَقَلَ
الزَّرْكَشِيُّ مَا أَسْلَفْتُ حِكَايَتَهُ عَنِ
الرَّافِعِيِّ فِي الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ ذَكَرَ أَنَّ نَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ يُؤَيِّدُهُ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِظَاهِرِ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ بِشَهَادَتِهِمَا لِمَا انْضَمَّ إِلَى الْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ مِنْ سُكُوتِ الْخَصْمِ عَنْ إِبْدَاءٍ قَادِحٍ فِيهِمَا مَعَ تَوَفُّرِ الدَّاعِيَةِ عَلَى الْفَحْصِ فَافْتَرَقَا ، وَلَكِنْ يُمْكِنُ الْمُنَازَعَةُ فِي هَذَا بِأَنَّ الْخَصْمَ قَدْ يَتْرُكُ حَقَّهُ فِي الْفَحْصِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الْأَحْكَامِ ، فَمَحَلُّهُ التَّشَدُّدُ .
وَأَمَّا النِّزَاعُ فِي كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنِ الصَّلَاحِ بِمَا نَقَلَهُ
الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ نَصِّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ مِمَّا ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَسْتُورَ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ سِوَى إِسْلَامِهِ ، فَإِنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=11251لَوْ حَضَرَ الْعَقْدَ رَجُلَانِ مُسْلِمَانِ وَلَا يُعْرَفُ حَالُهُمَا مِنَ الْفِسْقِ وَالْعَدَالَةِ انْعَقَدَ النِّكَاحُ بِهِمَا فِي الظَّاهِرِ ، قَالَ : لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ ، فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُ لَا يُمْنَعُ شُمُولُ الْمَسْتُورِ لِكُلٍّ مِنْ هَذَا ، وَمَا قَالَهُ
الْبَغَوِيُّ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّسْمِيَةِ .
وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَقْسَامَ الْمَجْهُولِ كُلَّهَا فِيهِ ، وَشَيْخُنَا مَا عَدَا الْأَوَّلِ ، وَهُوَ أَشْبَهُ ، بَلْ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ مِمَّا صَحَّحَهُ
السُّبْكِيُّ الْمَسْتُورَ بِمَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ ، وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ مُدَّةً يُحْتَمَلُ طُرُقُ نَقِيضِهَا .
ثُمَّ إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ إِنَّمَا اكْتَفَى بِحُضُورِهِمَا الْعَقْدَ مَعَ رَدِّهِ الْمَسْتُورَ ; لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنَاهُ عَلَى التَّرَاضِي ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الْأَحْكَامِ ، فَمَحَلُّهُ التَّشَدُّدُ ، وَأَيْضًا فَذَاكَ عِنْدَ التَّحَمُّلِ ، وَلِهَذَا لَوْ رُفِعَ الْعَقْدُ بِهِمَا إِلَى حَاكِمٍ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنِ الشَّيْخِ
أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ .
وَيَتَأَيَّدُ بِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَطْلَقَ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ لَهُ عَدَمَ احْتِجَاجِهِ بِالْمَجْهُولِ ، وَنَحْوُهُ حِكَايَةُ
الْبَيْهَقِيِّ فِي الْمَدْخَلِ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُحْتَجُّ بِأَحَادِيثِ
[ ص: 60 ] الْمَجْهُولِينَ عَلَى أَنَّ
الْبَدْرَ الزَّرْكَشِيَّ نَقَلَ عَنْ كَلَامِ الْأُصُولِيِّينَ مِمَّا قَدْ يَتَّفِقُ مَعَ كَلَامِ
الرَّافِعِيِّ الْمَاضِي ، أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ الِاسْتِقَامَةُ بِلِزُومِهِ أَدَاءَ أَوَامِرِ اللَّهِ وَتَجَنُّبِ مَنَاهِيهِ وَمَا يَثْلِمُ مُرُوءَتَهُ ، سَوَاءٌ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَمْ لَا .